على الرغم من أنَّ التعلم الذاتي كان يُعد إنجازاً عظيماً فيما سبق، إلا أنَّه لم يَعُد صعباً كما كان من قبل، فبوجود كميات هائلة من المراجع المجانية وإمكانية الوصول إلى مئات المحتويات والدورات التدريبية عبر الإنترنت، كل ما تحتاج إليه هو استخدام الوقت والطاقة بحكمة من أجل تعلم أي شيء جديد.
إذا كنت تتساءل ما هو التعلم الذاتي بالضبط؛ فإليك الإجابة: التعلم الذاتي هو أي شيء تتعلمه بنفسك خارج بيئة المدرسة وبدون منهج محدد.
وعلى عكس الأساليب التقليدية للتعليم، لا تُقاس جهود التعلم الذاتي بمدى أدائك في الاختبار؛ حيث يتيح لك التعلم الذاتي قياس معرفتك وتحسينها عبر تطبيقات عملية دون الحاجة إلى تقييم القبول الجامعي؛ وهذا يجعل الأمر برمته يدور في فلكِ التعلم ولا شيء غيره.
إلى جانب عامِل المعرفة، يساعد التعلم الذاتي في تطوير مستويات المهارات وإثراء التجارب من خلال التطبيقات العملية، وسنورد فيما يلي بعض الأسباب التي تجعلك تفكر في التعلم الذاتي:
- يساعدك التعلم الذاتي على تطوير مهارات حل المشكلات.
- يُعد التعلم الذاتي خالياً من التوتر والضغط؛ حيث لا توجد امتحانات ولا مواعيد نهائية؛ وإنَّما ينطوي على الشعور بالرضا التام والفضول.
- يُساعدك على اكتساب مهارات ثانوية تساعدك على التقدم في حياتك المهنية.
- ينبع التعلم الذاتي من رغبتك الشخصية في تعلم شيء جديد، ولهذا السبب تشعر بالإنجاز ويكون هدفك هو التعلم بحد ذاته.
- يمكنك اختيار الطريقة التي تتعلم بها؛ حيث يمكنك العثور على الوسائط المريحة ومقاطع الفيديو والنصوص والتجارب أو الندوات عبر الإنترنت، كما يمكنك استخدام الوسائط المتنوعة الأخرى بكفاءة للتعلم.
إذاً، كيف يمكنك البدء في التعلم بنفسك؟ سنقدم فيما يلي 7 خطوات لجعل التعلم الذاتي فعالاً بالنسبة إليك:
1. الفضول:
الخطوة الأولى لتعلم أي شيء هي أن تكون مهتماً به حقاً؛ فالرغبة في التعلم هي ما سيُبقيك متحمساً لمواصلة التعلم؛ لذا اسمح لنفسك بطرح الأسئلة وكن فضولياً بشأن ما تهتم به، وابدأ التعلم ساعياً إلى هدف أسمى واسأل نفسك بعض الأسئلة:
- لماذا تحتاج أن تتعلم؟
- لماذا التعلم هام بالنسبة لك؟
- ما فائدة هذا التعلم؟
عندما لا يكون الطلاب فضوليين بدرجة كافية، فإنَّهم يميلون إلى تلقي أو استيعاب معلومات أقل من المنهج المحدد، ومن ناحية أخرى، إذا كنت تدرس بمفردك، فهذا يعود بالفائدة الكاملة عليك؛ حيث تشعر بالفضول وتطرح الأسئلة ذات الصلة لتحقيق النتيجة المرجوة من الدورة التدريبية.
2. تحديد أهداف التعلم:
سيساعدك تحديد أهداف واقعية للتعلم على التركيز وتحسين الإنتاجية، كما يتيح لك العمل من أجل شيء قابل للتحقيق وتحديد الهدف من تعلمك.
على سبيل المثال، إذا كنت تحاول تعلم لغة برمجة ما، فحاول تحديد هدف لإنشاء تطبيق باستخدام لغة البرمجة تلك، أو إذا كنت تُدرِّب نفسك على لغة أجنبية، يجب أن تضع لنفسك هدفاً لاستثمار بعض الوقت في هذه اللغة، إمَّا عن طريق كتابة مقال أو قراءة بعض الشعر بتلك اللغة أو الاستماع إلى أغنية وما إلى ذلك.
تحفزك هذه الأنواع من الأهداف في الواقع؛ مما يوفر لك بعض الطموح لتحقيق ما تريد في النهاية.
3. تقييم مصادر التعلم:
تحتاج هذه الخطوة الهامة إلى التركيز؛ فكونك متعلماً ذاتياً، من الضروري التحقق من مصداقية وصحة الموارد التي تستخدمها لتثقيف نفسك، كما يجب البحث عما هو متاح لك لتحقيق تقدمك في عملية التعلم.
على عكس التعلم التقليدي في المدارس، يمكن أن يكون التعلم الذاتي عملية متفرقة لا تتَّبع خطة محددة أو منهجاً دراسياً؛ لذا حاول ألا تفقد التركيز واستوعب المعلومات الضرورية مهما كانت الطرائق التي تتبعها.
نقدم إليك فيما يلي بعض المؤشرات التي تساعدك في تقييم مصادرك:
- التحقق من كل شيء؛ حيث يجب أن تكون حذراً من المعلومات القديمة أو غير الصحيحة؛ وذلك لأنَّ الإنترنت مليء بالمعلومات المزيفة؛ لذلك افحص المراجع وتأكد من كل محتوى تمر به.
- الاستفادة من قواعد البيانات الأكاديمية الخاضعة لمراجعة الأقران مثل غوغل سكولار (Google Scholar) والمجلات العلمية التي تحوي اقتباسات صحيحة.
- الاستفادة من منصات التعلم عبر الإنترنت.
إذا كنت مشاركاً في بعض البرامج أو الدورات التدريبية عن طريق أساليب التعلم الذاتي، فيمكنك دائماً الرجوع والتحقق من مدى تحديث الأداة التي تحاول تعلمها؛ فإذا كانت الدورة التدريبية مخصصة لإصدار 2013 من الأداة وكنت تستخدم إصدار 2019، فقد تثبت الدورة أنَّها زائدة عن الحاجة بالنسبة إليك، وبهذه الطريقة، قد ينتهي بك الأمر بتعلم شيء لا يلبي احتياجاتك.
4. المشاركة في عملية التعلم:
ابدأ التعلم اليوم؛ فكلما واصلت تأجيل عملية التعلم الخاصة بك، أصبح من الصعب عليك البدء فيه؛ لذا ضع جدولاً زمنياً وشارك وفقاً لنهجك الخاص في التعلم الذاتي، حيث إنَّ ترك الثغرات سيجعلك تماطل؛ لذا حاول التمسك بفكرة أن تكون شخصاً عصامياً اعتماداً على جهودك الذاتية في التعلم.
اتخذ قراراً بشأن طريقة تقييم تحسيناتك؛ حيث يمكنك إجراء اختبارات ذاتية أو اختبارات عبر الإنترنت أو أي شيء يتيح لك التأكد من تقدمك، وما عليك سوى تخصيص حلقة فعَّالة للتغذية الراجعة لمساعدتك على التعلم بسرعة.
5. تطبيق ما تتعلمه:
أفضل طريقة للاحتفاظ بالمعلومات هي استخدامها؛ لذلك عندما تتعلم شيئاً ما بنفسك، حاول العثور على تطبيق واقعي للمعرفة التي اكتسبتها.
على سبيل المثال، إذا كنت تحاول تعلم لغة جديدة، فحاول التحدث بها مع شخص تكون هي لغته الأم أو زميل متمكِّن منها، فبهذه الطريقة تكتسب ثقة أكبر في تعلمك وتتمكن من تذكر ما درسته بشكل أفضل.
يعد التعلم المُوجَّه نحو المشاريع طريقةً جيدةً لاكتساب الخبرة من خلال التعلم الذاتي، حيث يمكنك بناء أو إنشاء شيء ما في أثناء تعلمك.
على سبيل المثال، إذا كنت تعمل على لغة برمجة لتطوير المواقع، فيمكنك في الواقع قضاء بعض الوقت في إنشاء أداة صغيرة عبر الإنترنت أو صفحة ويب يمكن أن تساعدك في تطبيق مهاراتك؛ فالفكرة من ذلك هي الحفاظ على دوافعك في عملية التعلم الذاتي؛ فأي شيء يُقدَّم كمثال حي للدورة التدريبية التي تتلقاها سيكون مفيداً في المستقبل القريب.
6. التعاون مع المتعلمين الآخرين:
إنَّ الشيء العظيم في مجتمعات الإنترنت هي أنَّها تسمح لك بمقابلة أشخاص من جميع أنحاء العالم، والذين يمتلكون اهتمامات وتطلُّعات تعليمية مماثلة، جرب المشاركة في التعلم القائم على التعاون؛ حيث تتضمن بعض فوائد المشاركة مع زملائك المتعلمين ما يلي:
- الوصول إلى المزيد من المصادر التي لم تكن تعرفها من قبل.
- نقل المعرفة ومشاركتها دون أي قيود.
- سيؤدي توضيح المفاهيم والمناقشات بشأن مواضيع معينة إلى إثارة المزيد من الاهتمام، ويتيح لك رؤية وجهات النظر المختلفة لنفس المشكلة.
- يمكن أن يساعدك الحصول على منظور جديد لنفس الموضوع أو الفكرة في تحسين معرفتك في نفس المجال، وسيكون هذا في الواقع بمثابة جو الفصل الدراسي حيث يجتمع أشخاص مختلفون للتعلم ومناقشة ومشاركة الأفكار فيما بينهم.
7. مشاركة معرفتك:
ستكون الخطوة الأخيرة هي رد الجميل للمجتمع؛ فكلما علَّمتَ أكثر، أصبح من السهل عليك مواصلة التعلم.
وقد وصف ألبرت أينشتاين (Albert Einstein) ذلك بطريقة جيدة: "إذا كنت لا تستطيع شرح شيء ما ببساطة؛ فأنت لا تفهمه جيداً بما فيه الكفاية".
عندما تحاول شرح مفهوم ما لشخص ما، فسوف تركز وتكتسب فهماً أفضل للموضوع بالإضافة إلى قدرة أفضل على الاحتفاظ بالمعلومات، وسيساعدك ذلك أيضاً في النظر إلى ما تتعلمه من منظور مختلف كما هو الحال في طريقة التعلم القائم على التعاون، ويشكل ذلك جانباً عظيماً من جوانب التعلم الذاتي؛ حيث يمكن لأي شخص أن يكون مُدرِّساً ويمكن للجميع أن يكونوا متعلمين.
يوجد اعتقاد شائع بأنَّ المعرفة تزداد عند المشاركة مع الآخرين، لهذا السبب من أجل الاقتراب من بيئة الفصل الدراسي، يوصى بشدة بمشاركة أفكارك ومعرفتك في المجتمعات والمجموعات والمنتديات.
شاهد بالفيديو: 13 طريقة لتطوير التعلم الذاتي والتعلم بسرعة
الخلاصة:
لا تنتظر وقتاً طويلاً كي تُمرِّن عقلك، ودع فضولك يجد طريقه للحصول على المزيد من المعرفة، فهناك مراجع كافية لمساعدتك على شبكة الإنترنت، حيثُ يمكنك تعلم كل ما تريده بنفسك، ومتى شئت، وبالطريقة التي تريدها.
أضف تعليقاً