مع اتخاذ العديد من القرارات كل يوم؛ فإنَّ ترتيب الأولويات وجعلها أكثر فاعلية أمر بالغ الأهمية لمساعدتك في النجاح والشعور بالسعادة؛ وعلى الرغم من وجود العديد من الاستراتيجيات التي يستخدمها الأشخاص الناجحون لاتخاذ قرارات فعالة، فإنَّ ما سنذكره هو الأفضل:
1. تحويل القرارات الصغيرة إلى إجراءات روتينية:
تشبه عملية صنع القرار عمل العضلات، بسبب استخدامها طوال اليوم، إذ تُستنزَف لدرجةٍ لا يمكن معها العمل بفاعلية؛ وإحدى أفضل الرؤى التي يستخدمها الأشخاص الناجحون للتعامل مع التعب المرتبط باتخاذ القرارات، هي التخلص من القرارات الصغيرة؛ وذلك بواسطة تحويلها إلى إجراءات معتادة؛ فالقيام بهذا الأمر يُحرر الموارد العقلية ويساعد على اتخاذ قرارات أكثر تعقيداً.
اشتُهر ستيف جوبز (Steve Jobs) بارتداء بلوزة سوداء ذات ياقة عالية للعمل كل يوم، كما لا يزال مارك زوكربيرغ (Mark Zuckerberg) يرتدي ذات السترة.
ذكر كلاهما أنَّ هذه الصور التي أصبحت رمزاً لهما هي نتيجة بسيطة لعادة يومية تهدف إلى تقليل التعب المرتبط باتخاذ القرار، فكلاهما على علم بقدراتنا اليومية المحدودة لاتخاذ قرارات جيدة؛ كما هو الحال مع باراك أوباما (Barack Obama) الذي قال: "ستلحظون أنَّني أرتدي بدلات رمادية أو زرقاء فقط، فأنا أحاول تقليص القرارات، إذ لا أريد اتخاذ قرارات مرتبطة بالطعام واللباس، ذلك لأنَّه لديَّ الكثير من القرارات الأخرى التي يجب أن أتخذها وأفكر فيها".
2. اتخاذ القرارات الهامة في الصباح:
هناك طريقة أخرى رائعة تساعدك في التغلب على التعب الناتج عن اتخاذ بعض القرارات، وهي تأجيل القرارات الصغيرة بعد أن تنتهي من العمل (وتحديداً عندما يكون تعب اتخاذ القرار كبيراً جداً)، ومعالجة القرارات المعقدة في الصباح عندما يكون عقلك منتعشاً وخالياً من الضغوطات؛ فعندما تواجه مجموعة من القرارات الهامة، تتمثل الخدعة المدهشة في الاستيقاظ باكراً، والعمل على المهام الأكثر تعقيداً قبل أن تواجهك مجموعة من القرارات الصغيرة المشتتة للانتباه؛ (مثل: رنين الهاتف، أو رسائل البريد الإلكتروني).
وبشكل مشابه، هناك استراتيجية القيام ببعض الأمور الصغيرة في الليلة التي تسبق الحصول على بداية جيدة في اليوم التالي؛ فعلى سبيل المثال: اختر الملابس التي سترتديها ليلاً؛ كيلا تضطر إلى التفكير في الأمر عند الاستيقاظ.
3. الاهتمام بالعواطف:
هناك مقولة قديمة: "لا تتخذ قرارات دائمة استناداً إلى عواطف مؤقتة"، وهي بالتأكيد صحيحة.
يُدرك الأشخاص الناجحون مشاعرهم ويفهمونها (بما في ذلك عواطفهم الشديدة وتأثيرها على سلوكاتهم) حتى يتمكنوا من النظر إلى القرارات بموضوعية وعقلانية قدر الإمكان؛ لكن ولسوء الحظ، لا يجيد معظم الناس إدارة مشاعرهم، أو حتى التعرف إليها؛ فقد اختبرت شركة تالنت سمارت (TalentSmart) أكثر من مليون شخص؛ ووجدت أنَّ 36% فقط منهم قادرون على تحديد مشاعرهم بدقة لحظة حدوثها.
ومن ناحية أخرى؛ يدرك صانعو القرار الأقوياء؛ أنَّ الحالة المزاجية السيئة يمكن أن تجعلهم ينتقدون، أو يبتعدون عن مبادئهم الأخلاقية؛ بالسهولة نفسها التي يجعلهم فيها مزاجهم الجيد أكثر ثقةً واندفاعاً.
4. تقييم الآراء بموضوعية:
عندما ينشغل الأشخاص الناجحون في اتخاذ القرارات، فإنَّهم يوازنون خياراتهم مقابل مجموعة محددة مسبقاً من المعايير؛ ذلك لأنَّهم يعرفون أنَّ هذا الأمر يجعل اتخاذ القرار أسهل وأكثر فعالية.
إليك بعض المعايير المفيدة التي يجب مراعاتها:
- كيف يفيدني هذا القرار؟
- كيف يؤذيني؟
- كيف يؤلمني؟
- هل سأندم على اتخاذ هذا القرار؟
- هل سأندم على عدم اتخاذه؟
- هل يعكس هذا القرار قيمي ومبادئي؟
5. النوم بعد اتخاذ القرار:
يضمن لك النوم بعد أن تتخذ قرارك؛ وضوحاً في التفكير عندما تعالجه في اليوم التالي، كما أنَّه يُتيح لك الوقت الكافي لتُعبِّر عن عواطفك، فأنت عندما تتصرف بسرعة كبيرة، فإنَّك تميل إلى الاستجابة بسرعة، ولكن عندما تمنح نفسك مزيداً من التركيز والوقت لتتخذ قرارك، فإنَّك تستعرض جوانب هامة منه لم ترها من قبل.
6. لا ينتظرون طويلاً:
يعرف الناجحون أهمية جمع أكبر قدر ممكن من المعلومات، لكن في الوقت نفسه، يتأكدون من عدم وقوعهم ضحايا للشلل التحليلي؛ وبدلاً من انتظار حدوث شيء غير متوقع، أو شبه مستحيل، يعرف الأشخاص الناجحون أنَّهم بحاجة إلى وضع جدول زمني لمتابعة الوصول إلى اتخاذ قرارهم؛ فما إن يحددوا موعداً، حتى يكون لديهم الدافع للقيام بواجباتهم والبحث عن ذاتهم، من أجل الالتزام بهذا الموعد النهائي.
7. ممارسة الرياضة لاستعادة النشاط:
يُفرِز التوتر الناتج عن اتخاذ قرار كبير الكورتيزول بشكل طبيعي، وهي تلك المادة الكيميائية التي تؤدي إلى استجابة الكر والفر، إذ يعوقُ الكورتيزول قدرتك على التفكير بوضوح وعقلانية؛ لذلك عندما تجد نفسك متوتراً بشأن اتخاذ قرار ما، حاول ممارسة الرياضة؛ فإنَّ ممارسة الرياضة بما لا يزيد عن 30 دقيقة، هو كل ما يتطلبه الأمر لإطلاق شحنة من الطاقة يغذيها الإندورفين للعودة إلى الوضوح الذهني.
تساعدك الرياضة أيضاً على تجاوز حال الكر والفر؛ وذلك عن طريق الاستخدام العملي للكورتيزول، كما وتُظهِر الأبحاث أنَّ ممارسة الرياضة طويلة الأمد؛ تحسِّن الأداء العام لمناطق الدماغ المسؤولة عن اتخاذ القرار.
8. العودة دائماً إلى المبادئ الأخلاقية:
يعرف الناجحون أهمية التمسك بأخلاقهم عند اتخاذ قرار هام، إذ تعمل الأخلاق كأدلة موثوقة عندما تجذبك مشاعرك إلى اتجاه مختلف.
9. طلب الاستشارة:
عند معالجة قرار ما، يكون لدينا ميل طبيعي إلى اختيار بديل ثم جمع المعلومات لدعم هذا القرار، بدلاً من جمع المعلومات ثم اختيار جانب آخر (وهذا ما يسمى بالانحياز التأكيدي).
هنالك طريقة رائعة للتغلب على الانحياز التأكيدي، وهي طلب الآراء والمشورات الخارجية، من الأشخاص الذين يقدمون وجهات نظر مختلفة عن موقفك، إذ تساعدك وجهات نظرهم؛ على تقييم خياراتك بموضوعية أكبر، واكتشاف ميولك الذاتية أو غير العقلانية.
10. يفكِّرون في القرارات السابقة:
وصف مارك توين (Mark Twain) الطبيعة المعقدة لعملية صنع القرار بقوله: "تأتي القرارات الجيدة من التجربة، لكنَّ الخبرة تأتي من اتخاذ القرارات السيئة".
هذا لا يعني أنَّ الطريقة الوحيدة لتكون صانع قرار جيد هي ارتكاب الكثير من الأخطاء، بل يعني أنَّه من الهام أن تكون القرارات السابقة نُصب عينيك؛ فالأشخاص الناجحون يفهمون القرارات السابقة بما فيه الكفاية، وذلك لاستثمارها عندما يصادفهم شيء مماثل؛ ومع التداعيات التي تحصل في الوقت الحالي، والتي يمكن أن تستمر لأيام، وأسابيع، وحتى سنوات؛ فإنَّ اتخاذ قرارات عظيمة جهد يستحق كل جزء من وقتك وطاقتك.
أضف تعليقاً