الاكتئاب بين الزوجين: أسبابه، وأعراضه، وطرق الوقاية منه

أصبح القلق والتوتر السمة الأساسية ليومياتنا، في إيقاع الحياة المُتسارع الذي نعيشه اليوم، وأصبحنا كلنا مُعرَّضون للإصابة بالاكتئاب والضغط النفسي، وخصوصاً بعد إقدام الشخص فينا على الزواج، يكون أكثر عُرضةً للاكتئاب، وذلك بسبب حجم المسؤولية الكبير المُلقى على عاتقه، وهنا يأتي دور الشريك الآخر، لمساعدته وإخراجه من الاكتئاب، وإنقاذ حياتهما الزوجية.



أعراض وأسباب الاكتئاب عند الزوجين:

يزداد احتمال تعرُّض الرجل والمرأة للإصابة بالاكتئاب بعد الزواج، نتيجة للضغوط والمسؤوليات الجديدة، والحنين للعزوبية، وللراحة والحرية، مما يُفقدهما الإحساس بمتع الحياة، وفقدان الرغبة تجاه كل شيء، وتختلف أسباب الاكتئاب وأعراضه، عند الرجل عن المرأة. لنتعرف إلى الأسباب والأعراض لكل منهما على حدة:

1. اكتئاب الزوج:

يُعَدُّ اكتئاب الرجل أكثر صعوبةً من اكتئاب المرأة؛ إذ أثبتَت الأبحاث أنَّ الرجل أقل طلباً للمساعدة من المرأة عند شعوره بالاكتئاب، وذلك لأنَّ الرجل لا يُعبِّر عن مشاعره، ويميل إلى الانطواء، ويرفض الاعتراف بالاكتئاب، مما يجعل معالجته أمراً صعباً، في حين تُعبِّر المرأة عما تشعر بالبكاء أو الصراخ أو التذمر.

1. 1. أعراض الاكتئاب عند الزوج:

  • الانعزال والانطواء؛ إذ يُصبح كثير الشرود، ويميل للجلوس لوحده.
  • لا يستمتع بالأشياء، التي كانت نفسها مصدر سعادة له سابقاً.
  • يُصاب بالقلق بالأرق، أو الإفراط في النوم.
  • يُصبح قليل الكلام، وتقلُّ رغبته في الكلام.
  • يغضب لأتفه الأسباب، ويفقد سيطرته على نفسه.
  • قد يلجأ للإكثار من التدخين وشرب الكحول.
  • لا يعتني بنفسه، ولا يُبالي مثلاً بحلق ذقنه، أو بأناقته.
  • يبدأ يشتكي من آلام جسدية مُبهمة.
  • فقدان الرغبة بالحياة، وكثرة الحديث عن الموت.
  • الأكل بشراهة، أو عدم الأكل على الإطلاق.
  • فقدان الرغبة بالعلاقة الحميمة مع الزوجة.

1. 2. أسباب اكتئاب الزوج:

  • المشاكل الزوجية، والشعور بالإهمال أو الإحباط من الشريك.
  • الضغوط المالية، ومسؤولية تأمين متطلبات الحياة للبيت والأسرة.
  • مشكلات في العمل، مع المدير أو الزملاء.

شاهد بالفيديو: 7 علامات تدل على إصابتك بالاكتئاب

2. اكتئاب الزوجة:

2. 1. أسباب اكتئاب الزوجة:

  • طبيعة الأنثى العاطفية والوجدانية، وسرعة تأثرها بكل ما حولها.
  • المسؤوليات الكثيرة المطلوبة منها، والاهتمام بالبيت والزوج والأولاد، والسهر لرعايتهم، فالأم لا تعرف الإجازات أو الراحة.
  • التغيرات الهرمونية والفيزيولوجية في أثناء الحمل وبعد الولادة.
  • الشعور بالروتين والملل من أعباء المنزل.
  • سن اليأس، وما يلحقه من تغيرات نفسية وهرمونية.
  • الفتور في العلاقة الزوجية، وإهمال الزوج لها.
  • متلازمة ما قبل الحيض، التي يكون أعراضها: الاكتئاب، والصداع، والقلق، وآلام أسفل الحوض والثديين.
  • التعرض للإساءة الجسدية، أو اللفظية.

2. 2. أعراض الاكتئاب لدى المرأة:

  • أن تفقد اهتمامها، بأشياء كانت تحبها سابقاً.
  • الشعور بالحزن، والميل للعزلة أغلب الوقت.
  • الرغبة في البكاء دون سبب واضح.
  • تُعاني من الأرق واضطرابات النوم، أو من المبالغة في النوم.
  • برود في المشاعر تجاه زوجها وأولادها.
  • تُصاب الزوجة بتقلبات حادة في المزاج.
  • فقدان الشهية، وتغيُّر نظامها الغذائي.
  • فقدان الرغبة بالحياة، وكثرة التفكير بالموت.

نصائح للزوجة لمساعدة زوجها المكتئب:

من واجب الزوجة مساعدة شريكها المكتئب، وذلك من خلال ما يلي:

  • أن تُساعد الزوجة زوجها في التعبير عما بداخله بدلاً من كبته.
  • التخطيط لنشاطات ممتعة، كالخروج في رحلة بحرية أو جبلية لأيام عدَّة.
  • أن تُحاول الزوجة إقناع زوجها، بممارسة الرياضة؛ كأن يخرجا معاً يومياً للمشي مثلاً، فقد أثبتَت الدراسات أنَّ الرياضة أقوى سلاح في مواجهة الاكتئاب.
  • أهم ما تفعله الزوجة لشريكها المكتئب هو الاستماع، كأن تُخصِّص وقتاً للشريك، وتستمع له بكل محبة واهتمام.
  • أن تُراعي المرأة زوجها في هكذا وضع، وتمتص غضبه وردَّات فعله العنيفة.
  • أن تهتم المرأة بنفسها، وتُحاول أن تَظهر بالمظهر الذي يُحبه زوجها.
  • أن تحرص المرأة على عدم مطالبة الرجل بأكثر من إمكانياته.
  • أهم ما يجب أن تحذر منه المرأة هو كثرة الانتقادات والمقارنات، كأن تُقارن زوجها بأزواج صديقاتها.
  • أن تُكثر الزوجة من مدح زوجها المكتئب، وتذكيره بالجوانب الإيجابية فيه، ليستعيد ثقته بنفسه.
  • تغيير ديكور البيت بشكل مستمر بغاية التجديد وكسر الروتين.
  • لا مانع في حال عدم تحسُّن حالة الزوج، من إقناعه بالحصول على مساعدة أخصائي.
  • في حال كان يُعاني الزوج من مشاكل مادية، لا مانع من مساعدة الزوجة له ووقوفها إلى جانبه مادياً ومعنوياً.
  • أهم نصيحة يُقدِّمها الخبراء في العلاقات الزوجية للزوجة، هي: "عاملي زوجك كطفل، واحترميه كأب، وأحبيه كعشيق، ورافقيه كصديق".

نصائح للزوج في مساعدة زوجته المكتئبة:

يقع على الزوج واجب ومسؤولية الوقوف بجانب زوجته المكتئبة، وهذه مجموعة من الاستراتيجيات التي تُفيده بهذا الخصوص:

  • احترام الرجل لحالة زوجته النفسية وتقلباتها، ويأخذها على محمل الجد، ولا يستخف بها.
  • أن يُظهر الزوج تقديره لجهود زوجته في المنزل والأولاد، ويحرص على شكرها بشكل دائم، ومساعدتها في أعباء المنزل قدر الإمكان.
  • تحضير المفاجآت والهدايا التي تُحبها الزوجة وتُسعدها، كالحجز في أحد الفنادق المطلة على البحر، واصطحابها لقضاء العطلة هناك.
  • أن يحرص الزوج على الاستماع للزوجة المكتئبة، وما تُعانيه، وإبداء التعاطف معها، ولو كانت أشياء بسيطة من وجهة نظره.
  • ألا ينسى الزوج أنَّ المرأة كائن عاطفي يؤثر فيه الكلام الجميل واللحظات الدافئة، فلا يبخل على زوجته بكلام الغزل والحب، وبالعناق الدافئ.
  • عند تفاقم الأمر، وعدم تحسُّن حالة الزوجة، من المفيد أن يصطحب الزوج زوجته إلى الاختصاصي النفسي، وأن يحضر معها في أول زيارة ليدعمها ويُشعرها بالأمان.
  • ضرورة أن يشرح الزوج للأبناء وضع الأم النفسي، وتعليمهم كيف يكونوا هادئين، وضرورة أن يسمعوا كلامها.
  • محاولة إحاطتها بالأهل والأصدقاء الإيجابيين، لمساعدتها في الخروج من حالتها.
إقرأ أيضاً: التواصل مع شريك الحياة أثناء فترة المكوث في المنزل

نصائح عامة لحماية عش الزوجية من الاكتئاب:

هذه مجموعة من الاستراتيجيات الهامة لحماية عش الزوجية من شبح الاكتئاب:

  • من الضروري أن يتثقف الزوجان عن الاكتئاب، وأعراضه، وطرائق علاجه.
  • العطاء، أن يعرف كل من الزوجين أنَّ العطاء هو الدواء لكل المشكلات الزوجية مثل: عطاء الحب، والاهتمام، والاحترام، والتقدير.
  • التحلي بالصبر، والوقوف بجانب الشريك المكتئب دون تململ أو تأفُّف.
  • الإصرار على مساعدة الشريك مهما كان عدائياً، ورافضاً للتجاوب، وإظهار التعاطف معه، وترديد على مسامعه عبارات من قبيل:" أنا معك دائماً ولن أتركك وحيداً"، "أنا أتفهم سلوكك العدائي هذا ولن أسمح لك بإبعادي عنك".
  • الابتعاد عن ممارسة النشاطات بشكل فردي؛ بل أن يسعى الشريكان إلى التشارك في نشاطاتهم، كالخروج في نزهة سوياً، أو ممارسة الرياضة معاً، أو مشاهدة فيلمٍ معاً.
  • يجب ألا ينسى الشريكان المفعول السحري للشكر؛ فلا ينسى كل منهما أن يقول لشريكه كلمة "شكراً" عما يُقدِّمه، أو "شكراً" لوجود أحدهما في حياة الآخر.
  • أيضاً من الأمور الهامة في حياة الشريكين، وجود ثقافة الاعتذار في علاقتهما، كأن يعترف الشريك بخطئه، ويُقدِّم الاعتذار للطرف الآخر بكل محبة.
  • أن يُركِّز كل من الزوجين على الجوانب الإيجابية في شريكه المكتئب، ويُحاول الإضاءة عليها، ومدحها، مما يُولد شعوراً إيجابياً لدى هذا الشريك المكتئب.
  • أن يحرص الزوجان على تجديد حياتهما باستمرار لكسر الروتين والملل، وذلك بتنظيم رحلة أو السفر لوحدهما، أو ربما مع الأصدقاء.
  • ضرورة انتباه الزوج والزوجة لنوعية الأشخاص في حياتهما، بمصاحبة الإيجابيين منهم، والابتعاد عن السلبيين كثيري الانتقاد والتذمر.
  • أهمية وعي الزوجين لقرار الإنجاب، والتأكد من استعدادهما المادي والنفسي لذلك، وإلا سيقعان فريسةً للاكتئاب لمواجهة مسؤولية ليسا مستعدين لها.
  • حرص الزوجين على نمط حياة صحي بممارسة الرياضة، واتباع نظام غذائي صحي، واعتماد الأغذية الغنية بالفيتامينات خاصةً أوميغا3 ، وفيتامين د، والبوتاسيوم، والمغنيسيوم، التي تُعزز صحة المخ، وتُساعد في تجنُّب الاكتئاب، والابتعاد عن الأغذية السريعة والمصطنعة الغنية بالدهون غير المشبعة أو السكر.

من هو أكثر عُرضةً للاكتئاب المرأة أم الرجل؟ ولماذا لا يعترف الرجل بالاكتئاب؟

من الشائع أنَّ النساء أكثر عُرضةً للاكتئاب من الرجال من ضعفين إلى ثلاثة أضعاف، ولكنَّ المفاجأة التي قدَّمها عدد من العلماء هي أنَّ معدلات الاكتئاب قد تكون متشابهةً بين الرجال والنساء، ولكنَّ الاكتئاب لدى الرجال غير معترف به؛ لذا يظهر أنَّ النساء هم الأكثر اكتئاباً، ولكن لماذا لا يعترف الرجل بالاكتئاب؟

لا يعترف الرجل أنَّه يُعاني الاكتئاب، ويُحاول إنكار أو إخفاء تعاسته حتى لو ضمنياً بينه وبين نفسه، مما يؤدي إلى إهمال الأمر حتى يُصبح أكثر حدَّةً،  ويعود ذلك للتنشئة الاجتماعية للرجل؛ إذ تعتمد التنشئة الاجتماعية للرجل على تربيته منذ الصغر على ضرورة البقاء صلباً وقوياً طول الوقت، وعدم إظهار مشاعر ضعف أو تأثُّر، وإلا اتُّهِمَّ أنَّه هشاً كالأنثى، ويكبر وهو مُتَبَنٍّ هذه الأفكار، وأنَّ المجتمع لا يتقبل فكرة اكتئابه أو حزنه، وبيَّنت إحدى الدراسات أنَّ اكتئاب الرجل يختلف عن اكتئاب المرأة؛ إذ غالباً ما يتجه الرجل للغضب، وإدمان التدخين أو الكحول، ويُحاول وصف أعراض الاكتئاب بأنَّها "إجهاد" بدلاً من أنَّها مشاعر حزن.

الرياضة واكتئاب الزوجين:

أثبتَت دراسة أمريكية مؤخراً، أنَّ ممارسة الأزواج للرياضة، يُقلِّل من احتمال إصابتهم بالاكتئاب، الذي يُهدِّد حياتهم الزوجية، حيث اعتمد الباحثون في الدراسة على مُتابعة النشاط البدني، واحتمال الإصابة بالاكتئاب لدى أكثر من 1200 رجل وزوجته، خلال مدة 10 أعوام، وبيَّنت نتائج الدراسة أنَّ هؤلاء الأشخاص كانوا في مأمن من الإصابة بالاكتئاب بنسبة كبيرة، وتوصلت الدراسة لملاحظة أخرى، وهي أنَّ الرياضة تُفيد الزوج بنسبة أكبر من الزوجة، ولكن لهذا دور على النساء أيضاً، فالحالة النفسية للزوج ستؤثر في الزوجة، وتنعكس عليها إيجاباً أو سلباً.

شاهد بالفديو: فوائد الرياضة على الصحة النفسية

علاج الاكتئاب بالحب:

عندما يُصاب أحد الشريكين بالاكتئاب، من واجب شريكه الوقوف بجانبه، وأن يكون عوناً له، وليس التخلي عنه وتركه وحيداً ليزيد معاناته.

فعندما يُعاني الشريك من الشعور بالوحدة وقلة الاهتمام والحب، يكون العلاج هو إغداقه بالحب، واحتواؤه والتعاطف معه، ولو أظهر بعض السلبية والعدائية، والاهتمام به وبتفاصيله التي يُحبها، وإظهار الرغبة في الاستماع له في أي وقت، والحفاظ على ترديد كلمات الحب والدعم من قبيل: "أحبك، وأنا هنا من أجلك"، "لن أتخلى عنك مهما كلف الأمر".

فكونوا على ثقة دائماً بأنَّ الحب الحقيقي غير المشروط هو السبيل للتعافي من أيَّة مشاعر سلبية يمر فيها أحد الشريكين، سواء كانت اكتئاباً أو غيره.

 

المصادر: 1، 2، 3، 4




مقالات مرتبطة