أهمية التواصل البصري في لغة الجسد:
يؤكد خبراء لغة الجسد أهمية لغة العيون في معرفة ما يفكر فيه الشخص في داخله؛ وذلك من خلال معرفة ما إذا كان يقوم بالاتصال المباشر مع العين أم أنَّه كان ينظر بعيداً؛ إذ يشير النظر بعيداً إلى الملل أو الضجر، وقد يشير في بعض الحالات إلى الخداع أو تشغيل الخيال.
أما في حال نظر الشخص إلى الأسفل، فربما يشير إلى الانزعاج أو العصبية أو الاستسلام أو الإحباط في بعض الحالات، ومن الهام أيضاً أن تتحقق من اتِّساع حدقة العين عند الشخص الذي تحاوره؛ وذلك من أجل معرفة ما إذا كان يستجيب لكلامك بفاعلية؛ إذ تشير الدراسات الحديثة إلى أنَّ الحدقة تتوسع عندما يزداد النشاط المعرفي؛ أي إذا نظرت إلى من تحاوره ورأيت حدقته متوسعة، فهذا يعني أنَّه يركز في حديثك؛ إذ تتوسع الحدقة عندما يركز الإنسان في شيء يحبه أو يثير انتباهه.
معرفة ما يفكر فيه الشخص من خلال الطريقة التي ينظر بها:
قد يشير إلقاء نظرة سريعة على شيء إلى الرغبة في الحصول عليه أو الوصول إليه، على سبيل المثال يدل نظر الشخص المتكرر إلى الباب إلى رغبته في الخروج أو المغادرة، وكذلك يشير إلقاء نظرة سريعة على شخص إلى الرغبة في الحديث معه.
يقول بعض خبراء لغة الجسد إنَّ النظر إلى الأعلى واليسار عند الكلام يدل على الصدق أو قول الحقيقة والواقع، وعلى النقيض من ذلك فإنَّ النظر إلى الأعلى واليمين في أثناء الحديث يدل على قول الكذب؛ والسبب في ذلك هو أنَّ أغلب الأشخاص ينظرون إلى الأعلى واليمين عندما يستخدمون خيالهم من أجل تأليف وقائع لم تحدث في الحقيقة، وينظرون إلى الأعلى واليسار حين يسترجعون ذكريات حدثت حقيقة على أرض الواقع.
في الاجتماعات والمؤتمرات عادةً ما ينظر الشخص إلى من يحبه من الحاضرين أو إلى أولئك الذين يوافقونه الرأي فيما يود أن يقول؛ لأنَّ ذلك يزيد من ثقته بنفسه، ويمكنك معرفة أصحاب القرار الحقيقي؛ إذ ينظر إليهم الجميع باستمرار.
ماذا يعني تقليد مَن تتحدث إليه لحركات جسدك؟
من الهام أن تتحقق ما إذا كان الشخص الذي تتحدث إليه يقلد لغة جسدك، فإذا كنت تجلس معه على طاولة الغداء حاول أن تضع مرفقك على الطاولة، وانتظر عشر ثوان لترى ما إذا كان هذا الشخص سيفعل ما تفعله، وكذلك يمكنك أن تأخذ رشفة صغيرة من المشروب الموجود أمامك وتنتظر ما إذا كان سيقلِّدك أم لا.
إذ يُعَدُّ تقليد الآخرين للغة الجسد الخاصة بك علامة هامة على أنَّهم يودون إقامة علاقة معك أو التقرُّب أو التودُّد إليك، ويُعَدُّ مؤشراً جيداً على حسن تأثيرك فيهم، وفي حال كانت علاقتك بهم مهنية فإنَّ هذه الإشارات تعني أنَّ الفرصة متاحة أمامك للمضي قدماً نحو الأمام في خطوات أكثر شجاعة.
قراءة لغة الجسد من خلال حركة الرأس:
من الهام مراقبة حركة الرأس لمعرفة ما يجري في داخله؛ إذ تقول بعض الدراسات إنَّ معرفة سرعة حركة رأس الشخص الذي تتحدث إليه قد تعطيك معلومات هامة عن مقدار صبره؛ إذ إنَّ حركة الرأس السريعة تدل على أنَّ من تتحدث إليه قد سمع ما يكفي من كلامك، وهو غير مهتم بسماع المزيد منه؛ لذا من الأفضل هنا أن تتوقف عن الكلام لبعض الوقت لتتيح له إمكانية التحدث.
بينما إمالة الرأس إلى أحد الجانبين خلال الحديث هي علامة على الاهتمام بما يقوله الشخص الآخر ورغبته في سماع المزيد منه، أما إمالة الشخص رأسه إلى الخلف فهي دلالة على نقص الثقة وعدم اليقين فيما يُقال.
يدل ميل الشخص بشكل متكرر إلى لمس أجزاء محددة من الوجه وخاصةً الفم والعين إلى الكذب، أو محاولة إخفاء حقيقة معينة؛ إذ تُعَدُّ هذه الحركات وكأنَّ الشخص يحاول ابتكار أمور لم تحدث أو إخفاء أحداث وقعت في الحقيقة.
كيف تقرأ أفكار صديقك من خلال حركة قدميه؟
تستطيع معرفة موقف صديقك من الكلام الذي تقوله أو الاقتراح الذي عرضته عليه من خلال حركة الأقدام؛ إذ يشرح خبراء لغة الجسد هذا الأمر على الشكل الآتي؛ عندما يحاول الإنسان التحكم بلغة جسده وخصوصاً في الجزء العلوي من الجسم كالجذع أو اليدين أو تعابير الوجه فإنَّ الموقف الحقيقي الموجود في داخل الشخص قد يتسرب إلى قدميه بشكل غير إرادي.
في حال لاحظتَ أنَّ أقدام الشخص الموجود أمامك تتجه نحوك؛ فهي في أغلب الحالات إشارة هامة تدل على تقبُّله لما طرحته من آراء وقد تدل على انجذابه إليك أو موقفه الإيجابي عموماً، وعلى النقيض من ذلك، قد يدل تراجع قدميه إلى الخلف على عدم رضاه عن كلامك، وقد تعني النفور، وطبعاً هذه الأمور نسبية ولا يمكن أخذها بشكل مطلق؛ بل يمكن أخذها في الحسبان إلى جانب أمور أخرى.
كيف يمكن أن تكون المصافحة فعالة؟
نحن نتواصل كثيراً من خلال اللمس سواء بطريقة مبرمجة أم عفوية؛ لذلك يجب علينا التفكير في الرسائل المختلفة التي ترسلها طرائق المصافحة، على سبيل المثال تُعَدُّ المصافحة القوية دليلاً على الثقة بالنفس وقوة الموقف، وعلى النقيض من ذلك تُعَدُّ المصافحة الضعيفة دليلاً على الضعف والتردد؛ لذا في حال كنتَ تريد فرض رأيك على شخص ما أو تحصيل حقك، فيجب أن تكون المصافحة قوية وثابتة إذ لا يشعر خصمك بأنَّك ضعيف أو متردد.
ينصح خبراء لغة الجسد أن تكون المصافحة عميقة؛ أي أن تصافح بكامل راحة اليد وليس بالأصابع فقط؛ إذ تعطي شعوراً بالسيطرة، فيشعر خصمك بأنَّك تحيط بكامل يده، وكأنَّك تحاصره أو تسيطر عليه.
أهمية الفراغ في الحديث مع الآخرين:
لا شكَّ في أنَّك تشعر بالضيق أو عدم الارتياح خلال حديثك مع أحد الأشخاص الذي كان يقف على مسافة قريبة منك؛ إذ يأتيك شعور بأنَّ مساحتك الشخصية تتعرَّض للاختراق؛ إذ يؤكد خبراء علم النفس على حاجة الإنسان إلى مساحة مادية فارغة حوله، مع مراعاة اختلاف هذه المسافة باختلاف الثقافة والوضع ومدى حميمية العلاقة؛ لذا يمكنك استخدام المساحة المادية من أجل إيصال العديد من الرسائل غير اللفظية، ووضع حدود العلاقة التي تريدها بإرسال إشارات مودة أو عدوانية أو غضب أو هيمنة.
النغمة أهم من المحتوى:
في أغلب الحالات لا يتعلَّق الأمر بما قلته؛ وإنَّما يتعلق أكثر بالطريقة التي قلته فيها؛ إذ يركز الناس في توقيت كلامك ووتيرة نطقك للكلمات المتتابعة ومدى ارتفاع صوتك ونغمته حين يخرج من حنجرتك، وقد تتفاجأ بأنَّ مَن حولك يقرؤون صوتك ويقرؤون حركة عضلات الوجه وحركة الحنجرة ولون الجلد خلال الكلام أكثر مما يركزون في المحتوى الذي تقوله؛ لذا يجب عليك انتقاء النبرة الصوتية التي تتناسب مع الموقف، وقبل أن تبدأ الكلام خذ نفساً عميقاً وفكر في النبرة التي ستختارها؛ هل هي نبرة سخرية أم غضب أم جدية أم مودة أم ثقة؟
شاهد بالفديو: التواصل الجيد مع الآخرين من خلال لغة الجسد
هل نستطيع التحكم بلغة الجسد؟
توجد عدة كتب ومواقع إلكترونية تقدِّم نصائح عن الطريقة الأفضل لاستخدام لغة الجسد لمصلحتك؛ كأن يعلموك طريقة الجلوس أو طريقة المصافحة للظهور بشكل واثق أو قوي، لكن يوجد بعض خبراء علم النفس الذين يرون ضعف احتمال نجاح هذه الحيل في حال عدم امتلاكك للثقة وشعورك بالسيطرة؛ إذ لا يمكن أن تشعر بالثقة وأنت غير واثق بنفسك أصلاً بسبب عدم رضاك عن ذاتك في العمل أو الأسرة أو الدراسة.
يُضيف الخبراء أنَّه لا توجد إمكانية للتحكم بجميع الإشارات التي يرسلها جهازك العصبي والنفسي المتعلقة بما يعتمل في داخلك من أفكار أو مشاعر، لا بل يذهب الباحثون أبعد من ذلك؛ إذ يرون المحاولة الزائدة للتحكم بهذه الإشارات قد تؤدي إلى خروج إشارات غير طبيعية أو غير مرغوبة؛ مما يفسد الأمر على المُتعلِّم.
على الرغم من ذلك لا يعني هذا الكلام التعذُّر المطلق لعملية السيطرة على لغة الجسد أو الإشارات غير اللفظية، على سبيل المثال في حال عدم موافقتك على ما يقوله أحد الأشخاص أمامك قد تلجأ إلى عقد ذراعيك أو تجنُّب الاتصال العيني المباشر أو النقر بقدميك، لكن من أجل عدم إغضابه والتواصل معه بشكل فعال وتجنُّب وضعه في موقف دفاعي يمكنك بذل جهد واعٍ لتجنب إرسال الإشارات السلبية من خلال الحفاظ على حديث مفتوح، وكأنَّك تحاول جاهداً فهم ما يود الطرف الآخر إيصاله ولماذا يفكر بهذه الطريقة.
في الختام:
لا بدَّ لنا في نهاية هذا المقال أن نختم بنصيحة مفيدة لكم جميعاً وهي أن تكونوا دائماً سباقين إلى قراءة كل ما هو جديد، فالعالم اليوم هو عالم المعرفة، ومَن يعرف أكثر ويطبق ما يعرفه؛ ينجح أكثر، ولغة الجسد واحدة من المعارف التي تسهل علينا الوصول إلى ما نطمح إليه، وتهيِّئ لنا حياة اجتماعية جيدة؛ وذلك نتيجة فهمنا لما يدور داخل قلوب وعقول الناس؛ مما يحقق تواصلاً أفضل معهم على جميع الأصعدة؛ لذا لا تضيعوا الوقت؛ بل اقرؤوا وطالعوا فالعمر أقصر مما كنا نتصور.
أضف تعليقاً