كما تثير الأخبار السلبية ووسائل التواصل الاجتماعي التي نعرِّض أنفسنا لها بصورةٍ يوميةٍ غضبَنا واستياءَنا على الدوام؛ حيث تجعلنا هذه العواطف متردِّدين؛ فنفقد تركيزَنا ويتعكر صفاء أذهاننا.
كما أنَّنا نسمح لأنفسنا بأن نعيش في ذكريات الماضي؛ حيث تثير الأخطاء التي ارتكبناها والظلم الذي ارتكِب بحقنا مشاعرَ الغضب والارتباك في داخلنا. تشوِّش جميعُ هذه المشتِّتات والأحداث الخارجية التي لا نستطيع التحكم بها، والتجارب المؤلمة التي واجهناها في الماضي تركيزَنا الذهني؛ فتراودنا أفكار سلبية تعكر صفو حياتنا، وتسرق منَّا مستقبلاً مشرقاً كان من الممكن أن نحصل عليه لو وجَّهنا تركيزَنا نحو ما نصبو إلى تحقيقه، ولو اتخذنا الخطوات اللازمة لتحقيقه، وحظينا بالحياة التي لطالما حلمنا بها.
لذا، سنقدِّم إليك 12 استراتيجيةً بسيطةً ستقودك نحو المسار الصحيح، وتساعدك على تعزيز صفاء ذهنك لتكتشف ما تود تحقيقه في كل يوم من حياتك:
1. الخروج في نزهة:
إنَّ أيَّ نوعٍ من التمرينات الرياضية كفيلٌ بتصفية ذهنك، إلَّا أنَّ إحدى أكثر الطرائق فاعليةً في تحقيق ذلك هي التنزُّه في أحضان الطبيعة؛ وحتى لو كنتَ بعيداً عنها، فالتجوُّل حوالي عشرين إلى ثلاثين دقيقة فقط في حيِّك سيحقق النتيجةَ ذاتها؛ ذلك لأنَّ التحرُّكَ بحد ذاته سيجعل أفكارَك أكثر إيجابية، ممَّا سيساعدك على التفكير في الأمور بشكلٍ أكثر فاعلية.
2. شرب عصير الليمون مع الماء كل صباح:
جرِّب شرب كأس من عصير الليمون مع الماء كل صباح، وستُذهِلك النتائج؛ حيث ستشعر بأنَّك تتمتع بصحة أفضل وذهنٍ صافٍ في غضون عشرين دقيقة. حيث يوصي عديدٌ من اختصاصيي الرعاية الصحية بشرب كوب من عصير الليمون مع الماء (أي عَصر نصف ليمونة في كوب من الماء) لكسب فوائده الجمَّة على صحتنا الجسدية؛ الأمر الذي سيؤثِّر بدوره في صحتنا النفسية بشكلٍ إيجابي.
يتكامل عمل عقولنا وأجسادنا معاً؛ حيث يؤثِّر تعرُّضنا لاعتلال جسدي سلباً في صحتنا النفسية والذهنية، والعكس صحيح. وأمَّا حينما نشعر بالحيوية والنشاط، يغمرنا شعور رائع ويتجدد عزمنا وهمَّتنا؛ لذا فإنَّ بدء صباحك بشرب كوب من عصير الليمون مع الماء لن يؤدي إلى تعزيز صحتك الجسدية فحسب، بل سيحسِّن صحتك النفسية ونشاطك الذهني بشكلٍ مباشرٍ.
3. التخطيط ليومك في الليلة السابقة:
حينما تخطِّط ليومك في الليلة السابقة، تبدأ نهارك وأنت تدرك ما ترغب في تحقيقه تماماً؛ إذ لا يفكر معظم الناس أبداً في ما يودُّون إنجازه؛ بل يعيشون تحت رحمة الأحداث المحيطة، والتي نادراً ما تكون لصالحك، لأنَّها غالباً ما ترتبط بأزمات الآخرين؛ لينتهي بك الأمر بالعمل وفقاً لخطط غيرك، وعدم القيام بأي أمر لتحقيق أهدافك الأسمى. أمَّا إذا كنتَ تعرف ما تريد تحقيقَه قبل أن تبدأ يومك، فسيتَّضح ما تريده أمامك أكثر، وستعمل على تحقيقه بعزمٍ أكبر.
4. النظر إلى الصورة الكبيرة للأمور:
يُعدُّ النظر إلى الصورة الكبيرة للأمور طريقةً أخرى لتحقيق الصفاء الذهني؛ حيث ننغمس في أمور صغيرة لا طائل منها، ونغفل عن رؤية الصورة الشاملة للأمر الذي نفعله والسبب الذي يدفعنا للقيام به. فهل سبق وشعرتَ بأنَّ جلَّ ما تفعله في حياتك هو تحقيق متطلبات معيَّنة تُملي نفسها عليك؟ هذا ما يحدث حينما ننغمس في التفاصيل، ونغفل عن الأسباب التي تدفعنا لفعلِ أمرِ ما؛ لكن حينما تتذكر ما ترغب بتحقيقه والسبب الذي يدفعك للقيام به، فستتَّضح جميع أهدافك أمامك بصورةٍ أفضل.
5. توضيح أهدافك:
ترتبط هذه الاستراتيجية بسابقتها؛ حيث ينبغي أن تتذكر دائماً الهدف الذي تسعى لتحقيقه؛ فغالباً ما تُحدَّد العملية قبل البدء بالمشروع، ولا أحد يتريَّث قليلاً ليسأل عمَّا إذا كان ما تفعله كل يوم يقودك نحو الهدف الصحيح؛ إذ لعلَّك تعتقد بأنَّك تحرز تقدُّماً، ولكن إذا كان ذلك التقدُّم يبعدك عمَّا تحاول تحقيقه أكثر فأكثر، فسيضيع جهدك سُدىً.
لذا راجِع أهدافَك بصورةٍ دائمة؛ فإذا كنتَ ترغب في إنقاص وزنك مثلاً، فإنَّ العمليةَ بسيطةٌ للغاية ولا تتطلب سوى أن تخفِّفَ كمية الطعام التي تتناولها، وتمارس مزيداً من التمارين الرياضية؛ ولكن إذا كنتَ تفعل كل ذلك ولا تلاحظ أنَّ وزنَك ينقص، فعليك إذاً مراجعة النتائج التي تحرزها وتحديد الخطوات التي عليك تغييرها لتحقيق الهدف الذي تريد.
6. تحديد ما هو هام بالنسبة إليك:
إذا كنتَ لا تدرك وجهتك وأهدافك، فكيف ستعرف متى ستتمكن من تحقيقها؟
إنَّ البشرَ مخلوقاتٌ مذهلة؛ إذ إنَّنا الكائناتُ الحية الوحيدة التي تتمتع بالقدرة على اتخاذ الخيارات؛ الأمر الذي يُعدُّ السبب الكامن وراء عديدٍ من مشكلاتنا؛ فإذا غرستَ شجرةً مثلاً، فلا يسعها سوى أن تنمو بقدر ما تسمح لها البيئة التي زرعتَها فيها بذلك؛ حيث لا تستطيع أيٌّ من الكائنات الحية اتخاذ خيارات سوى البشر؛ إلَّا أنَّها تنمو إلى أقصى حد ممكن.
على الجانب الآخر، رغم أنَّ الله سبحانه وتعالى منحنا نعمة الاختيار، إلَّا أنَّ معظم الناس لا يختارون أن يبلغوا أقصى إمكاناتهم؛ بل نفضِّل الجلوس على الأريكة والإفراط في متابعة الأخبار السلبية على منصات التواصل الاجتماعي بدلاً من تطوير أنفسنا.
وإذا كنتَ ترغب في أن تعيش حياتك بأقصى إمكاناتها، فحدِّد ما يهمك وافعل كلَّ ما في وسعك لتحقيق ذلك؛ فحينما تدرك ما تريد ولماذا تريده، فستقترب من تحقيق هدفك بمعدل 80%، وأما الـ 20% المتبقية، فتمثِّل الجهد الذي تبذله لتحقيقه.
7. الاهتمام بالجوانب الخمسة الأساسية للرعاية الذاتية:
ثمَّة خمسة جوانب عليك أن تحرص على العناية بها يومياً، وهي: النوم، والغذاء، والماء، والتمرينات الرياضية والتخطيط.
- النوم: إذا كنتَ لا تحصل على قسطٍ كافٍ من النوم، فسيؤثِّر ذلك في وظائف دماغك سلباً بشكلٍ ملحوظ؛ كما ستنخفض قدرتك على التذكُّر والتركيز ومقاومة الأمراض وكثيرٍ غيرها؛ وبالتأكيد، لن تتمتَّع بالصفاء الذهني إذا كنتَ لا تحظى بنومٍ عميقٍ.
- الغذاء: يغذِّي كل ما تأكله جسدك ويمدُّه بالطاقة؛ فإذا كانت الأطعمةُ التي تتناولها مشبَعةً بالكربوهيدرات المكررة والسكر والدهون غير الصحية، فستُجبر جسدك على العمل بجهد أكبر ليحافظ على توازنه. فعندما تتناول طعاماً غير صحي بإفراط، قد تضطرب بعض وظائف الدماغ؛ وهذا هو السبب الذي يجعلنا نشعر بالخمول خلال فترة بعد الظهر؛ حيث تسبب الكربوهيدرات الزائدة ردة فعل في جسدك فيرتفع هرمون الأنسولين في دمك، وقد تشعر بالنعاس. تذكَّر دوماً أنَّ العقل السليم في الجسم السليم.
- الماء: إنَّ أولَ أمر تفقده حينما تُصاب بالتجفاف هو قدرتك على التركيز؛ وأما في حالات التجفاف القصوى، ستعاني من التخليط الذهني وغيرها من أعراض الوهن؛ فمجرَّد انخفاض بسيط في إماهة جسدك كفيلٌ بأن يفقدك قدرتك على التركيز أو التمتع بالصفاء الذهني؛ لذا احرِص على شرب كميات كافية من الماء خلال اليوم.
- التمرينات الرياضية: تُعدُّ ممارسة التمرينات الرياضية من أفضل الطرائق لاستعادة صفاء ذهنك؛ حيث تعمل أدمغتنا بشكلٍ أفضل حينما نحرِّك أجسادنا. لقد عاش أسلافنا معظم حياتهم كفريسة تطاردهم الحيوانات المفترسة؛ حيث أدى ذلك إلى تطوير أدمغتنا آلية للبقاء على قيد الحياة والتي تعمل بشكل أفضل في أثناء محاولة الهرب منها. لقد اختلفَت الأمور في وقتنا الحالي، إلَّا أنَّ دماغك لا يدرك ذلك؛ لذا عليك ممارسة الرياضة كالخروج في نزهة أو الجري أو الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية حينما يجتاحك التوتر وترغب في أن تنعم بالصفاء الذهني مجدداً.
- التخطيط: إذا كنتَ ترغب في تحديد ما تفعله يومياً بوضوح أكبر، فضع خطةً تحقِّق لك ذلك. ليس بالضرورة أن تخطط لإدارة يومك بكل تفاصيله؛ فكل ما تحتاجه هو إنشاء قائمة بالأمور التي تعرف أنَّ عليك القيام بها كل يوم؛ فحينما تبدأ يومك وأنت مدركٌ تماماً لما عليك تحقيقه، ستُدهَش من قدرتك العالية على التركيز.
شاهد بالفيديو: 12 وسيلة فعالة للرعاية الذاتية لا يمكنك العيش دونها
8. الانتباه إلى الأفكار التي تراودك:
يقول رائد الأعمال جيم رون (John Rhon): "قِف حارساً على باب عقلك؛ فأنت وحدك مَن يقرِّر أي من الأفكار والمعتَقدات تدخل حياتك؛ ذلك لأنَّها تحدِّد مقدار غناك أو فقرك؛ ومدى شعورك بأنَّك لديك نعمة أم نقمة".
إذا بدأتَ يومك في قراءة الأخبار أو تصفُّح مواقع التواصل الاجتماعي، فأنت تسمح بذلك للسلبية بالولوج إلى عقلك، وهذا سيؤثِّر سلباً في يومك بأكمله؛ لذا انتبه للأفكار التي تدخله، وابدأ يومك بالتنزُّه في أحضان الطبيعة، أو حتى مجرد النظر إلى الخارج من نافذتك، والتمتع بمنظر المطر أو الثلج أو أشعة الشمس، والاستمتاع بالطبيعة ببساطتها وجمالها الباهر.
9. اتباع روتين صباحي صحي:
يُعدُّ اتباع روتين صباحي إيجابي تركِّز فيه على يومك أحدَ أكثر الطرائق فاعليةً لتعزيز الصفاء الذهني في حياتك. ليس بالضرورة أن يكون روتيناً معقَّداً، بل مجرد قضاء بضع دقائق في التمدُّد في أثناء شرب عصير الليمون مع الماء في الصباح، أو ربما عشر دقائق من التأمل أو كتابة اليوميات، ثمَّ مراجعة خططك خلال يومك.
حينما تقضي ثلاثين دقيقةً كل صباح في ممارسة طقوس الرعاية الذاتية والتفكير بالأمور، فستدرك أنَّ الصفاء الذهني سيغمرك من تلقاء نفسه دون أن تسعى بحثاً عنه.
10. الابتعاد عن متابعة الأخبار السلبية:
يؤثِّر الإفراط في متابعة الأخبار السلبية على مواقع التواصل الاجتماعي سلباً في صحتنا النفسية والعقلية؛ فلن تشعر بحالٍ أفضل حينما يُغرقك كمٌّ هائلٌ من الأخبار السلبية التي لا تعرف الانتهاء عن الكوارث والموت والدمار ومقدار الظلم الذي يشهده العالم؛ أضِف إلى ذلك الأشخاص الذين يعطون إنطباعاً عن حياة مثالية لا وجود حقيقي لها تجعلك تشعر وكأنَّ حياتك لا تحقِّق لك الرضا.
بدلاً من ذلك، اقرأ كتاباً أو تعلَّم مهارةً جديدةً أو مارس التأمل؛ أطفِئ جميع أجهزتك الذكية واسترخِ وكن ممتناً لما تمتلكه بدلاً من أن تجتاحك خيبة الأمل لما ليس لديك؛ فحينما تشعر بالسعادة والاسترخاء، ستفكِّر في حياتك وتحدِّد أهدافك بوضوح أكبر، وستستمتع بمشوارك في تحسين ذاتك من خلال التركيز على الأمور الإيجابية التي تُثري عالمك، لا تلك السلبية التي تقوِّض أحلامك.
11. تدوين اليوميات:
يُعدُّ تدوين اليوميات أحدَ أفضل السُبُل للتمتع بالصفاء الذهني؛ فإفراغ كل ما يشغل تفكيرك على الورق سيكسبك مزيداً من الوضوح حول ما تعنيه تلك الأفكار بالنسبة لك وما يمكنك فعله بشأنها.
يتيح لك تدوين اليوميات مساحةً تقيِّم من خلالها وضعك في الحياة وما تطمح في الوصول إليه دون تشتيتٍ وتشويشٍ من العالم الخارجي؛ فحينما تتخذ من تسجيل اليوميات عادةً تُضيفها إلى روتينك الصباحي، فإنَّك تكسب بذلك وسيلةً فعالةً لممارسة اليقظة الذهنية، والتي ستعزز صفاءك الذهني يوماً بعد يوم.
12. التخلّص من الأشخاص السامِّين في حياتك:
تخلَّص من الأشخاص السامِّين في حياتك؛ فأنت لستَ بحاجة إليهم؛ لأنَّهم يملؤون عالمك بالمشاعر السلبية والارتباك والعواطف التي لا تساعدك على اكتساب الوضوح في حياتك؛ بل سيغمرون حياتك بمشاعر الشك والارتباك، ولن تتمكن من التمتع بصفاءٍ ذهنيٍّ أبداً بوجودهم.
الخلاصة:
في ظلِّ عالمٍ تهيمن عليه الأخبار السلبية على مدار 24 ساعة، ويتسابق الجميع للتباهي "بحياتهم المثالية"، وتنهال علينا الإعلانات التسويقية من كل مكان، قد يكون من الصعب عليك استعادة صفاء ذهنك؛ إلَّا أنَّ الإستراتيجيات الـ 12 البسيطة هذه يمكن أن تساعدك على تحقيق ذلك.
ركِّز على حياتك وحاوِل أن تكون مشعِلاً للأمل والإيجابية في هذا العالم، وستغمرك سعادة أكبر تجاه نفسك؛ حيث ستشعر بالارتياح والتركيز، وستكون جاهزاً لمواجهة أيِّ عقبة تعترض طريقك.
أضف تعليقاً