إذا كان شخص ما يعاملك بطريقة سيِّئة حقاً أو يكذب عليك ويخدعك في أمر ما، فإنَّ الشعور بعدم الأمان هو استجابة طبيعية ومنطقيَّة، ومع ذلك إذا كانت علاقتك جيِّدة عموماً مع شخص ما، فقد حان الوقت لـ:
1. التوقُّف عن محاولة قراءة أفكار الشريك:
تبدأ معظم مشكلات العلاقات والقلق الاجتماعي المُصاحِب لها بالتواصل السيِّئ؛ ممَّا يؤدي بدوره إلى محاولة قراءة أفكار الشريك، وتحدثُ قراءة الأفكار عندما يَفترضُ شخصان أنَّهما يعرفان ما يفكر فيه الآخر ويكون ما يفترضانه خاطئاً، فإنَّ عملية التساؤل ومحاولة تخمين ما يفكر فيه شخص تؤدي إلى الشعور بعدم الأمان والتوتر.
إذا قال أحدهم أمراً ما، فلا تفترض أنَّه يعني شيئاً آخر، وإذا لم يقُلْ شيئاً على الإطلاق، فلا تفترض أنَّ لِصَمتِهِ بعض الدلالات السلبية الخفيَّة؛ وبالمثل لا تجعل الناس في حياتك يحاولون قراءة أفكارك، ويجب أن تكون أقوالك مطابقة لأفعالك؛ لذا امنح الأشخاص في حياتك المعلومات التي يحتاجون إليها بدلاً من أن تتوقَّعَ منهم أن يعرفوا ما هو غير معروف.
من الهام أيضاً أن تتذكَّرَ أنَّه لا يُفترَض أنَّك تعرف كل شيء صغير يدور في أذهان الآخرين حتى الأشخاص المقرَّبين منك، وعندما تتوقف عن محاولة قراءة أفكارهم، فإنَّك تبدأ حقاً باحترام حقوقهم في الخصوصية؛ إذ يستحق كل فرد الحق بأفكاره الخاصة، وإنَّ توجيه سؤال: "فيمَ تفكر؟" باستمرار، يُمكِنُ أن يدفع الشخص إلى الانسحاب من العلاقة لإيجاد مساحته الخاصة.
2. التوقُّف عن البحث عن العلاقات المثالية:
سينتهي بك الأمر إلى قضاء حياتك بأكملها بلا أمل في البحث عن الشريك المناسِب والأصدقاء المناسبين إذا كنتَ تتوقع منهم أن يكونوا مثاليين، والأسوأ من ذلك أنَّ القيام بذلك سيدفعك إلى الجنون؛ لأنَّك ستشعر أكثر فأكثر بعدم الأمان مع كل علاقة فاشلة لا ترقى إلى مستوى خيالك من المثالية.
نسعى جميعاً إلى تلك العلاقات المميزة التي تبدو مثاليةً بالنسبة إلينا، لكنْ إذا كنتَ قد مررتَ بعلاقات كافية، فستبدأ بإدراك أنَّه لا يُوجَد أشخاص مثاليون بالنسبة إليك، فقط أشخاص غير مثاليين يناسبونك بصورة مثالية؛ وذلك لأنَّنا جميعاً غير مثاليين بطريقة ما، وأنت نفسك غير مثالي من نواحٍ عدَّة، وتسعى إلى بناء علاقات مع أشخاص غير مثاليين بطرائق متكاملة.
يتطلَّب الأمر الكثير من الخبرة الحياتية لتنمو بصورة كاملة وتدرك عيوبك، ولن تكون قادراً على اختيار العلاقات الملائِمة بكفاءة حتى تواجه عيوبك العميقة، وعيوبك التي لا يُمكِنُ إصلاحها هي التي تحدِّدُ هويتك حقاً، وعندها فقط تعرفُ أخيراً ما تبحث عنه.
3. التوقُّف عن الحكم على العلاقات الحالية بناءً على العلاقات السابقة:
فكِّر في تلك الأوقات التي أصدرتَ فيها حكماً غير عادل على شخص لمجرَّد أنَّه ذكَّركَ بشخص من ماضيك عاملَكَ معاملةً سيِّئة، وللأسف يُصدِر بعض الأشخاص الأحكام مثل هذه طوال مدة علاقاتهم طويلة الأمد؛ وذلك لأنَّهم كانوا مرتبطين ذات مرة بشخصٍ سيِّئ أو غير صادق أو لأنَّه تركهم، فإنَّهم يستجيبون استجابة حذرة إلى أي شخص آخر يقترب منهم، على الرغم من أنَّ هذه العلاقات الجديدة طيبة وداعمة.
إذا كنتَ تنقل ذكرياتك القديمة من العلاقات الفاشلة في ماضيك إلى علاقاتك الحالية، فستنهار علاقاتك الحالية وستفشل؛ لذلك إذا كنتَ تشكُّ في أنَّك تُجري مقارنات غير عادلة بين علاقاتك الحالية وأخرى سلبية من الماضي، فتوقَّفْ لحظة وفكِّر بوعي في الصفات المؤذية لهذه العلاقة القديمة والسلبية، ثم فكِّر في كل الطرائق التي تنجح فيها علاقاتك الحالية، وسيُساعدك هذا التمرين البسيط على التخلُّص من الذكريات القديمة ويُذكِّرُكَ بأنَّ آلام الماضي لا تشير إلى احتمال تكررها في الحاضر.
شاهد بالفيديو: كيف تتعامل مع انعدام الأمان والغيرة في علاقتك العاطفية؟
4. التوقُّف عن اختلاق المشكلات غير الموجودة:
إنَّ اختلاق المشكلات في أذهاننا ثم تصديقها هو طريق واضح لتخريب الذات، وفي كثير من الأحيان نُغذِّي أنفسنا بالتنبؤات المُقلِقة، ونخدعُ أنفسنا بالتفكير السلبي، ونعيش في نهاية الأمر في حالة من الهلوسة بشأن أسوأ السيناريوهات، فنحن نتغاضى عن كل شيء ما عدا الحقيقة الواضحة والصريحة والبسيطة والصادقة.
عندما تختلق مشكلات في علاقاتك، فإنَّ علاقاتك ستفشل في النهاية، وغالباً ما يكون انعدام الأمان هو السبب، فإذا كنتَ تشك في نفسك ولا تدرك قيمتك، فستفوِّت فرصة السماح للآخرين بالاهتمام بك، وستبقى عالقاً في مشكلات عدم الأمان التي تُثقِل كاهلك.
ما تحتاج إلى إدراكه هو وجود الخصوصيات الطبيعية لأيَّة علاقة، كما تُوجَدُ تقلبات وتغييرات في الحالة المزاجية، ولحظات من المودة والتقارب ولحظات من الخلاف، وهذه التقلبات أمر طبيعي.
في المرة القادمة التي تشعر فيها بعدم الأمان، وتجد نفسك متوتراً بشأن مشكلات غير موجودة؛ توقَّفْ عن ذلك وخُذْ نفساً عميقاً، ثم قُلْ لنفسك: "هذه المشكلة التي أنا مهتم بها موجودة فقط في ذهني"، وتُعَدُّ القدرة على التمييز بين ما تتخيَّله وما يحدث بالفعل في حياتك خطوة هامة نحو الثقة بالنفس.
5. التوقُّف عن التركيز في السلبيات:
لا يُوجَدُ شيء اسمه علاقة مثالية، وحتى لو بدَت مثالية الآن، فلن تكون كذلك دائماً، ومع ذلك فإنَّ عدم المثالية أمر حقيقي وجميل؛ إذ إنَّ السعادة بين شخصين تتطور بصورة مباشرة بحسب تقبُّلهما لبعضهما بعضاً، وتتدهور كلَّما كانا أقل تسامحاً وزادت توقعاتهما من بعضهما؛ إذ إنَّها طريقة التقبُّل بين شخصين وتعاملهما مع عيوب علاقتهما التي تجعلها مثالية.
بالتأكيد هذا لا يعني أنَّه يجب عليك تقبُّل كل شخص يرغب في تقبُّلك في حياتك، حتى لو كان من الواضح أنَّه ليس مناسباً لك، ولكنَّ هذا يعني إذا كانت لديك صعوبات مختلفة في علاقاتك، فلا يتعيَّن عليك الاستنتاج مباشرةً بأنَّ العلاقة بأكملها سيِّئة، والانزعاج لدرجة أنَّك تعتقد بأنَّ العلاقة ستنتهي، أو الشعور بعدم الأمان لدرجة أنَّ الشخص الآخر يُشكِّكُ في نواياك.
لن تنجح أيَّة علاقة جيدة دائماً بلا عيوب طوال الوقت، وكونك مثالياً جداً أو غير مثالي أكثر من اللازم يسبِّبُ مشكلة؛ إذ ستُوجَدُ صعوبات دائماً، لكنْ ما يزال في إمكانك التركيز في الأمور الجيدة.
يبحث الأشخاص غير الآمنين باستمرار عن علامات تدلُّ على عدم نجاح علاقاتهم؛ لذا كل ما عليك القيام به هو البحث عن العلامات التي تدل على نجاحها.
في الختام:
إنَّ تقديرك لمدى روعة الأشخاص في حياتك يؤدي إلى نتائج جيدة ومفيدة ومُرضية ويمنحك إحساساً بالأمان؛ لذلك لاحِظْ مميزات الأشخاص القوية، واحتفِ بنجاحاتهم، وحفِّزهم على تحقيق أهدافهم وطموحاتهم، كما عليك أن تتحدَّاهم ليكونوا في أفضل حالاتهم، وكل يوم اعترف كم هم رائعون.
أضف تعليقاً