6 نصائح لتكون مديراً جيداً في أثناء الأزمات

يشعر العديدون أنَّ عام 2021 عامُ الأمل، عامٌ جديدٌ يقدِّم فرصةً للبدء من جديد، وعلى الرغم من أنَّ التفكير الإيجابي أمر جيد -ونحتاج إلى الأمل للاستمرار والتقدُّم- إلا أنَّ القادة لا زالوا يديرون فرقاً تعمل في ظلِّ أزمة طويلة الأمد، ويتوجب عليهم الحفاظ على المرونة والقدرة على التأقلم للتغلُّب على الصدمات.



قال أحد المغرِّدين على منصة تويتر (Twitter): "نحن لا نعمل من المنزل فحسب؛ بل نحن نحاول العمل في المنزل في ظلِّ أزمة"، لقد تحوَّلت الأزمة إلى مثل أي وضع طبيعي خلال العام المنصرم.

وحتى أولئك المحظوظون بيننا يعانون من المصاعب بشكلٍ أو بآخر، ومع كل ما يحدث، يشعر المديرون الجيدون بأنَّهم ملزمون "بإصلاح" أوضاع أعضاء فريقهم، ولكن عليك أن تعلم أنَّ هذا غير ممكن، ولا بأس بذلك، فحتى لو لم تكن لديك القدرة على تغيير الظروف أو الصعوبات الناجمة عن أزمة صحية مستمرة وأزمة العدالة الاجتماعية والأزمة الاقتصادية؛ إلا أنَّك قادر على بناء وتعزيز مرونة أعضاء فريقك.

آن الأوان لاتِّباع منهج جديد للتعامل مع الوضع الراهن، والذي تحوَّل رسمياً إلى أزمة طويلة الأمد وشبه دائمة؛ حيث يجب أن تضع الشركات أولويات وأهدافاً جديدة، كما يجب على المديرين أن يتقبَّلوا الأفكار الجديدة ويخوضوا نقاشات صريحة مع موظفهم، ولمساعدة المديرين على إعادة ترتيب أفكارهم، نقدِّم فيما يلي خمس نصائح يمكنكم النظر بها وتطبيقها:

1. اعترف بعدم قدرتك على حل جميع المشكلات:

يعاني الكثير من المديرين من ضغوطات ناجمة عن معرفتهم بمعاناة أفراد الفريق من العزلة والقلق وربما الحزن أو حتى ضغوطات العمل والعناية بالأطفال وتدريسهم في المنزل والعناية بكبار السن؛ إلا أنَّ معرفتك بما يعانيه أفراد فريقك يعني أنَّك تطمئن عليهم باستمرار؛ فأحسنت صنعاً، وعلى الرغم من عدم قدرتك على حل جميع مشكلاتهم، إلا أنَّ سؤالك المستمر عن أحوالهم وإعطائهم المجال في أثناء الاجتماعات أو في المقابلات الفردية للتحدث عن أوضاعهم، إضافة إلى دعمك لهم، يشكِّل منهجاً أكثر فاعلية من محاولة حل مشكلاتهم.

بدلاً من محاولة إيجاد حلول لكل مشكلة تعترض طريقهم، يمكنك مساعدتهم مساعدة أفضل من خلال التمتُّع بالذكاء العاطفي (EQ)؛ حيث إنَّ أحد التمرينات التي تستخدمها المدربة في أكاديمية يوديمي (Udemy)، لايلا بولينغ تاون (Leila Bulling Towne)، في تدريب عملائها يدعى "اشعر بالأمر، وحدد سببه، وافهمه"؛ حيث تعني "اشعر بالأمر" أن تحدد مشاعرك من خلال تحديد أماكن التوتر في جسد؛ فهل ترتفع حرارتك؟ أم تعاني من آلام في المعدة؟ أما "حدد سببه"، فتعني تحديد سبب شعورك بالتوتر، أي مَن يثير توترك؟ وما هو الوضع المسؤول عن ذلك؟ وأما "افهمه"، فيعني أنَّك تستطيع وضع النقاط على الحروف لإيجاد طرائق للتخلص من التوتر.

من خلال توعية أفراد فريقك باستخدام استراتيجيات كهذه، ستعمل على تنمية ذكائهم العاطفي وخلق مساحة لزيادة المرونة.

إقرأ أيضاً: مع انتشار فيروس كورونا: نصائح لإدارة الموظفين عن بُعد في أوقات الأزمات

2. أنشِئ بيئة عمل آمنة نفسياً:

بيئة العمل الآمنة نفسياً هي البيئة التي يشعر فيها الموظفون بالأمان والراحة والتشاركية، ويشعرون أنَّ في إمكانهم طرح وجهات نظرهم والصعوبات التي يواجهونها، إضافة إلى إمكانية ارتكاب الأخطاء دون الخوف من العواقب.

تربط البروفيسورة في جامعة هارفارد (Harvard University) ومؤلِّفة كتاب "المؤسسة الجريئة: إيجاد الأمان النفسي في مكان العمل للتعلُّم والابتكار والنمو" (The Fearless Organization: Creating Psychological Safety in the Workplace for Learning, Innovation, and Growth)، إيمي إدموندسون (Amy Edmondson)، الأمان النفسي بالإبداع والنجاح العملي.

إضافة إلى ذلك، شعور المرء بالأمان للتعبير عن رأيه أمر هام في الوقت الراهن خصوصاً، لما يقدِّمه هذا الأمر من مساعدة للأفراد للتأقلم بطرائق شتى مع ما يحصل في العالم، على سبيل المثال: تسمح البيئة الآمنة للشخص بالتعبير عن رغبته في أخذ استراحة عندما يتعرض للإرهاق ولم يعد يستطيع العمل.

لا يستطيع أفراد الفريق القيام بعملهم على أتم وجه إذا كانوا يعانون من الأمراض أو الضغوطات، ومن ثم من الهام أن توضِّح لأعضاء الفريق أنَّ السعادة والصحة النفسية والجسدية هم الأولوية.

يجب أن يشجِّع المديرون أعضاء الفريق باستمرار لأخذ استراحات والاعتناء بعائلاتهم وبأنفسهم، وعلى الرغم من أنَّك لا زلت تحتاج إلى التحدث عن العمل والإنتاجية، إلا أنَّ هذه الأمور تأتي في المركز الثاني، وقد يبدو اتِّباع هذا المنهج محبطاً من ناحية عملية، ولكن يجب أن يأتي التعاطف في المركز الأول خلال هذه الأزمة، وإذا لا زلت تحتاج إلى المزيد من الإقناع، يمكننا إخبارك أنَّ هذا المنهج منطقي من ناحية عملية للحد من الإرهاق وتخفيض معدَّل دوران الموظفين.

3. اعترف بأنَّك لا تعلم كل شيء:

خلال الأيام الأولى من هذه الأزمة العالمية، حين حاول معظمنا الحفاظ على طريقة العمل المعهودة ولكن من المنزل، لم يمتلك أيٌّ منا دليل إرشادات للتعامل مع هذا الواقع الجديد على الأمد الطويل؛ ولأنَّنا نبذل أقصى جهدنا للتعامل مع الوضع كل يوم على حدة، فلا بأس بأن تعترف لأعضاء فريقك بأنَّك لست متأكداً من أفضل طريقة للتعامل مع هذا الوضع.

لا ننصحك هنا بألا تحاول إيجاد حلول للتحديات الجديدة، ولكن معرفة أنَّه يمكنك الاعتراف بأنَّك لا تملك حلولاً لجميع المشكلات غالباً ما تخفف التوتر وتفسح المجال لمزيد من التعاون والإبداع وحتى المساهمات بأفكار جديدة.

يستخدمون في أكاديمية يوديمي تطبيق سلاك (Slack) للتواصل بين المديرين وتوفير وسيلة للتعاون بين بعضهم بعضاً؛ حيث يستخدمونه لطرح الأسئلة وتبادُل المصادر والمعلومات المفيدة.

4. ساعد فريقك على رؤية الأحداث الجارية من منظور مختلف:

إنَّ ما نعيشه حالياً صعب للغاية، وعلى الرغم من ذلك يمكننا التغلُّب على بعض الأمور إذا فكرنا بطريقة مناسبة؛ حيث يدفعنا التوتر والقلق الناجمان عن الأزمة إلى التعرض لتقلبات عاطفية، لتتحول أمور عادية لم تكن لتزعجنا يوماً إلى عوامل تقودنا إلى الانهيار.

أذكر في بداية الجائحة أنَّني شعرت بإحباط كبير بسبب فشلي في صنع بعض الحلويات، وهو الأمر الذي أتجاهله في الحالات الطبيعية، ولكن بعد مرور القليل من الوقت أدركت أنَّ هذا الإحباط كان تجسيداً لمشاعر أخرى غير مرتبطة بالحلويات على الإطلاق، ومن ثم فإنَّ مساعدة أعضاء فريقك على تغيير وجهة نظرهم إلى الأمور، قد تقلب جميع الموازين وتساعد على تحديد ما يزعجهم بالفعل.

اطلب من فريقك تحديد المشكلة، وتحدَّ افتراضاتهم، ومن ثم أعِد صياغتها، قد يكون الأمر بسيطاً كسؤالهم عن كيفية استجابة شخص ما نحترمه للموقف، أو كيف يمكن أن تتفاعل شخصية خيالية مع الوضع، فكل ما يتطلَّبه الأمر هو تعديل وجهة نظرهم إلى الموقف بطريقة جديدة تماماً.

شاهد بالفديو: طرق تعامل المدير الناجح مع الموظفين

5. أفسح المجال للتعلُّم من خلال التحديات:

التعلُّم بالنسبة إلي هو طريقتي لمعالجة التحديات التي تواجهني، وهو طريقتي للمضي قدماً في أثناء لحظات عدم اليقين، ولكن لسوء الحظ بسبب كل ما يحدث في الشركات حول العالم، يشعر العديد من الموظفين أنَّهم لا يمتلكون الوقت الكافي لتخصيص فترة للتعلُّم، أو لرغبتهم الدائمة في أن يظهروا منشغلين ولا يستطيعون الحصول على "استراحة" للتعلُّم.

كما أنَّ مخاوف الفترة الأخيرة من اقتطاعات الراتب أو التخلي عن الموظفين أثَّرت في أكثر الشركات المزدهرة في تعاملاتها الداخلية، فلا يجب التعامل مع التعلُّم على أنَّه استراحة، وإنَّما هو جزء لا يتجزأ من أي مهنة.

أحاول دوماً أن أشجِّع أعضاء فريقي على عدِّ التعلُّم جزءاً لا يتجزأ من الوظيفة؛ حيث إنَّني أفتتح اجتماعات الفريق بسؤالهم عن آخر إنجاز حققوه أو معلومة حصلوا عليها، ويمكنك - بصفتك قائداً في العمل - أن تكون المثال الذي يحتذي به موظفوك من خلال التحدُّث عما تعلَّمته وتأثيره في تأقلمك مع التغييرات الحاصلة في حياتك.

إقرأ أيضاً: تطوير استراتيجيات المرونة في التعامل مع الأزمات

6. تواصَل تواصلاً فعالاً:

سيستمر العديد من الموظفين بالعمل عن بُعد هذا العام، وكما شهدنا في عام 2020، فالتواصل المنتظم أساسي لتحقيق الانسجام والتوافق بين أفراد الفريق؛ فالاستمرار بالتواصل بشفافية وصدق وانتظام أمر بغاية الأهمية، وليس فقط بالنسبة إلى أمور العمل؛ بل أيضاً بالنسبة إلى الأحداث التي لها تأثير على حياة الأفراد، على سبيل المثال: يقدِّر معظم الموظفين سؤال قادتهم عن حدث ذُكِر في نشرات الأخبار، أو مشاركة القادة وجهات نظرهم والتعاطف مع أفراد الفريق.

 بدا 2021 عاماً للأمل بالنسبة إلى العديد؛ فهو عام جديد يقدِّم فرصاً لبدء صفحات جديدة، وعلى الرغم من أنَّ الإيجابية ضرورية، وأنَّنا نحتاج إلى المضي قدماً في حياتنا؛ إلا أنَّ التحديات التي واجهتنا العام الماضي لا تزال مستمرة دون أمل لانتهائها في وقت قريب.

وتتطلب إدارة فريق عمل بنجاح خلال أزمة طويلة الأمد، بناء وتعزيز مرونة أعضاء الفريق وقدرتهم على التأقلم للتغلب على الصعاب، ويمكنك تحقيق ذلك من خلال إعادة صياغة الأولويات والتعامل بواقعية مع الدعم الذي يحتاج إليه فريقك منك للتأقلم مع العالم اليوم.

 

المصدر




مقالات مرتبطة