الدعم والثقة بين الزوجين وشيفرة الزواج الناجح
نشهد اليوم ارتفاعاً ملحوظاً في حالات الطلاق بين الأزواج، ونبدأ التساؤل أين تكمن المشكلة؟ المشكلة هي في العلاقة الزوجية التي لم يعرف الزوجان بناءها بالشكل الصحيح؛ إذ تحتاج هذه العلاقة إلى مقومات وأسس حتى تنجح وتستمر، والتي من أهمها دعم الزوجين لبعضهما والثقة المُتبادلة بينهما.
الدعم والثقة بين الزوجين:
في ظل نمط الحياة الحالي السريع والمادي والمليء بالضغوطات، إضافة إلى سيطرة وسائل التكنولوجيا على حياتنا بشكل كبير وتأثيرها في علاقاتنا، بات إنجاح العلاقة الزوجية واستمرارها مهمة ليست سهلة، ويحتاج إلى الكثير من الوعي والعقلانية من قِبَل الزوجين، والحرص على تمتُّع علاقتهما بأمرين في غاية الأهمية؛ هما الدعم والثقة.
سنتحدث عن كيفية دعم كل من الزوجين لبعضهما:
أولاً: كيف يدعم الزوج زوجته؟
يمكنك بصفتك زوجاً أن تدعم زوجتك من خلال ما يأتي:
1. الاستماع لها:
من الأخطاء التي يرتكبها بعض الأزواج هي الاستخفاف بعقل زوجته أو بمشاعرها والتأفُّف من الاستماع لها؛ لذا احترِم أفكار زوجتك ومشاعرها مهما كانت، واستمع لما يشغل بالها باهتمام ولا تُبدِ لها التأفُّف أو التململ.
2. الاهتمام:
المرأة تعشق الاهتمام، لا تنسَ هذه القاعدة طوال حياتك الزوجية، واهتم بكل تفاصيل زوجتك، اسألها عن شؤونها الخاصة وعملها، ومجريات يومها، وشؤون البيت والأولاد.
3. المشاركة:
شارك زوجتك في مسؤوليات البيت والأولاد؛ كأن تساعدها على تعليم الأولاد أو إيصالهم إلى المدرسة، أو في تنظيف المنزل بين الحين والآخر، وخاصة عندما تحدها مُتعبة وتحتاج إلى الراحة.
4. الرومانسية:
لا تفتح الباب أمام البرود العاطفي حتى يدخل علاقتكما، واحرص على إبقاء الرومانسية فيها، وعبِّر دائماً عن مشاعرك لزوجتك، لا تُهمِلها وغازلها وأبدِ إعجابك لأي تغيير في إطلالتها أو شكلها، وحضِّر المفاجآت والهدايا التي تُسعِدها؛ كأن تدعوها إلى عشاء في مكان رومانسي للاحتفاء بعيد زواجكما، أو أن تُفاجئها بوردة حمراء موضوعة على سيارتها مع كلام جميل من القلب.
5. تقديم الدعم لها:
كن داعماً لزوجتك في طموحها وتحقيق أحلامها، وارفع ثقتها بنفسها وكرِّر على مسامعها أنَّها قادرة على تحقيق ما تريد، وأنَّك فخور بها، وادعمها في أوقاتها الصعبة بأنَّك بجانبها دائماً وأنَّك واثق بأنَّها ستتجاوز الأمر.
6. الاحتواء:
المرأة معروفة بتقلُّب مزاجها؛ وذلك بسبب حساسيتها العالية، وأحياناً بسبب هرمونات جسمها، أو شعورها بالإنهاك من كثرة مسؤوليات الأولاد والمنزل والعمل، استوعبها واحتوِ ردود فعلها أو مزاجها السيئ وبرر لها، واعمل على مساعدتها على تحسين حالتها النفسية.
7. عدم انتقادها:
تجنَّب الانتقاد الجارح لزوجتك أو توجيه الكلام السلبي لها، وحاول تغيير السلوكات التي لا تُعجبك فيها بالنقاش والحوار والكلام المُشجِّع.
8. البقاء مرِناً:
لا يشترط الزواج الناجح أن يكون الزوجان نسخة طبق الأصل عن بعضهما، فمن الطبيعي أن يختلف أحدهما عن الآخر، ولكنَّ الأمر يتطلب الوعي والمرونة؛ أي أن تقبل اختلاف زوجتك عنك وتحترمه، ولا تفرض عليها رغباتك وآراءك.
9. الخصوصية:
يحتاج الإنسان إلى مساحة من الخصوصية دائماً، امنح زوجتك هذه المساحة ولا تخترقها، فلا تُمانع زيارتها لأهلها وحدها مثلاً، أو خروجها مع أصدقائها، أو ممارستها لهواية تحبها، أو حاجتها إلى البقاء وحدها بعض الوقت.
شاهد بالفيديو: أسس الذكاء العاطفي بين الزوجين
ثانياً: كيف تدعم الزوجة زوجها؟
يحتاج الزواج الناجح إلى أن يُقدِّم كل من الزوجين الدعم للآخر، ويُمكنكِ بصفتك زوجة تقديم الدعم لزوجك من خلال ما يأتي:
1. الاهتمام:
فكما تطلبين من زوجك الاهتمام، أيضاً يحتاج زوجك إلى الاهتمام منك؛ لذا اهتمي بكل تفاصيله، واحرصي على تلبية احتياجاته، وتحضير الأشياء التي يحبها، سواء من طعام أم غيره، ولا تُهمليه أبداً حتى وهو خارج المنزل، واطمئني عليه دائماً، وأَشعريه بحنانك وخوفك عليه.
2. التعبير له عما تشعرين به تجاهه:
إن كنتِ تعتقدين أنَّ الرجل لا يعنيه التعبير عن المشاعر عاطفياً وجسدياً، فأنتِ مُخطئة تماماً، فمهما كان زوجك جدياً وقاسياً، هو يحتاج إلى الحب والعاطفة ولو لم يعترف بذلك، فلا تتوقفي عن التعبير عن مشاعرك له، وإسماعه كلام الحب والغزل، وتقبيله ومعانقته، ولا تدعي يوماً يمر دون أن تُعبِّري عن حبك له وعن سعادتك بوجوده في حياتك، وأَشعريه دائماً بأنَّك ترينه أباً ورفيقاً وليس زوجاً فقط.
3. التفهُّم:
يمر الرجل بالكثير من الضغوطات في عمله، وفي تأمين متطلبات الحياة للبيت والأولاد؛ لذا كثيراً ما يكون في حالة مزاجية غير جيدة أو يغضب وينفعل لأسباب تافهة، كوني مُتفهِّمة لذلك، وبرري ردات فعله، وحاولي استيعابه في هذه الحالة، ومساعدته على تحسين مزاجه، وابتكري جواً إيجابياً في المنزل يُنسيه همومه.
4. الاحترام:
اجعلي الاحترام أساس علاقتكما، احترمي زوجك في كل المواقف والظروف، ومهما كنت مستاءة منه إيَّاكِ التطاول عليه والإساءة إليه، سواء كنتما وحدكما أم أمام أحد.
5. تقديم الدعم له:
كوني داعمة له في كل الأوقات، صفِّقي له عند نجاحه وشجِّعيه على التقدُّم وعبري عن إعجابك وفخرك به، وأوقات الفشل واليأس ارفعي ثقته بنفسه، وأكِّدي له أنَّكِ مؤمنة به وبقدراته، وأنَّكِ بجانبه دائماً وواثقة بأنَّه سيتجاوز الأمر.
6. منحه بعض الخصوصية:
امنحي زوجك بعض المساحة الخاصة به يفعل فيها ما يشاء؛ إذ يمارس هواية يُحبُّها، أو يخرج مع أصدقائه، أو حتى الاختلاء بنفسه.
7. البقاء مرِنة:
تحتاج العلاقة الزوجية إلى الكثير من المرونة؛ لذا تقبَّلي اختلاف زوجك عنكِ، واختلاف وجهات نظركما أحياناً، ولا تفرضي عليه رغباتك أو آرائك.
8. مشاركته اهتماماته:
المرأة الذكية هي من تُشارك زوجها اهتماماته؛ مما يجعله يشعر بالمتعة والتسلية معها؛ كأن تحضري معه مباراة كرة القدم ولو كنتِ من غير المهتمين بها.
9. عدم مقارنته بغيره:
تجنَّبي تماماً مقارنته بغيره من الأزواج أو مُعايرته بزوج أختك أو صديقتك، فتصنعي بذلك شرخاً بينكما؛ بل أشعريه دائماً بأنَّك تتقبَّلينه كما هو.
10. مدحه أمام الآخرين:
يُحبُّ الرجل كلام المدح، والإشادة به أمام الآخرين سواء أمام أهلكما أم أصدقائكما؛ لذا تعمَّدي مدحه وتجنَّبي ذكر سلبياته أمامهم؛ فذلك يُسعِده ويُعزز إيجابياته ويجعله يبتعد عن سلبياته.
11. الاهتمام بنفسك:
تُهمل أغلب الزوجات أنفسهن بعد أن تُرزقن بالأطفال، وتكرِّسن كل وقتهن لهم؛ لذا كوني حذرة من الوقوع في هذا المطب، وخصِّصي وقتاً لنفسك على الدوام، مهما كثُرت واجباتك ومسؤولياتك؛ مارسي الرياضة واهتمي بمظهرك ولباسك وتسريحة شعرك، فالزوج تجذبه هذه التفاصيل.
شاهد بالفيديو: 6 سلوكيات خاطئة تجنبها حتى تحافظ على زواجك
تنمية الثقة بين الزوجين:
تُعَدُّ الثقة المتبادلة بين الزوجين من أهم أسس الزواج الناجح، وفيما يأتي أهم الخطوات لتنمية الثقة بين الزوجين:
1. كلام الحب:
تنساب كلمات الحب بين الزوجين في بداية الزواج بشكل طبيعي وتلقائي، لكن مع مرور الوقت وكثرة الضغوطات والمسؤوليات قد ينشغل الزوجان عن بعضهما ويُهملان تبادلها؛ وهذا خطأ فادح ويؤدي إلى البرود العاطفي، ويُؤكِّد علماء النفس على المفعول السحري لهذه الكلمات، وضرورتها لنجاح الزواج.
لذا احرصا أنتما بصفتكما زوجين على الاستمرار في قول كلام الحب لبعضكما؛ وذلك من قبيل: "أنت شخص رائع، أنا سعيد لوجودي معك، أحبك، سوف نتجاوز الأمر، أنا أشعر بك، أنا أفهم وجهة نظرك، أحب مشاركتك ما تحب، أنا بجانبك دائماً".
2. التسامح:
لا يوجد شخص معصوم عن الخطأ، وقد يُخطئ أحد الزوجين وتُفقَد الثقة بينهما، ولكنَّ هذا لا يعني التسرُّع وإنهاء العلاقة؛ إذ يحتاج الزواج إلى التسامح؛ أي أن يسامح كل زوج شريكه عن الأخطاء والزلات غير المقصودة، ويعطيه فرصة أخرى لاستعادة الثقة بينهما.
3. الاحترام:
يساهم الاحترام المتبادل بين الزوجين في بناء الثقة بينهما، بأن يحترم كل شريك شريكه الآخر، ولا يجرحه أو يُهينه تحت أي ظرف، ويحترمه حتى في غيابه بألا يرضى الإساءة له لا بالكلام ولا الأفعال.
4. الاعتراف بالخطأ:
لا شيء يبني الثقة بين الزوجين ويُنميها كالاعتراف بالخطأ؛ عندما يُصارح كل شريك شريكه ويعترف له بأي خطأ يرتكبه، فهو سيكسب ثقته حُكماً.
5. خصوصية العلاقة:
عندما تحرصان على المحافظة على خصوصية علاقتكما وعدم إفشاء أسرارها إلى الخارج أو الشكوى للأهل أو الأصدقاء عن المشكلات الحاصلة بينكما، حينها تُبنى الثقة بينكما؛ إذ يثق كل منكما بالآخر بأنَّه يصونه في حضوره وغيابه، وأنَّه لن يسمح لأحد بالتدخُّل بينكما.
6. التواصل الدائم:
مهما كان حجم انشغالكما؛ يجب أن تحرصا على التواصل الدائم بينكما، والنقاش في كل أمور حياتكما وأحلامكما وأهدافكما، وإخبار كل منكما شريكه بأحداث يومه، وألَّا يقتصر تواصلكما على المسائل الطارئة فقط؛ مما يمنح الطرفين شعوراً بالأمان والثقة.
7. الإخلاص:
الخيانة هي المدمِّر الحقيقي للثقة بين الأزواج؛ والإخلاص هو من يخلقها ويُنمِّيها، فعندما يُخلص كلٌّ منكما للآخر ويلتزم به ويكتفي به ولا يسمح لنفسه بالتفكير في غيره أو خيانته، حينها تتكلَّل علاقتكما بالثقة، ولا يُفتح باباً للشك بينكما.
8. تجنُّب الكذب:
يفقد أحد الطرفين ثقته بالآخر عند اكتشافه للكذب؛ لذا عليكما بصفتكما زوجين تجنُّب الكذب تماماً، واعتماد الصراحة بينكما في كل شيء، ولو كانت مُزعجة في بعض الأحيان، فهي تبني الثقة بينكما.
9. الغيرة بين الزوجين:
تؤدي الغيرة الزائدة بين الزوجين إلى فقدان الثقة بينهما، فيبدأ الشريك الشك بكل تصرفات شريكه؛ لذا يجب أن تحرصا على إبقاء الغيرة بينكما ضمن الحدود الطبيعية، حتى لا تتحوَّل إلى شك وعدم ثقة.
10. وسائل التواصل الاجتماعي:
يُسبِّب الإدمان على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي الكثير من المشكلات الزوجية وفقدان الثقة بين الأزواج؛ وذلك بسب انشغالهما عن بعضهما، وأحياناً بسبب التعرُّف إلى الغرباء والتعلُّق بهم؛ لذا يجب الوعي للأثر السلبي لهذه الوسائل في الحياة الزوجية والتقليل من استخدامها قدر الإمكان.
11. العقلانية والمسؤولية:
عندما يتمتَّع كلٌّ منكما بحس مسؤولية عالٍ تجاه العائلة، وبالعقلانية في اتِّخاذ القرارات، والنظر إلى الزواج على أنَّه رِباط مُقدس، لا يجوز السماح بهدمه أو تدميره؛ إذ تُعزَّز حينها الثقة بينكما ويتمسَّك كلٌّ منكما بهذا الزواج.
12. التحدث بـ "نحن":
ينصح خبراء الحياة الزوجية أن يتكلَّم الزوجان بضمير "نحن" وليس ضمير "أنا"، فهذا من شأنه إشعاركما بأنَّكما شخصاً واحداً مما يزيد الثقة بينكما.
في الختام: شيفرة الزواج الناجح هي الدعم والثقة
نُقدِّم لكما بصفتكما زوجين شيفرة الزواج الناجح؛ وهي أن تدعما بعضكما بعضاً في كل شيء، وتكونا مصدر قوة وأمان لبعضكما، مع بناء الثقة بينكما دون ترك مجال للشك أن يُشوِّه علاقتكما.