الانفعالات: أنواعها وطريقة ضبطها

تدخل الانفعالات في كل جانب من جوانب حياة الفرد؛ إذ ترتبط بحاجاته ورغباته وكذلك دوافعه، فلا يخلو أي فعل أو سلوك إنساني من الانفعال المميز له، فحياة الإنسان متقلِّبة إذ يحب شخصاً ويكره آخر.



ويغضب في مواقف معينة ويكون مرتاحاً في مواقف أخرى، وسعيداً بشيء ما وحزين من شيء آخر، وكل تلك الانفعالات تؤثر في حياته وفي حياة المجتمع بشكل عام، وسنتعرَّف في هذا المقال إلى مفهوم الانفعالات وفيزيولوجية الانفعالات وأنواعها وكيفية ضبطها.

ما هي الانفعالات؟

تقتضي حياة الفرد التفاعل المستمر مع المجتمع وبناء علاقات معيَّنة مع الأفراد الآخرين، ويمر الفرد خلال ذلك بعدَّة مواقف، وتملكه انفعالات مختلفة كالحب والكره الفرح والحزن والغضب والغيرة إلى الشعور بالضيق والخوف، فالانفعالات تُعبِّر عن حالات داخلية تصف أحاسيس الفرد وردود فعله خلال المواقف المختلفة وتظهر في أنواع مختلفة ويصعب التحكم بها.

ومن التعريفات التي تناولت الانفعالات ما يأتي:

1. ميلفن ماركس:

"اضطراب حاد لأنَّه يتميز بحالة شديدة من التوتر والتهيُّج العام؛ ولأنَّه في أثناء الانفعال تتوقف جميع أنواع النشاطات الأخرى التي يقوم بها الفرد، ويصبح نشاطه متعلقاً بالشيء أو الموقف الذي أثار غضبه، وكما أنَّه يؤثر في كيان الفرد كله سواء في سلوكه أم خبرته الشعورية أم الوظائف الفيزيولوجية الداخلية، وينشأ الانفعال في الأصل من مصدر نفسي؛ وذلك لأنَّه يحدث نتيجة إدراك بعض المؤثرات الخارجية أو الداخلية".

2. أحمد عزت راجح:

"إنَّها حالة جسميَّة نفسية ثائرة أو حالة من الاهتياج العام تفصِح عن نفسها في شعور الفرد وجسمه وسلوكه، ولها القدرة على تحفيزه على النشاط".

3. محمد بني يونس:

"إنَّها حالة اللاتوازن بين الكائن الحي "الحيوان والإنسان" من جهة، والمثيرات الخارجية "المادية والاجتماعية" من جهة أخرى؛ وهذا يؤدي إلى ظهور الانفعالات ظهوراً مفاجئاً ولحظيَّاً زائلاً، ويدفعنا إلى الاقتراب من شيء أو الابتعاد عنه، وتكون مصحوبة باضطرابات جسدية خارجية".

أنواع الانفعالات:

تختلف الانفعالات عن بعضها فيوجد ما يكون له تأثير إيجابي في صحة الفرد النفسية ويوجد ما يكون له تأثير سلبي؛ أي يوجد نوعان:

1. الانفعالات السارة أو الإيجابية:

وهي التي تؤدي إلى شعور الفرد بالسعادة واللذة مثل الفرح.

2. الانفعالات غير السارة أو السلبية:

هي التي تسبب معاناة الفرد وتُشعِره بالألم مثل البكاء والغضب والقلق والتوتر وغيرها.

ويمكن أن نميز بين أنواع الانفعالات من حيث شدتها:

  • انفعالات قوية: وهي الانفعالات التي تحفز الفرد لزيادة نشاطه وتبعث فيه الحيوية والطاقة مثل الفرح والغضب.
  • انفعالات ضعيفة: وهي الانفعالات التي تقلل من نشاط وطاقة الفرد مثل الحزن.

شاهد بالفديو: كيفية التحكم بالانفعالات وضبط النفس

تعريف لأهم تلك الانفعالات:

1. السعادة:

هي الدافع وراء كل أفعال البشر والذين يتحملون كل شيء في سبيل الوصول إليها، ويُعرِّف معجم علم النفس السعادة على أنَّها: "حالة من المرح والهناء، وتنشأ أساساً من إشباع الدوافع ولكنَّها تسمو إلى مستوى الرضى النفسي"، وقد عرَّفها سيد البهاص بأنَّها: "انفعال وجداني إيجابي ثابت نسبياً يتمثل في إحساس الفرد بالبهجة والفرح والسرور، وغياب المشاعر السلبية من خوف وقلق واكتئاب، والتمتُّع بصحة البدن والعقل، بالإضافة إلى الشعور بالرضى الشامل في مجالات الحياة المختلفة".

2. الحزن:

هو عكس السعادة ويعبِّر عن ألم نفسي يتفاوت في شدته من شخص إلى آخر وعند نفس الشخص بين سبب وآخر، ويتجلى الحزن بعلامات خارجية كالبكاء.

3. الخوف:

هو انفعال يظهر نتيجة الإحساس بخطر وشيك أو تهديد حقيقي أو وهمي، ويتراوح في الشدة بين الخوف الطبيعي وصولاً إلى الخوف المرضي الذي لا يتناسب مع الشيء المخيف، ولا يجوز تفسيره لأسباب معينة ويصعب السيطرة عليه؛ ويسمى في علم النفس مرض "الرهاب النفسي".

3. الغضب:

عرَّفه سبيلبرجر بأنَّه: "حالة عاطفية تتركب من أحاسيس ذاتية تتضمن التوتر والانزعاج والإثارة والغيظ، كما أنَّه حالة انفعالية مؤقتة تكون ناتجة عن شعور الشخص بالضيق، ولكنَّها تختلف في شدتها من موقف إلى آخر وفي فترة زمنية دون أخرى".

4. الكراهية:

هي إحدى الانفعالات السلبية وتكون مصحوبة بالاشمئزاز والنفور.

5. الحب:

المحبة عند الإمام الغزالي تعني: "ميل الطبع إلى الشيء الملذ"، وفي علم النفس هي أشد المشاعر عمقاً وإيجابية؛ وتعني شعور الفرد بالتعلُّق والانجذاب الشديد نحو شيء ما أو شخص ما، وتعرِّف مها يوسف الحب بأنَّه: "انفعال ينشأ عن الشعور بالاستحسان لشيء تبعاً لصفات ذاتية، وتتفق الأدبيات النفسية على أنَّ الحب هو حالة عاطفية في انفعالاتها تتعايش في فوضاها المشاعر الحادة مع المشاعر الرقيقة، والبهجة مع الألم والقلق مع الطمأنينة، والإيثار مع الغيرة، والسعادة مع الغم".

إقرأ أيضاً: 8 طرق تأمّل لإدخال مزيد من الحب إلى حياتك

6. القلق:

من أكثر أنواع الانفعالات انتشاراً وتأثيراً في حياة الإنسان وصحته، ويعرِّفه أحمد عكاشة بأنَّه: "شعور غامض غير سار بالتوجُّس والخوف والتحفيز والتوتر، ويكون مصحوباً عادةً ببعض الإحساسات الجسمية وخاصة زيادة نشاط الجهاز العصبي اللاإرادي، والذي يأتي في نوبات تتكرر في نفس الفرد وذلك مثل الضيق في التنفس، أو الشعور بنبضات القلب أو الصداع"؛ وبالمختصر فإنَّ القلق هو حالة عامة تؤدي إلى شعور الفرد بعدم الارتياح.

7. التعجُّب:

وهو عبارة عن انفعال يحدث داخل النفس البشرية نتيجة الجهل بأمر ما.

8. الاشمئزاز:

وهو الإحساس الذي يشير إلى شيء مقزز ويدعو إلى النفور منه.

خصائص الانفعالات في علم النفس:

خصائص الانفعالات تشكل الجوانب المميزة لتلك الردود العاطفية التي نعيشها في حياتنا اليومية. إنها تعبر عن تفاعلنا الشخصي مع الأحداث والظروف المحيطة بنا، وتؤثر في شكلنا الفكري والجسدي والسلوكي. تختلف خصائص الانفعالات من شخص لآخر بناءً على العوامل الشخصية والتجارب الحياتية والثقافة التي ننتمي إليها.

1. الذاتية:

يُعَدُّ الانفعال حالة نفسية خاصة بكل فرد، وتختلف عن الأفراد الآخرين باختلاف درجة إدراكه للموقف والأحداث فيه، فالموقف الذي يسبب الغضب لفرد؛ ليس بالضرورة أن يسبب الغضب لشخص آخر، والفرد الذي يسعده شيء ما ليس بالضرورة أن يجعل الآخرين سعداء.

2. الاختلاف في الشدة:

تختلف شدة الشعور عند نفس الفرد، وتختلف شدته أيضاً بين فرد وآخر، فشعور الفرد بالسعادة لنيلهِ المرتبة الأولى في الامتحان تختلف عن شدة فرحه بزواجه وتختلف عنها بربحهِ لجائزة مادية ما، وكذلك الأمر عند المقارنة بين شدة فرح فرد وفرد آخر للموقف نفسه.

3. تعدد الانفعالات وتنوُّعها:

إذ يوجد الحزن والفرح، والحسد والغيرة، والغضب، والكره والحب وغيرها.

مظاهر الانفعالات الفيزيولوجية (فيزيولوجية الانفعالات):

مظاهر الانفعالات الفيزيولوجية تعتبر جزءًا أساسيًا من تجربتنا العاطفية اليومية. عندما نواجه مواقف محفزة عاطفيًا، تنتج جسمنا استجابات فيزيولوجية مميزة تعكس حالة عواطفنا الداخلية. وأبرز مظاهر الانفعالات الفيزيولوجية:

  1. ارتفاع ضغط الدم وتسرُّع في ضربات القلب؛ واللذان يكونان نتيجة انفعالات مثل الخوف والغضب.
  2. ارتفاع في درجة وحدَّة الصوت الذي يرافق الكثير من الانفعالات مثل الغضب.
  3. نشاط زائد في العضلات.
  4. الإحساس بالضغط في المعدة.
  5. إفراز الأدرينالين.
  6. ومن المظاهر الخارجية المصاحبة للانفعالات: الحركات التعبيرية على الوجه مثل الابتسامة عند السعادة، وقطب الحاجبين عند الغضب، واتِّساع العينين عند الخوف، وتوجد تعبيرات الجسم أيضاً مثل الركض عند الخوف، والتعبيرات الصوتية مثل انخفاض وتيرة الصوت عند النطق بكلمات الحب وارتفاع وتيرته وحدته عند الغضب أو الخوف.
إقرأ أيضاً: الثبات الانفعالي: أنواع الانفعالات والتحكم بها

كيف يمكن ضبط الانفعالات؟

يُعتبر ضبط الانفعالات مهارة هامة في التعامل مع التحديات اليومية التي نواجهها. من المهم أن نتمكن من التحكم في ردود الفعل العاطفية التي تنشأ في مختلف المواقف والظروف. يُعَدّ تحقيق توازنٍ في التفاعل مع مشاعرنا جزءًا من تحسين صحة عقلنا وعلاقاتنا الشخصية. فيما يلي أهم طرق ضبط الانفعالات:

  1. إفراغ الطاقة الزائدة: غالبا ما ينتج عن الانفعالات مثل "الغضب" طاقة كبيرة تدفع الفرد إلى القيام بسلوكات هجومية، والأفضل هو التخلُّص من هذه الطاقة السلبية عن طريق إشغال النفس بأي أمر محبَّب لها؛ مثل القيام بالتمرينات الرياضية ولا سيما الركض، أو يمكن التخفيف من هذه الطاقة بواسطة الاستحمام وغيرها.
  2. البحث عن حالة نفسية تبعث إلى الرضى والسعادة وتهدِّئ النفس، مثل الاستماع لموسيقى هادئة، أو مطالعة الكتب أو ممارسة تمرينات رياضية معينة مثل تمرينات اليوغا.
  3. الاسترخاء قدر الإمكان وتعويد الجسم على البحث عن الراحة وهدوء النفس؛ ويكون ذلك بالتمدُّد والاستلقاء على الظهر أو الجلوس في الطبيعة وتأمُّل خلق الله وعظمته، والنوم الكافي.
  4. امتلاك الفكاهة وروح الدعابة وأخذ الأمور بروية ومحاولة إيجاد الإيجابيات في كل أمر يحدث.
  5. تطوير مهارات التواصل مع الآخرين وتحسين القدرة على الاستماع والتمعن في التفاصيل وخفايا الأمور والنظر إليها من كافَّة جوانبها.
  6. التقليل من المشروبات المنبِّهة؛ والتي تحتوي مادة الكافيين التي تتسبب في زيادة الطاقة في الجسم؛ إذ إنَّها تزيد من هرمون الأدرينالين.
  7. ممارسات الهوايات المحببة للنفس كالقراءة مثلاً، أو ممارسات الألعاب التي تعلِّم الصبر مثل لعبة الشطرنج، أو الاستماع للموسيقى الهادئة الباعثة على الراحة في النفس.

شاهد بالفديو: كيف تسيطر على مشاعر الانفعال الزائد

الخلاصة:

إنَّ الانفعالات تعبِّر عن حالة مزاجية لدى الفرد؛ ومنها ما يُعَدُّ انفعالاً إيجابياً كالحب، ومنها ما يُعَدُّ سلبياً كالغضب، ويجب على الفرد إدراك فيزيولوجية الانفعالات والعوامل التي تتحكم بالمواقف ليستطيع تصنيف انفعالاته والتحكم بها وتوجيهها بالشكل السليم.




مقالات مرتبطة