فمثلاً يمكن للأصدقاء أن يؤثِّروا في اختياراتهم ومعتقداتهم وسلوكهم، وقد يكون لديهم تأثير في مستوى تحصيلهم الدراسي وتطوُّر شخصيَّتهم؛ لذا فإنَّ مساعدة الأبناء على اختيار أصدقائهم، تُعَدُّ أمراً شديدَ الحساسية لتعزيز نموهم الشخصي وتحقيق سعادتهم العامة.
تتطلَّب هذه المساعدة من الآباء والأمهات، القدرة على توجيه أبنائهم وتعليمهم المهارات الاجتماعية اللازمة لاتِّخاذ قرارات صحيحة في اختيار الأصدقاء.
ستكتشف في هذا المقال، بعض الاستراتيجيات والنصائح التي يُمكن للآباء والأمَّهات اتِّباعها لمساعدة أبنائهم على اختيار أصدقاءٍ جيِّدين وصحِّيين، وسنناقش أيضاً بعض العوامل التي يجب أن يأخذها الآباء والأمهات في الحسبان عندما يتعلق الأمر بتقييم واختيار أصدقاء أبنائهم.
علينا أن نعرف كيفية مساعدة الأبناء على اختيار أصدقائهم، فللأصدقاء تأثير كبير في حياتهم الاجتماعية والعاطفية، ويساهمون في تطوير شخصيَّتهم وتعزيز رفاهيَّتهم العامة؛ لذا لنلقي نظرة على بعض الاستراتيجيات والنصائح الفعَّالة التي يُمكن للآباء والأمهات اتِّباعها في هذا الصدد.
ما هي العوامل التي تؤخَذ في الحسبان عند تقييم رفاق ابني؟
إليك بعض العوامل التي يمكنك أخذها بالحسبان عند تقييم أصدقاء أبنائك:
1. السلوك والأخلاق:
قد ترغب في مراقبة كيف يتصرَّف رفاقُ أبنائك وما إذا كانوا يُظهرون سلوكاً حسناً وأخلاقاً جيدة، فمن الهامِّ أن يكون لديهم احترام للآخرين وقدرة على التعاون والتفاهم.
2. التأثير الإيجابي:
هل يُشجِّع رفاق أبنائك على النمو الإيجابي والتطور؟ هل يحفزونهم على تحقيق أهدافهم واكتشاف مواهبهم؟ من الهامِّ أن يكون لديهم تأثير إيجابي في أبنائك ويساعدوهم على أن يصبحوا أفضل نسخة من أنفسهم.
3. الاهتمام بالتعلُّم:
هل يشارك رفاق أبنائك في النشاطات التعليمية والفكرية؟ من المفيد أن يكون لديهم رفاق يشجِّعونهم على الاهتمام بالمواد الدراسية وتعزيز قدراتهم العقلية.
4. الصداقة والدعم الاجتماعي:
هل يتعاون رفاق أبنائك مع بعضهم بعضاً ويبنون صداقات صحية ومستدامة؟ إنَّ الأصدقاء الموثوق بهم والداعمين، لهم تأثير إيجابي في نموهم الاجتماعي والعاطفي.
5. توافق القيم:
قد ترغب في التحقُّق من مدى توافُق قيم رفاق أبنائك مع قيمك الأُسرية، فمثلاً إذا كنت تولي أهمية كبيرة للأخلاق والمبادئ الدينية، قد تفضِّل رفاقاً لأبنائك يشاركون القيم نفسها.
6. سلامة وأمان:
من الهامِّ أن تتأكَّد أنَّ رفاقَ أبنائك يوفِّرون بيئةً آمنة وخالية من العنف أو التنمُّر، ويجب أن يشعر أبناؤك بالأمان والراحة بصحبة رفاقهم.
يجب أن تأخذ في الحسبان أنَّ هذه العوامل هي اقتراحاتٌ عامَّةٌ وقد تختلف اعتماداً على القيم الشخصية وظروف الأسرة، ومن الهامِّ أن تستمعَ إلى ملاحظات أبنائك وتفهم احتياجاتهم وتفضيلاتهم عندما يتعلق الأمر برفاقهم.
كيف أساعد ابني على اختيار أصدقائه؟
إنَّ مساعدةَ أبنائك في اختيار أصدقائهم هي عملية هامة، فإنَّ الأصدقاءَ المقرَّبين قد يؤثِّرون تأثيراً كبيراً في تطورهم الاجتماعي والعاطفي، فيما يأتي بعض النصائح التي تساعدك في هذا السياق:
1. فهم احتياجاتهم وقيمهم:
حاولْ أن تفهم الاحتياجات والقيم الخاصة بأبنائك، فهل يفضِّلون الأصدقاء الذين يشاركونهم الاهتمامات نفسها؟ هل يفضِّلون الأصدقاء الهادئين أم الأكثر نشاطاً؟ بالتعرُّف إلى أولوياتهم واحتياجاتهم، يمكنك تقديم نصائح أكثر فائدة لهم.
2. التواصل والحوار:
أجرِ محادثات مفتوحة وصادقة مع أبنائك من أجل اختيار الأصدقاء، واستمع إلى ما يقولونه عن الأشخاص الذين يرغبون في قضاء وقت معهم، واطلب منهم مشاركة مخاوفهم أو أي مشاعر غير مريحة قد تظهر لديهم تجاه أشخاص مُعيَّنين.
3. تشجيع التنوع:
شجِّع أبناءك على تكوين صداقات مع أشخاص من خلفيات مختلفة وأعمار مختلفة، ويمكن للتنوع في الأصدقاء أن يوسِّعَ آفاقهم ويساعدهم على تطوير فهمٍ أوسع للعالم.
4. المراقبة الحضورية:
حاول أن تكون حاضراً في حياة أبنائك ومعرفة من أصدقاؤهم المقرَّبين، فقد تحتاج إلى حضور بعض الأحداث الاجتماعية التي يشاركون فيها؛ لتلتقي بأصدقائهم وتُقيِّم العلاقات التي يشكِّلونها.
5. التوجيه والتحفيز:
قدِّم إرشادات ونصائح لأبنائك بشأن كيفية تقديم الاهتمام للأصدقاء والتعامل مع الصعوبات المحتملة في العلاقات الاجتماعية، ويمكنك أيضاً تشجيعهم على قضاء وقت مع أشخاص إيجابيِّين، والابتعاد عن الأشخاص السلبيين أو الذين يؤثرون سلباً في سلوكهم وتطورهم.
6. الثقة في قراراتهم:
ثِق في قدرتهم على اتِّخاذ قراراتهم الصحيحة، فعلى الرَّغم من أهمية دورك بصفتك والداً في توجيه أبنائك، من الضروري أن تسمح لهم بالاختيار النهائي وتدعمهم في اتِّخاذ القرارات المُستقلَّة بناءً على معرفتهم الشخصية.
7. النموذج الحَسَن:
كن نموذجاً حسناً لنفسك في اختيار أصدقائك والحفاظ على علاقات صحية ومتوازنة، فذلك له تأثيرٌ كبير في أبنائك، ويجب عليك أن تُظهر لهم كيفية التعامل بلطف واحترام مع الآخرين وكيفية التفاعل مع الأشخاص الإيجابيين.
8. الاهتمام بالإشراف الجيد:
كُن على درايةٍ بمن هم أصدقاء أبنائك، ويجب أن تتواصل بانتظام مع المُعلِّمين والآباء الآخرين لمراقبة تقدُّم العلاقات الاجتماعية والمشكلات المحتملة التي قد تنشأ.
يجب أن تتذكَّرَ أنَّه من الهامِّ أن تقدِّمَ الدعمَ والإرشاد لأبنائك، ولكنَّهم يجب أن يتعلَّموا أيضاً من خلال تجاربهم الشخصية، فقد يواجهون بعض التحديات والأخطاء في اختيار الأصدقاء، ولكنَّهم يتعلَّمون ويَنمون من خلالها.
ما هي العلامات التحذيرية التي يجب أخذها بالحسبان في صداقات ابني؟
عند البحث عن علامات تحذيرية عند أصدقاء أبنائك، يُفضَّل أن تكون على دراية بسلوكهم وأنماط سلوكهم العادية؛ لتكتشف أي تغيير غير عادي أو تصرف غريب، ومع ذلك تشير بعض العلامات التحذيرية الشائعة إلى وجود مشكلات تحتاج إلى اهتمام، وإليك بعض الأمثلة عن تلك العلامات التحذيرية:
1. تغيُّر في سلوكهم:
إذا لاحظت تغيُّراً ملحوظاً في سلوك أصدقاء أبنائك، مثل سلوك عدواني، أو انعزال عن الآخرين، أو تغيير في أداء الدراسة، فقد يكون هذا علامة على وجود مشكلة.
2. سوء تأثير الأصدقاء:
إذا لاحظت أنَّ أصدقاءَ أبنائك يؤثِّرون سلباً في سلوكهم أو تحقيقهم الأكاديمي، مثل التشجيع على سلوك غير صحي أو التغييب عن المدرسة، فقد يكون هذا مؤشِّراً على تأثير سلبي.
3. تعاطي المخدرات أو الكحول:
إذا كانت لديك أدلَّةٌ على أنَّ أصدقاء أبنائك يستخدمون المخدرات أو يتعاطون الكحول تعاطياً غير مناسب لعمرهم، فهذا يُشير إلى مشكلة خطيرة تحتاج إلى معالجة فورية.
4. سلوكٌ خطِرٌ أو مخاطرة:
إذا كان أصدقاء أبنائك يشاركون في سلوك خطر مثل العنف المتكرر، أو السرقة، أو القيادة المُتهوِّرة، فهذه علاماتٌ تحذيرية قوية تشير إلى وجود مشكلة جديدة.
5. انخفاض في الأداء الأكاديمي:
إذا لاحظت أنَّ أصدقاءَ أبنائك يتراجعون في أداء الدراسة أو يُظهرون تغييرات سلبية في تحصيلهم الأكاديمي، فقد يكون هذا دليلاً على وجود صعوبات تعليمية أو مشكلات شخصية.
إذا لاحظت أيَّاً من هذه العلامات التحذيرية، فمن الأفضل أن تتحدَّث مع أبنائك وتطلب منهم الحديث عن أصدقائهم والمشكلات التي قد يواجهونها، فقد تطلب المساعدة من المُدرِّسين أو المستشارين المدرسيِّين للحصول على دعمٍ إضافيٍّ وتوجيهٍ في حلِّ المشكلة.
شاهد بالفيديو: 18 طريقة تجعل تربية الاطفال سهلة
نصائح لكيفية تحذير ابنك من أصدقائه:
قد تحتار بالطريقة التي تتمكَّن بها من تحذير ابنك من أصدقائه، وفيما يأتي مجموعة من النصائح التي قد تساعدك على تحقيق ذلك:
1. ابدأ بالاستماع:
قبل أن تقدِّمَ نصيحتك، استمع جيداً لابنك واستفسر عن أصدقائه، وافهمْ العلاقةَ التي تربطهم والنشاطات التي يشاركون فيها، واجعله يشعر أنَّك تهتمُّ بما يحدث في حياته.
2. كن منفتحاً وصريحاً:
قد يشعر ابنك بالراحة في مشاركة مخاوفه وملاحظاته عن أصدقائه إذا كانت لديك علاقة مفتوحة وصادقة، فاجلس معه وتحدَّث بصراحةٍ عن القيم والمعايير التي تعتقدها وترغب في رؤيتها في أصدقائه.
3. اشرحْ المخاطر المُحتمَلة:
دون أن تكون مُتهجِّماً أو تحكُّميَّاً، وتحدَّثْ عن المخاطر المُحتملة للتَّعامل مع أصدقاء سيئين، واستخدمْ أمثلةً واقعيةً للأوضاع التي قد يجد نفسه فيها ابنك، وكيف تؤثِّر في حياته الشخصية والمُستقبلية.
4. قدِّمْ بدائل إيجابية:
بدلاً من التركيز على الأصدقاء السيئين، قدِّم لابنك بدائلَ إيجابيةً للتواصُل مع أشخاصٍ يكونون إيجابيِّين ومُلهِمين، وقد تكون هذه هي الفرصة لتشجيعه على الانخراط في نشاطات خارج المدرسة أو الانضمام إلى نوادٍ تقدم نشاطات ضمن اهتماماته.
5. كن داعماً:
عندما يحاول ابنك التغيير واتخاذ القرارات الصحيحة، كن داعماً له، فقد يواجه صعوبات في البداية ومن الهامِّ أن تكون هناك لتشجيعه وتقديم المساعدة والنصائح على مرِّ الطريق.
6. تعاونْ مع المدرسة:
اتَّصل بالمدرسة وناقش قلقك بشأن أصدقاء ابنك، فقد يتمكَّن المعلمون من ملاحظة سلوكٍ غير مناسب أو مشكلات تنموية تحدث في الفصل الدراسي، ويمكنهم تقديم الإرشاد والدعم.
7. حافظ على الثقة:
يجب أن يشعر ابنك بأنَّ يمكنه الثقة بك والتحدُّث إليك في أيِّ وقت، ولا تنشر معلومات خاصة عنه أمام الآخرين ولا تنتقد أصدقاءه عموماً، فهدفك هو بناء الثقة وتعزيز علاقتكما الأبوية.
8. تذكَّر أنَّك قدوةٌ:
كونك أباً قدوة لابنك؛ يعني أن تُظهِر له كيفيَّة التعامل مع الآخرين بطرائق صحيَّة، وتُقدِّم له نموذجاً إيجابياً للصداقة والتعاون والتفاهم.
9. علِّمه مهارات التحليل الاجتماعي:
وجِّه ابنك لاكتشاف علامات السلوك غير الملائم أو العلاقات السامة، وعلِّمه كيفية تحليل الوضع، وتقييم الآثار المُحتملة، واتخاذ القرارات الصائبة.
10. حافظْ على التواصل المستمر:
استمر في جعل التواصل مفتوحاً مع ابنك، واسأله عن أصدقائه بانتظامٍ وتحدَّث عن تجاربه الاجتماعية؛ بفهمك العميق لحياته الاجتماعية، يمكنك أن تكون مستعداً لتقديم النصائح والدعم اللازم عند الحاجة.
يجب أن تتذكَّر أنَّ الهدف الرئيس هو بناء علاقة صحية، وثقافة تواصلٍ مفتوحة مع ابنك، وقد يستغرق الأمر بعض الوقت للتأثير فيه، لذا كنْ مَرناً وصبوراً.
كيف أوجِّه ابني إلى السلوك غير الملائم من رفاقه؟
قد يكون توجيه الأطفال بشأن السلوك غير الملائم لرفاقهم تحدياً، ولكن يمكنك اتِّباع بعض الخطوات لمساعدة طفلك على تحسين سلوكه مع رفاقه، فإليك بعض هذه الخطوات التي قد تساعدك:
1. التعليم بالمثال:
كن نموذجاً إيجابياً لطفلك لتكون مفيداً له، وأظهر له كيفية التعامل مع الآخرين بأسلوبٍ لطيف ومحترم، وقد يكون من المفيد أيضاً تقديم أمثلة واقعية لمواقف مشابهة وكيفية التصرف فيها.
2. تعزيز مهارات التواصل الاجتماعي:
قد يحتاج طفلك إلى تعلُّم مهارات التواصل الاجتماعي لتحسين علاقاته مع رفاقه، فشجِّعه ودرِّبه على مهاراتٍ مثل الاستماع الفعَّال، ومشاركة الفِكَر بطريقة واضحة ومهارات حلِّ المشكلات.
3. تعزيز التعاطف والتفهُّم:
قد يساعد تعزيز التعاطف والتفهم طفلك على فهم مشاعر الآخرين والتعاطف معهم؛ لذا شجِّعه على وضع نفسه في موقع رفاقه ومحاولة فهم مشاعرهم واحتياجاتهم.
4. تعزيز الثقة بالنفس:
قد يكون السلوك غير الملائم ناتجاً عن نقصِ الثقة بالنفس، فشجِّع طفلك وعزِّز إيجابياته وقدراته، وساعده على تطوير مهاراته وتحقيق أهدافه الشخصية.
5. التعاون مع المدرسة:
تواصل مع مدرسة طفلك لمعرفة مزيد من المعلومات عن سلوكه في البيئة المدرسية وتبادل المعلومات مع المعلمين، وقد يتطلَّب الأمر التعاون المشترك لمعالجة التحديات التي يواجهها طفلك.
6. تعزيز القيم والأخلاق:
عزِّز القيم والأخلاق الإيجابية في حياة طفلك، وقدِّم له نماذج عن النزاهة والاحترام والتسامح ومساعدة الآخرين.
في الختام:
تذكَّر أنَّ مَهمَّةَ توجيه الأطفال في تحسين سلوكهم مع رفاقهم وفي اختيار رفاقهم، تتطلَّب صبراً واستمراراً، ومن الوارد جداً أن يستغرق الأمر بعض الوقت حتى يظهر التحسن؛ لذا يجب أن تكون مستعداً للعمل مع طفلك ودعمه في عملية اختيار أصدقائه، فإذا استمرَّ السلوك غير الملائم، فقد يكون من المفيد استشارة مختصين مثل المُعلِّمين أو المستشارين التربويين للحصول على مزيدٍ من المساعدة والتوجيه المهني.
أضف تعليقاً