5 طرق تكيف إيجابية للتغلب على كآبة الشتاء

وفقاً لاستطلاعات الرأي الحديثة، يذكر ملايين الناس معاناتهم من المزاج السيئ في فصل الشتاء، ويُعَدُّ هذا التحول المزاجي وفقاً للباحثين نتيجةً لأسباب أكبر بكثير من مُجرَّد الأحزان التي ترافق اكتئاب العطلات، وقد كنتُ من بين هؤلاء الملايين خلال السنوات الأخيرة، وربَّما تكون كذلك أيضاً.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتبة "روني ر. براون" (Ronnie R. Brown)، وتُحدِّثنا فيه عن أهم خمس طرائق للتغلب على كآبة الشتاء والخمول المرافق لها.

يسمِّي علماء النفس هذه الظاهرة بالاضطرابات المزاجية الموسمية، ويَعُدُّها معظم الأطباء تغيُّراً نفسياً مؤقَّتاً في منظومة الجسم البشري والكيمياء الداخلية الخاصة به، والذي ينجم عن أكثر من مُجرَّد التقلبات المزاجية خلال العطلات؛ وإنَّما يعود السبب الأكبر في ذلك إلى نقص التعرض لأشعة الشمس والضوء خلال أشهر الشتاء الباردة والمُظلِمة بسبب قصر مدة النهار فيها.

في النهاية، يُعَدُّ ضوء الشمس مصدراً طبيعياً يمدُّ أجسامنا وعقولنا بالطاقة والقوة؛ لذا من البديهي القول إنَّه كلما قلَّ تعرُّضنا لضوء الشمس في بيئتنا، تضاءل احتمالُ شعورنا بالحماسة والبهجة التي نشعر بها عادةً خلال الأشهر الأكثر إشراقاً من السنة التي يكون فيها النهار أطول من الليل.

مع ذلك، وعلى الرغم من التسمية التي نُطلقها على هذه الظاهرة أو الأسباب الكامنة وراءها، يعاني البشر في مختلف مجالات الحياة من كآبة الشتاء بمُعدَّل متزايد باستمرار، ولكنَّ الخبر الجيد هو إيجادهم لطرائق عدة للتعامل معها وتحمُّلها، أما بالنسبة إلى الخبر السيئ فهو أنَّ هذه الطرائق التي يلجؤون لها ليست ناجحةً أو إيجابية على الدوام.

قد يكون لتلك الطرائق دورٌ في الإصابة بأعراض غير صحية وأمراض أخرى، وهذا قد يضرُّ بالصحة النفسية والعاطفية للإنسان على الأمد الطويل، على سبيل المثال، أكثر طرائق التكيف المُبلَّغ عنها والمُستخدَمة على نطاق واسع للتغلب على كآبة الشتاء هي:

  1. الاتصال للتغيُّب عن العمل بداعي المرض في سبيل التهرب من الأعمال الروتينية اليومية.
  2. تخصيص وقت فراغٍ شخصي للقراءة أو الراحة والاسترخاء.
  3. طرائق أو تقنيات تخفيف التوتر مثل ممارسة اليوغا أو التأمل.
  4. تناول المكمِّلات الغذائية مثل العلاجات المهدِّئة المصنوعة من الأعشاب أو الفيتامينات المُركَّبة.
  5. الاستيقاظ في وقت متأخر أو النوم الزائد، وهي إحدى الطرائق التي ألجأ إليها شخصياً.
  6. اللجوء إلى الأطعمة التي تُشعِر الإنسان بالراحة النفسية، وكذلك هي من الطرائق التي ألجأ إليها.

من الواضح أنَّ بعض تلك الطرائق مفيدة وإيجابية بلا شك، مثل إيجاد طرائق للاسترخاء وتخفيف التوتر بشكل طبيعي عن طريق اليوغا والتأمل وتمرينات التنفس، إضافة إلى استخدام المكمِّلات الغذائية الصحية عالية الجودة التي تبدو إيجابية ومفيدة للغاية.

من الواضح أيضاً أنَّ بعض طرائق التكيف المذكورة آنفاً مثل الانغماس بتناول الأطعمة الباعثة على الراحة النفسية ليست طرائق سلبيةً للتعامل مع توتر وكآبة الشتاء فحسب؛ وإنَّما تمتلك كذلك تأثيرات ضارة أكبر بكثير من منافعها على الأمد الطويل.

خمس طرائق صحية وإيجابية للتعامل مع الكآبة هذا الشتاء:

فيما يأتي خمس طرائق صحية وإيجابية للغاية للتعامل مع الكآبة هذا الشتاء التي وجدتُها مثل كثير من الأشخاص ناجحةً وفعالة ومفيدة لأبعد الحدود:

1. تخصيص وقتٍ لنفسك:

لا أقصد فقط إيجاد وقت فراغ للاسترخاء والترفيه عن نفسك أو عدم فعل أي شيءٍ على الإطلاق خلاله؛ بل قد يتضمن وقتُ الفراغ تخصيصَ بعضٍ منه للعمل على تطوير شخصيتك وتقدُّمك كذلك.

التزم بقراءة الكتب أو إيجاد البرامج التي تساعدك على تحقيق التقدم وإتقان العادات الصحية التي تساهم في تطوير صحتك الجسدية والنفسية، وخُذ دروساً ليلية في أحد الموضوعات التي لطالما كان لديك شغفٌ أو اهتمام بتعلُّمها، ولكنَّك لم تخصص وقتاً من قبل للمشاركة بها أو تعلُّمها.

من الهام جداً تحفيز عقلك من خلال تعلُّم المهارات واكتساب المعارف الجديدة، إضافة إلى تطوير حياتك الاجتماعية، كما يعني منحُ الأولوية لنفسك أنَّك ستكون قادراً دوماً على بذل قصارى جهدك وتقديم أفضل ما لديك لكل شخصٍ يدخل حياتك.

تُعَدُّ الطريقة السابقة مفيدة بصورة خاصة إن وجدت أنَّ وقت فراغك يدفعك للتفكير أكثر فأكثر بالإصابة بالاكتئاب أو الدخول في حالة مزاجية من اليأس والتعاسة، فلا يعَدُّ قضاء وقت فراغك دون ممارسة أي نشاطات أو فعل أي شيءٍ خلاله الحلَّ لتحظى بوقتٍ مميَّزٍ لنفسك دوماً؛ بل تتعلق الحياة بالتوازن؛ لذا يجب عليك أن تكتشف النشاطات التي تناسبك وتمكِّنك من تطوير نفسك وتلتزمَ بها.

شاهد بالفديو: أسباب الاكتئاب الشتوي وطرق علاجه

2. تنمية الجانب الإبداعي بداخلك والاعتماد على نفسك:

قد يبدو الشعور بالسعادة والمتعة خلال أشهر الشتاء أمراً مستحيلاً لدى الأشخاص الذين يعانون فعلاً من كآبة الشتاء حين يكون العالم من حولهم شبهَ خالٍ من الضوء وأشعة الشمس، وربَّما تكون إحدى الطرائق لزيادة النشاط والطاقة وتعزيز الصحة الجسدية والنفسية خلال تلك الأشهر هي إنشاء مصدرٍ جديد للنور في حياتك يُضيء عتمةَ تلك الأيام، وهذا يعني ابتكار نورٍ داخليٍّ خاص بك من خلال تسليط الضوء على سِماتك وصفاتك الإيجابية وإبراز نقاط قوَّتك وقِيمك الفريدة والتعبير عنها على شكل عباراتٍ تشجيعية إيجابية.

العبارات التشجيعية هي كلامٌ يمنح القوة والثقة لصاحبه، ويمكن استخدامها لإبراز الميزات الإيجابية في شخصية المرء ومساعدته على التواصل بطريقة أكثر فاعلية مع نفسه.

تُستخدَم العبارات التشجيعية في جميع أنحاء العالم، حتى من قِبل معظم الأطباء والمعالجين النفسيين الممارسين، وذلك في سبيل مساعدة الناس الذين يعانون من الاكتئاب أو اضطرابات المزاج على التركيز على قدراتهم وكفاءاتهم الإيجابية، وكذلك على صفاتهم التي تُشعِرهم بالرضى والكرم والمرح والسعادة من الداخل.

نستطيعُ جميعاً قولَ العبارات التشجيعية لأنفسنا، فالأمر عبارةٌ عن قول أمورٍ جيدة عن أنفسنا فحسب بدلاً من الاعتياد على قول الأشياء السيئة عن أنفسنا أو التفكير بها حتى، وربما نستطيع بذلك ابتكارَ نورٍ داخليٍّ لأنفسنا والشعورَ بالسعادة والفرح من خلال الإحساس بذلك النور.

في النهاية، لا بدَّ أن أذكِّرَ بالمثل القديم الذي يشير إلى أنَّ السعادة الحقيقية تنبع من داخل الإنسان، وليس من الأشياء والممتلكات التي تحيط به.

إقرأ أيضاً: كيف تحول شتاءك إلى موسم استشفاء

3. التغلُّب على الشعور بعدم الرغبة في فعل شيء:

تُعَدُّ هذه المشكلة مسألةً هامة للغاية، فلا بدَّ أنَّك نويتَ أن تستيقظ باكراً لممارسة التمرينات الرياضية أو البدء بعادة جديدة وإدخالها إلى حياتك ولا سيَّما خلال أشهر الشتاء، لتجدَ نفسك كسولاً ولا تقوى على مغادرة السرير وتأخذ غفوةً قصيرة تلوَ الأخرى في الصباح مبرِّراً ذلك بأنَّك لا تشعر بالرغبة في النهوض من السرير.

سأكتفي بالقول إنَّني لا أُستثنى من تلك العادة البشعة، وقد توصلتُ لتسميتها بعادة عدم الرغبة في فعل شيء، التي تظهر من خلال جملٍ أو عبارات عدة مثل: "لستُ في مزاجٍ مناسب لذلك" أو "أعلم أنَّه يجب أن آكل الطعام الصحي بدلاً من الأطعمة الضارة، ولكنَّه لا يبدو شهياً في الوقت الحالي".

إنَّ شعورنا بأنَّنا لسنا في مزاجٍ مناسب لفعل شيء ما أو عدم رغبتنا في فعل أمرٍ مُعيَّن ما هو إلَّا السماح لأنفسنا بالتصرف بطريقة تلقائية دون أي تفكير يردعنا عن ذلك، وهذا يمنح مشاعرنا وعواطفنا القوةَ لتُملي علينا ما يجب فعله، إضافة إلى كيفية وتوقيت فعل ذلك.

تشير عباراتٌ مُحدَّدة مثل قول: "لا أرغب بذلك" أو "لستُ في المزاج المناسب لذلك" أو "لا يبدو هذا الأمر جيداً في الوقت الحالي" إلى أنَّنا نسمح لأجسادنا بأن تملي علينا القرارات التي نتخذها بدلاً من ممارسة حرية الإرادة التي تُعَدُّ من أعظم الهبات في حياتنا، وذلك من أجل اختيار تصرفاتنا وسلوكاتنا بناءً على الأشياء والقِيم التي نقدِّرها.

إنَّ أنجع طريقة للتغلب على العادة السابقة هي صرف النظر أو تجاهل العامل العاطفي الذي يدفعك للتفكير بأنَّك لا ترغب بفعل أمرٍ ما، ومن ثمَّ تنفيذ ذلك الأمر بصورة واعية ومُتعمَّدة على أي حال.

أعلم أنَّ تطبيق هذا ليس بالأمر السهل، ولكنَّ القليل من الوعي والإدراك يحقق تقدُّماً ونجاحاً هاماً في التغلب على تلك العادة السيئة، وستتمكن في نهاية المطاف من خلال المثابرة واليقظة الكاملة والتدريب المستمر والمتواصل من التغلب على العادة السابقة التي تُعَدُّ أشيعَ العادات وأكثرها انتشاراً في حضارتنا الحديثة وتمنعنا من عيش وتجربة التغيرات التي نرغب فيها بشدة.

كآبة الشتاء

4. زيادة النشاط البدني وممارسة التمرينات الرياضية:

تجد الأبحاث الحديثة أدلةً جديدة باستمرار تدعم وجودَ علاقةٍ أو ارتباط واضح ومؤكَّد بين الجسم والعقل البشري، وتؤكِّد بأنَّ طريقة تعاملنا مع أجسادنا تؤثر تأثيراً مباشراً وملحوظاً في مشاعرنا وحالتنا المزاجية.

على سبيل المثال، تتجلى إحدى التمرينات المفيدة في تحسين المزاج ولا سيَّما حين لا يكون المرء في مزاجٍ مناسب لفعل أمرٍ ما باتخاذ قرارٍ واعٍ ومُتعمَّد بالنهوض من السرير وزيادة النشاط والحركة البدنية من خلال ممارسة التمرينات الرياضية؛ إذ ستحصد فوائد إيجابية أكثر بكثير عندما تذهب إلى المشي في نزهةٍ بسيطة مقارنةً بعدم فعل أي شيءٍ على الإطلاق.

تحفز ممارسة التمرينات الرياضية أيضاً إطلاقَ الإندورفينات والدوبامين؛ وهما نوعان من المواد الكيميائية المسؤولة عن الشعور بالرضى التي يصنِّعها الدماغ البشري لإبقائنا سعداء ومتحفزين باستمرار، ومن ثمَّ كلَّما قلَّت ممارسة المرء للتمرينات الرياضية، قلَّ انتشار تلك المواد الكيميائية الباعثة على السعادة في أنحاء جسده.

كذلك، تحفز ممارسة التمرينات الرياضية - ولا سيَّما عندما تكون عالية الشدة بما يكفي - جزءاً مُعيَّناً من الجهاز العصبي لدى الإنسان، وهذا يساعد بصورة إضافية على كبح الشهية، وبذلك لا تبدو تلك الأطعمة الضارة والباعثة على الراحة النفسية مغريةً وجذابةً بعد الآن.

5. التركيز على تناول الطعام الصحي:

لا يمكن إنكار الشعور الخاص والمُميَّز الذي نشعر به عند تناول الطعام الشهي، وذلك من الناحيتين الجسدية والعاطفية؛ إذ تُشعِرنا الأطعمة الباعثة على الراحة النفسية بالراحة والسعادة، ومن هنا اكتسبَت ذلك الاسم.

أما بالنسبة إلى أضرار تلك الأطعمة، فأولاً وقبل كل شيء تكون أغلبيتها ضارةً وغير صحية بصورة خطِرة وتؤدي إلى الإصابة بزيادة الوزن والبدانة الوشيكة والاستقلاب غير الفعال، كما أنَّها مُشبَعةٌ عادةً بالدهون الضارة والسكريات المُعالَجة أو المُصنَّعة وغيرها من المواد الكيميائية المُضافة.

ثانياً، تمنحنا الأطعمة الباعثة على الراحة النفسية شعوراً مُحبَّباً بالرضى الفوري أو المتعة الآنية، فإجمالاً، نحن نكيِّفُ أجسادنا وعقولنا لتقبُّل تلك الطريقة في تناول الطعام، وهذا يجعلنا نشعر بالرضى والسعادة في أثناء تناولنا لتلك الأطعمة وربَّما لفترةٍ قصيرة بعد ذلك، ولكنَّنا نهمل أو نتجاهل الطريقة المحسِّنة للمزاج التي تكون صحيةً أكثر وتتمثل بتناول الطعام بطريقة تُشعرنا بالرضى والراحة طوال الوقت وليس لفترة قصيرة فحسب.

إقرأ أيضاً: أهم النصائح للحصول على الطاقة والنشاط في فصل الشتاء

تؤثر الأطعمة التي نتناولها في حالتنا المزاجية؛ وذلك لأنَّ المزاج نتيجةٌ لعمليات كيميائية مختلفة تحدث داخل الدماغ والجسم، وتملك الأغذية تأثيراً مباشراً في هذه العمليات الكيميائية.

إذاً، من خلال تناول الأطعمة التي تساهم في التمتع بمزاج أفضل، نحن لا نتخذ فحسب قراراتٍ صحية أكثر بشأن ضبط الوزن والتغذية الصحية؛ وإنَّما نتحكم بمشاعرنا وعواطفنا ونسيطر عليها كذلك.

على سبيل المثال، تشتهر الأطعمة الغنية بالبروتين الكامل كاللحم الخالي من الدهن والبيض والأسماك والفاصولياء والبقوليات بأنَّها تحسِّن المزاج وتساعدنا على الشعور بصحة أفضل من خلال تزويد أدمغتنا بالأحماض الأمينية التي تُعَدُّ لَبِنات البناء الرئيسة التي يحتاجها الدماغ لإنتاج المواد الكيميائية والهرمونات داخل أجسادنا، والتي يمكنها أن تحسِّن المزاج بصورة طبيعية وتحول دون التعرض للشهية المفرِطة لطعامٍ ما.

قد يكون استخدام المكمِّلات الغذائية أو العشبية فكرةً جيدةً كذلك، لكن يجب عليك استشارة طبيبك بشأن ذلك مُسبَقاً أو طلب النصيحة من خبير تغذية محترف.




مقالات مرتبطة