ما هو السُّلوك السيئ؟ وما هي صفات الشخص ذي السلوك السيء؟
السُّلوك السيئ هو شعورٌ أو أسلوبٌ أو تصرُّفٌ غير متعاون وغير بنَّاء. هل تساءلت يوماً عن سبب عدم سعادة الأشخاص ذوي السُّلوك السيء عادةً؟
يتّصف الشّخص سيء السُّلوك بالعدوانيَّة، والغطرسة، والفظاظة، والقسوة، والنَّقد، والسُّخرية، وقلَّة الأمانة، والحسد، والحذر واللامبالاة، وعدم التَّسامح، والتشاؤم، والتَّحيز، والوقاحة، والحزن، والأنانيَّة، وانعدام العاطفة، وعدم الموثوقيًّة.
ما هي آثار السُّلوك السيء؟
إنّ السُّلوك السيء يمكن أن يمنعك من تطوير نظرتك إلى الحياة، ويمنعك أيضاً من إعطاء الأهميّة لتلك الأشياء الصَّغيرة التي تجلب الفرح؛ كما وقد يتّحوّل إلى قيدٍ يمنعك من النُّضوج وتعلُّم استراتيجيات التكيَّف لمواجهة تحديّات الحياة، ويمنعك من تجربة أشياء جديدةٍ قد تكون مثيرة. وقد ينتهي الأمر بالأشخاص ذوي السُّلوك السيء بالوحدة والاكتئاب والتَّوتر.
ما هي أسباب السُّلوك السَّيء؟
عادةً ما يعاني الأشخاص ذوو السُّلوك السيء من ظروفٍ سيِّئة ومعاملةٍ سيئةٍ من قبل الآخرين، في حين تشير بعض الدراسات إلى أنَّ السُّلوك السيء طبع، ويؤّكد بعض المعالجين أنَّ هناك جانبٌ مكتسبٌ منه تعّززه العادات. على سبيل المثال: قد يميل الطفل الذي يتحّسس من المضايقات الجسديَّة والعاطفيَّة إلى اكتساب عاداتٍ سيئة. في الوقت نفسه، يمكن لبيئتك أن تكوّن عاداتك وتدّربك لتصبح أكثر واقعيةً في الحياة.
لا يولد الجميع سيِّئي السلوك، إنّما هي عاداتٌ يمكن تعلُّمها أو تعليمها من قبل أحد الوالدين. على سبيل المثال: أيّ والدٍ يتّصرف بشكلٍ سيءٍ يمرّر بصورةٍ تلقائيّة هذا السُّلوك أو العادة السيّئة إلى أطفاله، وهذا يجعل الأطفال يتعلّمون السُّلوك ذاته من خلال تقليد والديهم. وكذلك يمكن أن يُكتَسَب السُّلوك السيء من تجارب الحياة، مثل: (تاريخٌ من الفشل، أو سوءٌ في المعاملة، أو الصَّدمة)، على الرَّغم من مساهمة الشَّخص نفسه في ذلك.
كيف تتخلص من السُّلوك السيء؟
1. أزلِ السَّلبية من حياتك:
يجب أن تتحكّم بحياتك، وأن تكون مسؤولاً عمّا تفعله؛ لأنك أنت من يصنع الظروف السلبية.
تخلَّص من كلّ فكرٍ متعجرف، واخلق جواً إيجابياً من خلال تحمُّلك مسؤوليَّة أفعالك. على سبيل المثال: إذا كنت لا تتلَّقى تغذيةً راجعةً رائعةً على مشروعك، فذلك ليس لأنَّ العميل يكرهك؛ فقد يكون ذلك مرتبطاً بأدائك في العمل.
يمكنك التَّواصل مع العميل حول كيفيَّة تحسين جودة خدماتك بدلاً من إلقاء اللَّوم عليه، وبهذه الطريقة ستقوم بتغييرات إيجابيَّة، فالأفكار السلبيَّة تُنْتِجُ أفعالاً سلبيَّة، وإذا كنت ترغب في إظهار سلوكٍ جيَّد، فستحتاج إلى تنميّة عاداتٍ جيّدة.
2. سّجل السُّلوكات السَّيئة وابذل كلّ جهدٍ ممكنٍ لتغييرها:
هناك سرٌّ وراء تسجيل السُّلوك السيء الذي يمنعك من تحمل المسؤوليّة في حياتك.
لا تكتفي بكتابة قائمةٍ بسلوكاتك السلبيّة فقط، بل احرقها بعد ذلك؛ لترمز إلى أنَّك ستترك هذا السُّلوك السَّيء إلى الأبد.
قم بكتابة أيَّ عادةٍ أو موقفٍ تعتبره سيئاً على قطعةٍ من الورق، ثم اقرأ القائمة وتحقق من تلك الأشياء التي يمكنك تغييرها، على سبيل المثال: يمكنك الابتعاد عن العلاقات المسيئة، أو يمكنك توفير المال لحلّ مشكلةٍ ماليَّة؛ وبمجرد أن تفكر في كيفيَّة تغيير هذه العادة من سيئة إلى جيدة، قم بحرق القائمة وكتابة أشياء جديدةٍ تريد تجربتها في حياتك.
أنت بحاجة إلى التخليَّ عن القديم لكي يأتي الجديد.
3. ابتعد عن التَّوقعات:
يبدأ السَّلوك السَّيء عادةً عندما تضع توقعات غير واقعية عن نفسك أو الآخرين بهدف الشعور بالرضا، ففشلك في تلبية تلك التوقعات يعتبر سيئاً وبيئةً سلبية.
أنت بحاجةٍ إلى تقبّل فكرة أنّه لا يوجد شخصٌ مثاليّ، وأنّ النَّقص يجعل الحياة جميلةً ويساعدنا على تكوين شخصيَّةٍ جيّدة. فعندما تفشل تحرّك وتخيَّل كيف سيكون النجاح، وإذا أخبرك أحدهم أنَّك لست جيَّداً بما يكفي، فاعلم أنَّه لا يوجد شيءٌ خاطئ فيك، تجاوز تعليقه ولا تكترث به.
إنّ تأملك في فكرةٍ سلبيةٍ لن ينتج عنه سوى سلوكٌ سيء، لذا تدّرب على اليقظة والتأمل لتحرير عقلك من الأشياء التي لا يمكنك السيطرة عليها، وتجنُّب التَّمسك بالتجارب السيئة. تأملك في فكرةٍ إيجابيّة يساعدك على التّخلص من أيّ سلوكٍ سيء.
4. سامح نفسك والآخرين:
أنت بحاجةٍ إلى أن تسامح نفسك والآخرين أيضاً.
في بعض الأحيان، قد تشكو من أنَّ عيوبك وسلوكك السَّيء قد حطمّا حلمك في أن تصبح استثنائياً في الحياة، إنّ هذا التَّفكير المضني وإضمار الضَّغائن سيُعزّزان السُّلوك السَّيء لديك، بينما تساعدك القدرة على المسامحة في التَّركيز على الأشياء الإيجابيَّة من حولك، فالغفران هو عدوّ السُّلوك السيء، إنَّه يفسح المجال لمواقف جيّدة، ويقلّل من التَّوتر، ويزيد من فرحك وسلامك ورخائك في الحياة.
5. تجنَّب الأشخاص السَّلبيين:
لا يمكنك إبداء سلوكٍ جيّدٍ مع وجود أشخاصٍ سلبيين من حولك. هل لاحظت أنَّ الأفراد العظماء لا يرافقون أولئك الذين يُعيقون تقدُّمهم أو يُسبّبون تراجعهم؟ على سبيل المثال: بيل جيتس، وإيلون ماسك، ووارن بافيت، وريتشارد براندسون، وغيرهم الكثير.
إنّ الأشخاص الذين تقضي وقتك معهم يكون لهم تأثيرٌ كبيرٌ على سلوكك، لذا إن كنت ترغب في القضاء على سلوكاتك السيئة، فستحتاج إلى البدء بإزالة الأشخاص السَّلبيين من نطاقك، وإذا كان من الصعب إزالة شخصٍ ما لتجّنب إيذاء شخصٍ آخر، فيمكنك الحدّ من التَّعامل مع ذلك الشخص. كما يمكنك إبطال سلوكه السَّيء من خلال التَّركيز على الإيجابيات في ما يقوله أو يفعله. سيمنعك هذا النهج من الانزلاق إلى المسار السلبيّ.
6. استجِب للتغيير:
عادةً ما تسير المشاعر السلبيَّة جنباً إلى جنب مع التغيير. أفضل طريقةٍ لإدارة التَّغيير هي الاستجابة.
على الرّغم من عدم امتلاكك القوُّة للتّحكم في كلّ موقفٍ أو شخصٍ تتعامل معه، إلّا أنّك تملك خيار الرَّد عليه أو عدم الرَّد. على سبيل المثال: عندما يكتب شخصٌ ما تعليقاً سيئاً على منشورك في وسائل التواصل الاجتماعي، لا تقم بالرّد فوراً على هذا التعليق، بل اختر ردّاً مناسباً ثم انتظر لمدة 24 ساعة قبل إرساله، ربّما ستقرر في أثناء ذلك الوقت تخفيف ردّة فعلك. وبهذه الطريقة يمكنك التخلص من أيّ توتر.
إذا قام صاحب العمل بتخفيض رتبتك الوظيفيَّة، أو إيقاف مشروعٍ تعمل عليه؛ فاشكره على هذه الفرصة، وقل: "العمل معك جعلني شخصاً أفضل، لقد كانت فرصةً لاستكتشاف شيءٍ شغوفٍ به".
7. ساعِد الآخرين:
يصبح لحياتك معنى عندما تؤثر في حياة الآخرين، إذ يمكن أنّ تساهم مساعدة الآخرين في تغيير بعض سلوكاتك السَّيئة ومنحك نموذجاً جديداً للحياة. ستصبح أكثر إيجابيَّة عندما ترى النَّتائج التي تحصدها جرََّاء وصولك إلى حلٍّ لمشاكل الآخرين، فمثلاً: يمكنك التَّطوع في مدرسةٍ أو مكتبة محليّة، أو مساعدة الأصدقاء وأفراد العائلة خلال عطلة نهايَّة الأسبوع.
عندما تساعد الآخرين يشعرون بالرِّضا، وهذا بدوره يجعلك تشعر بالرَّاحة. فالحياة المبنيَّة على منح الحبّ والدَّعم ستتجلَّى على هيئة سلوكٍ جيّد.
غيّر نمط تفكيرك إلى طريقة بوب بروكتور:
وفقاً لبوب بروكتور (Bob Proctor)، رئيس ومؤسس معهد بروكتور غالاغر (the Proctor Gallagher Institute)، فإنّ نمط التَّفكير ما هو إلّا مجموعةٌ من العادات المحصورة في العقل الباطن. ولتغيير تفكيرك، عليك اتِّباع نفس النَّمط الذي تمّ إنشاؤه فيه، وذلك من خلال تكرار المعلومات. كما عليك أنّ تدرك أنَّه قبل أن تتمكن من تغيير نمط تفكيرك، سيتعيَّن عليك استبدال السلوكات السَّيئة بسلوكاتٍ جيدة.
يوصي بوب بأن تبدأ العمليّة باختيار بعض الأفكار الجديدة التي تتماشى مع السُّلوك الجديد أو العادات الجيدة التي تريد تشكيلها. فمثلاً: استبدل العادات والأفكار القديمة في عقلك الباطن بأخرى جديدة. يمكنك تحقيق ذلك من خلال التَّأكيد الإيجابي عن طريق استخدام الكلمات الإيجابية التي تعكس السُّلوك الجديد الذي تريد تكوينه؛ وترديدها بصوتٍ عالٍ، كقولك مثلاً: "أنا متحمسٌ وممتَّن للغاية؛ لأنَّ الفرص تكثر في حياتي عبر تدفقات من الدَّخل باستمرار. أنا أعرف كيف أصنع، وأدير، وأضاعِف الأموال".
وإنّ إنشاء صورةٍ ذهنيّةٍ تُظهِر تلك السلوكات، استراتيجيّةٌ أخرى يوصي بها، ويسميها "التّصور". مارس هذه التقنية يومياً وباستمرار، وستتَّخلص من أيّ سلوكٍ سيءٍّ نهائياً.
في الختام:
فقط أولئك الذين يعملون على تغيير عاداتهم يمكنهم أن يطّوروا سلوكات جيّدة تصبح هامة في حياتهم. إنَّ السُّلوك السَّيء لا يؤثر عليك فقط، بل على الآخرين أيضاً. ولكن مع هذه الاستراتيجيات المؤكّدة حول كيفيَّة القضاء على السُّلوك السيء، يمكنك أن تصبح شخصاً أفضل وموضع تقديرٍ في مجالك.
أضف تعليقاً