خروج إيقاع الساعة البيولوجية عن وضع التزامن:
يوجد أوقات يتعارض فيها إيقاع الساعة البيولوجية مع أحداث مختلفة في حياتنا، وعندما يتوقف الإيقاع عن العمل، تتأثر العديد من جوانب حياتنا بما في ذلك أنماط نومنا، وضغط الدم، والصحة النفسية، والجسدية، وعملية الهضم، والحالات المزاجية، وغيرها.
نُقدِّم إليك فيما يلي بعض الحالات التي يخرج فيها إيقاع الساعة البيولوجية عن وضع التزامن، والمشكلات التي تترافق مع كل حالة:
1. السفر إلى مناطق زمنية مختلفة:
يمكِن أن يؤدي المرور بين مناطق زمنية متعددة خلال فترة قصيرة إلى اختلال توازن دورة النوم والاستيقاظ؛ حيث ستواجه صعوبات في التكيف عندما تقوم برحلات جوية عابرة للقارات، تذهب خلالها إلى مناطق جديدة يكون توقيتها متقدماً أو متأخراً قليلاً عن توقيت منطقتك المحلية.
يؤدي هذا الأمر إلى اضطراب يُعرَف باسم: "اضطراب الرحلات الجوية الطويلة"، وفي مثل هذه الحالات، ستواجه مشكلةً في النوم ليلاً أو البقاء مستيقظاً خلال النهار ضمن جملة من المشكلات الأخرى، ويستغرق معظم الناس حوالي أسبوع حتى يتوافق إيقاع ساعتهم البيولوجية مع المنطقة الزمنية للموقع الجديد، وقد تتغير هذه الفترة تبعاً لأشخاص آخرين.
2. العمل ضمن نظام مناوبات:
يواجه عادةً الأشخاص الذين يعملون في مناوبات في عملهم - ومعظمها في الليل - من مشكلة نمط النوم غير المنتظم الذي يتعارض مع إيقاع الساعة البيولوجية.
من الناحية المثالية، جميعنا مبرمَجون للعمل في الصباح والنوم عندما يحل الظلام. ومع ذلك، فإنَّ عمال المناوبات يفعلون العكس تماماً، مما يجعلهم يواجهون صعوبةً في النوم عندما يستيقظ الآخرون ليعملوا، وفي البقاء مستيقظين ونشطين في الوقت الذي ينام فيه الآخرون، حيث يُعرقل العمل لساعات متأخرة من الليل أو الليل بأكمله إيقاع الساعة البيولوجية، ويسبب المتاعب بطرائق مختلفة بما في ذلك انخفاض الإنتاجية.
3. التعرض إلى أضواء عشوائية:
يمكِن أن يؤثر الضوء القوي الناتج عن الأجهزة الذكية والإضاءة في منزلك في إيقاع الساعة البيولوجية الخاصة بدورة النوم والاستيقاظ.
تشير الأبحاث إلى أنَّ إيقاع الساعة البيولوجية يكون عادةً نشطاً جداً قبل ساعتين من النوم، ممَّا يعني أنَّه إذا كنتَ تستخدم هذه الأجهزة خلال هذه الفترة، فمن المحتمل أن تواجه صعوبةً في النوم، وقد ينتهي بك الأمر بالنوم في وقت متأخر من الليل والاستيقاظ متأخر أيضاً.
4. عادات النوم السيئة:
قد تؤدي بعض العادات التي نمارسها في الليل إلى العبث بإيقاعات النوم الطبيعية؛ حيث تشمل هذه الأنشطة الليلية الأكل أو الشرب بكثرة، والنوم في أوقات مختلفة، وتناول المنبهات، ووجود ظروف نوم غير مريحة، والقيام بمهام تتطلب مجهوداً كبيراً.
5. الأدوية:
يمكِن أن تؤثر بعض الوصفات الطبية في نمط النوم؛ حيث تشمل هذه الوصفات بعض الأدوية مثل: مدرات البول، والكلونيدين (clonidine) (دواء يستخدم لعلاج فرط ضغط الدم ومهدئ ومسكن للشقيقة)، وحاصرات مستقبلات بيتا، ومضادات الحساسية (مضادات الهيستامين)، والثيوفيلين (Theophylline) (يستخدم في علاج أمراض الجهاز التنفسي مثل: مرض الانسداد الرئوي المزمن والربو)، ومثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية (SSRIs)، وقد يؤدي تناول هذه الأدوية إلى استغراق وقت أطول للنوم، أو الاستمرار في الاستيقاظ ليلاً أو حتى التأخر في الاستيقاظ في الصباح.
6. وجود حالات صحية معيَّنة:
قد تؤثر بعض الحالات الصحية مثل: العمى، أو تلف الدماغ، أو الخرف، أو بعض الإصابات والجروح في الرأس في إيقاع الساعة البيولوجية.
7. التوتر:
عندما تشعر بالتوتر وتقلق دائماً بشأن أمر ما، سيلقي هذا بعبء ثقيل على كاهلك وعقلك. ونتيجة لذلك، تجد نفسك تعاني من قلة النوم في الليل وتستيقظ في اليوم التالي وأنت متقلِّب المزاج وتشعر بالإرهاق.
شاهد بالفيديو: 15 نصيحة لتحافظ على نفسيتك وتتلّخص من التوتر والإجهاد
8. التغيرات التي تطرأ على جينات مختلفة:
عندما تتغير جيناتنا، فإنَّ ساعاتنا البيولوجية تتأثر أيضاً، وقد يؤدي هذا الأمر إلى خروج إيقاع الساعة البيولوجية عن وضعه الطبيعي.
9. الشيخوخة:
عندما نتقدم في العمر، تتغير إيقاعات ساعاتنا البيولوجية أيضاً، وقد يسبب لنا ذلك الأمر صعوبةً في محاولة مواكبة أنشطتنا اليومية.
اضطرابات النوم المرتبطة بإيقاع الساعة البيولوجية:
عندما يتعلق الأمر بالنوم، فإنَّ بعض الاضطرابات تؤثر في إيقاع الساعة البيولوجية الخاصة بدورة النوم والاستيقاظ، وسنتحدث فيما يلي عن هذه الاضطرابات وأسبابها وأعراضها:
1. اضطراب إيقاع النوم والاستيقاظ غير المنتظم:
يتعلق هذا الاضطراب بعدم وجود روتين نوم مناسب؛ حيث يميل الأشخاص المصابون بهذا الاضطراب إلى النوم في فترات مختلفة خلال 24 ساعة، وقد يبذلون قُصارى جهدهم للحصول على روتين نوم ثابت، ولكن ليس من السهل عليهم دائماً أن ينجحوا في ذلك.
وقد يظهر هذا الاضطراب لدى كبار السن والأشخاص الذين يعانون من بعض الأمراض العقلية، مثل: مرض الزهايمر والإصابات الدماغية، وقد يحدث هذا الاضطراب بسبب انخفاض نشاط الخلايا العصبية للنواة فوق التصالبية، والتعرض المحدود للضوء الساطع، وانخفاض استجابة الساعة البيولوجية للضوء والعوامل الأخرى التي تؤثر فيه، إلى جانب قلة النشاط البدني والاجتماعي خلال اليوم.
2. اضطراب طور النوم المتأخر:
ترتبط هذه الحالة بالأشخاص الذين ينامون متأخرين عن وقت النوم الطبيعي؛ حيث يفضلون النوم من الساعة الواحدة صباحاً فما بعد، لكنَّ هذا الأمر يؤثر أيضاً في وقت استيقاظهم.
وعلى الرغم من أنَّ هذه الحالة ليست منتشرة بين البالغين، إلا أنَّها تؤثر في معظم المراهقين، فلم تُحدَّد أسباب هذا الاضطراب بصورة كاملة، ولكن يُعتَقَد أنَّه يمكِن ربطه بجينات الشخص، أو سلوكاته، أو بعض الحالات الصحية الخفية.
3. اضطراب النوم والاستيقاظ اللايوماوي:
يؤثر اضطراب النوم والاستيقاظ اللايوماوي غالباً في الأشخاص المكفوفين تماماً، حيث لا يكون إيقاع الساعة البيولوجية للشخص قادراً على العمل بانسجام مع دورة النوم والاستيقاظ، ويجد الأشخاص الذين يعانون من هذه الحالة أنَّ وقت نومهم يتأخر لساعات أو دقائق في كل مرة عن الوقت المعتاد؛ وإذا حاولوا الالتزام بوقت نوم ثابت، فسيُحرَمون من النوم باستمرار.
4. اضطراب طور النوم المتقدم:
اضطراب طور النوم المتقدم هو اضطراب يبدأ فيه الشخص بالشعور بالنعاس في فترة الظهيرة أو في وقت مبكر من المساء، ولا يمكِن للأشخاص الذين يعانون من هذه الحالة أن يشعروا بالنشاط خلال هذه الأوقات، ولا يبدو أنَّ حرمان أنفسهم من النوم ليتمكنوا من النوم في الوقت الطبيعي للنوم يساعدهم كثيراً في حل المشكلة.
الأمر الجيد هو أنَّه بمجرد نومهم في وقت مبكر من المساء، سيستيقظون في الصباح الباكر. ومع ذلك، إذا استيقظوا في وقت مبكر جداً، فلن يتمكنوا من العودة إلى النوم مرة أخرى.
يُعدُّ إيقاع الساعة البيولوجية لدى هؤلاء الأشخاص متقدماً، ممَّا يجعلهم ينجزون الأمور في وقت أبكر مما هو معتاد. تحدث هذه الحالة لدى عدد قليل من الأشخاص في منتصف العمر وكبار السن.
استعادة إيقاع الساعة البيولوجية للحصول على دماغ متَّقد أكثر:
يساعد كلٌّ من النوم الجيد، وممارسة الأنشطة المناسبة خلال اليوم، والممارسات الصحية الأخرى في الحصول على دماغ متَّقد أكثر؛ فإذا كان إيقاع ساعتك البيولوجية لا يعمل، فهناك بعض الممارسات التي يمكِنك القيام بها لمساعدتك على تعزيز تركيزك الطبيعي، والذي بدوره يقوي دماغك.
وعلى الرغم من أنَّ هذه الممارسات لا تساعد في جميع حالات إيقاع الساعة البيولوجية غير الصحية، إلا أنَّها تساعد في حل العديد من المواقف المحتملة التي تؤثر سلباً فيها. ونحن نشجعك بشدة على الحرص في الاستفادة منها لمساعدتك في تحسين دماغك وجسدك ككل.
وفيما يلي بعض هذه الممارسات:
- محاولة الالتزام بجدول يومي ثابت: اضبط المنبه بحيث يمكِنك الاستيقاظ في الوقت ذاته كل يوم، واذهب إلى النوم في الوقت نفسه أيضاً، حيث يساعد القيام بهذا الأمر إيقاع ساعتك البيولوجية في تحديد دورة نومك واستيقاظك.
- تخصيص 20 إلى 30 دقيقةً كل يوم لممارسة التمرينات الرياضة.
- تناول الأطعمة الصحية مع تَجَنُّب تناول الكثير خلال ساعات الليل.
- الامتناع عن أخذ المنبهات مثل: القهوة قبل النوم.
- التقليل من مدة القيلولة وتجنُّبِها في وقت متأخر من فترة الظهيرة.
- تَجنُّب استخدام الأجهزة الذكية، أو التعرض لأي ضوء قوي قبل النوم بساعتين.
- الحرص على أن يكون سريرك مريحاً، وأن تكون غرفة نومك هادئة ومظلمة ومناسبة للنوم.
- التعرض لضوء الشمس في الصباح عند الاستيقاظ وخلال اليوم.
- تَجنُّب القيام بالأنشطة التي تؤثر في نومك عندما تكون بالفعل في سريرك.
- القراءة والتأمل وممارسة بعض تمرينات التمدد قبل النوم.
ونظراً لأنَّ كيمياء دماغ وجسد كل شخص يختلف عن غيره، يجب عليك ألا تتردد في اختبار النصائح المذكورة أعلاه، وتحديد ما يناسبك منها ويمكِنك الالتزام بها.
إذا كانت لديك مشكلات صحية مستمرة تتعلق بإيقاع الساعة البيولوجية، فيجب عليك زيارة طبيبك ليُشخِّص حالتك ويُقدِّم إليك العلاج الطبي المناسب.
الخلاصة:
سيساعدك الحفاظ على إيقاع ساعة بيولوجية صحي في تحقيق أقصى استفادة من عقلك وجسدك، وكذلك في الحصول على وقت أفضل للنوم عندما تحتاج إلى النوم، والبقاء مستيقظاً ونشطاً ومنتجاً طوال اليوم.
كما يساهم أسلوب الحياة الصحي في الحصول على إيقاع ساعة بيولوجية مناسب، ويجعل يومك مُثمراً ويحسِّن صحتك وعافيتك عموماً.
أضف تعليقاً