من الهام التمييز بين التوتر الحاد والتوتر المزمن؛ حيث تشمل أمثلة التوتر الحاد التوتر الذي تواجهه بعد الخوض في جدال مع أحد الموظفين، أو القيام بعرض تقديمي هام، أو المعاناة خلال يوم سيء في العمل، أو السعي الحثيث لإتمام عمل في موعده المحدَّد، وجميعها أحداث قصيرة الأمد ولا تدوم طويلاً، وعلى النقيض من ذلك، فإنَّ التوتر المزمن مستمر وينتج عن التحفيز الدائم لاستجابة الجسم للضغط.
قد يكون من الصعب أحياناً التمييز بين التوتر الحاد والمزمن، وفي كثير من الحالات، يتحول التوتر الحاد إلى مزمن. لكنَّ جسم الإنسان مجهَّز جيداً للتعامل مع التوتر الحاد، بالتالي يمكِنه التكيُّف معه والتعافي منه بسرعة، ومع ذلك، عندما يصبح التوتر متكرراً على الأمد الطويل؛ فإنَّه يسبب مشكلات صحيَّة، إذ يصبح جسدك مرهقاً وقد تصل إلى مرحلة الانهيار.
من المحتمل أنَّك تعاني من التوتر المزمن في حال نشب خلاف بينك وبين نفس الموظف كل يوم، أو تواجه ضغطاً مستمراً في العمل، أو تشعر دائماً بأنَّك لستَ مناسباً لوظيفتك كمدير بشكلٍ كافٍ.
كمدير أعمال، تختلف الضغوطات التي تتعرض لها عن تلك التي يعاني منها الموظفون بشكل عام، وإليك فيما يلي أكثر الضغوطات شيوعاً:
1. محاولة تحقيق مزيدٍ من الإنجازات بموارد أقل من كافية خلال فترة زمنية قصيرة:
أنت كثيراً ما تحاول أن تنجز مزيداً من الإنجازات بموارد أقل، وبشكلٍ أسرع، وربما تكون قد قررتَ فتح فرع لنشاطك التجاري في مكان آخر ولكن ليس لديك الميزانية الكافية أو عدد الموظفين اللازم، وحتى لو كانت لديك الموارد اللازمة، فقد لا يكون لديك الوقت الكافي، وإذا كنتَ تدير شركةً تجاريةً عامة، فمن المحتمل أنَّك تواجه ضغوطاً شديدة لإرضاء المساهمين في أثناء محاولتك الحفاظ على شركتك وإعداد موظفيك لتحقيق النجاح على الأمد الطويل، ولكن من المستحيل إرضاء جميع المساهمين دائماً؛ بل ستحتاج إلى اتخاذ خيارات صعبة. فاستعدَّ لذلك.
لتسيطر على هذا النوع من التوتر؛ عليك التركيز على المَهمة الحالية من خلال التخطيط والتنظيم وتحديد الأولويات، حيث سيكون من الجيد تحديد وتوضيح التوقعات المرجوَّة من المَهمة والالتزام بجدول زمني، ومع زيادة التركيز، سيَقلُّ الضغط الناجم عن المهام الصعبة، والأفضل من ذلك، سوف يَقلُّ الضغط المستقبلي المتعلق بالمهام التالية إلى الحد الأدنى أو حتى ستتخلص منه، لذلك عليك أن تحافِظ على هدوئك.
2. التعامل مع الجوانب السلبية للعلاقات الشخصية:
العلاقات الشخصية القوية هي مفتاح للعمل المزدهر، وبالطبع العلاقات السيئة بينك وبين موظفيك لها تداعيات كثيرة، فقد ثَبُتَ أنَّها تقلل الرضا الوظيفي، وتزيد من التوتر والاكتئاب، كما ثَبُتَ أنَّ العلاقات السيئة في العمل تؤثِّر في خدمة العملاء، وهذا ما يدعى بتأثير الدومينو (هو تفاعل تسلسلي يَحدث عندما يسبب تغيير صغير، تغييراً مماثلاً بجواره والذي بدوره سيحدث تغييراً مماثلاً وهكذا دواليك في تسلسل خطي)، فعندما تكون العلاقات ضعيفة، يمكِن للمشاريع والمبادرات أن تتضرر لدرجة تعرُّض الشركة للخطر.
يتطلب بناء العلاقات مهارة واهتماماً مستمراً؛ فكما قال رجل الأعمال الأمريكي وارن بافيت (Warren Buffett)، "يستغرق بناء سمعة طيبة 20 عاماً وخمس دقائق لتدميرها"، حيث يمكِن تحسين العلاقات بينك وبين موظفيك من خلال تعلُّم كيفية إدارتهم بشكل أفضل، واكتشاف الصعوبات المحتملة في العمل، وإيجاد أفضل الحلول لها. كما أنَّ إجراء نشاطات مشتركة لفريق العمل يساعد في تحسين العلاقات الشخصية فيما بينهم.
3. المنافسة وقلة العمل الجماعي بين الموظفين:
"السامُّون في العمل" هم أشخاص مدمرون للزملاء والشركة، وشائعون جداً في مكان العمل، ولهم أشكال مختلفة؛ منهم: الموظفون شديدو التنافسية: وهم الأشخاص الذين يتنافسون بشكلٍ مفرط للارتقاء إلى القمة، وغالباً ما يفعلون ذلك على حساب الآخرين، كما تجدهم يتملَّقون المدير باستمرار ليحظوا بترقية أو علاوة لا يستحقونها، ويشمل الموظفون السامُّون أيضاً الأشخاص غير الملتزمين بالعمل والذين لا ينجزون المهام المترتبة عليهم، وفي كلتا الحالتين، فإنَّ النتائج مدمِّرة وتؤدي إلى مستويات عالية من التوتر لك ولزملائك في العمل، حيث أثبتَت الدراسات أنَّ الموظفين أكثر عرضة بمقدار 54% لمغادرة العمل إذا انضمَّ موظف سامٌّ واحد إلى فريق مكون من 20 شخص.
شاهد بالفديو: 12 طريقة فعالة لتعزيز العمل الجماعي
4. انخفاض الأداء تبعاً لقوانين العمل:
يُعدُّ انخفاض الأداء عاملاً مجهداً يؤثِّر في الموظفين والمديرين على حدٍ سواء، ولسوء الحظ، غالباً ما تقع مَهمة معالجته وإيجاد حلول له على عاتق المدراء، وطالما أنَّ الموظفين يتبعون قانون العمل وبروتوكول الشركة، فإنَّ العديد من المديرين يتخذون موقفاً قائماً على عدم التدخل، وبالتالي ستكون النتائج معوِّقة للتقدم؛ مما يؤدي إلى انخفاض الإنتاجية، ومعدلات التحفيز، ومغادرة الموظفين، وبالتأكيد مزيدٍ من التوتر.
وبينما يتعامل قسم الموارد البشرية مع بعض المشكلات المتعلقة بالأداء، على سبيل المثال: (سوء السلوك أو الغياب المستمر)، إنَّما يجب معالجة معظمها من قِبَل المدير المباشر للموظف من خلال تحديد توقعات واضحة، وتوفير التدريب الكافي، وتحفيز الموظفين بشكل كافٍ.
5. العملاء المتطلِّبون بشكل غير معقول:
إدارة العلاقات مع العملاء صعبة، ومن المعروف أنَّه عليك أن تعامل العميل كالملك؛ فمن البديهي المنافسة لنيل رضا العملاء، ولكن يمكِن للعملاء تشتيت تركيز النشاط التجاري والتسبب في ضغوط لا داعي لها، فالمصدر الأكثر شيوعاً للتوتر من العملاء هو طلباتهم غير المعقولة، ولا تلبي أكثر الشركات فاعليةً احتياجات العملاء فحسب؛ بل تتجاوزها، فهم يركزون على أصغر التفاصيل ويخلقون ثقافات تتمحور حول إرضاء العملاء، وعندما تكون طلبات العملاء متعجرفة للغاية؛ فإنَّهم يتراجعون ويبحثون عن حلول بديلة. إذاً يمكِنك تعلُّم كيفية التغلُّب على التوتر المزمن، لكنَّ الأمر يتطلب منك جهداً حثيثاً للقيام بذلك.
أضف تعليقاً