5 طرق لوضع حدودك بأدب وكيفية وضعها في جوانب مختلفة من حياتك الجزء الثاني

لقد تحدَّثنا في الجزء الأول من هذا المقال عن الحدود الصحية، والعلامات التي تدل على وجود حدود صحية وحدود غير صحية، وسنكمل في هذا الجزء الثاني ونتحدث عن 5 طرائق فعَّالة لوضع حدود صحية.



5 طرائق فعالة لوضع حدود صحية:

يقوم وضع الحدود الفعَّال على التواصل؛ إذ يعدُّ التعبير عن احتياجاتك ورغباتك الخطوة الأساسية لتحديد حدودك وعيش حياة أفضل.

إليك فيما يأتي 5 طرائق فعالة لوضع حدود صحية:

1. تصوُّر حدودك:

الخطوة الأولى والأكثر أهمية لتحديد حدودك هي جعلها ملموسة؛ فغالباً ما نشعر أنَّ الحدود محيرة وأفكار مجردة؛ لأنَّها غير مرئية في حياتنا اليومية، لكن من خلال تصور حدودك وتدوينها يمكنك تحقيق مزيد من الوضوح بشأن أين تريد رسم الحد بينك وبين الآخرين.

خصِّص بعض الوقت للتفكير في حياتك، اسأل نفسك:

  • ما الذي يسبِّب لي توتراً أو إزعاجاً لا مبرِّر لهما؟
  • ما الذي أتطلَّع إليه كل يوم مقارنة بما أخشاه؟
  • من أو ما الذي يمنحني الطاقة؟
  • أيُّ جانب في حياتي يُشعرني بالإرهاق؟
  • ما الذي يجعلني أشعر بالأمان والدعم والتقدير؟

ارسم دائرة كبيرة على ورقة فارغة، واكتب داخلها كل ما يجعلك تشعر بالأمان والاسترخاء.

مثلاً:

اكتب أيَّ شيء يسبِّب لك الانزعاج أو الألم أو الإرهاق العاطفي خارج الدائرة؛ فهؤلاء هم الأشخاص أو المواقف التي تتعدَّى على حدودك.

فمثلاً:

  • تخبرك والدتك بما يجب أن تفعله في حياتك.
  • العمل بعد انتهاء وقت العمل بدلاً من إعطاء الأولوية للاعتناء بنفسك.
  • القلق بشأن رأي بعض الناس فيك.
  • طلب ابن عمك اقتراض المال منك.
  • شكوى زميلتك في العمل باستمرار من مشكلاتها مع زوجها خلال الغداء.
  • زميلك في السكن يأكل طعامك.
  • يتحكَّم شريك حياتك في من تتحدث إليه أو تقضي وقتك معه.
  • يطرح معارفك أسئلة عميقة أو خاصة عن حياتك.

تمثِّل هذه الدائرة مظهراً مرئياً لحدودك؛ فحان الوقت للنظر في أيِّ شيء خارج الدائرة وتحديد كيفية تحديد الحدود التي تمنع هذه المشكلات أو تقضي عليها في المستقبل.

إقرأ أيضاً: ما هي العلاقة بين عدم اليقين والقدرة على الاستمتاع بالحياة؟

2. التعبير عن حدودك بوضوح:

أحد أكبر الأخطاء التي يرتكبها الناس هو وضع حدود في أذهانهم دون مشاركتها علانية مع الأشخاص في حياتهم؛ إذ يفترض الناس أحياناً أنَّك يجب أن تعرف حدودهم، ولكن إذا لم يتحدثوا بوضوح عنها لن تعرف أنَّك تجاوزتها.

قد يبدو هذا شاقَّاً ومخيفاً؛ لكنَّك ستشعر بالارتياح بمجرد فعله؛ لذا بمجرد أن تعرف حدودك يجب عليك أن تعبِّر عنها، خُذ نفساً عميقاً، واستجمع قواك، وعبِّر بحزم عن احتياجاتك بطريقة لطيفة ومباشرة، إليك الطريقة:

كيفية التعبير عن الحدود بوضوح:

  1. حدود الوقت: "يمكنني البقاء لمدة ساعة فقط" أو "إذا كنت ستتأخر أرجو إبلاغي بذلك في وقت مبكر".
  2. حدود الطاقة: "ليس لدي الطاقة لمساعدتك في [طلبه] في الوقت الحالي، لكن ربَّما يمكن أن يفيدك [مورد]".
  3. الحدود العاطفية: "أتفهَّم أنَّك تمرُّ بوقتٍ عصيبٍ، وأريد أن أُساندك، لكن ليس لديَّ القدرة العاطفية على ذلك في الوقت الحالي".
  4. حدود المساحة الشخصية: "أشعر بعدم الارتياح عند [فعل يتبادر من الطرف الآخر]، إذا كنت لا تستطيع احترام مساحتي فسأضطر إلى المغادرة".
  5. حدود المحادثة: "هذا ليس موضوعاً أرغب في مناقشته الآن".
  6. حدود التعليق: "لا أجد هذه الأنواع من التعليقات مضحكة".
  7. الحدود الذهنية: "أتفهَّم أنَّنا ننظر إلى الأشياء بطريقة مختلفة، وأنا أحترم رأيك، لكن من فضلك لا تفرضه علي".
  8. الحدود المادية: "من فضلك اسألني أولاً قبل استعارة [شيء من ممتلكاتك]" أو "سأكون ممتناً إذا لم تلمس [شيء من ممتلكاتك]".
  9. حدود وسائل التواصل الاجتماعي: "لا أشعر بالارتياح لأنَّك تنشر ذلك على موقع "إنستغرام" (Instagram)".

بمجرد أن يدرك شخص ما حدودك سيحترمها معظم الناس ويعتذرون إذا تجاوزوها عن طريق الخطأ، لكن دون التعبير عنها تعبيراً واضحاً تصبح الحدود غير واضحة، ومع مرور الوقت قد تصل إلى مرحلة الإرهاق والاستغلال أو حتى إهمال احتياجاتك الخاصة.

كلما زاد الوضوح والصراحة في التعبير عن حدودك كان من الأسهل الالتزام بها.

3. إعادة التأكيد على حدودك:

تحمي الحدود صحتك الذهنية والعاطفية، لكن لن يفهم الجميع حدودك أو يحترمها من المرة الأولى؛ فمن الضروري أن تكون حازماً في قرارك مع تذكيرهم باحتياجاتك عند الضرورة؛ لذا إذا لم يحترم شخص ما حدودك في البداية فذكِّره، لكن التزم بقرارك الأصلي.

نصيحة: تجنَّب تغيير حدودك مراعاة لراحة شخص آخر، إذا قلت: "لا أشعر بالراحة تجاه اتصالك بي بشأن العمل بعد انتهاء العمل" فلا تعبِّر عن شيء مفاده "أحياناً لا بأس من مراسلتي في وقت متأخر من الليل" لاحقاً، في حين أنَّ فرض هذه الحدود قد يكون محرجاً أو غير مريح في البداية فإنَّ الشخص الذي يريد حقاً أن يكون في حياتك سوف يحترم قرارك.

شاهد بالفيديو: كيف تحدد أهدافك في الحياة؟

4. الرفض بحزم:

هل سبق لك أن قابلت شخصاً بدا أنَّه يوافق على كل شيء؟ غالباً ما ينتهي الأمر بالأشخاص الذين يخشون الرفض بتحمُّل كثير من الواجبات والمسؤوليات التي لا يمكنهم على ما يبدو الاضطلاع بها ويميلون إلى إهمال الاعتناء بأنفسهم؛ لأنَّهم يحاولون دائماً تلبية مطالب جميع الأشخاص والأشياء التي أخذوها على عاتقهم.

لسببٍ ما يشعر كثير من الأشخاص في العصر الحديث بالذنب عند رفض شيء ما، لكن في الواقع يعني الرفض أنَّك تضع حدَّاً؛ إذ إنَّه تعبير عن الشجاعة وحب الذات والسيطرة على قراراتك اليومية.

تذكَّر أنَّ الموافقة والرفض يحدِّدان واقعك، فتستطيع اختيار الطريقة التي ستقضي بها وقتك وطاقتك، وإذا كان حدسك يخبرك بأنَّه ثمَّة خطب فلا تتردَّد بالرفض.

نصيحة: لا يجب أن يكون الرفض وقحاً؛ لكنَّه أيضاً لا يتطلَّب اعتذاراً أو تفسيراً، لاحظ متى تقول "أنا آسف، لا أستطيع" أو "ربَّما، سأخبرك بقراري لاحقاً" عندما تقصد الرفض؛ تعلَّم كيف تغيِّر هذه العبارات البسيطة لرسم حدود أكثر وضوحاً بدلاً من ترك شخص آخر ينتظر إجابة واضحة، وسيفيد هذا الوضوح في تفاعلاتك في النهاية جميع الأطراف المعنية.

5. تخصيص الوقت لنفسك:

في خضمِّ عالمنا سريع الوتيرة، يمكن أن تشعر بأنَّ الاعتناء بنفسك أناني أو حتى تافه؛ لكنَّ ما يخبرنا به العلم واضح، وهو أنَّ قضاء الوقت وحدك مرتبط بمزيد من الثقة بالنفس والإبداع والذكاء العاطفي والاستقرار العاطفي في المواقف الصعبة، ويمكن أن يساعد حتى على منع الإرهاق.

نصيحة: خلال الشهر الآتي خصِّص ساعتين في جدول أعمالك كل أسبوع تقضيها مع نفسك، أخبر عائلتك وأصدقاءك المقرَّبين أنَّك لن تكون متاحاً خلال هذا الوقت، سواء تقضيه بطهي وجبة صحية لنفسك، أم الخروج في نزهة أم الراحة، أم ممارسة اليوغا، أم الاستلقاء على الشاطئ، فإنَّ تخصيص وقت لنفسك أمر بالغ الأهمية للحدود الصحية.

إقرأ أيضاً: ما هو معنى الحياة وكيف تعيش حياةً هادفة؟

علاقة الرعاية الذاتية بالحدود:

تسمح لك العزلة بتأمُّل حياتك وقيمك، ويمكن أن يساعد الوقت الذي تخصصه للرعاية الذاتية على إضفاء مزيد من الوضوح على علاقاتك مع الآخرين؛ ممَّا يساعدك في النهاية على تحديد حدودك.

بالنسبة إلى كثيرين قد يبدو هذا أنانياً، والسبب هو أنَّ ميل المجتمع الحديث نحو مفهوم التضحية بالنفس وإدمان العمل أدَّى بأغلبية كبيرة من الناس إلى تجاهل حدودهم أو التضحية بعافيتهم لإرضاء الآخرين، ومن المفارقات أنَّ هذا قد يؤدي إلى نتائج عكسية.

الرعاية الذاتية والحدود الصحية ليست أنانية، إنَّها شكل من أشكال حب الذات الذي يؤدي إلى علاقات أعمق وتجارب أجمل؛ لأنَّ الحدود الصحية طريقة لإعادة شحن طاقتك تساعدك لتقديم مزيد من السعادة والمساعدة للعالم.

في الختام:

لقد تحدَّثنا في هذا الجزء من المقال عن 5 طرائق فعَّالة لوضع حدود صحية، وسنكمل حديثنا في الجزء الثالث والأخير عن كيفية وضع حدود في مختلف جوانب حياتك.




مقالات مرتبطة