8 طرق ترهقك بها الثقافة التنظيمية شديدة التنافسية

تؤمِن العديد من الشركات أنَّ الثقافة التنظيمية المنافِسة والضغط في العمل يعطي نتائج أفضل، ويعتقدون أنَّ زيادة الضغط على العاملين تؤدي إلى أداء أفضل.



تطغى الثقافة التنظيمية التنافسية على المجتمع حتى أصبحَت مبتَذَلةً وتحوَّلَت إلى فكرة للعديد من الأفلام والمسلسلات؛ إلا أنَّ المحزن في الأمر هو أنَّ الناس يشعرون بما يتابعون على شاشة التلفاز، لأنَّهم عاشوا التجربة بشكل شخصي.

ولكنَّ انتشار هذه الثقافة بين الشركات لا يعني أنَّها تعطي مفعولاً؛ بل جُلُّ ما تفعله هو أنَّها تجعلك تغضُّ الطرْفَ عما يحصل وتتجاهل العواقب، ولكن عليك توخِّي الحذر لأنَّ العواقب الناجمة عن سوء معاملة الموظفين ليست مزحةً.

تُنفق الشركات التي تُشجِّع انتشار بيئة العمل التنافسية وعالية التوتر على الرعاية الصحية لموظفيها أكثر بما يعادل 50% مما تصرفه الشركات التي تُشجِّع منهجاً إيجابياً وبيئةً داعمةً، والسبب أنَّ 80% من حوادث العمل يعود إلى التوتر، كما هو حال 80% من المعاينات الطبية.

في الواقع، الشركات التي تُشجِّع بيئةً تنافسية تكون أقل إنتاجيةً لأنَّها تعاني من انخفاض مستويات تفاعل الموظفين، وتحصل هذه الشركات على عائدات أقل بنسبة 40% للسهم الواحد، وإنتاجية أقل بنسبة 18%، ومعدل دوران أعلى بنسبة 50%.

إذا كنتَ تعمل في بيئة تنافسية، فمن المحتمل أنَّها تؤثر سلباً في صحتك، ويمكِن لحجم هذا التأثير أن يكون كافياً ليجعلك تنظر في البحث عن عمل آخر، وإذا لم تكن مندفعاً بما يكفي لاتخاذ هذه الخطوة بعد، فيمكِنك النظر في تأثير هذه البصمات التي تتركها بيئة العمل التنافسية في الأشخاص:

1. إجهاد الموظفين:

لا شيء يسبب التعب للموظفين مثل الإجهاد في العمل، فإنَّ استثمار مهارات أفضل الموظفين لديك أمرٌ مغرٍ لدرجة أنَّ أغلب المديرين يقعون في هذا الفخ، إلا أنَّ إجهاد الموظفين الجيدين لديك يسبب لهم الارتباك ويوَلِّد شعوراً لديهم أنَّهم يُعاقَبون على أدائهم الممتاز، كما أنَّ إجهاد الموظفين يعيق الإنتاجية، حيث أظهرَت الدراسات الحديثة الصادرة عن جامعة "ستانفورد" (Stanford) انخفاضاً في الإنتاجية الساعية بشكل حادٍّ عندما تتخطى ساعات العمل الأسبوعية الـ 50 ساعة، وتنحدر بعد تخطِّي الـ 55 ساعة لدرجة أنَّ الشركة لن تحصل على أيَّة نتيجة من هذا العمل الإضافي.

2. غياب التعاطف:

التعاطف هام جداً؛ فهل يهتم مديرك لشخصك وأحوالك أم يهتم فقط لكمية العمل الذي تقوم به؟ يترك أكثر من نصف الأشخاص عملهم بسبب علاقاتهم مع مديريهم، وتتأكد الشركات الذكية من قدرة المديرين على الموازنة بين الجانب المهني والإنساني، فهذا النوع من المديرين قادر على التعاطف مع الموظف الذي يعاني من أوقات عصيبة في حياته، ولكنَّه يعرف كيف يتحدى الموظفين لتقديم أفضل إمكاناتهم، وسيواجه المديرون الذين يفشلون بالاهتمام بشكل صادق معدل دوران مرتفع، لأنَّه من شبه المستحيل العمل تحت إمرة شخص لمدة ثماني ساعات أو أكثر يومياً عندما لا تتطور العلاقات الشخصية، ولا يهتم المدير لأي شيء سوى الإنتاجية.

شاهد بالفديو: كيف تستخدم التعاطف بفاعلية في العمل؟

3. عدم الاعتراف بالمساهمات ومكافأة العمل الجيد:

من السهل التقليل من شأن تأثير مكافأة العمل الجيد، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالموظفين الأفضل أداءً، والذين يكون دافعهم للعمل حقيقي، فيحب الجميع سماع كلمة الثناء، وخصوصاً هؤلاء الذين يعملون بجدٍّ ويُقدِّمون كل ما لديهم، ويجب على المديرين أن يتواصلوا مع موظفيهم لمعرفة ما يُفضِّلون؛ فبعض الناس يُفضِّل زيادة في الراتب، أما بعضهم الآخر فقد يُفضِّلون ثناءً أمام الجميع، ومن ثمَّ مكافأتهم على عملهم الجيد، وسيحدث الأمر بشكل متكرر مع الأشخاص ذوي الأداء الأفضل إذا تصرَّفتَ بشكل صحيح.

إقرأ أيضاً: 8 طرق لمكافأة موظفيك دون أي تكلفة

4. غياب التواصل الاجتماعي أو المرح:

تُشكِّل الصلات الاجتماعية القوية جزءاً هاماً في بيئة العمل الصحية؛ حيث تبيَّن أنَّ الأشخاص الذين تربطهم علاقات قوية مع زملائهم يكونون أقل عرضةً للمرض والإحباط، كما يتعلمون بشكل أسرع ويتذكرون معلومات أكثر؛ أي ببساطة يُقدِّمون أداءً أفضل، فلا يقدِّم الموظفون أفضل ما لديهم عندما لا يستمتعون بعملهم، والمرح هو من أهم العوامل التي تمنع التوتر، كما تعلمُ الشركاتُ الأفضل في بيئة العمل أهميةَ إفساح المجال للموظفين للراحة قليلاً، على سبيل المثال: تُقدِّم شركة "غوغل" (Google) الوسائل المتاحة كلها تقريباً لجعل بيئة العمل أكثر متعةً؛ عبر تقديم وجبات مجانية، وتوفير صالات بولينغ ودروس لياقة، على سبيل المثال لا الحصر.

5. وضع الكثير من القوانين الداخلية السخيفة:

يجب أن تضع الشركات قوانين داخلية، هذا أمر مسلَّم به، ولكن لا يجب عليهم أن يضعوا قوانين دون التفكير بها ملياً أو كمحاولة بائسة لفرض النظام؛ مثل سياسة دوام متشددة أو الاستحواذ على تذاكر الطيران الخاصة بالموظفين، فحتى هذه القوانين السخيفة يمكِن لها أن تدفع الموظفين إلى الجنون، وسيبحث الموظف الجيد عن مكان عمل آخر عندما يشعر أنَّه مراقَب بشكل دائم.

6. عدم مساعدة الموظفين لبعضهم بعضاً:

هناك فرق كبير بين تفويض المسؤوليات لشخص آخر، وبين التخلِّي عن هذه المسؤوليات، حيث يعتقد المدير الذي يتخلى عن مهامه أنَّ هذه مشكلتك أنت وحدك كموظف وأنت المسؤول عنها، ولكن أظهرَت الدراسات أنَّ المديرين الذين يساعدون موظفيهم في إتمام المهام المُفوَّضة إليهم ينتجون فريقاً أفضل وأكثر استعداداً لمساعدة الآخرين، كما يتميزون بالتزام أكثر بالعمل.

إقرأ أيضاً: 5 طرق تمكن النساء من دعم بعضهن بعضاً في العمل

7. عدم السماح للموظفين بتحقيق أحلامهم:

تفرض شركة "غوغل" (Google) على موظفيها قضاء 20% على الأقل من وقتهم للقيام بما "يعتقدون أنَّه يُقدِّم المنفعة الأكبر للشركة"، في حين أنَّ هذه المشاريع الشغوفة تُقدِّم مساهمات كبيرة إلى منتجات "غوغل" مثل: "جيميل" (Gmail)، و"آد سينس" (AdSense)، إلا أنَّ التأثير الأكبر يكون في خلق بيئة عمل تفاعلية لموظفي "غوغل"، ويتميز الموظفون الموهوبون بشغفهم، ويُحسِّن توفير الفرص لهم لتحقيق رغباتهم في العمل من إنتاجيتهم ورضاهم عن العمل، إلا أنَّ العديد من المديرين يريدون أن يعمل موظفوهم ضمن صندوق صغير، ويخاف هؤلاء المديرون من انحدار مستوى الإنتاجية إذا سمحوا للموظفين بتوسيع مجال تركيزهم ومتابعة شغفهم، إلا أنَّ هذه المخاوف ليست سوى أوهام؛ حيث أظهرَت الدراسات أنَّ الأشخاص القادرين على متابعة شغفهم في العمل ينغمسون في عملهم، وهي حالة ذهنية من السعادة تكون فيها أكثر إنتاجيةً بخمس مرات من الحالة الطبيعية.

8. عدم إصغاء المديرين:

يتحسن أداء الموظفين عندما يشعرون أنَّه يمكِنهم التقرُّب من المدير، وأنَّه يُقدِّم الدعم ومستعد للإصغاء إليهم، ويؤدي الشعور بالارتباط إلى الاستعداد للتجربة والمخاطرة، وهو ما يؤدي بدوره إلى نتائج أفضل، ومن ناحية أخرى، إذا لم تتجاوز الحوارات بين المدير والموظف حدود تقارير الإنتاج والأداء، ويرفض المدير أيَّة محاولة لطرح سؤال أو تقديم اقتراح، فستتحول بيئة العمل إلى بيئة تنافسية.

في الختام:

ما الذي عليك فعله إذا كنتَ تعمل في بيئة تنافسية؟ هل عليك تقديم استقالتك؟ لا يمكِن لأحد غيرك الإجابة عن هذه الأسئلة، ولكن يمكِننا إخبارك أنَّ العواقب النفسية والجسدية حقيقية، وحتى إذا قررتَ البقاء لأنَّك تعتقد أنَّ المقابل المادي يستحق التضحية لفترة قصيرة، فعليك أن تتأكَّد من أنَّك لا تُضحِّي بشيء لن تستطيع استرداده مثل صحتك.

 

المصدر




مقالات مرتبطة