فكِّر في الأمر، إنَّ الهدف النهائي لتحسين إنتاجيتك هو الوصول إلى النقطة التي لا تحتاج فيها أبداً إلى التفكير في الطريقة التي ستكون فيها أكثر إنتاجية؛ والهدف من السعي وراء السعادة هو الوصول إلى النقطة التي لم يعد على المرء فيها التفكير في أن يكون سعيداً أكثر.
والمغزى من تحسين علاقاتك هو أنَّه يمكنك الاكتفاء بالشخص المناسب دون البحث عن غيره؛ ولذلك فإنَّ تحسين الذات، يؤدي بطريقة غريبة في النهاية إلى نتائج عكسية وربما إلى هزيمة الذات؛ فالطريقة الوحيدة لتحقيق إمكاناتك بالفعل، أو الوفاء بكل ما عليك، أو أن تصبح ناجحاً تماماً -أياً كان ما يعنيه ذلك- هي التوقف عن محاولة أن تحقق كل هذه الأشياء في مرحلة ما.
شاهد بالفيديو: 12 مهارة جديدة لتحسين الذات بسرعة
أحد الأشياء الجميلة في شخصية "تايلر دردن" (Tyler Durden) في فيلم "نادي القتال" (Fight Club) هو أنَّه يفهم الغرور الضمني والأنانية المرتبطة بالرغبة بتحسين الذات، بالتأكيد هناك دور هام لتحسين الذات، وملايين المدونات الصوتية والكتب والندوات والمقالات التي تتحدث عن ذلك ليست جزافاً؛ فهناك أمل بالتأكيد، ولكن يعتمد الأمر على سبب اهتمامك به؛ لذلك دعنا نلقي نظرة على الهدف الأساسي منه:
طريقة التعامل مع فكرة تحسين الذات:
الأشخاص الذين يفكرون في تحسين الذات نوعان:
1. مدمنو التحسين الذاتي:
يشعر مدمنو التحسين الذاتي بأنَّهم بحاجة إلى التواجد في كل ندوة جديدة، وقراءة جميع الكتب الحديثة، والاستماع إلى جميع المدونات الصوتية، ورفع كل الأثقال، وتوظيف جميع الكوتشز المختصين بأمور الحياةوالتحدث عن الصدمات النفسية التي واجهوها في طفولتهم، سواءٌ كانت حقيقية أم خيالية.
بالنسبة إلى مدمن التحسين الذاتي، فإنَّ الغرض من تحسين الذات ليس التحسن بحد ذاته، ولكنَّ سعيهم هذا مدفوع بشكل خفي من أشكال الفومو (FOMO)؛ أي الخوف من الضياع؛ حيث يعتقد هذا الشخص بأنَّ هناك بعض النصائح السحرية أو التقنية أو بعض المعلومات الهامة التي ستخلق إنجازاته الكبيرة فيما بعد سواءٌ كان ذلك حقيقياً أم خيالياً.
يصبح التحسين الذاتي بالنسبة إلى هؤلاء الأشخاص نوعاً من الهوايات العظيمة، بحيث ينفقون كل أموالهم عليه، وهذا ما يفعلونه في إجازاتهم، وحين يلتقون بأصدقائهم وفي كل الأوقات، وقد لا يكون ذلك أمراً سيئاً بالنسبة إلى معظم الناس؛ ذلك لأنَّهم يعتقدون أنَّه من الممكن أن ينفق الفرد وقته وأمواله على أمور أسوأ من ذلك.
2. سياح التحسين الذاتي:
يفكر هذا النوع من الأشخاص في تحسين أنفسهم فقط عندما يواجهون المتاعب؛ ربما عندما يتعرضون لأمر مفاجئ كالطلاق أو وفاة شخص قريب منهم، وعندما يصبحون مكتئبين أو يتذكرون أنَّ لديهم الكثير من الديون والتي نسوا بطريقة ما سدادها خلال سنوات حياتهم الماضية.
بالنسبة إلى هؤلاء الأشخاص، فإنَّ الذهاب إلى الطبيب لمساعدتهم ليس أمراً ضرورياً إلا في حالة كان هناك خطأ ما بالفعل أو كانوا في حالة ألم شديد؛ حيث يستخدم هؤلاء الأشخاص موارد المساعدة الذاتية لإصلاح كل ما يزعجهم في حينه، بحيث يمكنهم الوقوف على أقدامهم، ومواجهة العالم مرة أخرى.
نحن نؤكد لك بأنَّ سائحي المساعدة الذاتية يستخدمون نصائح تحسين الذات بطريقة صحية وأنَّ مدمني المساعدة الذاتية -غالباً، ولكن ليس دائماً- يستخدمونها بطريقة غير صحية؛ لذلك تذكر بأنَّ التناقض الوحيد المتعلق بكل عمليات تحسين الذات هو الوصول إلى نقطة لم تعد تشعر فيها أنَّك بحاجة إلى تحسين نفسك أكثر.
إنَّ الانغماس المستمر في خيارات تحسين الذات يستمر في تغذية الشعور بعدم الكفاية؛ حيث يستخدم الكثير من الناس المساعدة الذاتية لأنَّهم يشعرون بأنَّ هناك شيئاً ما خاطئ حصل معهم، أو أنَّ الطريقة التي يتبعونها لم تعد مرضية، وتكمن المشكلة في أنَّ أي شيء يخبرك بطريقة تحسين حياتك يعني أيضاً أنَّ هناك شيئاً خاطئاً فيها.
يمكن أن ينتهي الأمر بهؤلاء الناس في دوامة من الخيارات اللامتناهية، فهم يجمعون النصائح المتعلقة بالإنتاجية ويستيقظون مبكراً ويشربون قهوتهم ويتأملون 30 دقيقة قبل تناول طعام الفطور ويكتبون يومياتهم صباحاً وهم يستمعون إلى موسيقى تحفيزية، ثم يوقظون الأطفال للذهاب إلى المدرسة؛ ويقولون في أنفسهم: ماذا لو كنا نوقظ الأطفال بشكل خاطئ؟ فيطلبون 22 كتاباً عن أساليب التربية، ويبدؤون في حضور ندوات حول طريقة زيادة تقدير الطفل لذاته، مما يؤدي إلى حضور ندوة أخرى حول طريقة التخطيط للمستقبل المالي للطفل، ويبدؤون التفكير بمواجهة الديون وإعادة رهن منازلهم حتى يتمكنوا من تعلم كيف يصبحون أثرياء بحلول الخمسين من عمرهم، متى ينتهي ذلك؟ لن ينتهي قبل أن يقرروا ذلك بالفعل.
ركز على الصورة الكبيرة:
لا يوجد شيء اسمه الحياة المثلى، بالتأكيد يوجد بعض العادات والإجراءات الصحية أكثر من غيرها، كالنوم وممارسة الرياضة وغيرها من الأشياء الهامة للعيش، حيث تعد كلها أمور جيدة للبدء، لكنَّ قاعدة 80/20، أو مبدأ باريتو الذي ينص على أنَّ 80% من النتائج تنتج عن 20% من الجهد المبذول، هنا بسيطة جداً: لا تفسد الأمور الكبيرة فحسب.
من الجيد أن تنغمس في تحسين الذات طالما أنَّك تفهم علاقتك بها، وطالما أنَّك حريص على أنَّها علاقة بإمكانك التحكم فيها؛ حيث إنَّ مدمن المساعدة الذاتية قد يختبر الشعور بالنمو أو التعالي أو التحسن أو الإدراك الموسع مراراً وتكراراً، ولكن لمجرد شعورك بأنَّك تقدمت إلى الأمام لا يعني أنَّك قد فعلت ذلك بالفعل؛ ذلك لأنَّ الطريقة الوحيدة للاستفادة حقاً من تحسين الذات هي أن تصل يوماً ما إلى مكان لم تعد بحاجة إلى مزيد من التحسن فيه؛ مثل جبيرة الذراع المكسورة، أو ضمادة الجرح العميق، حيث تستخدمها حتى تُشفى، ثم تنزعها وتعود إلى حياتك الطبيعية.
أضف تعليقاً