يبحث المقال في وظائف هرمون الدوبامين وخصائصه، وكيف يمكن الاستفادة منه في التغلب على التسويف وتحقيق أقصى إنتاجية ممكنة في الحياة اليومية.
تعريف هرمون الدوبامين ومصادره:
يُعرِّف علم الأعصاب الدوبامين على أنَّه ناقل عصبي مسؤول عن شعور السعادة، والإنجاز، والمتعة، والحافز داخل الدماغ البشري، ويحفز الدوبامين على تكرار التجارب واللحظات السعيدة، وهو المسؤول عن شعور الرغبة بتحقيق الإنجازات والحافز على الجد والعمل والظفر بالمكافأة ومتعة الإنجاز في نهاية المطاف.
3 مصادر صحية للدوبامين:
- التأمل.
- التحدث مع الآخرين.
- الساونا.
الجانب السلبي للدوبامين:
يساعد الدوبامين على زيادة الإنتاجية، لكنَّه يمكن أن يؤدي بالمقابل إلى التسويف، ويحدث هذا عندما يسعى الفرد خلف المتع الصغيرة الآنية مثل: مشاهدة مقاطع الفيديو القصيرة على منصات التواصل الاجتماعي على سبيل المثال.
تسبب هذه النشاطات شعوراً فورياً بالإشباع والمتعة، وسرعان ما يدمن الدماغ عليها لأنَّها لا تتطلب أي مجهود وتقدم مكافأة فورية، ويتطلب الإشباع المتأخر مزيداً من قوة الإرادة وهو نقيض الحالة السابقة.
يختار الدماغ الأفعال التي تقدم له إشباعاً فورياً ومكافأة آنية مثل: تناول الوجبات السريعة، وتصفح مواقع التواصل الاجتماعي، لكنَّه بالمقابل يؤجِّل الأفعال التي تظهر نتائجها على الأمد الطويل مثل: الالتزام بممارسة التمرينات الرياضية، واتباع روتين للعناية بالبشرة على سبيل المثال.
يعتاد الفرد على تفضيل المتع قصيرة الأمدة وتأجيل المكاسب طويلة الأمد في كافة نواحي حياته، فقد يؤجِّل الفرد مهمة ضرورية بغية مشاهدة العروض التلفزيونية أو تصفح مواقع التواصل الاجتماعي، فيُولِّد كل من الفعلين مشاعر الرضى وهرمونات الدوبامين، ولكن يتطلب تصفح مواقع التواصل الاجتماعي مجهوداً أقل، فتحريك الأصابع لتصفح مواقع التواصل الاجتماعي أسهل بكثير من ممارسة التمرينات الرياضية على سبيل المثال.
حل مشكلة التسويف:
ينصح بعض المختصين بإبعاد الهاتف الجوال عن مكان العمل، ولكن لا يمكنك أن تعتمد على هذا الحل على الأمد الطويل، لأنَّ حاجتك للدوبامين ستدفعك إلى العودة لاستخدام هاتفك.
يمكنك أن تخصص وقتاً محدداً للعمل وتبعد كافة مصادر التشتيت مثل الهاتف المحمول حتى تنهي المهمة المطلوبة، ولكن لا يمكنك أن تضمن فاعلية هذه الطريقة.
يمكنك أن تتجنب حالة التسويف من أساسها عن طريق إعادة ترتيب البيئة المحيطة، وتوفير ظروف تساعد على العمل بإنتاجية عالية بحيث تكون خالية من مصادر التشتيت.
إذا كنت تفضِّل مشاهدة التلفاز على تنظيف غرفتك، عندئذٍ عليك أن تنقل التلفاز من الغرفة إلى مكان آخر، أمَّا إذا كنت تميل لمشاهدة مقاطع الفيديو القصيرة على منصات التواصل الاجتماعي قبل إرسال رسائل البريد الإلكتروني على الهاتف المحمول، عندئذٍ يُنصَح بإزالة التطبيق، فتكمن مشكلة هذا النوع من الحلول في كونه يتطلب وقتاً ومجهوداً والتزاماً كبيراً وكثيراً من قوة الإرادة التي يفتقر إليها الفرد عندما يكون في خضم الموقف.
لكن كيف يمكنك أن تتغلب على مشكلة التسويف والكسل إذا كانت جميع الحلول المذكورة آنفاً غير فعالة؟
الاستفادة من هرمون الدوبامين في زيادة الإنتاجية:
يتحدث عالِم الأعصاب الشهير "أندرو هابرمان" (Andrew Huberman) عن أحد الخصائص المميزة لهرمون الدوبامين، فيفرز جسم الإنسان هرمون الدوبامين في أثناء العمل، وخاصة عندما يشعر الفرد بوجود معنى وهدف من الجهود التي يبذلها؛ يقول: "يفرز جسم الإنسان والحيوان هرمون الدوبامين عندما يدرك أنَّه يتقدم في الاتجاه الصحيح وهو إحساس شخصي جداً".
يؤثر إفراز هرمون الدوبامين في الحالة المزاجية ومستوى الحماسة، كما أنَّه يدفع الفرد لإنجاز مزيدٍ من المهام؛ هذه الحماسة والاندفاع أشبه بحالة الغبطة التي تنتاب الفرد بعد ممارسة التمرينات الرياضية أو إنجاز مهمة صعبة، على سبيل المثال يرغب الفرد بمتابعة العمل وتحقيق مزيد من الإنجازات عندما يدرك أنَّه يتقدم في الاتجاه الصحيح.
لهذا السبب يُنصَح بتسليم المهام إلى شخصٍ مشغول، لأنَّه يكون على أهبة الاستعداد للعمل بإنتاجية عالية، وهنا يبرز السؤال الآتي: كيف يمكن الاستفادة من تأثير الدوبامين في الحماسة للتغلب على نزعة التسويف والرغبة بتصفح مواقع التواصل الاجتماعي؟
يقتضي الحل بحسب دراسات "هيوبرمان" القيام بعمل أصعب من المهمة التي تتجنبها وتؤجلها؛ إذ تساعد هذه التقنية على زيادة الحماسة والنشاط والإنتاجية.
تخيل المشهد الآتي: أنت تؤجل تنظيف غرفتك وتفضل تصفح مواقع التواصل الاجتماعي؛ يمكنك أن تتغلب على نزعة التسويف في هذه الحالة عن طريق بدء العمل على مهمة ممتعة تتطلب بذل مزيد من المجهود.
إذا كنت تؤجِّل ممارسة التمرينات الرياضية، عندئذٍ عليك أن تخرج للركض، أمَّا إذا كنت تعمل في مجال الأدب عندئذٍ يمكنك أن تقرأ كتاباً، فيفرز الجسم هرمون الدوبامين استجابةً لشعور الإنجاز والتحدي والسعي الهادف.
لا شك أنَّ الركض أصعب من ترتيب المنزل، وهذا يعني أنَّ إنجاز المهمة الأولى يحفزك على المضي في العمل على الثانية وإنهائها بسهولة في أقصى سرعة ممكنة.
يمكنك أن تحفز إفراز هرمون الدوبامين عن طريق العمل على مهام تتطلب مزيداً من المجهود العقلي مثل إجراء اتصال هام، أو تنظيم رحلة، أو التواصل مع صديق قديم على سبيل المثال، فتكمن فاعلية هذه الطريقة في إنجاز العمل بصرف النظر عن طبيعته وأهميته.
شاهد بالفيديو: 9 تقنيات لزيادة الإنتاجية الشخصية
4 خطوات للتغلب على مشكلة الكسل والتسويف وزيادة الإنتاجية:
إليك خطوات فعالة عليك تطبيقها إذا أردت التغلب على مشكلة التسويف وزيادة إنتاجيتك:
- إدراك حالة التأجيل.
- اختيار نشاط أو عمل صعب تحب القيام به وبدء العمل عليه سواء أكان تحضير وجبة طعام، أم الخروج للركض، أم إعادة ترتيب جزء من المنزل على سبيل المثال.
- استخدام الحماسة والدافع وشعور النجاح والإنجاز الناتج في العمل على النشاط الذي كنت تؤجله.
- الانتقال لأي مهمة جديدة تخطر ببالك.
في الختام:
يجب أن تفهم تأثير الدوبامين في مستوى حماستك وأدائك لكي تنجح في التغلب على نزعة التسويف والكسل، وتقتضي الطريقة المثالية للتغلب على مشكلة التسويف إنجاز مهمة ممتعة وصعبة؛ فيمدُّك شعور الإنجاز بالحماسة ويزيد إنتاجيتك ويعزز قدرتك على القيام بالمهام اليومية.
تذكر أنَّ التسويف مشكلة شائعة، وهي تتطلَّب منك أن تصبر على نفسك وتستفيد من الاستراتيجيات الواردة في المقال للتغلب عليها، ويجب عليك أن تتخلص من مشكلة الكسل والتسويف وتكتشف إمكاناتك وقدراتك وتستثمرها في تحقيق أهدافك.
أضف تعليقاً