أوَّلاً: ما هو ضغط الدّم؟
ضغط الدّم هو القوّة التي تُحرِّك الدّم ضمن جهاز الدوران، والذي يجعل هذه القوة مهمّةً هو أنَّه بدونها لن يتحرّك الأوكسجين والمواد المغذّية ضمن جهاز الدوران لتغذية الأنسجة والأعضاء. يُعَدُّ ضغط الدّم مهمَّاً أيضاً لأنَّ خلايا الدّم البيضاء والأجسام المضادة تتحرك من خلاله للدفاع عن الجسم، ولأنَّه يساعد الهرمونات -كالأنسولين- في التنقل ضمن أرجاء الجسم.
يستطيع الدّم الذي يُضَخُّ في أرجاء الجسم أن يجمع الفضلات السامة الناتجة عن عملية الاستقلاب والتي تتضمن ثاني أوكسيد الكربون الذي نُخرجه مع كل نَفَسْ، والمواد السّامة التي نطرحها عبر أكبادنا وكِلانا، وهذا أمرٌ يُضاهي في أهميته تزويد الجسم بالأوكسجين والمواد المُغذِّية.
يتمتع الدّم نفسه بعددٍ من الخصائص الأخرى، من بينها درجة حرارته، وفيه أيضاً إحدى الوسائل الدفاعية التي تقي الأنسجة من التلف؛ إنَّها الصفيحات الدّموية المُتخثِّرة التي تقي الجسم من فقدان الدّم بعد التعرض للجروح.
لكن كيف يتولَّد ضغط الدّم في شراييننا تحديداً؟ الإجابة بسيطة؛ إنَّه القلب الذي يضخ الدّم مع كل نبضةٍ ينبضها، بيد أنَّ نبضات القلب لا تستطيع أن تولِّد ضغط الدّم وحدها.
ثانياً: وظيفة ضغط الدّم
يشبه جهاز الدوران شبكة أنابيبٍ معقدةً للغاية يتدفّق فيها الماء، الذي هو الدّم لدينا، عبر الأنابيب، التي تقابل الشرايين في أجسامنا. قوانين الفيزياء الأساسية هي التي تدع الدّم يتدفق في أرجاء الجسم، وهي نفسها التي تدع الماء يتدفق داخل خراطيم المياه الممدودة في الحديقة.
يتدفق الدّم في أجسامنا بسبب فرق الضغط، إذ يكون ضغط الدّم مرتفعاً حينما يخرج من القلب -ويدخل إلى الشريان الأبهر- ويبلغ الضغط أدنى مستوياته في النهاية حينما يصل إلى فروع الشرايين الصغيرة. هذا الاختلاف في الضغط هو الذي يسبب تدفق الدّم في أرجاء الجسم.
يخضع الدّم داخل الشرايين إلى نفس الخصائص الفيزيائية التي يخضع لها الماء داخل الأنابيب، ويتأثر بالضغط مثلما يتأثر به الماء، حيث تؤدّي أي إعاقة لتدفق الماء إلى ارتفاع الضغط داخل الأنابيب. من ناحيةٍ أخرى لولا مرونة جدران الشرايين لتلاشى ضغط الدّم مباشرةً بعد خروجه من القلب. لذلك على الرغم من أنَّ القلب يؤدي الدور الأكبر في توليد الضغط إلاّ أنَّ الشرايين تؤدي دوراً يضاهي في أهميته دور القلب من حيث الحفاظ على الضغط والسماح للدم بالتدفق في أرجاء الجسم. تؤثّر حالة الشرايين في ضغط الدّم وتدفقه وقد يعيق تضيُّقها جريان الدّم نهائيَّاً مما يؤدي إلى الإصابة بأمراضٍ خطيرة من بينها السكتات الدّماغية والنوبات القلبية.
شاهد بالفيديو: 8 علامات تحذيرية تدل على أنّ قلبك يواجه مشكلة
ثالثاً: قياس ضغط الدّم
يُسمى الجهاز الذي يُستعمل لقياس ضغط الدّم "مقياس ضغط الدّم"، ويتألف من رِباطٍ مطاطي يُوضَعُ على الذّراع يمكن مَلْؤُهُ بالهواء إمَّا يدوياً وإمَّا آلياً. حينما يمتلئ هذا الرباط بما يكفي من الهواء لإيقاف النبضات الناجمة عن خفقان القلب يُظهر الجهاز النتيجة إمَّا إلكترونياً في الأجهزة الإلكترونية وإمَّا عبر ساعة القياس المعلقة بالجهاز في الأجهزة اليدوية. تُقاس النتيجة عن طريق حساب الضغط اللازم لتحريك الزئبق على طول الأنبوب بعكس الجاذبية. لهذا السبب يُقاس الضغط بوحدة المليمتر الزئبقي التي يُرمَز لها اختصاراً (mm Hg).
رابعاً: القراءات (قراءة ضغط الدم)
تحدّد سمّاعة الطبيب بشكلٍ دقيقٍ اللحظة التي يعود فيها صوت النبض حينما يخرج الهواء تدريجياً من داخل الرباط المطاطي الموضوع حول الذراع.
تتألف نتيجة ضغط الدّم من رقمين:
- أوَّلهما هو الضغط الانقباضي (systolic pressure).
- ثانيهما هو الضغط الانبساطي (diastolic pressure).
وتكون النتيجة على الشكل الآتي على سبيل المثال: 140/90 ملليمتر زئبقي.
الضغط الانقباضي هو الرقم الأعلى الذي يُعبِّر عن انقباض عضلة القلب، في حين أنَّ الضغط الانبساطي هو الرقم الأدنى الذي يُعبِّر عن الضغط في الشرايين أثناء فترة الراحة القصيرة التي تفصل بين نبضات القلب.
خامساً: نطاق ضغط الدّم الطبيعي
تَذْكُر "معاهد الصحة الوطنية الأمريكية" (The National Institutes of Health) أنَّ ضغط الدّم الطبيعي يكون أقل من 120 ملليمتر زئبقي لضغط الدّم الانقباضي و80 ملليمتر زئبقي لضغط الدّم الانبساطي. بيد أنَّ ضغط الدّم يتغير بشكلٍ طبيعي وهي الحقيقة التي أدركها أطباء القلب والأوعية الدّموية الذين كتبوا في آذار عام 2013 في مجلة (Nature): "يَشْهَد ضغط الدّم على المدى القصير تقلّباتٍ ملحوظة تحدث على مدار الـ 24 ساعة (بين نبضةٍ وأخرى، ودقيقةٍ وأخرى، وساعةٍ وأخرى، ويومٍ وليلة)، وتقلُّباتٍ بعيدة المدى أيضاً تحدث خلال فتراتٍ زمنيةٍ أطول (أيام، وأسابيع، وشهور، وفصول، وحتى سنوات)".
وتشير القواعد الأساسية المُتَّبعة في قياس ضغط الدّم إلى أنَّه بعد وصول الضغط إلى أعلى من 115/75 ملليمتر زئبقي يُضَاعِف كل ارتفاعٍ مقداره 20/10 ملليمتر زئبقي خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدّموية. وفي عام 2017 نَصَحَتْ جمعية القلب الأمريكية الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدّم أن يتلقوا العلاج حينما يرتفع ضغط الدّم لديهم إلى 130/80 ملليمتر زئبقي عوضاً عن 140/90 ملليمتر زئبقي. وألغَتْ تصنيف "ما قبل فرط ضغط الدّم" الذي كان يوصف به الأشخاص الذين يتراوح ضغط الدّم لديهم بين (80-89)/(120-139) ملليمتر زئبقي، وأصبح ارتفاع ضغط الدّم إلى 140/90 ملليمتر زئبقي يعني إصابة الشخص بالمرحلة الثانية من "ما قبل فرط ضغط الدّم" وليس بالمرحلة الأولى منه مثلما كان في السابق.
يُقسَّم ضغط الدّم في الوقت الحالي إلى مجالين منفصلين:
- ضغط الدّم العالي الذي يبلغ (أقل من 80)/(120-129) ملليغرام زئبقي.
- المرحلة الأولى من "ما قبل فرط ضغط الدّم" التي يتراوح ضغط الدّم فيها بين (80-89)/(130-139) ملليغرام زئبقي.
تنصح جمعية القلب الأمريكية الأطباء ألَّا يصفوا دواءً لمرضاهم إلَّا في حال إصابتهم سابقاً بنوبات قلب أو سكتات دماغية، أو في حال وجود عوامل يُشكِّل اجتماعها مع ارتفاع ضغط الدّم خطراً مثل التقدم في السن، أو السكري، أو أمراض الكلى المزمنة. أمَّا إذا كان ارتفاع ضغط الدّم في المراحل الأولى يمكن أن يُعالَج بشكلٍ أساسيٍّ عن طريق تغيير أسلوب الحياة.
سادساً: نصائح يوصي بها الأطباء
يوصي الأطباء المرضى باتباع الإجراءات التالية للحفاظ على ضغط الدّم ضمن المستويات الصحية:
- الحفاظ على الوزن.
- اتباع نظام غذائي غني بالفاكهة، والخضروات، ومنتجات الألبان قليلة الدسم.
- الحد من استعمال الصوديوم -أو الملح- في الطعام.
- ممارسة تمارين الآيروبيك بانتظام مدة 30 دقيقة في اليوم على الأقل خلال معظم أيام الأسبوع.
- الامتناع عن شرب الكحول.
تعرفنا معاً على ضغط الدّم، ووظيفته، وطريقة قياسه، ومعاني نتائج القياس، وأبرز النصائح التي يمكن اتباعها لتجنُّب ارتفاعه وتقليل خطر الإصابة بالمشاكل الصحية مستقبلاً.
أضف تعليقاً