تحديد الأهداف: كيف تحدد أهدافاً قابلة للتحقيق؟

يقول عالم النفس الأمريكي إدوين لوك (Edwin Locke): "تعتمد حياة كل شخص على عملية اختيار أهداف والسعي إلى تحقيقها؛ إذا بقيت سلبياً، فلن تنجح".



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتبة داون هالي (Dawn Halley)؛ والتي تُحدِّثُنا فيه عن تجربتها في تحديد الأهداف.

أنت تعلم أنَّ تحديد الهدف هو أمر هام؛ حيث تسمع عنه طوال الوقت وربما قرأت مقالاً أو مقالين حول قوة تحديد الهدف، ولكن لماذا؟ فهل تحديد الهدف بهذه الأهمية حقاً؟ ومن الذي قال إنَّه هام؟ وهل هذا كله إشاعات؟ وهل "بذلُ قصارى جهدك" حقاً لا يكفي؟ وهل تحتاج إلى الأهداف؟

أردتُ حقاً أن أكون قادرة على البحث في أسباب أهميَّة تحديد الأهداف، والأهم من ذلك، كنتُ أرغبُ في الحصول على دليل حقيقي يدعم قوة تحديد الأهداف؛ حيث أردتُ أن أتعلَّم بالضبط كيفية تحديد الأهداف "بالطريقة الصحيحة"؛ بحيث يمكنني زيادة فرص نجاحي، ومن أجل تحقيق ذلك، التفَتُّ إلى المغزى الحقيقي لتحديد الأهداف، واتَّضح لي أنَّ ثمَّة نظرية تسمى نظرية تحديد الأهداف (Goal Setting Theory).

لماذا يعتبر تحديد الأهداف هاماً؟

هناك الكثير من المعلومات حول تحديد الهدف؛ حيث يُقدِّم البحث عن "تحديد الهدف" على محرك بحث "غوغل" (Google) نتائجَ غير محدودة تتراوح من "كيفية تحديد أهداف ذكية" و"أدلة كاملة لتحديد الهدف" ونصائح وحيل لا حصر لها لنجاح تحديد الأهداف، إذاً كيف تعرف الدليل الذي يجب أن تلجأ إليه؟

أنا شخصياً أريدُ نظام تحديد الأهداف الذي سيرشدني بالفعل إلى النجاح، ومن أجل ذلك، نحتاج إلى اللجوء إلى العِلم؛ لنعرف ما أُثبِتت فاعليته بالفعل، في النهاية، أيامنا حافلة بالأحداث، وليس من السهل تخصيص وقت إضافي لإضاعته على أهدافنا، وهذا هو السبب في أنَّه من الهام أن نبدأ تحديد الهدف بالطريقة "الصحيحة" وزيادة احتمالات نجاحنا دون إضاعة الوقت الثمين، ولهذا السبب لجأتُ إلى نظرية تحديد الهدف للإجابة عن الأسئلة التالية:

  1. كيف تساعدنا الأهداف على اتِّخاذ الإجراءات وتحقيق النجاح؟
  2. ما هو نوع الأهداف التي يجب أن نحددها؟
  3. ما هي الصفات التي تجعل الهدف فعالاً؟
  4. كيف يمكننا أن نجعل هدفاً هاماً بما يكفي لبذل الجهد الإضافي اللازم لتحقيقه؟
  5. هل الحياة أفضل مع الأهداف؟
  6. كيف يمكننا أن نصبح أفضل في تحقيق أهدافنا؟
  7. ما هي نظرية تحديد الهدف؟

من الأفضل فهم تحديد الأهداف بمساعدة البروفيسور إدوين أ. لوك (Edwin A. Locke) والبروفيسور غاري لاثام (Gary P. Lathham)، المعروفَين أيضاً بآباء نظرية تحديد الهدف؛ حيث وُلِدت النظرية رغبة في فهم لماذا يتفوق بعض الناس باستمرار على الآخرين، ومع عَدِّ كل الأشياء متساوية مثل التعليم والمهارات والذكاء، فلماذا يكون بعض الأشخاص أفضل في العمل والمواظبة وتحقيق أهدافهم؟

في عام 1990 نشرَ البرُوفسوران لوك ولاثام دليلاً بعنوان "نظرية تحديد الهدف وأداء المهام" (A Theory of Goal Setting and Task Performance) وهذا الدليل هو نظرة عامة لما يقرب من 35 عاماً من البحث في تحديد الأهداف، ومن خلال 400 دراسة بحثية مختلفة؛ حيث أثبتت "نظرية تحديد الهدف" تماماً أنَّ تحديد الهدف هامٌّ بالفعل ومهَّد الطريق إلى الشركات الكبيرة والمديرين لفهم كيفية تحفيز الموظفين لتحقيق أداء أفضل، وكما أنَّه يُوفِّر إرشادات قَيِّمة حول كيفية استخدام الأفراد مثلي ومثلك لتحديد الأهداف لتقديم أفضل أداء وتحقيق ما نريده في الحياة.

هل يُعَدُّ تحديد الهدف فعالاً؟

الفرضية الكاملة لنظرية تحديد الهدف هي أنَّ عملية تحديد الهدف تؤثر فيما يمكنك تحقيقه، ولا تُوضِّح "نظرية تحديد الأهداف وأداء المهام" بوضوح أنَّ تحديد الأهداف مرتبط بالأداء فحسب؛ بل توضح العديد من الدراسات البحثية، سواء في المختبر أم في الحياة الواقعية، فاعلية الأهداف.

وطُبِّقَت نظرية تحديد الأهداف على المؤسسات الكبيرة لزيادة إنتاجية الموظفين ومساعدة فِرق القيادة والمديرين على فهم كيفية دفع الشركة إلى الأمام بقوة الأهداف الفردية وأهداف الفريق الصغيرة وأهداف المجموعة وحتى أهداف الشركة ورؤيتها، وطُبِّقَت أيضاً تقنيات تحديد الأهداف نفسها المُستخدمة لمساعدة المؤسسات والفِرق الكبيرة بنجاح على الرياضيين المحترفين والأفراد الذين لديهم أهداف في الحياة الشخصية.

إقرأ أيضاً: 7 فوائد لأهمية تحديد أهداف واقعية

لماذا يُعَدُّ تحديد الهدف فعَّالاً جداً؟

تؤدي عملية تحديد الهدف إلى حدوث 4 أشياء:

  1. يصبح انتباهك مُركَّزاً على ما يتطلَّبه تحقيق الهدف.
  2. تستمد الطاقة لفعل ما يلزم لإحراز تقدُّم في هدفك.
  3. تؤدي الجهود مع مرور الوقت إلى المثابرة.
  4. يُولِّد الهدف المُحدَّد بوضوح الدافع الضروري للنجاح.

1. التركيز:

أنت تختار توجيه انتباهك إلى الإجراءات التي ستساعدك على تحقيق الهدف من خلال الالتزام به، ومع التركيز، يمكنك التخطيط ليومك بوضوح، وإفساح المجال للمهام والعادات التي ستدفعك إلى الأمام في رحلتك نحو تحقيق الهدف.

2. الطاقة:

تُحفِّزُك الأهداف على اتخاذ الإجراءات، وفي الواقع، كلَّما كان الهدف أكبر وأكثر تحدياً، احتاجَ العمل إلى المزيد من الجهد، فقد تبيَّن أنَّ الأهداف الأصغر تُظهِر طاقة أقل وتقدماً أقل.

3. الإصرار:

وجود هدف محدد يؤدي إلى المثابرة، وتتطلَّب الأهداف الصعبة تحديداً الثبات والجهد مع مرور الوقت.

4. التحفيز:

الأهداف تُحفِّزُك على العمل؛ ولكي تكون ناجحاً، عليك الاستفادة من المهارات الموجودة لديك بالفعل من أجل إحراز تقدم، وإذا لم تكن لديك المهارات اللازمة للمضي قدماً، فإنَّ وجود هدف محدد سوف يحفزك على البحث عن المعرفة والمهارات اللازمة.

أهداف محددة ومثيرة للتحدي:

اتَّضح أنَّ الأهداف ليست متساوية، وهناك نوع معين من الأهداف سيؤدي إلى إنتاجية أكبر، ومن ثم فرصة للنجاح؛ حيث تؤدي الأهداف المحددة والصعبة إلى أداء أفضل من مجرد "بذل قصارى جهدك" أو تحديد أهداف صغيرة وسهلة؛ حيث يرتبط مستوى صعوبة الهدف ارتباطاً مباشراً بمستوى الأداء، فكلَّما كان الهدف صعباً، زاد الجهد والعمل لتحقيقه؛ حيثُ تُظهر الأهداف الغامضة أو الأهداف السهلة أو عدم وجود هدف على الإطلاق، مثل "بذل قصارى جهدك"، أداءً ضعيفاً، والأداء الضعيف يعني انخفاض احتمالية تحقيق الهدف.

إقرأ أيضاً: ما الذي يرفع من أداء فريق العمل إلى مستويات عالية؟

ما هو الهدف المُحدَّد؟

يُوفِّر الهدف المُحدد بوضوح خارطة طريق لاتخاذ الإجراءات، فدون الوضوح لديك العديد من النتائج المُحتَملة وتفتقر إلى التوجيه أو القدرة على تتبُّع ورصد التقدُّم؛ حيث يوضح البحث أنَّ الأهداف المحددة للغاية، تُظهِر تبايناً أقل في الأداء، وبمعنى آخر، يؤدي الهدف المُحدَّد بوضوح إلى الثبات والإنتاجية.

ماذا لو كان الهدف صعب التحقيق؟

كلَّما كان الهدف أكثر تحدياً، زاد الأداء والإنتاجية المطلوبَين لتحقيقه، ولكن ماذا لو كان الهدف صعباً لدرجة الإرباك؟ ففي النهاية سيكون الهدف صعباً لدرجة أنَّه يبدو من المستحيل تحقيقه، ومع ذلك، تُظهر الأبحاث أنَّ الإنتاجية ستستقر أو تنخفض فقط عندما تصل إلى حدود مهاراتك وقدراتك الشخصية، أو إذا انخفض التزامك بالهدف.

مما يعني أنَّه لا يوجد حقاً ما يمكن أن يُعَدَّ هدفاً يصعب تحقيقه، كما سنناقش لاحقاً في هذا المقال، يمكنك ببساطة تقسيم الهدف الكبير إلى أهداف قائمة على التعلُّم لصقل المهارات التي تحتاج إليها، ويمكنك أيضاً معالجة الالتزام بهدف والعمل على استعادته، في المُحصِّلة يجب تحديد الأهداف "المرنة" المحددة والمثيرة للتحدي.

نصائح إضافية حول أهداف محدَّدة ومثيرة للتحدي:

يتطلب الهدف المحدد والمثير للتحدي أن تتخيل كيف ستشرع في تحقيقه، فإنَّ عملية التفكير في الأمر ورسم خرائط لما يتطلَّبه الأمر لإحراز تقدُّم، تؤدي تلقائياً إلى وضع خطة تتضمن الإجراءات اللازمة لتحقيق الهدف، وبشكل عام، يدفعك الهدف المُحدَّد والمثير للتحدي إلى أن تكون أكثر استراتيجية، وأن تُخطِّط تخطيطاً جيداً لإحراز النجاح، ومن المثير للاهتمام أنَّه لا يوجد دليل يشير إلى أنَّ العمر أو العرق أو الجنس أو التعليم أو الشخصية أو الثقافة لها تأثير في الأداء المُقدَّم في أثناء السعي إلى إحراز الهدف.

شاهد بالفديو: 5 أسئلة تحدد هدفك في الحياة

شروط فاعلية تحديد الهدف:

يؤدي تحديد أهداف مثيرة للتحدي ومحدَّدة إلى أداء أفضل من مجرد "بذل قصارى جهدك"، ومع ذلك، تعتمد النتائج الشخصية على شروط إضافية؛ حيث وُضِّحَ ذلك في مقال البروفيسور لاثام "الفوائد التحفيزية لتحديد الأهداف" (Motivational Benefits of Goal Setting) بالإضافة إلى مقال "التطبيقات العملية لنظرية تحديد الأهداف على إدارة الأداء" (Practical Applications of Goal Setting Theory to Performance Management) لبيتر أ. هيسلين (Peter A. Heslin) وجاي بي كارسون (Jay B. Carson)، ودون فاندي وال (Don Vande Walle).

طرحَ لوك ولاثام 5 مبادئ أساسية لنجاح تحديد الهدف، فإذا كنت ترغب في متابعة وتحقيق أهدافك، فهذه هي المكونات الخمسة التي تحتاج إلى مراجعتها وتضمينها:

  1. الالتزام بالهدف.
  2. أهمية الهدف.
  3. الكفاءة الذاتية.
  4. التغذية الراجعة.
  5. تعقيدات المهمة.

وكل من هذه المبادئ الخمسة الرئيسة لنجاح تحديد الأهداف مترابطة مع بعضها بعضاً.

1. الالتزام بالهدف:

الالتزام بالهدف ضروري للنجاح، خاصة بالنسبة إلى الأهداف الصعبة، فنظراً لأنَّ الأهداف الصعبة تتطلب الكثير من الوقت والجهد المستمر، فمن السهل الاستسلام والفشل، وسوف يدفعك الالتزام بالهدف إلى أن تكون مثابراً ومتابعاً وتمنع نفسك عن الفشل؛ ولكي تكون ملتزماً بهدف ما، يجب أن يكون هاماً للغاية بالنسبة إليك.

وعليك أن تفهم سبب ذلك وتفكر فيما يعنيه تحقيق الهدف حقاً، وتخيَّل كيف ستكون الحياة مختلفة بمجرد تحقيق النجاح، فمع زيادة أهمية الهدف، يزداد أيضاً الالتزام به، ويمكن أن تكون سلسلة الأسئلة، المعروفة أيضاً باسم مقياس الالتزام بالهدف، والتي طوَّرها مجموعة من العلماء مفيدة في تقييم التزامك حقاً بهدفك، فاسأل نفسك الأسئلة التالية:

  1. هل من الصعب التعامُل مع هذا الهدف بجدية؟
  2. هل يهمني أن أُحقِّق هذا الهدف أم لا؟
  3. هل أنا ملتزم بشدة بالسعي إلى تحقيق هذا الهدف؟
  4. هل يتطلَّب الأمر الكثير حتى أتخلى عن هذا الهدف؟
  5. هل أعتقدُ أنَّ هذا الهدف هو المطلوب ويجب أن أسعى إليه؟

إذا وجدتَ أنَّك لا تُعارِض بشدة الأسئلة 1 و2 و4، فالهدف ليس هاماً جداً، وإذا كان السؤالان 3 و5 يروقان لك، فمن المرجَّح أن يكون لديك التزام كبير بالأهداف، وتجدر الإشارة إلى أنَّ المستوى العالي من الالتزام بالأهداف لا يؤدي تلقائياً إلى اتخاذ إجراء، وما زلت بحاجة إلى مزيج من جميع الأساسيات الرئيسة.

2. أهمية الهدف:

يمكنك زيادة أهمية الهدف بطرائق عدَّة:

أولاً، التزم علناً بهدفك، فإذا فشلت، تصبح منافقاً، وأنت لست كذلك؛ ولذا الفشل ليس خياراً، ويصبح الهدف تلقائياً أكثر أهمية بالنسبة إليك.

ثانياً، الهدف الذي يُركِّز على رؤية شخصية أو شركة أو مجتمع أو يوفِّر الإلهام، سيكون أكثر أهمية بالنسبة إليك؛ ولكي تشعر بالالتزام بهدف ما، يجب أن تشعر بأنَّه هام بالنسبة إليك.

ثالثاً، ستعملُ الثقة بقدرتك على تحقيق الهدف أيضاً، على تحسين أهمية الهدف، مثلما يحصل مثلاً حينما يُؤمِن رئيسك في العمل أو قدوة في حياتك بك وبقدرتك، بناء ثقتك بنفسك أمر هام ويؤدي إلى المكون التالي.

3. الكفاءة الذاتية والقدرة:

تشيرُ الكفاءة الذاتية إلى الثقة والإيمان بقدرتك على تحقيق الهدف، وهذا يشمل القدرة والتدريب والخبرة والنجاح الماضي والتعليم والمعلومات، فمن المرجَّح أن يضعَ الأفراد ذوو الكفاءة الذاتية العالية أهدافاً مثيرةً للتحدي، في حين أنَّ الأشخاص ذوي الكفاءة الذاتية المنخفضة، سيضعون أهدافاً سهلة، أو لن يضعوا أهدافاً على الإطلاق.

حيث تُحدَّد الأهداف بناءً على مستوى القدرة الذي تعتقد أنَّه يمكنك تحقيقه، وهذا يعني أنَّ تحديد الأهداف المثيرة للتحدي يتطلب قدراً معيناً من الثقة، ولحسن الحظ، يمكن تحسين هذا بطرائق عدَّة:

أولاً، يمكن تحسين الكفاءة الذاتية من خلال تحقيق الأهداف الصغيرة قصيرة الأمد؛ وهذا يعني أنَّه يمكنك أن تأخذ الأهداف الكبيرة وتُقسِّمها إلى أهداف ومهام أصغر، ومع تقدُّمك في تحقيق هذه الأهداف الصغيرة، تتحسَّن ثقتك بقدرتك على إحراز تقدُّم، ومع تحسُّن ثقتك بنفسك، تتحسن أيضاً قدرتك على الوصول إلى أهداف أكثر إثارةً للتحدي، وهذا هو السبب في أنَّه من الضروري تقدير إنجازاتك الصغيرة والتقدُّم الذي تُحقِّقه في أثناء إحرازها.

في المقابل، إذا حدَّدتَ أهدافاً وفشلتَ في تحقيقها، فإنَّ الكفاءة الذاتية تنخفض؛ حيث يُعَدُّ هذا حافزاً إضافياً لتقسيم الهدف إلى أجزاء أصغر يمكن تحقيقها والاحتفاء بها، ومن الجدير بالذكر أنَّ تحقيق الأهداف الأصغر المتفرِّعة عن الأهداف الأكبر، يؤدي إلى الكفاءة الذاتية؛ حيث لا يؤدي النجاح دون "الهدف الفرعي" المحدَّد بوضوح إلى تحسين الكفاءة الذاتية، فإنَّ عملاً بسيطاً مثل تحديد أهداف صغيرة وتحقيقها، يؤدي إلى المزيد من الثقة والقدرة على تحديد وتحقيق أهداف أكبر على الأمد البعيد.

ثانياً، يُعَدُّ اتِّباع النموذج الذي يُحتذى به، والذي أكمل هدفاً مشابهاً والتعرف إليه أسلوباً فعالاً لتحسين الكفاءة الذاتية.

ثالثاً، يُعَدُّ التشجيع من شخص تحترمه أو التحدُّث الذاتي الإيجابي من الطرائق الفعالة لتحسين الثقة بالنفس والفاعلية الذاتية، فركِّز على المرحلة التي قطعتها بالفعل، بدلاً من باقي المراحل التي لا يزال يتعين عليك قطعها، وامنح نفسك بعض التقدير، واحتفل بالفوز وفكِّر في المكاسب التي أحرزتها حتى الآن.

شاهد بالفديو: 20 مثالاً على الأهداف الشخصية الذكية لتحسين حياتك

كيف تحافظ على الكفاءة الذاتية في مواجهة النكسات؟

مثلما تتحسَّن الكفاءة الذاتية مع كل فوز صغير، يمكن أن تضيع في مواجهة النكسات والشدائد، ولمنع ذلك، ضع في حسبانك أنَّ قدرتك على إحراز تقدُّم وأن تصبحَ أفضل في تحقيق أهدافك، أمران تتحكم بهما أنت؛ حيث يمكن تعلُّم المهارات، ويمكن تقسيم الأهداف إلى خطوات أصغر، وأن يكون لديك سيطرة على قدرتك على النجاح.

لتوضيح هذا بطريقة أخرى، إذا كنت تعتقد دائماً أنَّك ستستمر في ارتكاب الأخطاء، فستظل النتائج هي نفسها دائماً ولن تحرز تقدماً، فستفقد تلك الكفاءة الذاتية، والمعتقدات المُقيِّدة، مثل "لقد فشلت من قبل، فسوف أفشل مرة أخرى" أو "أنا لست ذكياً بما يكفي لأتخلَّص من أخطائي" سوف تستمر في الحد من كفاءتك الذاتية وقدرتك على النجاح في تحقيق أهدافك.

وفي أثناء تطوير عقلية النمو، من خلال التحدُّث الذاتي الإيجابي أو القدوة أو التشجيع الخارجي، سيقودك العمل الجاد والمهارات المُكتسبة إلى النجاح وتحسين الكفاءة الذاتية والحفاظ عليها، وحتى إذا لم تكن راضياً عن أدائك وتقدُّمك حتى الآن، وإذا كنت تعتقد ببساطة أنَّه يمكنك القيام بعمل أفضل وستفعله، فإنَّ الكفاءة الذاتية تتحسن، مما يسمح بوضع الأهداف الأكبر، وتحسين الأداء في المستقبل.

4. التغذية الراجعة:

عندما تقترن بالتزام شديد بالهدف، فإنَّ التغذية الراجعة هي وسيلة قوية بشكل لا يُصدَّق للبقاء على المسار الصحيح لتحقيق الهدف، والتغذية الراجعة هي طريقة لتتبُّع تقدُّم الهدف، ودونها لن تكون لديك طريقة لمعرفة ما إذا كنت على المسار الصحيح أو إذا كنت متخلِّفاً أو ما إذا كانت خطوات العمل والاستراتيجيات الخاصة بك بحاجة إلى تعديل مستقبلاً.

إذا وجدت أنَّك مُتأخِّر ولا تُحرِز تقدماً في تحقيق هدفك، فإنَّ التغذية الراجعة هي طريقة محفِّزة لزيادة الجهد وتعلُّم استراتيجيات جديدة، وعندما تكون التغذية الراجعة إيجابية، فأنت تعلم أنَّك تحرز تقدماً، مما يبني الثقة والفاعلية الذاتية والقدرة على تحديد أهداف أكثر تحدياً.

إقرأ أيضاً: نموذج التغذية الراجعة في الكوتشينغ

التلعيب:

أحد أشكال التغذية الراجعة هو "التلعيب"؛ وهذه الطريقة المفضَّلة إلى حد بعيد لتتبُّع التقدُّم والبقاء متحمساً لتحقيق الأهداف الصعبة، في مقابلة مع مؤلِّف كتاب "الضوابط الأربعة للتنفيذ: تحقيق أهدافك شديدة الأهمية" (The 4 Disciplines (of Execution: Achieving Your Wildly Things Goals يصفُ كريس ماكيسني (Chris McChesney) كيف يمكنك أن تعرف، فقط من خلال صوت أحذية لاعبي كرة السلة في الملعب، ما إذا كان الفريق يمارس أو يحافظ على النتيجة ويلعب ليفوز.

فإنَّ الإجراء البسيط المتمثِّل في الاحتفاظ بالدرجات، يحفِّز الأفراد على بذل كل ما في وسعهم وإضافة هذا الجهد الإضافي للفوز، ففي تحديد الهدف، يرتفع الأداء إلى مستوى الهدف الصعب أو المستحيل من خلال استخدام لوحة نتائج وتتبُّع التقدم مقابل الهدف، وتذكَّر أنَّه كلَّما كان الهدف أكثر صعوبة، زاد الأداء، وحتى إذا كان لديك هدف فرعي أصغر، فإنَّ الاحتفاظ ببطاقة قياس الأداء وتتبُّع التقدُّم كافيان لرفع مستوى الأداء إلى مستوى الهدف شبه المستحيل.

5. صعوبة المهمة:

إذا كان تحقيق هدف ما يتطلَّب استراتيجية ومهاماً تنطوي على تحديات كبيرة، فمن غير المرجَّح أن تنجح، ومع ذلك، هناك بعض الطرائق للتغلُّب على هذا: أولاً، سيجعل التدريب والتعليم المهام أقل صعوبة، حتى تصبح في النهاية روتينية، وثانياً، يمكنك تعديل الهدف ليكون هدفاً قائماً على التعلُّم أولاً، حتى تُحَقِّقَ المهارات والمعرفة الصحيحة.

وبالمثل، يُقسَّم الهدف إلى أهداف أصغر يمكن تحقيقها بسهولة أكبر في أثناء السعي إلى تحقيق الهدف الأكبر؛ حيث يمكن تعلُّم المهارات وتعديلها في أثناء العمل، وتضمن التغذية الراجعة الإضافية تلقائياً، فالهدف الصغير وحده لا يكفي؛ إذ إنَّ الهدف طويل الأجل والمحدد والمثير للتحدي، والذي يتضمَّن "أهدافاً فرعيَّةً" أصغر، هو الذي يُحفِّز الأداء والتقدُّم.

العلاقة بين النجاح والرضا:

تُوضِّح نظرية تحديد الهدف بوضوح وجود علاقة بين النجاح ومستوى الرضا الشخصي، فكلَّما كان الهدف أكثر أهمية بالنسبة إليك، زاد الرضا عند تحقيق النجاح، فالأهداف التي حددتها لنفسك هي انعكاس لمعيار الأداء الذي تقيس به نفسك وتقدمك، ومن ثم، فإنَّ نجاح الهدف يعني المزيد من الفخر والثقة بالنفس والنتائج الإيجابية في حياتك، وهي نتيجة مُرضِية للغاية، فالأهداف هي النتائج المرجوَّة والقيمة التي نرغب في تحقيقها، وكلَّما زاد الإنجاز وتكرَّرت النجاحات، زاد رضاك ​​عن أدائك.

كيفية زيادة الرضا:

نظراً لأنَّ نجاح تحديد الأهداف يؤدي إلى الرضا، يبدو من الواضح أنَّ مجرد تحديد المزيد من الأهداف، سيؤدي إلى زيادة الرضا، ولكنَّ هذه ليست الطريقة الوحيدة لتحسين السعادة والرضا؛ حيث يؤدي تحقيق الأهداف قصيرة الأمد إلى الرضا عن الأداء؛ حيث يُحرَزُ التقدم والنجاح، وتؤدي هذه "الأهداف الفرعية" قصيرة الأمد إلى إصرار أكبر على تحقيق الهدف، فالهدف طويل الأمد الأكثر تحدياً يمهد الطريق ليكون أكثر استراتيجية في التخطيط لكيفية تحقيق الهدف الرئيس، بالإضافة إلى الأهداف الصغيرة قصيرة الأمد.

وبعبارة أخرى، حدِّد هذا الهدف الكبير، وقسِّمه إلى أهداف أصغر قصيرة الأمد، ثم امنح الثقة وكافِئ النجاحات الصغيرة على طول الطريق؛ حيث يُسهم هذا إسهاماً كبيراً في تحسين المثابرة والتحفيز والفاعلية الذاتية، إلى جانب الرضا، والرضا يعني زيادة جودة الحياة والسعادة والوفاء.

إقرأ أيضاً: 12 تقنية لوضع أهداف فعالة

في الختام:

تحديد الهدف هامٌّ حقَّاً، وقد أثبت العلم والدراسات مراراً وتكراراً على مر السنوات أنَّ تحديد الهدف ليس فعالاً فحسب؛ بل يؤدي إلى أداء أفضل، والأداء الأعظم يؤدي إلى النجاح والرضا، وكلَّما زاد التقدم الذي تحرزه طوال رحلتك لتحقيق أهدافك، أصبحتَ أفضل في تحديد هذه الأهداف، وكلَّما أصبحت أفضل في تحديد الأهداف، كانت الأهداف التي تضعها أكبر وأكثر تحدياً، مما يزيد من أدائك.

وستعزز المكاسب على طول الطريق الثقة بالنفس في قدرتك، مما يزيد من حافزك وطاقتك ومثابرتك، مما سيدفعك إلى وضع أهداف أكبر وأكثر تحدياً والاستمرار في النجاح.

يقود وضع هدف محدد ومثير للتحدي اتخاذَ سلسلة من الإجراءات وإيجاد الرضا في إحراز التقدُّم وتحقيق الأهداف الفرعية وتحديد أهداف أكثر تحدياً واكتساب الالتزام والحافز لمواصلة العمل وازدياد القدرة على مواصلة الأداء.

المصدر




مقالات مرتبطة