عندما يتحدث الخبراء في هذا العالم عن العقليات، يكون حديثهم عن معتقداتك الشخصية وكيفية قيامها بإعاقة طريقك في تحقيق النجاح أو تحقيق الرضا الشخصي، وقبل الحديث عن فوائد اكتساب عقلية النمو؛ من المفيد أن نبدأ بتحديد الموقف المعاكس ألا وهو: العقلية الثابتة.
تنطوي العقلية الثابتة على قيود ذاتية، مثل ما ناقشَته "جين" من ناحية التمويل الشخصي، وكما كتبت "كارول دويك" (Carol Dweck) في كتابها "طريقة التفكير: النفسية الجديدة للنجاح" (MindSet: The New Psychology of Success)، "يُفترَض أنَّ شخصياتنا وذكاءاتنا وقدراتنا الإبداعية عناصر ثابتة لا يمكننا تغييرها بأي طريقة".
ووفقاً لـ"كارول" أيضاً، فإنَّ عقلية النمو هي "الميل إلى الاعتقاد بأنَّه يمكنك النمو"، وتلك هي العقلية التي يجب عليك اعتمادها أيضاً من أجل التقدُّم.
وفيما يلي بعض النصائح للتخلص من العقلية الثابتة واكتساب عقلية النمو:
1. تخلَّص من العقلية الثابتة:
قبل أن تتمكن من اعتماد عقلية النمو، يجب أن تكون قادراً على الاعتراف لنفسك فيما إذا كنت تفكِّر حالياً بعقلية ثابتة؛ إذ يعتقد أولئك الذين يعملون بموجب عقلية ثابتة أنَّ الجهد ليس مطلوباً للنجاح لأنَّ العقل لا يمكن تغييره، ويؤمنون أنَّ موهباتهم الحالية ومهاراتهم وذكاءاتهم قد تقودهم وحدها إلى النجاح، طالما تابعوا السيرَ في طريقهم.
بينما يعتقد الأشخاص الذين يعتمدون عقلية النمو منهجاً، أنَّ الاستمرار في مواجهة التحديات يوفر القدرة على رؤية الإخفاق بوصفه جزءاً من التعلم والنمو، بدلاً من كونه دليلاً على نقصٍ في الذكاء. تتيح هذه العقلية الخوض في التجارب على أساس أنَّ الذكاء والمهارة يتحسَّنان مع الوقت والخبرة، وبالتالي؛ يَمنح الأشخاص الذين يعتمدون عقلية النمو أنفسَهم الإذن بزيادة جهودهم عندما يؤمنون بشيء ما.
لا شك أنَّ معظم الناس يعملون بكلتا العقليتين في آنٍ معاً؛ أي بعقلية مختلفة للتعامل مع مختلف جوانب حياتهم، كما يتلخَّص التغلُّب على المعتقدات المقيِّدة في التعرف إليها أولاً، ثم الاختيار الواعي للتفكير بطريقة مختلفة.
2. اعترف بنقاط ضعفك:
يجعل البقاء في منطقة راحتك تحقيقَ النمو أمراً صعباً، فلتتأمَّل هذا المثال: تذكَّر حينما كنت في المدرسة وكنت تدرس مادة صعبة، فلربما أخبرت الآخرين حينها: "أنا لست شخصاً يحب العلم"، وذلك بعد الحصول على درجات سيئة في الاختبار.
إذا كنت تريد أن تتحسن يوماً ما، فيجب عليك أولاً التوقف عن اختلاق الأعذار؛ إذ سيبقيك هذا في مكانك تماماً.
فإذا قلت لنفسك: "أنا أعاني حالياً من صعوبة في دراسة المواد العلمية، ولكنَّني أعلم أنَّ بإمكاني التقدُّم عن طريق المزيد من الممارسة"، فأنت تضع نفسك على المسار الصحيح للحصول على درجة جيدة في الاختبار التالي (بافتراض قيامك بالمزيد من الممارسة بالفعل).
من المفيد منح نفسك سبباً محدداً لتجاوز عقليتك المحدودة (على سبيل المثال: "أريد الحصول على درجة أفضل في اختباراتي العلمية").
ومن المؤكد أنَّ عملية اعتماد عقلية النمو بنجاح، أكثر تعقيداً من ذلك؛ فدعونا نتعمق أكثر قليلاً.
3. تعلَّم أن ترى التحديات بوصفها فُرصاً:
يرى الأشخاص الذين يتحلَّون بعقلية النمو التحديات بأنَّها فرصة للنمو والتعلم؛ بدلاً من كونها مجرد عقبة، ولا يخشون دفع أنفسهم خارج مناطق راحاتهم، فهم ينتهزون الفرصة للتعلم منها بعد مرور التجربة.
متى كانت آخر مرة واجهت فيها تحدياً لفعل شيء خارج منطقة راحتك؟ حتى لو كان الأمر مرعباً، فستجد أنَّ كل شيء قد تَحوَّل -على الأرجح- إلى الأفضل في النهاية، أي أفضل ممَّا سيكون الحال عليه إذا لم تغامر.
شاهد بالفديو: 20 طريقة بسيطة للخروج من منطقة راحتك
4. تعلَّم كيف تتقبل الإخفاق:
إذا تعلمت كيفية قبول التحديات والنظر إليها بوصفها فرصاً، فعليك أيضاً تعلُّم قبول الإخفاق والاستعداد لخوض المخاطر؛ إذ يُعدُّ الإخفاق جزءاً من النمو، وسيعيق الخوفُ منه طريقك للقيام بما هو أفضل لعملك.
لو استسلمَت "ج.ك رولينج" (J.K. Rowling) وتوقَّفَت عن عرض سلسلة "هاري بوتر" على الناشرين بعدما رُفِضت للمرة الأولى والثانية والثالثة؛ لم تكن لتتمكن من بيع أكثر من 500 مليون نسخة حول العالم.
5. لا تسعَ إلى الحصول على الاستحسان، وركِّز على التعلُّم:
يقضي الأشخاص ذوو العقلية الثابتة الكثير من الوقت في القلق بشأن ما سيقوله الآخرون عن ذكاءاتهم ومواهبهم. ومن أجل اكتساب عقلية النمو، يجب أن تتعلم كيفية التوقف عن القلق بشأن ما يعتقده الآخرون وحول نَيل استحسانهم؛ لذا، ركِّز على تعلُّمك ونموِّك؛ وبدلاً من قضاء وقتك الثمين في التفكير في الآخرين، استفد من هذا الوقت في تحسين نفسك.
6. تعلَّم قبول واستخدام النقد بفاعلية:
لا يتمكَّن معظم الناس من قبول النقد دون الشعور بالإهانة؛ ولكن من أجل تعزيز عقلية النمو، يجب أن تتعلم عدم عدِّ النقد شيئاً سلبياً؛ لذا عُدَّه وسيلةً للتعلُّم والتحسُّن.
تُشجِّع الشركات الذكية التغذية الراجعة والتقييمات والمراجعات، وكلما كانت سلبية، استخدمتها الشركات التي تركِّز على النمو لإجراء تحسينات.
7. ركِّز على العملية، لا على النتيجة:
بدلاً من القلق بشأن ما إذا كنت تحقق النتيجة التي تريدها، ركِّز أكثر على عملية تحقيق هذه النتيجة، وتعلَّم كيفية الاستمتاع بعملية التعلم، وابحث عن أفكار لإجراء تحسينات بينما تعمل.
8. خصِّص وقتاً للتأمل كل يوم:
اقضِ في نهاية كل يوم بعض الوقت في التفكير في الأمور التي سارت بشكل جيد، وفي الأمور التي لم تكن كذلك أيضاً؛ فإذا لم تخصص وقتاً للتفكير، فسيكون من الصعب أن تتعلَّم؛ لذا قد يساعدك تخصيصُ وقت للتفكير في أفعالك على فهم كيفية إمكان هذه الأفعال أن تعيق نجاحك، قبل أن تصبح مشكلة كبيرة.
وسواءٌ أكنت موظفاً في شركة أم كنت تدير مشروعك الخاص، ينبغي أن تعرف أنَّ القدرة على الانتقال من عقلية ثابتة إلى عقلية تركِّز على النمو ضروريةٌ للتغلُّب على الأفكار المُقيِّدة؛ فالأمر متروك لك لتحديد ما يمكنك فعله، ولا يمكن لأي شخص آخر أن يخبرك بغير ذلك.
هل تمتلك نصائح أخرى يمكنك مشاركتها للتخلُّص من المعتقدات المقيِّدة واعتماد عقلية النمو؟
أضف تعليقاً