هل الاكتئاب مرض خطير؟
نعم، يٌعَدُّ الاكتئاب من أخطر الأمراض النفسيَّة التي يمكن أنْ تواجهَ الإنسان، وفيما يأتي شرحٌ لذلك:
1. التَّأثير في نوعية الحياة:
يمكن أنْ يُضعِفَ الاكتئاب الأداءَ اليومي بشكلٍ كبيرٍ، وهذا يجعل من الصَّعب على الأفراد الإنجاز في العمل أو المدرسة، والحفاظ على العلاقات، والاستمتاع بالنشاطات التي كانوا يجدونها ممتعةً في السابق.
2. التَّأثير في الصِّحَّة البدنيَّة:
الاكتئاب ليس مجرَّد مشكلةٍ تتعلَّق بالصحَّة العقليَّة، بل يمكن أنْ تكونَ له آثارٌ في الصحَّة البدنيَّة، فقد يعاني الأشخاص المصابون بالاكتئاب من تغيُّرات في الشَّهيَّة، واضطراباتٍ في النَّوم، وألمٍ مُزمنٍ، وأعراض جسديَّة أخرى يمكن أن تؤدِّي إلى تفاقمِ الحالات الصِّحية الحاليَّة.
3. زيادة خطر الانتحار:
يُعَدُّ الاكتئاب أحدَ عوامل الخطر الرئيسة للانتحار، إذ يمكنه أنْ يجعلَ مشاعر اليأس وانعدام القيمة ساحقة، وهذا يدفع بعض الأفراد إلى التفكير أو محاولة الانتحار؛ لذا من الضروري أنْ نأخذَ أفكار إيذاء النفس على محمل الجَّد، وأنْ نطلبَ المساعدة على الفور عندما تقتضي الحاجة ذلك.
4. الاضطرابات المُصاحِبة:
غالباً ما يتزامن الاكتئاب مع اضطرابات الصِّحة العقليَّة الأخرى، مثل: القلق، وتعاطي المُخدِّرات، واضطرابات الأكل، واضطرابات الشخصية، وهذا ما يؤدِّي إلى تعقيد العلاج، وتفاقم النتائج الإجمالية إذا تُرِكَت دون علاج.
5. العزلة الاجتماعيَّة:
قد ينسحب الأشخاص المصابون بالاكتئاب من التَّفاعلات الاجتماعية، وهذا يؤدِّي إلى الشُّعور بالوحدة والعزلة، ويمكن أنْ يؤدِّي نقصُ الدَّعم الاجتماعي إلى تفاقم الأعراض، وجعلِ التعافي أكثر صعوبة.
6. توتُّر الأسرة والعلاقات:
يمكن أن يؤدِّي الاكتئاب إلى توتُّر العلاقات مع أفراد الأسرة والشركاء والأصدقاء، فقد يواجه الأحبَّاء صعوبةً في فهم الحالة، أو قد يشعرون بالإرهاق من متطلَّبات دعم شخصٍ مُصابٍ بالاكتئاب.
7. مرضٌ مزمنٌ:
يصبحُ الاكتئاب في بعض الحالات حالةً مُزمِنةً، مع نوباتٍ متكرِّرة تلازمهم طوال حياتهم، وقد يكون من الصَّعب - بشكلٍ خاص - إدارة الاكتئاب المزمن؛ فهو يتطلَّب علاجاً ودعماً على الأمد الطويل.
علامات الاكتئاب عند المرأة:
1. الحزن المستمر:
الشُّعور بالحزن المُستمرِّ، أو الفراغ، أو اليأس، وغالباً دون سببٍ واضحٍ.
2. فقدان الاهتمام:
فقدان الاهتمام أو المتعة عند ممارسة النشاطات التي كانت ممتعة في السابق، ومن ذلك الهوايات أو التواصل الاجتماعي أو العلاقة الحميمة.
3. التَّعب:
الشعور بالتَّعب دوماً، أو انخفاض الطاقة، أو نقصٌ عامٌّ في الحافز حتى بعد الرَّاحة الكافية.
4. تغيُّرات في أنماط النوم:
مواجهة صعوبة في النوم، أو النوم بشكلٍ مُفرِط، أو تجربة أنماط نومٍ متقطِّعة.
5. تغيُّرات في الشَّهيَّة أو الوزن:
تغيُّرات كبيرة في الشَّهية أو الوزن، مثل الإفراط في تناول الطعام أو قلَّة تناوله، وهذا يؤدِّي إلى زيادة الوزن أو فقدانه بشكلٍ ملحوظ.
6. الأعراض الجَّسديَّة:
الشُّعور بأعراض جسدية دون وجود تفسيرات طبيَّة لها: مثل: الصداع، أو مشكلات في الجِّهاز الهضمي، أو آلام مُزمِنة لا تستجيب للعلاج.
7. التهيُّج أو تقلُّب المزاج:
الغضب أو الانفعال بسرعة، أو وجود تقلُّبات مزاجيَّة متكرِّرة، وهذا قد يؤدِّي إلى توتُّر العلاقات مع الآخرين.
علامات الاكتئاب عند الرجل:
1. الاندفاع:
القيام بسلوكات اندفاعيَّة، مثل: الإنفاق المُفرِط، أو القيادة المتهوِّرة، أو اللقاءات المحفوفة بالمخاطر دون النَّظر إلى العواقب.
2. السُّخرية أو التشاؤم:
تطوير نظرة ساخرة أو متشائمة للحياة، مع ميلٍ لرؤية الجَّوانب السلبيَّة للمواقف أو العلاقات.
3. تجنُّب طلب المساعدة:
الإحجام عن طلب المساعدة في قضايا الصِّحة العقليَّة؛ بسبب التوقُّعات المجتمعيَّة للذكورة، أو الخوف من أنْ يُنظَرَ إليهم على أنَّهم ضُعفاء.
4. الشكاوى الجسديَّة دون سببٍ طبي:
زيارة الأطبَّاء أو غرف الطوارئ بشكلٍ متكرِّرٍ بسبب الشكاوى الجسديَّة (مثل آلام الصدر والصداع) التي ليس لها سببٌ طبيٌّ واضح.
5. زيادة احتماليَّة تعاطي المخدرات:
قد يلجأ الرجال إلى الكُحول أو المخدِّرات بوصفها وسيلة للعلاج الذاتي، وللتغلُّب على أعراض الاكتئاب.
6. زيادة استخدام المواد:
استخدام الكحول أو المخدِّرات أو الأدوية بشكلٍ مُفرطٍ، بوصفها وسيلة للتعامل مع أعراض الاكتئاب أو تخديرها.
7. الشعور بالخدر، أو الانفصال العاطفي:
الشعور بالخدر العاطفي، أو الانفصال عن النفس أو الآخرين.
شاهد بالفيديو: 5 طرق لقهر الاكتئاب النفسي
الآثار الجانبية المرتبطة بالاكتئاب:
أولاً: التَّأثيرات السلوكيَّة
- الانسحاب من النشاطات الاجتماعية، أو العمل، أو المدرسة، أو غيرها من المسؤوليَّات.
- تعاطي المُخدِّرات، والإفراط في شرب الكحول.
- تَجنُّب الأصدقاء والعائلة.
- صعوبة الحفاظ على العلاقات.
- إيذاء النفس، أو السُّلوك المتهوِّر.
ثانياً: التَّأثيرات المعرفيَّة
- ضعف التَّركيز، وصعوبةٌ في تذكُّر التَّفاصيل أو اتِّخاذ القرارات.
- تباطؤ التفكير، وصعوبةٌ في التحدُّث أو تحريك الجسم.
- صعوبة التَّفكير، وضعف التركيز، وصعوبةٌ في اتِّخاذ القرارات وتذكُّر الأشياء.
ثالثاً: الآثار النفسيَّة
- القلَق، أو الإثارة، أو الأرَق.
- الشعور بعدم القيمة أو الذَّنب، أو التَّركيز على إخفاقات الماضي، أو لوم الذَّات.
- أنماط التفكير المشوَّهة مثل التفكير السلبيِّ، أو التشوُّهات المعرفيَّة.
- انخفاض احترام الذات، وانعدام الثِّقة بالنفس.
أسباب الاكتئاب:
أولاً: العوامل البيولوجية
1. الوراثة:
يمكن أن يزيدَ التَّاريخ العائلي للاكتئاب من قابليَّة الفرد للإصابة بهذه الحالة، كما قد تحفِّز بعض الاختلافات الجينية ظهور الاكتئاب وتطوُّره لدى الأفراد.
2. كيمياء الدماغ:
يمكن أن تؤثِّرَ الاختلالات في الناقلات العصبية، مثل: "السيروتونين" و"الدوبامين" و"النورإيبينفرين" في تنظيم المزاج، وترتبط المستويات المنخفضة من هذه الناقلات العصبيَّة بالاكتئاب.
3. التغيُّرات الهرمونيَّة:
يمكن أنْ تساهمَ التقلُّبات في الهرمونات، مثل: فترة البلوغ، أو الحمل، أو انقطاع الطمث، أو اضطرابات الغدَّة الدَّرقيَّة في ظهور الاكتئاب.
بنية الدِّماغ: لوحظت تغيُّرات في بنية أو وظيفة مناطق محدَّدة في الدماغ تشارك في التنَّظيم العاطفي، مثل اللوزة الدماغية، والحصين، وقشرة الفصِّ الجبهي لدى الأفراد المصابين بالاكتئاب.
ثانياً: عوامل نفسيَّة
1. الصَّدمة:
يمكنُ أنْ يزيدَ التعرُّض لأحداثٍ مؤلِمة - مثل سوء المعاملة أو الإهمال أو الخسارة - من خطر الإصابة بالاكتئاب في وقتٍ لاحقٍ من الحياة.
2. أحداث الحياة المُجهِدة:
يمكنُ أنْ تؤدِّيَ التغيُّرات الكبيرة في الحياة، مثل: الطَّلاق، أو فقدان الوظيفة، أو الصُّعوبات الماليَّة، أو وفاة أحد أفراد الأسرة إلى الاكتئاب.
3. سِمات الشخصيَّة:
قد تساهم سمات شخصيَّة معيَّنة، مثل: التشاؤم، أو تدنِّي احترام الذات، أو الكماليَّة، أو الميل إلى اجترار الأفكار السلبيَّة في الإصابة بالاكتئاب.
4. الأنماط المعرفيَّة:
يمكنُ لأنماط التَّفكير السلبيَّة، ومن ذلك التشوُّهات المعرفية والمعتقدات غير العقلانية، أنْ تُديمَ مشاعر اليأس، وأن تساهمَ في الاكتئاب.
ثالثاً: العوامل البيئية
1. الإجهاد المُزمِن:
قد يساهم الإجهاد المُستمِر النَّاتج عن العمل، أو العلاقات، أو العوامل الاجتماعية والاقتصادية في الاكتئاب، كما يمكنُ أنْ يطغى على آليات التكيُّف.
2. العزلة الاجتماعيَّة:
يمكنُ أنْ يزيدَ نقص الدعم الاجتماعي، والشعور بالوحدة من خطر الإصابة بالاكتئاب.
3. إيقاعات الساعة البيولوجية المُضطرِبة:
يمكن لأنماط النوم غير المنتظمة، مثل تلك الناجمة عن نوبات العمل، أو اضطراب الرحلات الجويَّة الطَّويلة، أنْ تعطِّلَ إيقاعات الساعة البيولوجية، وتساهم في اضطرابات المزاج.
رابعاً: حالات طبيَّة
المرض المزمن: يمكن أنْ تؤثِّرَ إدارة حالةٍ طبيَّةٍ مُزمنةٍ، مثل: السَّرطان، أو السِّكري، أو الألم المزمن في الصِّحة العقليَّة، وتزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب.
خامساً: تجارب الطفولة
الشَّدائد المبكرة: يمكن أنْ تؤثَّرَ تجارب الطفولة السلبيَّة، مثل: سوء المعاملة، أو الإهمال، أو ديناميكيات الأسرة المختلفة في الصِّحة العقليَّة مستقبلاً، وتزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب في مرحلة البلوغ.
ما هي أنواع الاكتئاب؟
1. الاضطراب ثنائي القطب (المعروف سابقاً باسم الهوس الاكتئابي):
يتمَّيز "الاضطراب ثنائي القطب" بفترات من الارتفاعات الشديدة (الهوس أو الهوس الخفيف) والانخفاضات (الاكتئاب)، وقد يعاني الأفراد من زيادة الطَّاقة والنشوة والاندفاع خلال نوبات الهوس، في حين تنطوي نوبات الاكتئاب على مشاعر الحزن والتعب واليأس.
2. الاضطراب العاطفي الموسمي (SAD):
هو نوعٌ من الاكتئاب الذي يحدث موسميَّاً، عادةً خلال أشهر الشتاء عندما يكون ضوء الشمس أقل، وتشمل الأعراض: انخفاض الطاقة، والنوم الزائد، وزيادة الوزن، والانسحاب الاجتماعي.
3. الاكتئاب الذُّهاني:
يحدث هذا النوع من الاكتئاب مع أعراض ذُهانيَّة مثل الهلوسة أو الأوهام، وقد يواجه الأفراد فترات راحة من الواقع، الأمر الذي قد يجعله مؤلماً بشكلٍ خاص.
4. اكتئاب ما بعد الولادة:
يؤثِّر "اكتئاب ما بعد الولادة" في الأمَّهات الجُدد عادةً خلال السنة الأولى بعد الولادة، وتشمل الأعراض: تقلُّبات مزاجيَّة، والبكاء المفرط، وصعوبة الارتباط بالطفل، والشُّعور بعدم القيمة أو الذنب.
5. اضطراب ما قبل الحيض (PMDD):
شكلٌ حادٌّ من "متلازمة ما قبل الحيض" (PMS) يتميَّز بتقلُّباتٍ مزاجيَّة مُنهِكة، والتهيُّج، والاكتئاب في الأسابيع التي تسبق الحيض.
6. الاكتئاب غير النَّمطي:
يتميَّز الاكتئاب غير النمطي بتفاعل المزاج، وهذا يعني؛ أنَّ الأفراد قد يعانون من تحسينات مؤقَّتة في المزاج استجابة للأحداث الإيجابية، وتشمل الأعراض الأخرى: زيادة الشهيَّة، وزيادة الوزن، والنوم المُفرِط، والحساسية للرفض.
7. الاضطراب الاكتئابي الجسيم (MDD):
هذا هو الشكل الأكثر شيوعاً للاكتئاب الذي يتميَّز بمشاعر الحزن المُستمِرَّة، واليأس، وفقدان الاهتمام بالنشاطات التي كانت ممتعة في السابق، وتستمرُّ هذه الأعراض عادةً لمدَّة أسبوعين على الأقلِّ، ويمكن أنْ تُضعفَ الأداء اليومي بشكلٍ كبيرٍ.
8. الاضطراب الاكتئابي المستمر (PDD):
يتضمَّن هذا المرض اكتئاباً مزمناً طويل الأمد يستمرُّ لمدة عامين أو أكثر، وقد تكون الأعراض أقل حدَّة من "اضطراب الاكتئاب الرئيسي" (MDD)، ولكنَّها قد تتداخل مع الحياة اليومية.
في الختام:
الاكتئاب حالةٌ صحيَّةٌ عقليَّةٌ مُنتشِرة ومعقَّدة، يمكن أن تؤثِّرَ سلباً في حياة الأفراد، لذا ينبغي أن نفهمَ أنَّ الاكتئاب ليس علامة على الضعف أو الفشل الشخصي، بل هو حالةٌ طبيَّة تتطلَّب العلاج والدَّعم المناسبَين.
أضف تعليقاً