وتُعدُّ مجموعات دعم الأقران من أبرز طرائق تقديم الدعم العاطفي للأفراد الذين يواجهون فترات عصيبة، وسنتناول في هذا المقال تعريف هذه المجموعات وفوائدها، وبعض المعايير التي يجب مراعاتها لاختيار مجموعة الدعم الملائمة.
ما هي مجموعات دعم الأقران؟
مجموعات الدعم هي تجمع للأشخاص الذين يواجهون مشكلات مشتركة بهدف مناقشة ما يواجهونه من مشكلات، وتقديم الدعم لبعضهم بعضاً في مواجهتها، ويمكن من خلال تبادل التجارب، أن يقدِّم أفراد المجموعة لبعضهم بعضاً الدعم، والتشجيع، فقد يتعاطف معك أفراد عائلتك أو أصدقاؤك عندما تمرُّ بوقت عصيب، لكنَّهم قد لا يدركون تماماً ما تعانيه، ولا يجدون سبيلاً لمساعدتك.
صحيح أن الأطباء، وخبراء الصحة قادرون على مساعدتك بتقنيات طبية، إلا أنَّك قد تحتاج أيضاً إلى دعم عاطفي قلما يركِّز عليه الأطباء، وابتُكِرت مجموعات الدعم لإتاحة الفرصة للأشخاص الذين يعانون من ظروف عصيبة متشابهة للانضمام لهذه المجتمعات المصغَّرة وتبادل الخبرات، ومشاركة المشكلات، وقد تتمثَّل المشكلة التي أُسِّست المجموعة لمناقشتها بأحد الأمراض الفيزيولوجية مثل السرطان أو الخرف، أو مشكلات الصحة النفسية، كالاكتئاب، أو القلق، أو الإدمان، أو مشكلات ذات صلة بالصعوبات على صعيد رعاية أحد أفراد الأسرة، أو مساعدة صديق يواجه مشكلة ما، فأيَّاً تكن المشكلات التي تواجهها أنت أو أحد أفراد أسرتك، فإنَّ الاستفادة من خبرة شخص آخر يمر بظروفك نفسها، قد تكون علاجاً فعالاً جداً.
توفِّر مجموعات الدعم مساحة آمنة لأعضائها، فيمكنهم الحصول على معلومات عملية، ومفيدة وهادفة، ويستفيد عضو المجموعة من التشجيع، ويتعلَّم مزيداً من الأمور عن طرائق التعامل مع المشكلة من خلال مشاركة الأعضاء الآخرين لتجاربهم.
أضِفْ إلى ذلك، أنَّه من المُحتمل أن تكتشف أنَّ مشكلتك هي أبسط بكثير ممَّا كنت تعتقد مقارنةً بمشكلات أقرانك الأكثر صعوبة، وهذا يمنحك بعض الأمل، ففي حين أنَّه من الطبيعي تماماً أن تشعر بالتردد أو التحفُّظ من الانضمام لهذه المجموعات، إلَّا أنَّ خوض هذه التجربة سيساعدك على تبديد أية مفاهيم، أو معتقدات خاطئة عن هذه التقنية، وآلية عملها، وهو ما سنوضحه في هذا المقال إضافة إلى ذكر الفوائد التي يمكن توقعها من الانضمام لمجموعات الدعم، وكيفية اختيار مجموعتك المناسبة.
المعتقدات والمفاهيم الخاطئة عن مجموعات الدعم
ما يزال لدى بعض الأفراد شعور بالإحراج ممَّا يعانونه من مشكلات على صعيد الصحة النفسية، ومن الانضمام أيضاً لمجموعات الدعم التي تناقش هذه المشكلات، ويعتقد بعضهم أيضاً أنَّ مشاركة ما يعانونه هي دليل على الضعف، بينما يعتقد آخرون أنَّ الاعتماد على الدعم العاطفي المُتبادل مجرد مضيعة للوقت، ولا تُرجى منه أية فائدة، ومن ضمن المفاهيم، والمعتقدات الخاطئة عن هذه المجموعات:
1. الاعتقاد بعدم وجود أية مجموعات دعم في منطقتك
في الحقيقة توجد عشرات الآلاف من مجموعات الدعم في أية دولة من العالم، وعلى مستوى العالم ككل، سواء من خلال أسلوب الحضور الشخصي، أم الحضور من خلال الإنترنت، وتوجد مجموعات دعم تُعنى بكل مشكلة من المشكلات تقريباً.
2. الاعتقاد بعدم وجود أية فائدة من مجموعات الدعم
في الحقيقة إنَّ هذه المجموعات توفِّر لك الفرصة للتَّعرف إلى بعض الحلول لمشكلاتك، والحصول على الدعم العاطفي اللازم للتعامل مع الأوقات العصيبة.
3. الاعتقاد بأنَّه سيفرَض عليك مشاركة مشكلتك
في الحقيقة إنَّ معظم المجموعات تترك لأعضائها حرية الاختيار بين مشاركة ما يعانون منه، أو الاكتفاء بالإصغاء للآخرين، والأمر يعتمد على استعداد العضو، ورغبته فقط.
4. الاعتقاد بأنَّه من الممكن أن تتعرض لتوبيخ، أو انتقاد من الأعضاء الآخرين
في الحقيقة تُدار مجموعات الدعم غالباً بطريقة تضمن وجود حدود وضوابط، وتفرض على المشاركين إظهار التعاطف والاحترام لبعضهم بعضاً.
5. الاعتقاد بأنَّك ستشعر بمزيد من الإحباط بعد حضور جلسة لإحدى مجموعات الدعم
في الحقيقة إنَّ مشاركة مشكلاتك مع الآخرين قد تمنحك شعوراً مريحاً جداً، فيشعر بعضهم بالحماسة والتفاؤل بعد حضور مجموعة الدعم.
أنواع مجموعات الدعم
توجد 3 أنواع أساسية لمجموعات الدعم، وهي: مجموعات الدعم المُتبادل، ومجموعات المساعدة ذات الـ 12 خطوة، ومجموعات علاج المشكلات النفسية، ويعتمد اختيارك لنوع المجموعة على احتياجاتك، لكن تذكر أن أياً من هذه المجموعات ليس بديلاً عن الرعاية الطبية.
1. مجموعات الدعم المتبادل
مجموعات الدعم المتبادَل هي مجموعات دعم يقودها الأقران أنفسهم، ويُدرَّب الميسرين على إدارة المجموعة فقط، دون إعطاء أية نصائح تدخل في نطاق عمل المعالجين النفسيين أو الكوتشز أو الأطبَّاء، ويمكن أن يكون أعضاء هذه المجموعات أشخاصاً يواجهون ظرفاً أو مشكلة معيَّنة، سواء كانت مشكلة صحية أم عنفاً منزلياً أم حزناً أم اضطراباً مزاجياً.
يوجد نمط آخر من هذه المجموعات التي تُعنى بتقديم الدعم لأفراد عائلات أو أصدقاء الأشخاص الذين يعانون من مشكلة، أو الذين يمرون بوقت عصيب، ويشارك أعضاء المجموعة تجربتهم، وما قاموا به للتعامل مع المشكلة، ويلهمون بعضهم بعضاً لاتِّخاذ إجراءات مماثلة، وعادةً ما تكون هذه المجموعات مجانية، ولا يترتَّب على الشخص الذي يرغب بالانضمام أية رسوم أو تكاليف.
2. مجموعات المساعدة الذاتية المكونة من 12 خطوة
عادةً ما تُعنى مجموعات المساعدة المؤلَّفة من 12 خطوة بمشكلات الإدمان، مثل الإدمان على الكحول، أو المخدرات، أو القمار، أو غير ذلك، ويعمل الأعضاء، خلال اجتماعاتهم، على تطبيق برنامج علاج مؤلَّف من 12 خطوة صمَّمه أشخاص يعانون من الإدمان، دون التصريح بهوياتهم، ويقود الأقران هذه المجموعات، شأنها في ذلك شأن مجموعات الدعم المُتبادل، وهي أيضاً مجانية، وغالباً ما تُنشئ مجموعات دعم إضافية خاصة بذوي وأحبَّاء الأعضاء الذين يعانون من الإدمان.
3. مجموعات العلاج النفسي
بخلاف مجموعات الدعم المتبادل والبرامج المكوَّنة من 12 خطوة، يقود خبراء الصحة النفسية مجموعات علاج المشكلات النفسية، ويقود المعالج المختص مجموعة تتألف من عدد من الأشخاص الذين يعانون من الاضطراب النفسي نفسه، أو مجموعة من الاضطرابات المتشابهة، ويقدِّم لهم العلاج تقديماً جماعياً، وتعنى هذه المجموعات بعلاج عدد متنوع من مشكلات الصحة النفسية، وقد يترتب على الأعضاء بعض الرسوم، على الرغم من أنَّ التأمين الصحي يغطي نفقات هذا النوع من العلاج.
شاهد بالفيديو: 6 نصائح لتقديم الدعم لشخص يعاني من الاكتئاب
مجموعات الدعم من خلال الإنترنت
يمكن أن تكون مجموعات الدعم من خلال الإنترنت خياراً مفيداً، وبديلاً جيداً للمجموعات التي تتطلب حضوراً شخصياً، وخاصةً في الحالات التي تتطلب قطع مسافات طويلة، أو في حال عدم توفر وسائل النقل، أو إذا كانت لديك أعباء عمل كثيرة، أو أعباء عائلية تمنعك من حضور مجموعات الدعم شخصياً.
يمكن أن تكون مجموعات الدعم خلال الإنترنت خياراً رائعاً بالنسبة إلى الأشخاص الذين يعانون من حالات صحية، أو مشكلات نادرة، فيوجد الأقران في هذه الحالة في مناطق مختلفة ومتباعدة جغرافياً، وتتطلب بعض مجموعات الدعم من خلال الإنترنت من الشخص الذي يرغب بالانضمام تأميناً، بالطبع ينطوي هذا النوع من مجموعات الدعم على بعض العيوب التي تتعلق بإدارة المجموعة.
مثلاً قد يكون من الصعب على الأعضاء تفسير إيماءات، وتعابير الوجه، ولغة جسد الشخص المتحدث، إضافةً إلى ذلك، فإنَّ عدم الحضور شخصياً قد يؤدي إلى إضعاف التواصل، وهو أمر هام جداً لتقديم الدعم، وقد يمثِّل عدم الحضور الشخصي عائقاً أمام الأعضاء للتعبير عن دعمهم لبعضهم بعضاً عاطفياً، وقدرتهم على جعل أقرانهم يشعرون بتعاطفهم الصادق، ويوجد كما هو الحال مع جميع الاجتماعات التي تتم عن طريق الإنترنت، احتمال مواجهة مشكلات تقنية، إضافة إلى تشتُّت تركيز الأعضاء، وهو ما قد يسبِّب الانزعاج للعضو الذي يشارك تجربة حساسة.
فوائد مجموعات الدعم
تتميز مجموعات الدعم بتأمين مساحة آمنة عاطفياً، فيمكنك البوح بعواطفك، والحديث بأريحية عن ظروفك مع أشخاص آخرين يتفهَّمونك لكونهم يمرون بظروف مشابهة دون الخشية من إطلاق الأحكام، أو الانتقاد.
تحقِّق مجموعات الدعم عدداً من الفوائد، ومنها:
1. تعلُّم طرائق جديدة للتكيف
قد تحتاج، بينما تمر بظروف عصيبة، إلى تعلُّم طرائق جديدة للتكيف، وتتيح لك مجموعات الدعم تعلُّم مهارات تكيُّف جديدة من أقرانك الذين حقَّقوا نجاحاً من خلال تطبيق مهاراتهم، أو طرائقهم الخاصة، فقد تتعلم نصائح عن ممارسة التأمل، أو كتابة اليوميات، أو أشياء أخرى لم تخطر في بالك سابقاً، وقد تتعرف أيضاً إلى طرائق جديدة لوضع حدود صحية، وإنجاز مهام العمل، أو النهوض بمسؤولياتك الاجتماعية نهوضاً أفضل.
2. تطوير الذات من خلال مشاركة التجارب
تمنحك مجموعات الدعم الفرصة للبوح بهواجسك ومشاعرك، وما تعانيه من مشكلات، ويمكن أن تساعدك مشاركة تجاربك الخاصة مع غيرك من أعضاء المجموعة على تخفيف الشعور بالعزلة، والحد من الإرهاق العاطفي، كما يتيح لك الاستماع لتجارب أقرانك في المجموعة استلهام بعض الأفكار عن طريقة التعامل مع ما تواجهه من مشكلات مشابهة.
3. الاطِّلاع على تقنيات وطرائق للرعاية الذاتية
قد يقدِّم أقرانك في مجموعة الدعم أفكاراً مُبتكرة عن الرعاية الذاتية، وإدارة التوتر، والتخلص من الإرهاق، وتعزيز الطاقة الجسدية، والذهنية.
4. الحفاظ على الشعور بالأمل
يمكن أن يساعد الحضور مع أقرانك في مجموعة الدعم على تحسين مزاجك، وتعزيز شعورك بالتفاؤل، وهذا يمنحك تصوراً أكثر إيجابية عن المستقبل ويمنحك الدافع للعمل على تحقيقه.
المعايير التي يجب مراعاتها لاختيار مجموعة الدعم الملائمة
تتميَّز كل مجموعة دعم بآلية عمل مختلفة نسبياً، لذلك ليس من السهل دائماً معرفة المجموعة المناسبة للشخص الراغب بالانضمام، ومع ذلك يفضَّل مراعاة بعض المعايير قبل الاختيار:
1. القواعد التي تحدِّد الأشخاص الذين يمكنهم الانتساب للمجموعة
مثل القواعد التي تسمح للأفراد من جنس معيَّن فقط بالحضور، أو القواعد التي تفرض أن يكون عمر العضو فوق 18 عاماً، أو قد تُنشئ المجموعة لمناقشة مشكلة معيَّنة دون غيرها، أو قد يكون الهدف من المجموعة تقديم الدعم لأصدقاء، وأُسر الأشخاص الذين يواجهون مشكلة معيَّنة، ويبقى عدد مجموعات الدعم التي تقبل انضمام أي شخص دون قيد أو شرط محدود نسبياً.
2. خبرة ميسِّر المجموعة
يتوقَّع الميسرون ذوو الخبرة أن يعاني الأعضاء المنتسبون حديثاً من بعض التوتر عند حضورهم الجلسات الأولى، ويعمل الميسِّر في هذه الحالة على تبديد مخاوف الأعضاء الجدد من خلال الترحيب بهم، وتقديمهم لباقي أعضاء المجموعة، وتقدير مدى ملاءمة المجموعة لاحتياجاتهم، وإطلاعهم على ما يمكنهم توقعه عند خوض هذه التجربة.
3. مقدار التنظيم ووضوح برنامج العمل
عادةً ما تُدار المجموعة وفق جدول أعمال واضح يراعي 4 عناصر أساسية، هي: بدء الجلسة بترحيب الميسِّر بأعضاء المجموعة، ومنح كل عضو في المجموعة الفرصة لتقديم نفسه، وتخصيص وقت للنقاشات الجماعية، ومن ثمَّ إعلان الميسِّر رسمياً عن نهاية الاجتماع.
4. وجود قواعد وإرشادات واضحة
تمنح القواعد والتوقعات الواضحة أعضاء المجموعة شعوراً بالأمان، وهو أمر هام لتحقيق الفائدة المرجوة من هذه التقنية، ومن الشائع أن يُخَصَّص لكل عضو في المجموعة فترة زمنية لمشاركة تجربته، وعادةً لا تتجاوز هذه الفترة الدقيقتين، من أجل إتاحة فرصة المشاركة للجميع، وغالباً ما يُعفى العضو الذي لا يرغب بالحديث من المساهمة بمشاركة تجربته، ويُعطى الدور للعضو الذي يليه، كما يجب تذكير أعضاء المجموعة بضرورة التعاطف مع بعضهم بعضاً، والحفاظ على الاحترام، والسرية التامة.
5. تدخُّل الميسِّر كي لا ينحرف الاجتماع عن هدفه
سواء كان الميسر أخصائياً، أم لا، فيجب أن تتوقَّع منه أن يكون مدرَّباً على إدارة مجموعة الدعم، ويعرف الميسِّر المدرَّب على إدارة مجموعات الدعم كيفية فرض الحدود، والالتزام بالجدول الزمني، مع إعطاء كل مشارِك الفرصة للتحدث، ويستخدم الميسِّر مهاراته لتسهيل العمل الجماعي بين أعضاء المجموعة والتمهيد لمناقشات أكثر فائدة، ويمكن أن تحدث حالات طوارئ خلال اجتماع الأعضاء (كانهيار أحد الأعضاء بسبب نوبة بكاء)، ويجب أن يكون الميسِّر قادراً على التعامل مع هذه المواقف تعامُلاً صحيحاً.
6. استضافة الأخصائيين لتثقيف أعضاء المجموعة
غالباً ما يحدث ذلك في مجموعات الدعم التي يقودها الأقران، فتُتاح للأعضاء الفرصة للحصول على النصائح والتوجيهات، وتعلُّم أشياء جديدة من الأطبَّاء، أو المعالجين النفسيين، أو الأخصائيين للمساعدة على تثقيف أعضاء المجموعة في موضوع معيَّن.
7. السرية ووجوب الإبلاغ عن الحالات الخطرة
يجب الحفاظ على سرية جميع النقاشات أو المشاركات التي تحدث ضمن اجتماعات المجموعة، ومع ذلك، قد يجب على بعض الميسِّرين، أو بعض أعضاء المجموعة الإبلاغ عن الجرائم التي يعلمون بها، مثل الإساءات الجسدية، أو العاطفية حتى لو علموا بها في مناقشة جماعية سرية، كما يُطلب من بعض المعالجين المُرخصين الإبلاغ عن أي تهديد مُحتمل بحدوث حالات انتحار، وأي اشتباه بإمكانية إلحاق ضرر جسدي وشيك بالآخرين، وتفرض قواعد بعض مجموعات الدعم على هؤلاء التعريف عن أنفسهم، وعملهم قبل بدء الاجتماع، على الرغم من أنَّ بعض المجموعات لا تتضمن مثل هذه القاعدة.
بعض العلامات التحذيرية التي تُنبِّئ بعدم ملاءمة المجموعة لاحتياجاتك
يجب أن تكون المناقشات التي تحدث في اجتماعات الأعضاء مفيدة ومثمرة، لذلك إذا شعرت أنَّ بعض الأمور لا تسير بما يؤدي إلى تحقيق هذا الهدف، فمن المرجَّح أن يكون الأمر بمنزلة علامة تحذيرية تشير إلى أنَّ مجموعة الدعم قد لا تكون مناسبة لك، وإليك أهم هذه العلامات التحذيرية:
1. افتقار الميسِّر إلى المهارات والتدريب
من الضروري أن يكون الميسِّر قادراً على إدارة الاجتماعات، ويجب ألَّا يسمح الميسِّر لأي عضو بأن يحتكر الحديث، أو الوقت المخصص لباقي الأعضاء، كما يجب أن يبيِّن بوضوح قواعد المجموعة، وأن يكون قادراً على فرضها، فمثلاً يجب ألَّا يسمح الميسِّر لأي عضو بأن يتصرف بطريقة غير مُحترمة، أو أن يقدِّم للأعضاء أية نصيحة طبية، ولا يجب أيضاً على الميسِّر أن يحتكر وقت الاجتماع بالكامل لمناقشة مشكلاته الخاصة، فمن شأن ذلك ألَّا يدع وقتاً لباقي الأعضاء لمناقشة مشكلاتهم الخاصة.
2. وجود عدد كبير من الأعضاء في المجموعة يقلِّل من كفاءتها
إذا كانت المجموعة كبيراً جداً، فلن يُتاح وقت لجميع المشاركين حتى يشاركوا تجاربهم، والاستفادة من تجارب الآخرين، فيجب ألَّا يتجاوز العدد 10 أعضاء على أبعد تقدير، حتى تكون المشاركة أكثر فاعلية.
3. عدم الالتزام الكامل بقاعدة سرية المناقشات
غالباً ما يشارك أعضاء المجموعة عدداً من القضايا الحساسة في الاجتماع، لذلك من الضروري أن يفرض الميسِّرون على أعضاء المجموعة الالتزام بالسرية، حتى يشعر الأعضاء بالأمان، ويجب منع أعضاء المجموعة من مشاركة ما يحدث في المجموعة على مواقع التواصل الاجتماعي، أو في مناقشات خارج المجموعة لأنَّ ذلك ينتهك السرية، كما يجب ألا يسمح للطلاب بمراقبة، أو تصوير الاجتماعات، أو توثيقها بأية طريقة أخرى لأغراض دراسية، أو أية أغراض أخرى.
4. تركيز المجموعة على الترويج لمنتج أو خدمة ما تركيزاً أساسياً
من الشائع أن ترعي المنظمات غير الربحية مجموعات الدعم؛ بل قد تكون إحدى مجموعات الدعم راعية لمجموعة أخرى، ولكن إذا كانت رسوم الانضمام باهظة، أو كان التركيز الأساسي في المجموعة للترويج للأدوية أو الخدمات الطبية، فقد تكون الجهة الراعية ذات أهداف ربحية فقط، بدلاً من أن تهتم بتقديم تجربة تتيح للأعضاء دعم بعضهم بعضاً.
5. التعليقات السلبية الختامية عند انتهاء اجتماع الأعضاء
يمكن أن تصبح المناقشات داخل المجموعة مُحبِطة، وتدفع أعضاء المجموعة للتشاؤم؛ لذا يجب أن يكون الميسِّر قادراً على رفع معنويات أعضاء المجموعة قبل اختتام الاجتماع، فيخرج الجميع من الاجتماع وهو مفعم بالأمل والتفاؤل.
التغلب على المعوقات النفسية التي تحول دون الانضمام إلى مجموعة دعم
يستنزف التعامل مع المشكلات الخطيرة، مثل الإدمان أو الفجيعة أو التوتر أو الاكتئاب، وغيرها من مشكلات الصحة النفسية طاقتنا الجسدية والعاطفية، ويصعُب بالنسبة إلى بعضهم طلب المساعدة من الآخرين، لذلك تتمثَّل الصعوبة الكبرى في الانضمام لمجموعات الدعم بامتلاك الجرأة لاتخاذ هذا القرار، ومن الشائع أن يشعر العضو الجديد بالتوتر أو القلق أو حتى الإحراج، لكنك تتقبل، وتعترف بوجود المشكلة عندما تنضم لمجموعة دعم، ما يعني أنَّك اتخذت أول خطوة نحو التوقف عن إنكار وجود المشكلة، وأصبحت مستعداً للتعامل معها، وطلب المساعدة للتغلب عليها، وعلى الرغم من صعوبة اتخاذ هذا القرار، لكن تساعدك بعض الأشياء على اتخاذ هذا القرار إذا وضعتها في حسبانك، وإليك أهمها:
- لن تخسر شيئاً من خلال إعطاء نفسك فرصة لتجربة الأمر، وتذكَّر أنَّ أقرانك من ذوي الخبرات السابقة في الانضمام لهذه المجموعات قد عانوا من مشاعر التردد والإحراج نفسها التي تعاني منها الآن عند انضمامهم لأول مرة.
- من المُحتمل أن تتعرف إلى أصدقاء جدد يتمتعون بمقدار أكبر من التعاطف مع ظروفك مقارنةً بأصدقائك المقربين وأفراد عائلتك.
- إذا كنت تخشى الذهاب وحدك، فضع في حسبانك أن تطلب من صديق موثوق أن يرافقك في حضور الجلسات الأولى للمجموعة، حتى تحصل منه على الدعم المعنوي إذا كنت تشعر بكثير من القلق، فمن المؤكد أنَّ الشعور بالتوتر سيقل تدريجياً بعد حضورك لعدة اجتماعات.
تحقيق أقصى استفادة من مجموعة الدعم
يمكنك تطبيق بعض النصائح لتحقيق أقصى استفادة من الانضمام إلى مجموعة دعم، منها:
1. ثابِرْ على حضور الاجتماعات حضوراً مُنتظماً
ستحصل على أقصى فائدة من الانضمام لمجموعة الدعم عندما تواظب على الحضور بانتظام، كما سيساعدك ذلك على التعرف إلى أعضاء المجموعة الآخرين، وتعزيز شعورك بالأريحية عند الحضور.
2. شارِكْ في المناقشات
تساعد مشاركات الأعضاء على استمرار النقاش وتشجِّع الأعضاء ممَّن لديهم بعض التردد على المشاركة أيضاً، ويتطلَّع أقرانك في مجموعة الدعم إلى مشاركة تجربتك، أو إلهامهم بأية أفكار، أو تجارب.
3. كُنْ شديد الملاحظة
اطلب من الميسِّر التدخل لحل أية مشكلة تقلل من فاعلية التجربة، فثمة احتمال دائم لحدوث شيء سلبي، أو سلوك مُزعج خلال اجتماعات مجموعات الدعم، واعلم أنَّ الأشخاص الذين ينضمون لمجموعات الدعم يواجهون مشكلات حسَّاسة وخطيرة، وتنطوي على عواطف عنيفة أحياناً، لذلك من الأفضل عند حدوث شيء من هذا القبيل، أن تُعلِم ميسِّر المجموعة كي يعمل على حل المشكلة.
في الختام
يقول الروائي الكندي "سبيدر روبنسون" (Spider Robinson): "يتفهَّم الآخرون ألمنا عندما نشاركه، وتزداد فرحتنا عندما نتقاسمها مع الآخرين، وبهذه الطريقة نتخلص من اضطراباتنا النفسية"، وقد تشعر بالإحراج بادئ الأمر من فكرة مشاركة ما تمر به من ظروف عصيبة مع الآخرين، لكن يجب ألَّا تسمح لمعتقداتك الخاطئة بحرمانك من فرصة الشفاء، واستعادة توازنك النفسي، فانضم إلى مجموعات الدعم عندما تجد أنَّك تحتاج إلى الحضور مع أشخاص يتفهَّمون ما تمر به، وستحظى بنتائج مُبهرة.
أضف تعليقاً