10 عادات صباحية لتخفيف القلق والتوتر

بالنسبة إلى العديد من الأشخاص الذين يعانون من القلق، تكون ذروة هذا الشعور خلال ساعات الصباح، فما إن يفتحوا عيونهم، تتزاحم الهموم والأفكار المُقلقة في أذهانهم، ويرافقها رغبة في ملازمة السرير لأطول وقت ممكن كي لا يضطروا إلى مواجهة اليوم الذي ينتظرهم.



بالطبع، محاولة تجنُّب مواجهة يومك تُهيِّج مشاعر القلق أكثر، بينما يخففها الأمر المعاكس تماماً، ألا وهو النهوض في الصباح الباكر ليكون لديك متسع من الوقت لممارسة روتين صباحي، وقد يشمل ذلك تحضير القهوة، والتنزه مع كلبك، وممارسة التمرينات الرياضية، وكتابة قائمة مهامك لليوم، والتأمل، وكتابة مذكراتك أيضاً.

يقول عالم النفس البيئي ومستشار العافية "لي تشامبرز" (Lee Chambers): "للروتين الصباحي أثر كبير في تحديد نمط بقية اليوم، فإذا شعرتَ بالقلق صباحاً، فسوف يستمر ذلك الشعور طوال اليوم"، وبالعكس، يبعث بدء الصباح بعزيمةٍ شعوراً بالهدوء والثقة يهوِّن التعامل مع بقية اليوم؛ لذا سنقدِّم لك فيما يلي 10 نصائح يقدِّمها الخبيرون للبدء باتباع روتين صباحي يهدِّئ أفكارك القلقة، وسوف نتحدث عن كيفية المثابرة عليها.

تطوير روتينٍ صباحي:

النقطة الأولى والأهم من إنشاء روتين صباحي هي أن تحدد الوقت الذي يمكنك تخصيصه لنفسك في الصباح؛ حيث يقول "تشامبرز": "يتحكم كلٌّ منا بجزء ولو بسيط من فترة صباحه، فقد تكون تلك المدة ساعةً أو عشرين دقيقة"، على سبيل المثال: إذا كان لديك أطفال أو يجب عليك التنقل لمسافة طويلة قبل الوصول إلى مكتبك، فقد تكون هذه الفترة أقصر بالنسبة إليك؛ لذا يجب أن تعرف كم طول هذه المدة تبعاً لظروفك.

في حين يساعدك الاستيقاظ في وقت أبكر على التخفيف من ارتباكك خلال النهار، لكن لا يجب أن تجبر نفسك على الاستيقاظ مبكراً إذا كان ذلك على حساب حصولك على حاجتك من النوم، فتذكَّر أنَّ النوم يؤدي دوراً رئيساً في "التنظيم العاطفي" (emotional regulation)؛ حيث يقول "تشامبرز": "نحن نسمع غالباً عن أشخاص يبدؤون روتينهم في ساعات الصباح المبكرة، وهو وقت يتمتع فيه بعض الأشخاص بدفعة من الطاقة لذلك هو الوقت المثالي لبدء روتينهم، ولكن إن كنتَ تقلل من وقت نومك لتنهض مبكراً، أو لم تكن شخصاً يستطيع النهوض بنشاط صباحاً، فسوف تكون النتائج عكسيةً"، إليك 3 نصائح لتطوير روتين صباحي يدوم طويلاً.

1. جرِّب عاداتٍ مختلفة لاكتشاف ما يناسبك:

سيتطلب تحديد العادات التي تخفف من قلقك في روتينك الصباحي إجراء بعض التجارب والتعلم من الأخطاء، فالأمور التي تناسب شخصاً آخر قد لا تناسبك أنت، ويقول "تشامبرز": "فكِّر في أكثر الأمور التي تسبب القلق لك والمشكلات التي تُوتِّرك، ثمَّ تذكَّر النشاطات التي تساعدك في تلك الظروف، وابحث بعدها بين تلك النشاطات عن أمور يمكنك إضافتها إلى روتينك وجرِّبها، فهناك العديد من الطرائق والأساليب مثل: التمرن وكتابة المذكرات والقراءة؛ حيث ستعرف أي منها مناسب لك بعد أن تجرِّبها".

2. اختر عاداتٍ سهلةً وممتعة كي تثابر عليها:

لستَ مضطراً إلى إنشاء عادات ذات خطوات متعددة للاستفادة من الروتين الصباحي؛ إذ يقول "تشامبرز": "تكون فاعلية الروتين الصباحي في أقصاها حين نستمتع به، فيَسهُل علينا أيضاً ممارسته في حياتنا اليومية؛ ولا يعني ذلك تغيير ما نفعله تماماً؛ بل إضافة تغييرات إيجابية صغيرة تقدِّم في النهاية فوائد جمة".

يمكنك تسهيل سير صباحك عبر الإعداد له في مساء اليوم الذي يسبقه، عن طريق القيام بأمور بسيطة مثل: اختيار ملابس العمل، وتحضير مكونات الفطور، ووضع دفتر يومياتك مع قلمك فوق المنضدة؛ حيث يقول "تشامبرز": "اترك أشياء تُذكِّرك بما تريد فعله، وضَع كل ما تحتاج إليه في متناول اليد، لتسهيل الأمور على نفسك كيفما أمكن".

إقرأ أيضاً: 8 عادات إيجابيّة يجب أن تقوم بها في الصباح الباكر

3. تقبَّل أنَّك لن تتَّبع الروتين بحذافيره كل صباح:

قد تسير الأمور كما خططتَ لها لأسابيع متتالية، ثمَّ تفشل في الالتزام بروتينك لبضعة أيام، ولا بأس في ذلك؛ إذ يجب أن تهيئ نفسك لأيَّة عقباتٍ قد تعترض التزامك بعاداتك كي لا تؤنب نفسك حين يحدث ذلك، تقول المعالِجة النفسية التي تقدِّم المشورة للعائلات والأزواج "لينسي سيلي" (Lynsie Seely): "من السهل انتقاد نفسك بقسوة حين لا تسير الأمور كما أردتَ لها أو حين لا تكون مستعداً فور استيقاظك لبدء روتين جديد، لكن يجب أن تتوقع أنَّك ستواجه صعوبةً في بعض الأوقات، حينها يجب أن تكون لطيفاً مع ذاتك وتشجع نفسك خلال رحلتك"، وأثنِ على نفسك حين تتبع روتينك؛ حيث يقول "تشامبرز": "احتفِ بنفسك حين تلتزم بروتينك، وكن رؤوفاً معها حين تُفوِّته، واستعِد للصباح التالي".

عادات صباحية لتخفيف التوتر:

نقدِّم لك فيما يلي 10 من الممارسات التي ينصح بها اختصاصيو الصحة النفسية للتخفيف من التوتر، فجرِّب بعضاً منها وتحقَّق كيف تشعر بعدها، ولكن ضع في حسبانك أنَّ الاستفادة منها قد تتطلب ممارستها لبعض الوقت قبل ملاحظة النتائج، ثمَّ قرِّر ما إذا كنتَ تريد إضافة أي منها إلى روتينك الصباحي.

1. شرب الماء:

قبل أن تتناول الشاي أو القهوة، اشرب كوباً من الماء فور استيقاظك؛ حيث يقول "تشامبرز": "يُحسِّن ذلك وظائفنا الإدراكية؛ مما يصفِّي ذهننا، ويحسِّن مزاجنا ويرفع مستوى طاقتنا، ويؤدي إلى استقرار عاطفي ويساعدنا على ضبط مشاعرنا ضبطاً أفضل؛ حيث يستغرق جني هذه الفوائد كلها من النشاط هذا أقل من دقيقة، كما أنَّه عادة رائعة للانتقال إلى الجزء التالي من الروتين، حتى أنَّه يمكنك تحضير كوب الماء في مساء اليوم السابق".

2. التنزه في الهواء الطلق:

التنزه في الهواء الطلق هو طريقة ممتازة لبدء يومك؛ وذلك لأنَّها تبعث على الهدوء؛ حيث يقول "تشامبرز": "ذلك نشاط رائع أيضاً؛ وذلك لأنَّ نور الشمس يحفز إفراز هرمون "السيروتونين" (serotonin) الذي يُحسِّن المزاج، كما أنَّه يقوي الحواس، فتشعر بنسمات الهواء حين تلامس وجهك، وتلاحظ أصوات الطبيعة من حولك؛ أي إنَّه يجعلنا يقظين وواعين للحظة الراهنة؛ مما يخفف من قلقنا".

3. ممارسة الامتنان:

تمهَّل للحظة وتأمل في كل الأشياء الجيدة في حياتك؛ حيث يمكنك عدَّ بعضٍ منها في ذهنك أو كتابتها ومشاركتها مع الآخرين، يقول المعالج النفسي "ريناتو بيريز" (Renato Perez): "ابدأ يومك بقلبٍ يغمره الامتنان قبل أن تنهض من سريرك حتى، فابدأ بتعداد الأمور التي تشعر بالامتنان لوجودها في حياتك، ويمكنك فعل ذلك إما في سرك أو عبر قولها بصوت مرتفع ببساطة".

4. تجنُّب تفقُّد الهاتف المحمول:

لن تختفي رسائل البريد الإلكتروني أو الإشعارات إذا لم تتفقدها حالما تفتح عينيك، فإذا وضعتَ هاتفك بجانب سريرك قبل النوم أو استخدمتَه لضبط المنبه، فسوف تستخدمه فور استيقاظك، وتضيع نصف ساعة من صباحك دون أن تلاحظ، وعوضاً عن ذلك جرِّب وضع هاتفك بعيداً عن متناول يدك حين تستيقظ، واستخدِم ساعةً عادية لضبط المنبه.

تقول الطبيبة النفسية السريرية "جينا ديلوكا" (Gina Delucca): "أعرف العديد من الأشخاص الذين يتفقدون البريد الإلكتروني فور استيقاظهم؛ مما يدفعهم إلى التفكير وكأنَّهم في العمل، فيقلقون بشأن نهارهم قبل أن ينهضوا من السرير حتى، وعلى نحوٍ مشابه، يفتح أشخاص آخرون تطبيقات التواصل الاجتماعي أو يقرؤون الأخبار وهم ما زالوا مستلقين في السرير؛ مما قد يسبب لهم القلق إذا صادفوا أمراً سلبياً أو مخيفاً"، فلا يعني ذلك أن تتجنب هاتفك تماماً، فذلك غير ممكن بالنسبة إلى معظمنا، لكن تضيف "ديلوكا": "أنصحك في الاستمتاع ببضع دقائق من الهدوء والسكينة قبل أن تبدأ نهارك الشاق".

إقرأ أيضاً: التوتر الذي يسببه التفقد المستمر لهاتفك وكيفية معالجته

5. التنفس بعمق:

حين تكون قلقاً قد تلاحظ أنَّ نفَسَك سريع وضحل عوضاً عن التنفس بعمق وبطء؛ حيث تقول "ديلوكا": "هذا جزء من ردة فعل جسمك الطبيعية على التوتر، وقد يترافق مع عدد من الأحاسيس الجسدية التي ستلاحظها حين تشعر بالقلق، مثل: تسارع ضربات قلبك والشعور بالدوار واضطراب في المعدة، وأنت غير قادر على التحكم بتلك الأحاسيس، ولكن يمكنك التحكم بتنفُّسك، واستخدامه لمساعدتك على الاسترخاء".

تحفز هذه الأنفاس العميقة "الجهاز العصبي اللاودي" (parasympathetic nervous system) وتُشعرك بالهدوء؛ إذ تقول "ديلوكا": "في البداية، حاول قضاء بضع دقائق كل صباح جالساً أو مستلقياً في وضع مريح، وأغمِض عينيك، ثمَّ تنفَّس بعمق وببطء وانتظام، ثمَّ حاول التنفس من خلال أنفك وأطلِق الزفير من أنفك أو فمك، وتخيَّل حين تستنشق أنَّك تملأ بطنك بالهواء عوضاً عن صدرك".

6. التأمل:

يقول "بيريز": "ليس هناك طريقة أفضل لتهدئة الذهن من ممارسة التأمل، فابدأ بخطوات بسيطة، وتأمل لدقيقتين إلى ثلاث دقائق، ثمَّ أطل المدة قليلاً كل أسبوع"، وحين تشرد، وهو أمر سيحصل دون شك، أعد تركيزك بلطف إلى أنفاسك، أو يمكنك الجلوس في صمت والاستماع للموسيقى الهادئة أو ممارسة التأمل الذي يصاحبه إرشادات باستخدام تطبيقات مثل: تطبيق "كالم" (Calm)، أو "هيد سبيس" (Headspace)، أو غيرها، أو البحث عن مقاطع على موقع "يوتيوب" (YouTube).

تقترح "ديلوكا" أيضاً محاولة ترديد عبارة من اختيارك، على سبيل المثال: قُل: "أنا بأمان، وسأكون على ما يرام"، أو افحص جسمك ذهنياً، فابدأ من رأسك، وركِّز تفكيرك على كل جزء من أجزاء الجسم، واطرد التوتر من تلك المنطقة بينما تنتقل ببطء إلى أصابع قدميك.

إقرأ أيضاً: 6 فوائد صحية مثبتة علمياً للتأمل

7. تناوُل وجبة فطور مغذية:

يقول "تشامبرز": "يتأثر مزاجنا إلى حد كبير بما نأكله"؛ لذا اختر وجبة إفطار متوازنة تحتوي على البروتين والدهون الصحية والألياف والكربوهيدرات المعقدة، على سبيل المثال: حضِّر عجةً نباتية مع توست الأفوكادو أو دقيق الشوفان مع زبدة الجوز والتوت وبذور الشيا، وأضاف "تشامبرز" أنَّ الكربوهيدرات المكررة، مثل التي توجد في الكعك وحبوب الفطور، قد تؤدي إلى ارتفاع السكر في الدم، ومن ثمَّ انخفاضه بسرعة؛ مما يشكِّل تحدياً في وجه التنظيم العاطفي، وقد يؤدي إلى شعورك بالقلق، ومع ذلك، إذا كان تناول الفطائر يُسعدك في الصباح، فلا بأس بذلك، فمن المفترض أن تستمتع بالطعام.

8. المطالعة:

ينصح "بيريز" بقراءة بضع صفحات من كتاب يُلهمك عوضاً عن قراءة الأخبار أو تصفُّح مواقع التواصل الاجتماعي منذ الصباح الباكر، ويقول: "اعثر على كتاب يُهمك محتواه ويبعث فيك مشاعر إيجابية".

9. ممارسة الرياضة:

في إمكانك ممارسة اليوغا أو الجري أو الرقص أو غيرها من أنواع الرياضة، وتقول "ديلوكا": "حين تمارس الرياضة في الصباح، قد تلاحظ تحسُّن تركيزك وارتفاع مستوى طاقتك خلال بقية اليوم، إضافةً إلى الحصول على نوم أفضل خلال الليل؛ مما قد يساعد أيضاً على التخفيف من القلق، بالإضافة إلى ذلك، يمكن لممارسة الرياضة في الصباح أن تحسِّن مزاجك؛ وذلك لأنَّها تحفِّز إفراز هرمون "الإندورفين" (endorphins) وستشعر أنَّك أنجزتَ شيئاً في بداية يومك".

من الجدير بالذكر أنَّ بعض الأشخاص يقولون: إنَّ تمريناتٍ رياضيةً محددة، وخاصةً تلك القاسية، تزيد قلقهم عوضاً عن تخفيفه، فيقول "تشامبرز": "ردود فعلنا على التمرينات الرياضية مختلفة، وبما أنَّها عامل ضغط، فقد تؤدي ممارسة الرياضة بكثافة بالنسبة إلى بعض الأشخاص إلى الشعور بالإرهاق وزيادة احتمال الشعور بالقلق".

شاهد بالفيديو: فوائد الرياضة على الصحة النفسية

10. التخيل:

يمكن أن تساعدك ممارسة التخيل على بدء يومك بالطريقة التي تختارها، فإذا كنتَ تشعر بالقلق وانتباهك مشتت، وترغب في الشعور بالهدوء والتركيز، فتوصي "سيلي" باسترجاع ذكرى تثير فيك تلك المشاعر، والانغماس في التفاصيل الصغيرة والأحاسيس التي تبعثها التجربة فيك.

تقول "سيلي": "على سبيل المثال: إذا كنتُ أتخيل ذكرى تسلقتُ خلالها جبلاً ووقفتُ على القمة، فقد ألاحظ تفاصيل المنظر المذهل وأصوات الطبيعة من حولي ورائحة المكان ودرجة الحرارة، وأسترجع شعوري بالإنجاز والفخر وكأنَّني قادرة على فعل أي شيء، فيساعد تخيُّل الأحاسيس التي تبعثها الذكرى في نفسك جسدك على الانغماس في التجربة ويعيدك فيزيولوجياً إلى تلك الحالة، ففي هذا المثال، ستشعر بالنشاط، وأنَّك جاهز لمواجهة يومك"، وإذا لم تستطع التفكير في ذكرى معيَّنة، فاسمح لنفسك بالتحليق في أحلام اليقظة ورسم التجربة المرغوبة في خيالك.

المصدر




مقالات مرتبطة