يقدم كتاب "علاج نقص المعادن" (The Mineral Fix)، والذي ألفه "جيمس دينيكولانتونيو" (James DiNicolantonio) و"سيم لاند" (Siim Land)، دليلاً شاملاً حول دور المعادن الأساسية، وسبب حاجتك إليها لتحسين الوظيفة الفسيولوجية والبقاء على قيد الحياة.
هناك 17 نوعاً من المعادن الأساسية، مقسمة إلى 7 معادن كبيرة و10 معادن نادرة، إلى جانب 5 معادن أخرى قد تكون ضرورية؛ إذ يتمثَّل الدور الأساسي للمعادن في العمل كعوامل مساعدة للأنزيمات.
يقول "جيمس": "تعمل المعادن هذه حرفياً كدروع للحماية من الإجهاد التأكسدي؛ لأنَّها تشكِّل الأنزيمات المضادة للأكسدة؛ فهي تساعدنا على إنتاج وتنشيط أدينوسين ثلاثي الفوسفات (ATP)، وإنتاج الحمض النووي والبروتين؛ لذا تعتمد كل وظيفة في الجسم بطريقة ما على المعادن".
دور المعادن في تكوين أدينوسين ثلاثي الفوسفات وحده هو دليل على أهميتها؛ إذ إنَّ أدينوسين ثلاثي الفوسفات ضروري لوظائف الخلايا في جميع أنحاء جسدك، بما في ذلك قلبك، والذي يعتمد على توفر كميات كافية من أدينوسين ثلاثي الفوسفات ليعمل بصورة صحيحة، ويعتقد "جيمس" أنَّ عدم الحصول على ما يكفي من المعادن في نظامك الغذائي يمكن أن يكون ضاراً، تماماً مثل اتباع نظام غذائي غير صحي يركز في السكر وزيوت البذور.
3 أسباب تؤدي إلى نقص المعادن في الجسم:
يُحتَمل أن يكون نحو ثلث سكان الولايات المتحدة يعانون من نقص في المعادن العشرة أدناه:
- البورون 75%.
- المنغنيز 75%.
- المغنيسيوم 52.2-68%.
- الكروم 56%.
- الكالسيوم 44.1-73%.
- الزنك 42-47%.
- الحديد 25–34%.
- النحاس 25-31%.
- السيلينيوم 15-40%.
- الموليبدينوم 15%.
يستشهد "جيمس" بثلاثة أسباب رئيسة وراء نقص المعادن في جسم الكثير من الناس؛ بما في ذلك حقيقة أنَّ الأطعمة التي نتناولها أكثر استنفاداً للمغذيات، كما أنَّ الناس لا يختارون الأطعمة المناسبة الغنية بالكمية الكافية من المعادن، بالإضافة إلى أنَّ الحالات المرضية المزمنة تؤدي إلى تفاقم المشكلة.
على سبيل المثال: يمكن أن يؤدي تلف الجهاز الهضمي إلى تقليل كمية المعادن التي تمتصها؛ إذ إنَّ الالتهابات الشديدة تؤثر سلباً في نظامك، وتزيد من معدل حرق المعادن، ويؤدي تلف الكلى أيضاً إلى زيادة إفراز المعادن، بينما يؤدي ارتفاع مستويات الأنسولين إلى إفرازها في البول؛ إذ يقول "جيمس": "هذه العوامل الرئيسة الثلاثة هي سبب نقص المعادن في جسم الكثيرين منا".
دور المعادن في تعزيز مضادات الأكسدة والمناعة:
يمكنك ربط مضادات الأكسدة بالفيتامينات، مثل فيتامين "س" و"ي"؛ لكنَّ المعادن كانت أول مضادات أكسدة تظهر في الكائنات الحية؛ إذ يستشهد "جيمس" بمثال عن الطحالب الخضراء المُزرَقَّة التي عاشت منذ مليارات السنين؛ إذ تنتج الأكسجين والكثير من الإجهاد التأكسدي؛ فقد استعملت معدن السيلينيوم واليود كمضادات للأكسدة، والتي نستعملها ذاتها نحن البشر أيضاً.
اليود معدن أساسي يساعد على منع أكسدة الدهون عديدة اللاتشبع، ويزود الغدة الدرقية بالعناصر الغذائية اللازمة لإنتاج هرمونات الغدة الدرقية، وهو عامل طبيعي مضاد للبكتيريا؛ إذ تُعَدُّ هرمونات الغدة الدرقية ضرورية للنمو الطبيعي والتطور عند الأطفال، والنمو العصبي عند الأطفال قبل الولادة وفي السنة الأولى من عمرهم، ولتنظيم عملية الأيض.
ومع ذلك، يُفيد "جيمس" بأنَّ هرمونات الغدة الدرقية تعمل كمضادات للأكسدة أيضاً، بتأثير أقوى بـ 100 مرة من فيتامين "س" و"ي" والجلوتاثيون؛ إذ إنَّنا بحاجة إلى المعادن بما في ذلك اليود والسيلينيوم؛ وذلك لتكوين هرمونات الغدة الدرقية، كما تعتمد مستويات مضادات الأكسدة القوية، مثل الجلوتاثيون اعتماداً مباشراً على حالة السيلينيوم والمغنيسيوم لديك.
يوجد أيضاً الأنيون الفائق، وهو جذر حر يسبب أنواعاً عدة من تلف الخلايا؛ فهو نتاج اختزال إلكترون واحد للأوكسجين، ومؤشر لمعظم أنواع الأوكسجين التفاعلية ووسيط في التفاعلات التسلسلية المؤكسدة، وتهاجم هذه الجذور الحرة من الأوكسجين الدهون في أغشية الخلايا ومستقبلات البروتين والأنزيمات والحمض النووي التي يمكن أن تقتل الميتوكوندريون قبل أوانه.
يحيِّد سوبر أكسيد ديسميوتاز، (Superoxide dismutase) الأنيون الفائق؛ وهذا يجعله غير ضار؛ لكنَّ سوبر أكسيد ديسميوتاز يعتمد على النحاس والزنك؛ إذ يوضح "جيمس" قائلاً: "إذا كان لديك نقص في النحاس والزنك، فلا يمكنك تحييد الأكسيد الفائق؛ إذ يتحد مع أحادي أكسيد النيتروجين؛ وهذا يقلل من مستوياته، ويزيد من ضغط الدم؛ وهذا يؤدي إلى تصلب الشرايين وأمراض القلب، لتكوِّن بعدها مادة البيرأوكسينايتريت السامة؛ لذا يوضح لك كل ذلك كيف أنَّ مجرد انخفاض نسبة المعادن يمكن أن يؤدي إلى التهابات شديدة".
الكمية الغذائية المرجعية الموصى بتناولها لزيادة نسبة المعادن في الجسم غير كافية:
يقول "جيمس": "قد لا تكون الكمية الغذائية المرجعية (RDA) الموصى بها لزيادة نسبة المعادن كافية لحماية صحتك، ولن تساعدك على الوصول إلى المستويات اللازمة لتحسين دفاعاتك المضادة للأكسدة"، واصفاً هذه المسألة بجوهر الكتاب.
تستند الكميات الغذائية المرجعية إلى دراسات للتأكد من أنَّك لا تعاني من نقص في المعادن؛ ولكنَّه ليس المستوى ذاته الذي يمنحك الصحة المثالية، فبالنسبة إلى الأنزيمات التي تعتمد على فيتامين "س" مثلاً، تحتاج إلى استهلاك من 120 إلى 150 ملليجرام من فيتامين "س" للتأكد من أنَّ هذه الأنزيمات تعززت بدرجة عالية، والتي تزيد عن 6 إلى 8 ملليجرام من فيتامين "س" اللازمة لمنع الإصابة بـ "عوز فيتامين س" (Scurvy).
وفقاً لـ "جيمس": "يختلف منع نقص المعادن اختلافاً شاسعاً عن المستويات الأمثل منها". المغنيسيوم هو مثال آخر عن ذلك، ولكن مع وجود اختلافات أقل بين نقص المعادن والمستويات المثلى منها؛ فلا تحتاج سوى إلى نحو 150 إلى 180 ملليجرام يومياً لمنع النقص؛ لكنَّ المستويات المثلى أقرب إلى 600 ملليجرام في اليوم.
على سبيل المقارنة، تبلغ نسبة الكمية الغذائية المرجعية لتعزيز المغنيسيوم نحو 310 إلى 420 ملليجرام يومياً حسب عمرك وجنسك، ولكن يعتقد العديد من الخبراء أنَّك قد تحتاج إلى نحو 600 إلى 900 ملليجرام يومياً، وكما ذكر "جيمس" في دراسته التي نُشِرَت عام 2018 في مجلة "أوبن هارت" (Open Heart): "أظهرت الأبحاث التي أُجرِيَت حول إمدادات المغذيات الكبرى والصغرى الخاصة بالغذاء في العصر الحجري القديم في مجتمعات الصيد وجمع الثمار، أنَّ امتصاص المغنيسيوم مع النظام الغذائي المعتاد يبلغ نحو 600 ملليجرام يومياً.
هذا يعني أنَّ عملية الأيض تتكيف بصورة أفضل مع تناول كميات كبيرة من المغنيسيوم، أما في الدول المتقدمة، يزيد متوسط تناول المغنيسيوم عن 4 ملليجرام يومياً بقليل؛ إذ يبلغ متوسط امتصاص المغنيسيوم في الولايات المتحدة نحو 228 ملليجرام يومياً عند النساء و266 ملليجرام يومياً عند الرجال".
النقطة الأخرى الهامة التي يتطرق "جيمس" إليها هي أنَّ مجرد زيادة استهلاك المعادن عبر تناول المكملات الغذائية قد لا يكون كافياً؛ لأنَّه يجب أن يكون جسدك حساساً للأنسولين من أجل الاستفادة من المعادن خير استفادة، أما إذا كان جسدك مقاوماً للأنسولين، فلا يمكنك أن تنقل المعادن إلى خلاياك لتعمل بفاعلية، وستتخلص من المعادن في البول أيضاً.
يقول "جيمس": "إذاً الخطوة الأولى هي التخلص من المواد الضارة التي تجعل جسدك مقاوماً للأنسولين في المقام الأول؛ إذ سيؤدي ذلك تلقائياً إلى تعزيز المعادن في جسدك؛ لأنَّك ستكون قادراً على الاستفادة من تلك المعادن بصورة أفضل".
أهم مصادر المعادن الموجودة في الطعام:
أفضل طريقة لزيادة استهلاك المعادن هي عبر تناول الأطعمة الصحية، ينصح "جيمس" لزيادة نسبة النحاس والحديد في الجسم؛ بالجمع بين اللحوم العضلية والكبد أو تناول المحار، والذي يحتوي أيضاً على نسبة عالية من الزنك، وقد يكون الكثير من المحار ملوثاً بـ فلز الكادميوم؛ لذا يجب تناوله باعتدال وفق مصدره.
يُعَدُّ بلح البحر من الأطعمة التي تحتوي على أعلى نسبة من المعادن عموماً؛ فهي تحتوي على نسبة عالية من المنغنيز والكروم والنحاس، كما أنَّها معادن يعاني الكثير من الناس نقصها، بالإضافة إلى ذلك، الكبد غني بالمغذيات والمعادن أيضاً.
وفقاً لـ "جيمس" من حيث استهلاك المعادن؛ فإنَّ 28 أو 24 غراماً من الكبد يومياً هو الكمية المثالية، والتي ستمنحك فيتامين "أ" وحمض الفوليك والنحاس، ويوصي بإقران هذا بنحو 283 إلى 311 غرام من اللحوم الحمراء يومياً للحصول على فيتامين "ب 12" والبروتين والزنك والحديد الذي يوفره.
إذا كنت لا تحب طعم الكبد، فجرِّب مزيجاً من اللحم المصنوع من الكبد والقلب واللحم العضلي، كما يمكنك إضافة المزيد من اللحم البقري المفروم لتتقبله أكثر، وستجني الفوائد المعدنية الغنية ذاتها.
تحتاج النساء إلى أكثر من ضعف كمية الحديد التي يحتاج إليها الرجال؛ لذا المصادر الحيوانية للحديد المتوافرة حيوياً أكثر بعشر مرات من المصادر النباتية، هامة للغاية، وأما بالنسبة إلى النباتيين، قد يساعد الجمع بين فيتامين "س" والبقوليات والسبانخ وغيرها من الخضراوات الغنية بالحديد على جعله أكثر توافراً حيوياً.
فوائد المياه المعدنية:
من الهام الموازنة بين الأطعمة الحيوانية والمعادن القلوية، مثل: البوتاسيوم والمغنيسيوم، والتي نستمدها من الأطعمة النباتية أو المياه المعدنية؛ فهي توازن الحمض وتساعد على حماية كليتيك، ويمكن أن تساعد المياه المعدنية التي تحتوي على البيكربونات على تحقيق التوازن هذا، إلى جانب توفير مصدر إضافي للمعادن، مثل: الكالسيوم والمغنيسيوم.
يُعَدُّ شرب المياه المعدنية مع الوجبات مفيداً أيضاً، ويمكن أن يزيد من امتصاص المعادن مع خفض نسبة السكر في الدم بعد الأكل، ويقول "جيمس" مستشهداً بدراسة خلُصَت إلى أنَّ استهلاك 198 غراماً من المياه المعدنية سبع مرات في اليوم يزيد من امتصاص المغنيسيوم والاحتفاظ به بنسبة 40%، مقابل استهلاك كميات أكبر مرتين في اليوم: "من المفيد أيضاً شرب المياه المعدنية على مدار اليوم؛ إذ تشبه العملية ضخ المياه ببطء، فنشرب الماء الغني بالبيكربونات والمغنيسيوم والكالسيوم بصورة طبيعية على مدار اليوم".
شاهد بالفديو: 10 أنواع أطعمة تقوي جهاز المناعة
المعادن الأقل شهرة والتي قد تكون ناقصة في أجسامنا:
غالباً ما تُتَجاهَل معادن مثل البورون؛ ولكنَّها هامة للغاية لتعزيز سلامتنا وصحتنا؛ وذلك عندما تُستهلَك بمستويات تصل إلى نحو 3 ملليجرام يومياً؛ فالبورون مفيد لصحة العظام وهرمون التستوستيرون، ولكن يُعتقَد أنَّ معظم الأمريكيين يستهلكون نحو 1 ملليجرام فقط.
توجد أعلى تركيزات من البورون في العظام ومينا الأسنان، ووفقاً لـ "مجلة الطب الطبيعي" (Natural Medicine Journal): "يبدو أنَّ البورون لا غنى عنه لتحسين وظيفة العظام الصحية"؛ وذلك لأنَّه يقلل من إفراز الكالسيوم والمغنيسيوم والفوسفور، فقد تكون هناك آليات أخرى أيضاً - غير مفهومة جيداً حتى الآن - يفيد من خلالها البورون في بناء العظام والجوانب الصحية الأخرى.
إنَّ الجرعة المثلى التي يجب أن نستهلكها من البورون غير معروفة، ولكن يمكنك الحصول على كميات كبيرة من المعدن هذا عبر تناول كميات صغيرة من الزبيب والخوخ والبرقوق والتمر والكشمش الأسود والأفوكادو، ويمكن أن تكون مكملات المعادن الشحيحة مفيدة أيضاً في تحسين مستويات المعادن "التي نغفل عنها" مثل: البورون والكروم والموليبدينوم.
يمكن العثور على الكروم، والذي يؤدي إلى تحسين مستويات السكر في الدم، في بلح البحر وسرطان البحر والروبيان والجمبري والقرنبيط الأخضر، بكميات أقل.
علاوة على ذلك، يفقد الإنسان الكروم عند التعرق؛ لذا إذا كنت تتعرق كثيراً بسبب العيش في مناخ حار أو استعمال حمام الساونا أو ممارسة الرياضة، فقد يكون من الضروري تناول مكملات الكروم، لا سيما إذا كنت لا تتناول الأطعمة الغنية بالكروم بانتظام.
يُعَدُّ النحاس أيضاً من المعادن التي نفقدها عند التعرق، وبما أنَّ معظم الناس لا يستهلكون الكثير من النحاس، فمن الممكن أن تفقده أكثر مما تتناوله إذا كنت تتعرق بشدة لمدة ساعة تقريباً في اليوم.
الموليبدينوم هو معدن آخر نغفل عادة عنه؛ وهو محفز أساسي للأنزيمات للمساعدة على استقلاب الدهون والكربوهيدرات وتسهيل عملية تكسير بعض الأحماض الأمينية في الجسم، ووفقاً لـ "جيمس": أفضل مصدر غذائي للموليبدينوم هو الكبد.
أضف تعليقاً