ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكوتش "مارك تشيرنوف" (Marc Chernoof)، ويقدِّم لنا فيه 7 نصائح تجعلنا نشعر بتحسُّن عندما نمر بوقت عصيب.
قدَّمت أنا وزوجتي "آنجل" (Angel) الكوتشينغ لعدد من المتدربين، وقسَّمناهم إلى مجموعات صغيرة، وفي الغالب كان كل واحد منهم يقسو على نفسه بطريقة ما، فكانوا يشعرون بالإرهاق والألم نتيجة خيبة أملهم بأنفسهم، ويشعرون بالحنق تجاه أنفسهم لأنَّهم غير أكفياء.
فإنَّ معظمنا قد اختبر جميع هذه المشاعر أو بعضاً منها، وهي مشكلة أساسية نواجهها يومياً، وهي أنَّنا نكره بعض الجوانب الأساسية في شخصيتنا؛ لذلك نوبِّخ أنفسنا، ونقع في حالة من عدم اليقين والخوف بسبب اعتقادنا بأنَّنا غير قادرين على التعامل مع هذه المشكلة، فلا نثق في أنفسنا لأنَّنا كوَّنَّا قناعات سلبية عن أنفسنا خلال عديد من السنوات، فمثلاً نغضب من أنفسنا لأنَّنا نأكل طعاماً غير صحي، أو ندخِّن كثيراً، أو نرتكب الأخطاء في مناسبات اجتماعية معيَّنة، أو نضيِّع وقتنا ونفرط في مشاهدة التلفاز أو ألعاب الفيديو، وهكذا دواليك.
فنحن قساة جداً على أنفسنا، لا نحب مظهرنا ولا أنفسنا، وهذه المشاعر تبقى معنا طوال الوقت وفي كل مكان؛ إذ تؤثِّر شكوكنا في أنفسنا في كل شيء نفعله، ونصبح متوترين وتعساء، ونُصاب بالاكتئاب، فنلجأ إلى التسويف، وننكفئ في العلاقات، وينخفض تركيزنا، ونميل إلى تناول الأطعمة غير الصحية أو التبذير، وكل ذلك بهدف نسيان هذا الألم النفسي وتخيف التوتر والقلق.
لكن، إذا أحببنا واحترمنا أنفسنا، فسنتخلَّص من كل هذا الألم، وسنتمكَّن من معالجة عدم اليقين والفوضى والتعامل مع الصعوبات بمرونة أكثر، فإنَّ منح أنفسنا الحب والاحترام هو أمر غاية في الأهمية بوصفه نوعاً من العناية بالذات، ومع ذلك فإنَّنا نادراً ما نقوم به.
ما يجب أن تتذكَّره:
ضع رسائل تذكير في كل مكان تذهب إليه، ضعها على ثلاجتك، وعلى هاتفك، وعلى المرآة، وفي كل مكان يمكن أن تدخل إليه، فالغاية من هذا الأمر هي توصيل رسالة أساسية مفادها، أنَّك جيد بما يكفي.
أنت جيد بما يكفي ويجب أن تتأمَّل هذه الحقيقة لبعض الوقت:
متى كانت آخر مرة أخبرك أحدهم أنَّه يحبك ويحترمك كما أنت؟ وأنَّ رأيك ومشاعرك هامَّان جداً بالنسبة إليه؟ متى كانت آخر مرة أخبرك أحدهم فيها أنَّك قمت بعمل رائع؟ أو أنَّك عندما عشت وقتاً عصيباً أخبرك أحدهم أنَّ كل شيء سيكون على ما يرام؟
لا ينبغي أن تنتظر ذلك من أحدهم، بل يجب أن تقدِّمه لنفسك بنفسك، فقد حان الوقت لتخرج من حلقة الشك المستمر بنفسك وأن تعامل نفسك بلطف، ولقد حان الوقت لتؤكِّد لنفسك أنَّك جيد بما يكفي.
إليك بعض النصائح التي يمكنك تطبيقها على جوانب مختلفة من حياتك:
1. عِش الحاضر:
توجد نسبة ضئيلة منَّا يعيشون يومهم كما ينبغي؛ إذ يفكِّر معظمنا في المستقبل أو الماضي، ويتَّجه تفكيرهم بالكامل إلى مكان أو زمن آخر غير الذي يعيشون فيه، فيتَّجه تفكيرنا إلى ما يزعجنا ويضعف حماستنا، فنصبح حاضرين في الحياة في جسدنا دون أرواحنا ومشاعرنا.
لذلك، أول ما عليك فعله، هو أن تدرك هذا الخطأ، ولا تسمح لعزيمتك أن تلين أو أن تجعل سعادتك مرتبطة بالماضي الذي لن يعود أو بالمستقبل الذي لم يأتي بعد، وتذكَّر، مهما حدث فإنَّك لا تستطيع أن تعيش إلا يومك الحالي، وعندما تحاول عيش الماضي أو المستقبل وأنت موجود في الحاضر تصبح الحياة معقدة جداً؛ إذ ستجد نفسك فجأة تتساءل كيف مرَّ الوقت بهذه السرعة، لذلك خذ وقتك واكتشف نفسك بهدوء.
اكتشف ما الذي تريده حقاً، وما الذي تحتاج إليه، اضحك، وأحِب، وابكِ، وتعلَّم واعمل، وأعطِ كل شيء حقه، وبهذا فإنَّك تدفع نفسك نحو التقدُّم من الحاضر إلى المستقبل.
2. ركِّز على داخلك:
تذكَّر أنَّ ملاذك الأكثر أماناً هو نفسك، وهو المكان الذي يمكنك اللجوء إليه في أي وقت، إذ ستنعم بالهدوء والحب، فانسَ ضجيج العالم الخارجي، وركِّز على داخلك، والجأ إلى نفسك كلما شعرت بالحزن أو الخوف أو الغضب أو الاضطراب.
يمكنك فعل ذلك عندما تكون في سيارتك عالقاً في زحام المرور، وحتى عندما تكون محاطاً بالأشخاص الذين يثيرون قلقك، ولا تنسَ أن تفعل ذلك عندما تكون سعيداً أيضاً.
تذكَّر أنَّك لست عبارة عن جسدٍ فقط، ولا يمثِّلك ماضيك أو مستقبلك، ولست ما يتوقعه الآخرون منك، بل إنَّ جوهر وجودك هو الحب، وهو ما يمكنك الشعور به دائماً، فإنَّ روحك تتوق لأن تذكِّرها بتلك الحقيقة.
لذلك، الجأ إلى قلبك، واشعر بالحب والصفاء العميق، وآمن بأنَّ كل شيء على ما يرام حتى لو لم يكن كذلك، فاسترح قليلاً من عبء التفكير في الأشياء التي تثقل كاهلك، فأنت في سلام تام في هذه اللحظة، فتنفس بعمق واسترخِ.
شاهد بالفديو: 7 أمور يعينك تذكرها على تخطي الأوقات العصيبة
3. عبِّر عمَّا يقلقك:
قد تكون اختبرت الشعور أنَّك في المكان أو الوضع غير الملائم، وأنَّ الناس على وشك اكتشاف خداعك، وهذا ما يسمِّيه علماء النفس بمتلازمة المُحتال؛ إذ تشعر باستمرار أنَّ جميع الناس يتصرفون على طبيعتهم باستثنائك أنت.
كلما أشاد الآخرون بإنجازاتك، شعرت أنَّك مزيف، والسبب أنَّك كلما عزَّزت معرفتك، وكلما اتسع نطاق ما تعرفه، فإنَّك بلا شك تصبح على دراية أيضاً بأنَّه يوجد كثير ممَّا تجهله، وعندها تبدأ لا شعورياً بتشويه صورتك أمام نفسك، وتدخل في حلقة مفرغة من الشك.
نحن نؤكِّد هنا على فكرة أنَّ الشعور بأنَّك محتال هو نتيجة طبيعية لاكتساب مزيد من الخبرة، فكلما طورت قدراتك ستجد نفسك في مستوى أعلى؛ إذ يوجد أشخاص موهوبون تقارن نفسك بهم، وهذه العملية لا تنتهي، ويتأثر جميع الناس فيها بطريقة أو بأخرى.
على سبيل المثال، كتبتُ أكثر من 1000 مقال فيما يخص تطوير الذات، وقد حظيت هذه المقالات بملايين المشاهدات والمشاركات على مواقع التواصل الاجتماعي، كما حظيت بثناء أشخاص متخصصين بالقراءة إضافةً إلى المتدربين، ومع ذلك في كل مرة أكتبُ فيها مقالاً جديداً أشعر أنَّني محتال، كما لو أنَّني شخص دون المستوى المطلوب الذي يسمح لي بالكتابة أو مساعدة الآخرين على إنجاز التغيير.
الحل، هو التحدُّث عن المشكلة مع صديق أو شريك أو كوتش موثوق به، أفصِح عن مشاعرك بعدم الأمان، واستمع في المقابل للطرف الآخر فهو لا شك عانى نفس المشاعر، وللأمانة، إنَّه من الصعب حقاً البدء بهذا الحديث، لذلك يجب أن تتذكَّر أنَّ جميع الأشخاص اختبروا شعور أنَّهم مُحتالون من وقت لآخر وليس أنت فقط.
4. تخلَّص من التوتر:
يجب أن تتعلَّم التخلي عن المشاعر والأفكار السلبية، وسواء كنَّا نشعر بالذنب أم الغضب أم بخيبة الأمل أم الفشل، فإنَّ تغيير الحالة الشعورية ليس أمراً سهلاً، فنحن نحاول من جهة التشبُّث بالمشاعر، ونحاول أيضاً التخلي عنها، لكن في النهاية يجب أن نتخلى عنها.
فليس من الحكمة أن تبذل الجهد في محاولة تغيير شيء لا يمكن تغييره؛ إذ يجب أن تتوقف عن الإفراط بالتفكير، وتتقبَّل ما حدث، وتعطي لنفسك المجال للتعلُّم من التجربة، مثلاً، قد يزعجك شخص ما، أو قد تشعر بالإحباط بسبب العمل أو الإرهاق بسبب كثرة الالتزامات، أو ربما يوجد جانب من حياتك يمنعك من الشعور بالرضى.
فالتفكير المزمن في الظروف، يجعلك تشعر بالتوتر ويحرمك من السعادة، لذلك ننصح أنا وآنجل عادةً بهذه الاستراتيجية البسيطة للمتدربين الذين يحاولون التخلُّص من التوتر والإجهاد:
- حدِّد موقع الإجهاد في جسدك أولاً.
- لاحظ ما الذي تقاومه والذي يجعلك تشعر بالتوتر، قد يكون موقفاً، أو شخصاً تتعامل معه أو تحاول تجنبه.
- تنفَّس بعمق ومارس بعض تمرينات التمدُّد، من أجل إزالة التوتر من جسدك وجعل المنطقة المتوترة تسترخي.
- واجه الموقف أو الشخص، لكن بجسد وعقل هادئين.
طبِّق هذه النصائح كلما دعت الحاجة، وستجد أنَّك تبدأ يومك بتركيز وهدوء، وتتحوَّل من وضع التوتر والإفراط في التفكير إلى الشعور بالسلام والحرية.
5. اعترف لنفسك بالفضل:
توجد لديك طاقة داخلية تنعكس على العالم الخارجي، وأنت ذو تأثير في كثيرين من الأشخاص أكثر ممَّا تتخيل، فأنت هام بالنسبة إلى كثيرين من الأشخاص، وقد تندهش لو أنَّك عرفت عدد الأشخاص الذين يهمهم أمرك، كما قد تندهش لو أنَّك عرفت مقدار ذكائك الحقيقي الذي يفوق بكثير ما تعتقده.
لذلك، توقَّف عن التقليل من قيمة نفسك، وأعطِ نفسك الاحترام الذي تستحقه، وذلك من خلال التركيز على ما تملكه بدلاً من التركيز على ما لا تملكه؛ إذ تكمن في داخلك قوة هائلة، وأنت تماماً حيث يجب أن تكون ولديك كثير من الفرص وربما أكثر من أن تُحصى.
لذا، اعترف لنفسك بالفضل على كل ما حققته:
- لقد عشتُ.
- لقد تعلمتُ.
- لقد قطعتُ شوطاً طويلاً.
- لقد تحملتُ كل الأيام العصيبة.
- ما زلتُ أتحسَّن.
6. دع الأشياء تسير سيراً طبيعياً:
توجد حكمة تقول: "إذا كنت تريد التحكُّم بحيوان فأعطِه مساحة أكبر"، فيمكننا تشبيه الأمر بالسماح للأشياء بأن تحدث كما هي، فبدلاً من المحاولة العنيدة لتغيير شيء ما، أعطه مساحة أكبر واسمح له بالحدوث كما هو وسترى أنَّ ما تريده ستحصل عليه من خلال المجرى الطبيعي للأمور، كما أنَّك ستعيش بسلام أكبر.
فهذه الفلسفة صحيحة في كثير من نواحي الحياة أيضاً، فالتوقف عن محاولة تغيير الأشياء والسماح لها بالحدوث، يعني أنَّ هذه المشكلات ستحل نفسها بنفسها، وستحصل على ما تريده أيضاً.
ستشعر بتوتر أقل، وستقلِّل من التزاماتك، وسيكون لديك مزيد من الوقت والطاقة للعمل على أشياء هامَّة حقاً بالنسبة إليك، أي الأشياء التي تستطيع فعلاً التحكم بها، مثل العناية بنفسك وموقفك تجاه الحياة.
شاهد بالفديو: 7 أساليب فعالة يستخدمها الأشخاص الأذكياء لحل المشكلات
7. استجب بحكمة للظروف:
ما الذي يمكننا فعله عندما يكون الإزعاج من شخص مقرَّب؟ ما الذي يمكننا فعله عندما تؤدي سلبية بعض الأشخاص إلى إصابتنا بالإحباط؟
على افتراض، أنَّنا لا نواجه أي خطر حقيقي، ومن ثمَّ لا نحتاج إلى حماية أنفسنا بدنياً، فإنَّ أفضل ما يمكن فعله في هذه الحالة هو تغيير حالتنا الذهنية، فبدلاً من محاولة تغيير الشخص الذي يضايقنا، نحن نغيِّر من استجابتنا لهذه المضايقات.
قد يكون هذا الاقتراح مُحبطاً لبعض الأشخاص، فربما يبدو من غير العادل أن نغيِّر أنفسنا ونترك الشخص الذي يسيء التصرف يفعل ما يشاء، فالغاية الأساسية من هذا هي فهم أنَّنا من خلال إجراء بعض التعديلات على عقليتنا، سنكون قادرين على إيجاد السلام مهما ضايقتنا البيئة المحيطة بنا، أمَّا إذا حاولنا تغيير الآخرين، فإنَّنا ندفع بأنفسنا نحو الإرهاق النفسي.
في الواقع، إذا تأمَّلت في هذه النصيحة فستجد أنَّها غاية في الحكمة، فجميعنا نعرف الحكمة التي تقول: "ما فائدة اتساع العالم ما دام حذائي ضيقاً؟".
فيمكننا أن نعكس الأمر هنا، فأنت غير قادر على التحكُّم بالظروف الخارجية، لكنَّك قادر على التحكُّم بعقليتك، وعندما تكون قادراً على ذلك فأنت لا تحتاج إلى التحكُّم بالآخرين، لذلك عندما تتبادر لذهنك فكرة أو ينتابك شعور سلبي، فكِّر بإيجابية حتى تمنع السلبية من السيطرة عليك.
مثلاً، يقدِّم أحدهم ملاحظة وقحة وتعتقد للوهلة الأولى أنَّها تخصك، فتمهَّل قليلاً وقل لنفسك هذه الملاحظة لا تعنيني، إنَّها مجرد ملاحظة عامة تنطبق على جميع الناس، وتذكَّر أنَّ جميع الأشخاص لديهم مشكلاتهم النفسية التي يعانون منها، وهذا يجعلهم أحياناً فظين ومتسرعين.
هذا يعني أنَّهم ليسوا سيئين بقدر ما هم جاهلون، وبكل الأحوال يمكنك أن تعوِّد نفسك على عدم تفسير سلوكات الآخرين على أنَّها هجوم على شخصك، إنَّها مجرد حوادث عرضية لا تعكس أكثر من ذلك، ويجب أن تستجيب لها من خلال تغيير عقليتك، أو عدم الاستجابة لها إطلاقاً، وفي الحالتين أنت الرابح.
في الختام:
من خلال تطبيق هذه النصائح السبع ستبدأ يومك مفعماً بالسلام، وستصبح عقلانياً أكثر ومحباً أكثر، وستتمكَّن من التركيز على ما يهمك فعلاً، وستتجاهل ما لا يجب أن تبدِّد عليه طاقتك ومواردك.
أضف تعليقاً