6 طرق مثبتة علمياً لزيادة الإنتاجية في الشركات

تعي الشركات صغيرة كانت أم ضخمة أنَّ الوقت هو أحد أهم ثرواتها، وقد تبيَّن أنَّ إتقان إنجاز الأشياء -أو ما يُعرف باسم الإنتاجية- أمر جوهريٌّ لإحراز النجاح والاستمرار فيه، حيث يؤدي كل من المكان والثقافة التنظيمية دوراً في تحديد مشاعر الأشخاص المتحمسين للعمل والفاعلين فيه أياً كانت الظروف؛ لهذا السبب أُجرِيَت دراسات للتعمق في هذا الموضوع.



إليك 6 طرائق مثبتة علمياً لزيادة الإنتاجية في مكان عملك:

1. وضعُ نباتات زينة في المكاتب:

من النادر أن تكون لدى الشركة إطلالة خلابة؛ لذا يمنح وضعُ لمسة خضراء بعض المزايا، ووجدَت إحدى الدراسات التي نشرَتها مجلة "سايك نيت" (PsycNet) التابعة للجمعية الأمريكية لعلم النفس (American Psychological Association) أنَّ العاملين في مكاتب تحتوي على نباتات زينة قد أظهروا إنتاجية أعلى بنسبة 15% مقارنة بمن يعملون في مكاتب لا تحتوي نباتات، وافترضَ الباحثون أنَّ أشياء مثل: النباتات، والصور، والتذكارات في أماكن العمل تُشجِّع على الانخراط النفسي في العمل، على عكس المكاتب الحديثة التي تفتقر إلى لمساتٍ طبيعة.

كما تُجدِّد النباتات الهواء الداخلي للمكتب وتجعله أكثر صحةً، وقد أظهر بحث أجراه المعهد الوطني لخدمات الصحة البيئية في الولايات المتحدة (National Institute of Environmental Health Services) تأثيرها على الأداء المعرفي في مكان العمل، وتوصَّل باحثو وكالة "ناسا" (NASA) للفضاء إلى نتيجة مشابهة، حيث وجدوا أنَّ نباتات مثل: زهرة الأقحوان والأضاليا وغيرها تزيل كميات كبيرة من المركبات العضوية المتطايرة من الهواء والمنبعثة عن البلاستيك والطلاء والمنظفات والأثاث في المكاتب.

2. إظهار الامتنان:

يُعَدُّ إيجاد الحافز وتقدير فريقك جزءاً أساسياً في الإنتاجية على الأمد الطويل، حيث وجدَت إحدى الدراسات التي نشرتها مجلة "هارفارد بيزنس ريفيو" (Harvard Business Review) أنَّ أماكن العمل التي تغلب عليها الممارسات الإيجابية والحميدة مثل: الاهتمام المتبادل، والدعم، واللطف، والإلهام، وتقدير العمل، والاحترام، والامتنان، تمتاز بقدر أكبر من الإنتاجية والأداء ورضا العملاء.

اقترحَ القائمون على هذه الدراسة أنَّ الممارسات الإيجابية توجِد موظفين أكثر ولاءً وسعادةً وإبداعاً، وتُولِّد لديهم مقاومةً أكبر للأحداث السلبية والتوتر، ويُعَدُّ تشجيع فريقك على كتابة قوائم امتنان إحدى طرائق تعزيز هذه القيَم؛ كأن يكتبوا بضع جمل تَصِف ما يشعرون بالامتنان له مرتين في الأسبوع، فلا تُعزِّز هذه الممارسة الإنتاجية عن طريق رفعِ مستوى السعادة فحسب؛ بل تُحسِّن الصحة أيضاً، ويمكِنك ببساطة شكرُ أعضاء فريقك على عملهم.

إقرأ أيضاً: كيف يجعلك إظهار الشكر والامتنان قائداً أفضل؟

3. إيجاد بعض الخصوصية:

انتشرَت حديثاً المكاتب المفتوحة والمشتركة التي تُشجع التواصل والعصف الذهني في أثناء الاجتماعات مثلاً، ولكن تُشير الدراسات الحديثة إلى أنَّها قد لا تُحسِّ الإنتاجية، ففي دراسة أجرَتها شركة الديكور والهندسة المعمارية "جينسلر" (Gensler) عام 2013، صرَّح 53% من العمال الذين شملهم الاستطلاع أنَّهم يتعرضون لإزعاجات زملائهم مما يمنعهم من التركيز، وكان 69% غير راضين عن مستويات الضوضاء في العمل، وترتبط خطط المكاتب المفتوحة أيضاً بانتشار الأمراض، وفقاً لدراسة دنماركية نشرها محرك البحث (PubMed) المختص بعلوم الحياة والموضوعات الطبية الحيوية.

تُعَدُّ الخصوصية ضروريةً؛ نظراً لازدياد حجم العمل الذي يؤديه الموظفون وحدهم وخاصة للعاملين في مجال المعلومات، وكلما كان تركيز الموظف ضعيفاً، انخفضَت مهاراته في مجالات مثل التعاون والتعلم وكان الرضا الوظيفي لديه أقل أيضاً، كما تبيَّن أنَّ أماكن العمل التي تمنح فرصاً متساوية للموظفين في التركيز والتعاون توجِد موظفين أكثر إبداعاً وابتكاراً وحماسةً وفقاً للاستطلاع "جينسلر" (Gensler).

إذاً، كيف تُسهِّل عملية التواصل وفي الوقت نفسه تتيح للموظفين التركيز كأفراد؟ إن كان التصميم المعماري لمبنى الشركة يتيح وجود حيز عمل خاص أو غرف خاصة تتيح للموظفين التركيز عوضاً عن المكاتب المفتوحة، فسيحصلون على التوازن المطلوب، وتتضمن الحلول الأخرى وضع سماعات الرأس كإشارة لعدم الإزعاج وتخصيص ساعات محددة يقضيها الموظف بهدوءٍ وحده على سبيل المثال.

4. إدخال أشعة الشمس:

تُبهر المصابيح الفلورية العينين، وترتبط في الواقع بأمراض العين ذات الصلة بالأشعة فوق البنفسجية والحرمان من النوم نتيجة الحد من إنتاج هرمون الميلاتونين، وتزيد من خطورة حدوث نوبات الصرع والإصابة بالأمراض الجلدية مثل مرض الذئبة، في حين اكتُشِفَت علاقة وثيقة بين التعرض لأشعة الشمس خلال النهار والإنتاجية، حيث يؤثر ضوء الشمس على إيقاع الساعة البيولوجية وإنتاج فيتامين (د) الذي يرتبط باليقظة والتحفيز.

ومع ذلك، لا يمكِن أن تُوفِّر أماكن العمل كلها مكاتب ذات نوافذ تسمح بدخول ضوء النهار الطبيعي؛ لذا إن لم تستطع تخصيص أماكن جلوس للجميع بجوار النافذة ضع مصابيح تحاكي ضوء النهار لتحسين اليقظة والمزاج.

إنَّ المصابيح ذات الألوان الطبيعية أكثر رفقاً بالعينين من مصابيح الهالوجين، كما يُنصَح أيضاً بأضواء الليد (LED) لتشجيع اليقظة والأداء، بدلاً من المصابيح الفلورية، حيث وجدَت دراسةٌ أجرتها جامعة "كورنيل" (Cornell) أنَّ المصابيح الأرضية كانت مُفضَّلةً لدى الموظفين على المصابيح السقفية المعتادة، وساعدَت في تقليل إجهاد العين وتحقيق إنتاجية أكبر، كما يمكِن أن يؤدي أخذ فترات استراحة في الهواء الطلق كلما سنحَت الفرصة إلى تعزيز الحصول على أشعة الشمس خلال النهار.

5. الحفاظ على اعتدال درجة حرارة المكتب:

تُعَدُّ درجات الحرارة عاملاً آخر يؤدي دوراً في إيقاعات الساعة البيولوجية التي تؤثر في اليقظة والتعب، ففي عام 2015، وجدَ استطلاع أجراه موقع "كارير بيلدر" (Career Builder) المهني أنَّ 23% من الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع قد اشتكوا من عملهم في أماكن شديدة البرودة، بينما اشتكى 25% من ارتفاع درجة حرارة مكاتبهم، كما يُعَدُّ ضبط الحرارة المناسبة أمراً هاماً، حيث يُظهِر العلم أنَّ بيئة المكتب الحارة جدَّاً أو الباردة جداً تؤثر في إنتاجية الأشخاص ودقَّتهم، كما قال 53% إنَّهم يصبحون أقل إنتاجيةً عندما يكون مكان عملهم شديد البرودة، بينما قال 72% إنَّهم يواجهون صعوبة في العمل عندما يكون الجو حاراً جداً.

إنَّ بيئة العمل المثلى هي التي تتراوح درجات الحرارة فيها بين 20 و25 درجة، مما يُقلل من الأخطاء ويزيد الإنتاجية، ووفقاً للدراسة التي أجرتها جامعة "كورنيل" (Cornell)، وجدَت العديد من الدراسات أنَّ الإنتاجية تتأثر سلباً بنسبة 2% لكل درجة تزيد عن 20 درجة مئوية، مما يشير إلى أنَّ ظروف الحرارة المثلى تكمن في حدود 21 إلى 25 درجة مئوية.

طالما أنَّه من الأسهل على الموظفين ارتداء الملابس بدلاً من خلعها في المكتب، فقد يكون من الأنسب الحفاظ على درجات حرارة باردة ملائمة، كما يساعدك النقاش مع موظفيك لتكوين فكرة عما يجعلهم مرتاحين، كما تؤدي عوامل مثل: النوافذ وفتحات التهوية دوراً أيضاً في رضا الموظفين، فإن لم تستطع التحكم في درجات الحرارة، فجرِّب استخدام المدافئ والمراوح المناسبة للمكتب لراحة الموظفين الشخصية وإنتاجيتهم.

إقرأ أيضاً: 8 خطوات لترتيب غرفة مكتبك بشكل أنيق

6. الحصول على فترات استراحة:

قد تعتقد أنَّ العمل لفترات طويلة هو السر لإنجاز أكبر عدد ممكن من المهام، لكنَّ هذا غير صحيح؛ فقد وجدَت الأبحاث أنَّ تخصيص المزيد من فترات الاستراحة القصيرة يؤدي إلى زيادة الإنتاجية والدقة، خاصة مع العمل المتكرر، أما بالنسبة إلى الموظفين الذين يتطلب عملهم الجلوس وراء شاشات الحواسيب، تساعدهم فترات الاستراحة المتكررة في تقليل إجهاد العين وإراحة أجسامهم.

أجرى برنامج تتبُّع الإنتاجية "ديسك تايم" (Desktime) تحليلاً لبيانات المستخدمين، فوجد أنَّ الأشخاص الأكثر إنتاجيةً الذين يستخدمون الأداة عملوا "لتحقيق هدف" 52 دقيقة متتالية وسطيَّاً، تليها فترات راحة لمدة 17 دقيقة، كما استخدموا تقنية بومودورو، والتي تتمثل بالعمل لمدة 25 دقيقة متبوعة براحة لمدة خمس دقائق، أو 50 دقيقة من العمل و 10 دقائق راحة، ثمَّ تُخصَّص فترات استراحة أطول بعد مرور دورات عدَّة، ويمكِن تتبُّع هذه الفواصل يدوياً أو من خلال استخدام مجموعة متنوعة من التطبيقات المبرمجة مسبقاً وأجهزة ضبط الوقت.

يُسمَح للموظفين خلال فترات الاستراحة بالاستماع إلى الموسيقى، أو التأمل، أو المطمطة، أو التنزه، أو التواصل مع زملائهم، أو متابعة الأخبار، أو استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، أو القيام بكل ما يحتاجون إليه ليتخلصوا من كل ما يعكر صفاء أذهانهم وينعموا براحة البال.

كما يمنح الحصول على قيلولة بعد الظهر في الوقت المناسب بعض الراحة من العمل المجهِد ويساعد على إعادة التركيز. فقط اجعلها قصيرةً من 10 إلى 20 دقيقة للحصول على الراحة دون التسبب في النعاس أو التأثير في النوم ليلاً؛ باختصار، يمكِن أن يؤدي ضبط تفاصيل كل من البيئات المادية والذهنية في مكان العمل إلى حدوث اختلافات شاسعة وبأقل التكاليف، وعندما يكون الناس سعداء ومرتاحين وصافي الذهن، فمن المحتمل أن يواجهوا عقباتٍ أقل في طريق الوصول إلى الأهداف وينشأ لديهم دافع للعمل.

 

المصدر




مقالات مرتبطة