ربَّما سمعنا جميعاً ذات مرة عن قصة نجاح لامرأة ذات شأن كبير، وعن المعارك التي خاضتها والصعوبات التي واجهتها والخسائر التي لحقت بها حتى حققت هذا النجاح؛ وربَّما سمعنا كثيراً عن المشكلات التي لطالما واجهتها النساء على مرِّ العصور نتيجة التمييز الذي تعرضن إليه، من تسلط أرباب العمل إلى حالات التحرش الكثيرة، والذي سبب للكثير منهنَّ خيبة أملٍ كبيرة، وأصابهنَّ بالإحباط.
قد تعترض بعض النساء على هذا، ويقلن أنَّهن يُعامَلن بإنصاف، وأنَّ أرباب العمل لا يميزون بينهن وبين الموظفين الرجال، وقد يقلن أنَّهن لم يعانين من التمييز سابقاً؛ لكنَّ هذا يبقى صحيحاً حتى يثبت العكس.
تعاني النساء -بالإضافة إلى الصعوبات المعتادة التي يواجهها أيُّ موظف في مكان العمل؛ كعدم إحراز التقدم في قسم الموارد البشرية، أو توظيف محامٍ سيئ، وغيرها- من مصاعب كثيرة في التنقل من منصب إلى آخر، أو استلام مناصب تناسب كونها امرأة.
على سبيل المثال: كيف يتعامل الأشخاص في مكتبكِ مع إجازة الأمومة؟ هل هناك زملاء من الرجال لا تشعرين بالأمان في أثناء العمل معهم؟ هل هناك عملاء يواجهون صعوبة في الإصغاء إلى خبرة المرأة عندما تطرح فكرة ما؟ وما أفضل الطرائق لإدارة كلِّ هذا؟
لحسن الحظ، تشكل النساء المحترفات الشابات اليوم جزءاً من ديموغرافية هامة، وهو أمرٌ هامٌّ لتقديم بعض النصائح لمساعدتهن في مواجهة عالم سياسات المكاتب غير الودي.
في حين تركز بعض هذه النصائح في المقام الأول على مستوى الفرد، مثل: طريقة التفاوض كامرأة، وطريقة ارتداء الملابس، وما إلى ذلك؛ إلَّا أنَّه إذا رغبت النساء حقاً في تغيير ثقافة مكان العمل، فعليهن دعم بعضهن بعضاً على طول الطريق؛ لكن ما الذي على الشابة الطموحة فعله لدعم أقرانها من النساء؟
1. امتلكي شبكةً من العلاقات:
قد يكون من الجيد تركيز جهودكِ في التواصل مع من هنَّ أعلى منكِ منصباً، فهؤلاء من يمتلكن الأشياء الجيدة الواضحة؛ ولكن هناك مشكلتان كبيرتان في هذا:
- أولاً: رغم دخول جميع النساء إلى سوق العمل، إلَّا أنَّ معظم المناصب العليا يديرها الرجال؛ وفي حين يتوجب عليكِ أن تكوني اجتماعية وودودة مع زملائك من الرجال في المكتب، إلَّا أنَّه من الضروري أن تبدئي تطوير شبكة من العلاقات مع النساء الأخريات.
- ثانياً: إذا كنَّا نتجه نحو عالمٍ أكثر تطوراً وانفتاحاً، فستشكل النساء في مستواكِ الوظيفي ودونه مستقبل الشركة الواعد يوماً ما، ومن مصلحتك التقرب منهن وتكوين صداقات معهن؛ فإذا كن يعملن بشكلٍ جيد، فسيزيد ذلك من جودة أدائك.
يمكنكِ حتى أن تتعهدي بدعم النساء الأخريات في أعمالهن بشكلٍ صريح؛ كما يمكنكِ تشكيل ما تسميه المؤلفة "جيسيكا بينيت" (Jessica Bennett) "نادي الدعم النسوي"، حيث تجتمع فيه النساء ليتحدثن عن تقدمهن الوظيفي ومحاربة التمييز الجنسي في أماكن عملهن.
2. سلّطي الضوء على العمل المنزلي المكتبي:
من يُحضِّر القهوة؟ من ينظم البطاقات البريدية؟ من يحضر السندويتشات؟ هذه المهام عبارة عن عمالة غير مأجورة، ولا يتقاضى من يقوم بها المال، ولا يحصل على ترقية حتى.
يصف مقال في مجلة "هارفارد بيزنس ريفيو" (Harvard Business Review) هذه الأعمال على أنَّها "أعمال منزلية مكتبية"، حيث تميل النساء إلى التطوع أكثر للقيام بهذه المهام؛ وللتخلص من هذا، يجب أن تُستبدَل فكرة التطوع بدور منظم؛ فإذا أمكنكِ وضع نظام معين لأداء هذه المهام بالتناوب، فستكون النساء شاكرات لكِ إلى الأبد.
شاهد بالفيديو: 6 طرق للحفاظ على الحماس وإثارة إلهام الآخرين في العمل
3. لا تسقطي في فخ النميمة:
يحب البشر الثرثرة بطبيعتهم، وهذا سبب هام للترابط الذي نعيشه؛ وكثيراً ما يحدث في العمل أن يجتمع مجموعة من الأشخاص ليتناولوا شخصاً غير موجود كموضوع للحديث.
إذا عملت امرأة في مكتب معظم أفراده من الرجال، فقد تجد الانخراط في النميمة حول النساء الأخريات فكرة جيدة، وقد يجعلها هذا تشعر أنَّها تنتمي إلى هذه المجموعة من الرجال وأنَّها واحدةٌ منهم؛ وربَّما تكون النساء قادرات على التصرف بجرأة، إلَّا أنَّهن يملن إلى استخدام مصطلحات مثل "عاطفية"، أو "ملكة الدراما"، أو "متطلبة" لوصف النساء الأخريات، وقد يُساء فهم هذه التعابير من طرف الرجال.
إذا حاول الرجال دفعكِ إلى النميمة حول النساء الأخريات، فيعني هذا أنَّهم لا يفضلون وجود النساء في الأدوار القيادية؛ لذا بادري بالتحدث عن الصفات الجيدة للنساء الأخريات، وعن أهمية صداقتكِ لهن بدلاً من ذلك.
4. ادعمي وجهات نظر النساء الأخريات:
اجلسي في اجتماعات العمل لفترة كافية، وستلاحظين التباينات والخلافات التي تحدث؛ فمثلاً: قد تبدأ امرأة في شرح شيءٍ ما، فيقاطعها رجل قبل إنهاء حديثها؛ أو قد تطرح نقطة أو اقتراحاً، لكنَّه سرعان ما يُقابَل بالرفض؛ وقد يقدم أحد الرجال الاقتراح نفسه ويلقى ترحيباً وقبولاً.
إنَّه لمن المؤكد أنَّ هذه الظاهرة تسبب إحباطاً شديداً، إلَّا أنَّها في الوقت ذاته تسبب ضرراً أكبر؛ وذلك لكونها تسرق الأضواء من النساء، وتجعل الرجال يستفيدون من اقتراحاتهن.
لكن من حسن الحظ، لدينا نموذج لمكافحة هذه الظاهرة؛ حيث نشرت صحيفة واشنطن بوست (The Washington Post) في عام 2016 تقريراً عن استراتيجية استخدمتها موظفات في البيت الأبيض في عهد أوباما؛ ورغم أنَّ أوباما كان رئيساً داعماً للنساء، وكان قد وظف العديد من النساء في مناصب عليا؛ إلَّا أنَّ ثقافة الاجتماعات بقيت نموذجية.
تنطوي هذه الاستراتيجية على أنَّه: "عندما توضح المرأة نقطة رئيسة، تكررها النساء الأخريات، وينسبن الفضل إلى مؤلفتها"؛ وقد أجبر هذا الرجال في الغرفة على الاعتراف بمساهمة النساء، وحرمهم ذلك من فرصة الادعاء بأنَّ الفكرة ملكهم.
5. وفّري الرعاية والدعم:
ستُتاح لك الفرصة مع تطور حياتك المهنية لمساعدة النساء اللواتي بقين في أماكنهن دون أي تطور؛ ولكن لسوء الحظ، يمكن للناس أن يتحيزوا ضمنياً حتى ضد أشخاص مثلهم، إذ قد تتحيز بعض النساء ضد نساء أخريات.
عند انتقالكِ إلى منصبٍ يسمح لك باتخاذ القرار، احرصي على منح الفرص للأشخاص المناسبين، ويمكنكِ حتى أن تجعلي ذلك جزءاً من ممارستك، كالبحث عن نساء أخريات في مؤسستك لتناول الغداء معهن أسبوعياً، بحيث تكون أسماؤهن ومشاريعهن في قائمة اهتماماتكِ عندما يحين وقت تقديم الأشخاص للحصول على فرص أو ترقيات خاصة.
سواءٌ أكان ذلك خيراً أم شراً، تميل الثقافات إلى تكرار نفسها؛ ويمكن لتغيير الثقافة المتبعة مع النساء من حولكِ ومن أجلهن أن يجعل عملكِ مكاناً تزدهر فيه النساء، بدلاً من المعاناة من التمييز والوصم بعدم الكفاءة.
أضف تعليقاً