قد تجهل وجود شخص سام في حياتك، ويمكن لأي شخص سام أن يعرضك إلى الأذى والإساءة إلى الدرجة التي تشعر فيها بعدم الكفاءة والعزلة.
ما الذي يجعل الشخص ساماً إذاً؟
يمارس الشخص السام سلوكاً ساماً، ويعني هذا أنَّه لا يوجد شخص سام بشكل مطلق، بل قد يكون ساماً في تصرفاته فحسب.
يهرب معظم الأشخاص السامين من المساءلة، ويشوهون لك الواقع، ويسيئون تقدير قيمتك، ويضيِّقون الخناق على قدرتك على التخلص منهم كلما أبقيتهم لفترة أطول في حياتك.
عندما تنخرط في علاقة سامة، تشعر بالتقليل من شأنك، وتشعر وكأنَّك لا تستحق وقت أو جهد أي شخص آخر، وأنَّه ما من أحد يصغي إليك، وقد تشعر أحياناً بعدم الأمان وعدم الرضا عن نفسك، سواء كنت مع شريك أم صديق أم أحد أفراد الأسرة؛ كما أنَّك إذا لم تقدِّر قيمتك ولم تتصرف وفقاً لذلك، فإنَّك تعطي مجالاً لنمو السمية.
أسباب البقاء في علاقة سامة:
قد تبقى في علاقة سامة لعدة أسباب، منها أنَّك:
- تظنُّ نفسك عبئاً على الآخرين.
- تفتقر إلى الحدود.
- تقاوم التغيير.
- تخشى الصراع.
- تحاول أن ترضي الناس.
- تجد نفسك معتمداً على الآخرين.
- عالق جزئياً في نمط أو دورة غير صحية من سوء المعاملة.
قد لا يكون التخلي عن الأشخاص السامين أمراً سهلاً؛ لكن من أجل القيام بذلك، عليك أن تدرك لماذا وكيف تكون علاقتك بهم سامة إلى هذا الحد، وأن تدرك أنَّهم لا يضعون مصلحتك في الاعتبار.
إنَّ التخلي عن الأشخاص السامين أمر صعب؛ ذلك لأنَّك شخص جيد، وترغب في رؤية الجانب الجيد من الآخرين، وتعتقد أنَّ اعتذارهم حقيقي؛ لكن لديك مشكلة لست قادراً على تجاوزها، وتتمثل في عدم الاقتناع تماماً بأنَّهم مخادعون؛ لذلك تبقى عالقاً في دوامة من الألم لأنَّك لا تريد أن تنهي علاقتك بهم؛ ومع ذلك، إذا شعرت أنَّ شيئاً ما ليس صحيحاً، فربَّما يكون غير صحيح فعلاً.
يجب أن تبتعد عن الشخص السام؛ ذلك لحاجتك إلى الحفاظ على سلامتك، ويجب أن تقدر نفسك مرة أخرى، وتحصل على دعم أفضل من الآخرين.
يمكن أن يتضمن التخلي عن الأشخاص السامين أربع خطوات رئيسة هي:
1. التعرُّف على علامات الخطر:
علامات التحذير هي علامات تدل على أنَّ الشخص سام، وتستدعي الحذر منه؛ وهي تنطوي على الشعور بعدم الرضا وانعدام الثقة.
ثق بشعورك؛ فعندما تدرك تلك السمات، يصبح بإمكانك تقييم ما إذا كان الشخص يحاول التلاعب بك أم لا، ويمنحك هذا الشعور مستوى معيناً من التحكم بحياتك؛ وكلَّما اكتشفت هذه السلوكات مبكراً، كنت أفضل حالاً.
من علامات الخطر لدى الأشخاص السامين:
- يعطون أنفسهم الأولوية.
- يضخمون العيوب ويُضعِفون ثقتك بنفسك.
- قد تشعر بالأذى أو الاستغلال عندما تكون بالقرب منهم.
- لا يعاملونك بالمثل؛ فهم لا يبادلون الخير الذي تقدمه كصديق.
- يتجاهلون حدودك، ويغضبون عندما ترفض ما يطلبونه منك.
- سترى تمسكهم بأنصاف الحقائق والأكاذيب بشكل واضح عند مواجهتم بشأن أي شيء.
- يؤكدون على أنَّك المذنب وهم الضحية.
- يؤدي إعطاؤهم فرصة ثانية دائماً إلى تكرار الأنماط السلوكية ذاتها.
- قد ينخرطون في الإساءة لك.
شاهد بالفديو: كيف تتعامل مع أصحاب الطِّباع الحادّة وصعبي المراس؟
2. وضع الحدود:
هناك حدود عاطفية يمكن للمرء أن يضعها عند التعامل مع الأشخاص السامين، بالإضافة إلى حدود جسدية.
يعدُّ وضع الحدود جزءاً هاماً من الرعاية الذاتية؛ إذ لا ينبغي أن تستمر في مثل تلك العلاقة، بل أخبرهم صراحة بما تشعر به. عليك أن تتساءل عمَّا إذا كانوا يحترمونك ويلبون احتياجاتك ويصغون إليك بالفعل؛ فإذا لم يكن الأمر كذلك، فقد حان الوقت لوضع مسافة عاطفية صحية، والتخلي عن الأشخاص السامين من حولك.
هناك مستويات لهذا الأمر، حيث لديك دائرة مقربة تشمل أسرتك وأصدقاءك، ودائرة أكبر تشمل معارفك أو الغرباء عنك؛ فإذا كان هناك شخص سام في دائرتك الداخلية، فقد حان الوقت كي تعيد النظر وتضع بعض الحدود ليتبعها؛ وإذا لم يتمكن من سماعك، يمكنك إنهاء التواصل معه نهائياً.
كما يمكنك إعطاء فرصة ثانية، ولكن عليك توخي الحذر؛ فإذا كان هناك شخص ما يعرف كيف بإمكانه الإفلات من مواجهة الحقيقة، فسوف يكرر سلوكه مرة أخرى؛ وإذا كان هناك أي فرصة للعلاقة، فعليهم أن يتعلموا التزام الحدود.
3. الاستثمار في ذاتك:
أنت تستحق أن تعرف أنَّك جدير بالاهتمام؛ لذلك حاول أن تتذكر أنَّ الأمور ستتحسن، وأنَّ كل شيء ممكن؛ لكن كيف تفعل ذلك؟
استثمر في ذاتك؛ ويعني هذا الرعاية الذاتية، وتحديد الأهداف، وإحاطة نفسك بالدعم الإيجابي، والشعور بالسلام؛ كما يجب أن يكون طموحك الأكبر هو أن تحب نفسك؛ فدون حب الذات، سيكون التخلي عن الأشخاص السامين أمراً صعباً جداً.
تشكِّل كل علاقة مجازفة بحد ذاتها؛ ولكن إذا كنت تقدِّر نفسك وتعرف ما الذي ستسمح به، فسيمتلك الأشخاص السامون سيطرة أقل عليك؛ أمَّا إذا كنت شخصاً يعمل على إرضاء الناس دوماً، ستكون أكثر عرضة إلى خطر أن تكون في علاقة من طرف واحد.
لا ينبغي أن تُوسَم بالأنانية بسبب رعاية نفسك؛ ولكن ينبغي أحياناً أن تكسب الثقة بنفسك؛ فعندما تحب نفسك، فأنت تتعامل معها بأفضل طريقة ممكنة، وتعلم أنَّ على الآخرين الالتزام بمعاييرك، وإلَّا فلن يكونوا جزءاً من حياتك.
من الممكن أن تحب نفسك ولا تدرك ذلك، فقد يكون من الصعب على شخص ما أن يدرك وجود الأشخاص السامين؛ ومع ذلك، إذا كنت تعرف ما قيمتك عند الأشخاص الموجودين في حياتك وما تستحقه فعلاً، فستقل احتمالية الدخول في علاقة ضارة بك أو تكرار الأنماط السلبية مراراً.
يتمحور حب الذات حول التخلي عن العلاقات السامة وعدم الانخراط فيها مجدداً.
4. معرفة متى يكون التسامح ممكناً:
سيُثبِت شخص ما قيمته لك، لكن قد يخطئ في هذا الأمر، ممَّا يجعله يبدو وكأنَّه شخص غريب؛ كما قد ينسى أن يتعامل بشكل جيد معك بسبب مشكلاته الخاصة، وقد لا يكون لديه فكرة عن ماهية العلاقة الصحية، وقد يكون لديه تراكمات من الماضي التي تأتي حقاً من انعدام الأمن.
إذا اعتذر هؤلاء الأشخاص، فهذه هي البداية؛ لذا انظر إلى أفعالهم وراقبها، هل يتغيرون نحو الأفضل لأنَّهم يريدون حقاً التغير؟ أم يَظهرون كذلك بهدف التلاعب بك؟
قد يحكم الشخص على الآخرين من خلال صورتهم أو الفكرة المتصورة عن شخصيتهم؛ ولكن إذا رأيت ذلك من منظورهم، فقد تتمكن من تحديد استعدادهم للوجود معك؛ وإذا بدؤوا القيام بالشيء الصحيح، فقد تستعيد ثقتك بهم مرة أخرى؛ لكن لا تسامحهم حتى يمر بعض الوقت وتتأكد من استمرارهم في ذلك حتى لو أظهروا ضعفاً أو ندماً.
يمكنك إعطاء فرصة ثانية إذا كانوا صادقين حقاً، وإلَّا سيكون من الأفضل إنهاء العلاقة وإخراجهم من حياتك تماماً؛ أمَّا إذا أعطيتهم فرصة ثانية وما زالوا يرفضون التغيير، فلديك الحق في إنهاء العلاقة والتخلي عن الأشخاص السامين.
قد تكون اللحظة التي تقرر فيها المغادرة أيضاً وقتاً جيداً للخروج، إذ لا يتعين عليك الانتظار والتنازل من أجل العناية بهم.
الغفران هو التحرر من الحقد والغضب، ولا تعني المسامحة المصالحة والعودة إلى العلاقة نفسها أو قبول السلوكات الضارة نفسها من شخص ما؛ فليس فرضاً عليك السماح لهم بالعودة، أو القيام بأي شيء لا تريد القيام به.
تذكر أنَّ التسامح هو في نهاية المطاف من أجلك أنت، وأنَّك لست بحاجة إلى هذا الشخص في حياتك من أجل مسامحته؛ وإذا أعطيته فرصة ثانية، فتابع معه بحذر.
الخلاصة:
يُعدُّ كلٌّ من التعرف على علامات الخطر، ووضع الحدود، والاستثمار في نفسك، ومعرفة متى يكون التسامح ممكناً؛ من الطرائق التي تتعامل بها مع شخص سام يؤثر في حياتك.
لديك القرار في تحديد اتجاه حياتك، وتحديد الأشخاص الذين يرافقونك وأنت تمضي قدماً؛ فإذا كان الشخص جديراً بالثقة، سيُثبِت نفسه من خلال أفعاله وليس أقواله؛ لكن إذا تجاوز حدوداً معينة تؤذيك حقاً؛ فأنت لا تدين له بشيء، ولك كل الحق في أن تشعر بما تشعر به وتنزعج، ويجب أن تحترم مشاعرك.
إذا كان هذا يحدث لك، فقد حان الوقت لوضع حد لذلك، والسيطرة ووضع معايير أعلى ممَّا كانت عليه من قبل؛ والأهم من ذلك كله أنَّه حان الوقت للتخلي عن هؤلاء الذين يسيئون إليك.
أضف تعليقاً