من المحتمَل أنَّك شخصياً أو شخص قريب منك قد واجه مشكلة في الصحة العقلية، لكن للأسف، لا نملك دائماً الأدوات اللازمة لنعرف ماذا نفعل أو ماذا نقول.
في بعض الأحيان يكون واضحاً أنَّ شخصاً ما يعاني، ولكن في أحيان أخرى قد تكون العلامات مبهمة، ووفقاً لمؤسسة الصحة العقلية، في بعض الأحيان لا يلزمك أن تعرف فعلاً، الأهم هو الاستجابة بحساسية لشخص يبدو مضطرباً أكثر من معرفة ما إذا كان لديه تشخيص أم لا.
من الهام أيضاً ألا تقلل من تجربة الشخص الآخر بأي شكل من الأشكال، وهو ما يمكن أن يحدث دون أن يدرك الكثيرون، وفي بعض الأحيان، يمكن أن يكون تقديم النصائح أو تقديم المساعدة من قبل أصدقاء وعائلة شخص يعاني من مشكلة في الصحة العقلية أمراً يؤدي إلى مزيد من الأذى أكثر من الفائدة.
ما لا يجب قوله لشخص يعاني من مشكلات في الصحة العقلية، هذا ما سنتعرف إليه في مقالنا.
ما لا يجب عليك قوله لشخص يعاني من مشكلات الصحة العقلية:
1. لكنَّك غني/ مشهور/ ناجح جداً:
يعيش شخص في منزل جميل ولديه وظيفة جيدة وأصدقاء مقربون، فمن الخارج، تبدو حياته ناجحة وكأنَّها مثالية، ولكنَّه يكافح مع الاكتئاب؛ لذا من الهام عدم تقليل ألم شخص ما عن طريق التشديد على مدى روعة حياته على الرغم من صحته العقلية.
لا تقل له: أنت غني، أنت مشهور، أنت ذكي، لأنَّ الألم لا يميز، صحيح إذا كنت طفلاً جائعاً في أفريقيا مع وجبة واحدة كل ثلاثة أيام، فإنَّ ألمك سيكون أسوأ، ولكن ذلك لا يعني أنَّ ألم الاكتئاب غير هام.
إذا كان شخص ما يعاني من صدمة ناجمة عن علاقة عنيفة، أو يعاني من القلق والاكتئاب بسبب حياته، فإنَّ مقارنته بأولئك الذين هم "في وضع أسوأ" قد لا تكون مريحة على الإطلاق؛ لذا بدلاً من ذلك، تذكَّر أنَّ مشاعر الجميع ذات أهمية وصحيحة، بصرف النظر عن كيف تراهن من الخارج.
2. عانيتُ من نفس الشيء:
في بعض الأحيان نتعاطف مع شخص في حالة ألم عبر الحديث عن تجاربنا الخاصة، ولكن هذا ليس ضرورياً دائماً، ويمكن أن يظهر بوصفه محاولة للتنافس.
إنَّها ليست منافسة، في بعض الأحيان، عندما تريد أن تخبر شخصاً بالحقيقة، بصرف النظر عن كيف تقولها، يأتي أشخاص آخرون ويخبرونك بكل الأمور التاريخية التي حصلت معهم، كما لو أنَّهم يريدون فقط التنافس معك، وهذا ليس ما يجب فعله.
ربما تحاول أن تظهر تعاطفك عبر القول إنَّك كنت في حالة ألم أيضاً، ولكن من المفيد أكثر للشخص الآخر أن تكون بمنزلة شاهد على ألمه وأن تخبره بأنَّك موجود معه لدعمه، وبهذه الطريقة، لا يشعر بأنَّه يثقلك بمشاعره، ويعلم أنَّك تستمع حقاً، بدلاً من انتظار دورك في الحديث.
مع ذلك، قد يعطيك الفرصة لسماع تجاربك الشخصية، ولكن انتظر حتى يطلب ذلك أولاً.
3. أنتَ تسعى إلى جذب الانتباه فحسب:
يجب ألا تقول لشخص ما إنَّه يسعى فقط إلى جذب الانتباه، فليس لديك رؤية داخلية عما يشعر به؛ لذا يجب عدم محاولة التقليل من قيمة مشاعره.
نحن نتعاطف كثيراً مع مرضى السرطان، أو أي شخص يعاني من إصابة جسدية، ولكن لماذا لا نمتلك نفس التعاطف تجاه شخص يعاني من مرض غير مرئي؟
لا نقصد بغير مرئي شخصاً يعاني من القلق أو الاكتئاب، بل نعني أيضاً أشياء مثل الفايبروميالجيا، متلازمة التعب المزمن، أشياء لا تظهر حقاً في التحاليل والفحوصات، ولكنَّها مشكلات واضحة بالنسبة إلى الشخص الذي يعاني منها؛ إنَّها ليست محاولة لجذب الانتباه.
بعض الأشخاص، مثل النرجسيون والسيكوباتيون، قد يقلدون مشكلات الصحة العقلية أو يدعون الإصابة بالأمراض، ولكن ذلك لا يعني أنَّ معظم الأشخاص غير جديرين بالثقة.
4. مارِس التمرينات فحسب:
شيء آخر يقوله الناس دائماً: مارس التمرينات، نعلم أنَّ ممارسة التمرينات رائعة لجعل الناس يشعرون بتحسن؛ لأنَّها تفرز الأندورفينات في جسمك، ولكن حين نشعر بالتحسن فعلاً، مَن منا سيذهب لممارسة التمرينات؟ تقريباً لا أحد.
عندما يكون شخص ما في مرحلة صعبة، ليس لديه الإرادة للقيام بذلك، يشعر كما لو أنَّه لا يستحق ممارسة التمرينات، أو الاستفادة منها، أو يشعر كما لو أنَّه حتى إذا مارس التمرينات، لن يتحسن؛ لأنَّه يشعر وكأنَّه قد تدهور إلى الحد الذي من المتأخر تغييره، ويريد معاقبة نفسه.
5. ستصبح كل الأمور جيدة عندما يختفي الألم:
أي شخص واجه تحديات في صحته العقلية سيعلم أنَّ المرض يمكنه بسهولة أن يصبح جزءاً من هويته، وفي بعض الأحيان، وليس دائماً، يمكن للناس أن يعيشوا مع الاكتئاب أو القلق لفترة طويلة لدرجة أنَّه يبدأ في تعريف هويتهم، وهذا يعني أنَّهم قد لا يكونون متأكدين من أنفسهم دونه.
هذا شيء لن يخبروك به أبداً: "لقد كنت أعاني من هذا الألم لفترة طويلة، من أنا عندما يختفي الألم؟" من الجيد جداً قول إنَّك عندما تستيقظ يوماً ما ويختفي الألم ستكون الحياة رائعة، ولكن كيف يمكنك أن تحدد هويتك مع كل شيء آخر؟
من المرجح أنَّ هذا شيء قد تفكر فيه؛ لذا بدلاً من رسم صورة عن مدى روعة الأمور عندما يتخطى هذه المرحلة، بيِّن له أنَّك هنا لأجله وستدعمه مهما كان.
6. ألستُ كافياً بالنسبة إليك؟
عندما تتحدث مع شخص تهتم به، قد يكون من الصعب عدم جعل الموقف يدور حولك، وخاصة إذا كان في حالة اكتئاب عميق أو يفكر في الانتحار.
لا تقل أبداً، ألست كافياً بالنسبة إليك؟ لأنَّ الحقيقة هي "عندما تكون في ذلك الوضع، لا شيء سيكون كافياً بالنسبة إليك"، فقول مثل هذه الأمور، يضيف عبئاً إضافياً، وسيبدأ في الشعور بالذنب لجعلك تشعر بهذه الطريقة.
قد تشعر وكأنَّك تذكِّره بكل الخير الذي لديه في حياته وكم من الناس يهتم به، ولكنَّك تزيد من الشعور السلبي الذي يحمله فحسب.
7. اكبت مشاعرك:
في حياتنا اليومية، لا يمكننا استخدام أذهاننا لجعل كل شيء يختفي، وإلا سيكون الجميع راضين وسعداء أيضاً، ولذلك يمكنك قول كثير من التأكيدات، مثل: 'أنا ذكي، أنا فعَّال، أنا منتج'، ولكن لدي كثير من القصص العميقة التي تتحكم بي، وأكبتها عاطفياً في نفسي، لذلك، بصرف النظر عن مدى منطقي أنا، لن يحدث ذلك لأنَّنا لسنا مخلوقات منطقية، نحن متحكمون عاطفياً.
إذا حاولت دائماً كبت الأمور والمضي قدماً، ستنهار في النهاية.
8. لكنَّك لا تبدو مريضاً:
هذا ليس شيئاً تتوقع عادة أن يقوله صديق أو شقيق، ولكن يحدث ذلك أحياناً، فبعض الأشخاص قد لا يكونون متعاطفين مثل غيرهم، فقد يتوقعون إبراز دليل على مرض شخص ما.
أحياناً سيكون واضحاً أنَّ شخصاً ما يكافح مع قضايا صحية عقلية، لأنَّه سيُظهِر أعراضاً خارجية، في شكله الخارجي وملابسه، بطريقة جلوسه أو مشيته، ولكن عند بعض الناس، قد لا يكون الأمر واضحاً كثيراً.
على سبيل المثال، يمكن للناس أن يقولوا: "أنت لا تبدو مريضاً"، لأنَّ الشخص ما يزال يبذل كثيراً من الوقت والجهد على مظهره، فمن خلال طلبك لدليل على مرضه، فإنَّك تطلب منه أن يتخلى عن الشيء الوحيد الذي قد يساعده على البقاء على قيد الحياة.
يجب ألا تتوقع أن يكون الشخص في حالة يأس طوال الوقت، ويجب عليك تشجيعه والوقوف بجانبه في كل مرة يكون فيها بمزاج جيد؛ لذا فإنَّ إثبات المرض أمر غبي، فلا تسأل شخصاً أن يثبت لك إصابته بالسرطان، ولا تسأل شخصاً أن يريك تحاليل الدم.
9. أشعر بالأسف الشديد عليك:
من الهام ألا تعامل الشخص بصفته ضحية، وأن تدرك أنَّه ما يزال صديقك، إنَّه فقط يمر بفترة صعبة.
عندما يكافح الشخص مع الانتحار أو القلق أو الاكتئاب، السبب الذي يبقيه على قيد الحياة، هو محاولة البحث عن المساعدة، لكن المشكلة تكمن في أنَّنا في بعض الأحيان نلتقي بأشخاص يقدمون لنا نصائح تقنعنا بأنَّنا ضحايا.
قد يحاولون مساعدتك بالتعبير عن التعاطف، ولكن من خلال معاملتك له بصفته ضحية، أنت في الواقع تحافظ على صغر حجمه.
10. ستذهب إلى الجحيم:
في بعض المجتمعات الدينية، ما تزال الصحة العقلية غير مفهومة بشكل جيد، خاصة عندما يتعلق الأمر بالاكتئاب والانتحار، وفي بعض الأديان، يعني إنهاء حياتك الخاصة أن تذهب إلى الجحيم، والتي قد يستخدمها بعض الأشخاص عاملَ تخويفٍ لوقف شخص ما عن فعل ذلك.
شاهد بالفيديو: 12 نصيحة للحفاظ على الصحة النفسية
11. ارفع معنوياتك:
الشخص الحاضر بوجوده، لأي سبب كان، ما يزال قادراً على أن يكون سعيداً، ولكن الأشياء التي تبدو أنَّها تجلب الفرح للجميع قد لا يكون لها نفس التأثير فيه، فربما يرى في المناسبات الاجتماعية الموت أو التعاسة.
ليس من المفيد قول أشياء مثل: "كن سعيداً"، لأنَّه يبذل جهداً لفهم وجهة نظر الآخرين، ويستحق نفس الاحترام بالمقابل.
"لذا لا تقل له كن ممتناً، لأنَّه يحاول فعل ذلك بالفعل، ولكنَّه يقول إنَّ الاكتئاب مثل النظر إلى الحياة بعدسة سوداء.
يميل معظمنا إلى ارتداء نظارات وردية اللون عندما لا نعاني من الاكتئاب، فهذا يجعلنا أكثر تفاؤلاً، وقد أظهرت الدراسات أنَّنا عندما نكون في حالة اكتئاب، نميل إلى أن نكون أكثر واقعية.
لا يتعلق الاكتئاب بالنظر إلى العالم بشكل سلبي جداً، إنَّما بالنظر إلى العالم بطريقة واقعية، وأحياناً يكون الواقع حزيناً.
12. كيف وقعت في هذه الحالة؟
من الهام ألا نعاقب شخصاً على مشاعره الحالية، ولا نقل له مثلاً: أنت ذكي، كيف وقعت في موقف مثل هذا؟ أو كيف انتهى الحال بك بالتورط في هذه المشكلة، أو كيف وقعت في حالة اكتئاب أو قلق؟
تقريباً كما لو كنت تقول له: كيف تجرؤ على الشعور بهذه الطريقة؟
لكن، الألم لا يميز بين ضحاياه، لذا يجب ألا نعاقب الناس على مشاعرهم.
ماذا يجب أن أقول لشخص يعاني من مشكلات في الصحة العقلية؟
ليس سهلاً معرفة ما يجب قوله في جميع الحالات، وهذا أمر طبيعي، فكل شخص لديه تفضيلاته الخاصة، ومع ذلك، إليك بعض الأشياء التي يمكنك قولها لشخص يعاني من مشكلة صحية عقلية، ولا تتردد في إضافة لمسة شخصية خاصة بك أيضاً:
- "شكراً لك على إخباري".
- "تحدَّث معي. أنا استمع".
- "هل ترغب في الحديث عما تمر به؟ إذا لم يكن كذلك، من تشعر بالراحة بالحديث معه؟".
- "هل تحدَّثت مع طبيبك أو معالجك عن مشاعرك؟".
- "أنا فخور بك للحصول على الدعم الذي تحتاجه".
- "بماذا يمكنني مساعدتك؟".
- "حتماً هذا أمر صعب بالنسبة إليك، ولكنَّك ستتغلب عليه".
- "أنا هنا من أجلك، أنت لست وحيداً".
- "أنت هام بالنسبة إلي".
- "أنا أحبك".
في كثير من الأحيان، يمكن أن يكون الاستماع مفيداً ببساطة، ومن الهام أيضاً التحدث إلى الشخص بنفس الطريقة التي اعتدت عليها دائماً، إنَّه نفس الشخص، وإعلامه بأنَّ علاقتكما مستقرة يمكن أن يكون أمراً هاماً جداً أيضاً.
في الختام:
يتَّضح أنَّ كلماتنا يمكن أن تكون قوة إيجابية أو سلبية على الأفراد الذين يعانون من مشكلات في الصحة العقلية، فمن خلال تجنب التصريحات الضارة والتحدث برفق ودعم، يمكننا أن نؤدي دوراً فعَّالاً في مساعدة من نحب.
لنكن حذرين وحساسين في كلامنا، ولنُظهِر للآخرين أنَّنا هنا لدعمهم، ففي بعض الأحيان، الكلمات الصحيحة يمكن أن تكون الشفاء الذي يحتاجونه.
أضف تعليقاً