معنى السلوك الإيجابي عند الطفل:
يعني قدرة الطفل على التعامل مع مجتمعه والناس بالأخلاق الحسنة ووفقاً للمبادئ والقيم والأعراف السائدة؛ وذلك من خلال احترام الآخرين والتعامُل معهم بلطف، إضافةً إلى الانضباط واحترام القوانين والأنظمة والأخلاق الحسنة، والتي تشمل مكارم الأخلاق، مثل الإيثار وحب الخير إضافةً إلى التطوع والتعاون.
بعض من جوانب السلوك يكون بالفطرة عند الطفل، ولكن لا شك من وجود مسؤولية على الأهل في تعزيز هذا السلوك؛ لذلك دعونا نرى معنى تعزيز السلوك الإيجابي عند طفلك ودور الأسرة في ذلك.
تعزيز السلوك الإيجابي عند طفلك:
هو أسلوب تربوي يهدف إلى بناء سلوك الأطفال بطريقة صحيحة من أجل تحقيق التطور والإنجاز، ويكون ذلك من خلال التكرار الإيجابي للسلوكات الجيدة وتحقيق التوازن الصحيح بين المكافأة للطفل أحياناً وبين معاقبته أحياناً أخرى.
يحمل الأهل الدور الأساسي في تعزيز السلوك الإيجابي وتطوير الإبداع لدى طفلهم، فيكونون مثالاً حيَّاً للأبناء، إضافةً إلى دور المدرسة والبيئة التي يعيش فيها الطفل.
يعد تعزيز السلوك الإيجابي عند طفلك من الثوابت الأساسية في تنشئة شخص سليم وواع وإيجابي في مجتمعه، وقادر على مواجهة المواقف الصعبة بنفسه دون خوف وتردد، إضافةً إلى اتخاذ قراراته الشخصية بكل ثقة؛ وذلك لأنَّ تعزيز السلوك الإيجابي لدى الطفل من الصغر له كثير من الإيجابيات والتي تصب في مصلحة الطفل والأبوين معاً.
طرائق تعزيز السلوك الإيجابي عند الطفل:
لقد تعرفنا إلى معنى التعزيز الإيجابي؛ لذلك سنتعرف إلى طرائق التعزيز الإيجابي عند طفلك، والتي تشمل الثناء أو المدح باستخدام مختلف الأساليب، فيمكن للوالدين أو مَن هو مسؤول عن رعاية الطفل التشجيع على إظهار سلوك إيجابي بشكل أكثر اتساقاً.
غالباً ما يكون الطفل نموذجاً لسلوك والديه بعد أن يكبر، فمن خلال إظهار التصرف الإيجابي يمكنك تشجيع طفلك على فعل الشيء نفسه، وهذا يشمل أن تكون لطيفاً ومحترماً ومسؤولاً في تفاعلاتك مع الآخرين.
يحتاج الأطفال إلى توقعات وحدود واضحة لفهم ما هو متوقع منهم، فمن خلال وضع توقعات واضحة لسلوك طفلك، يمكن للوالدين ومقدمي الرعاية مساعدة الأطفال على فهم ما هو مناسب وما هو غير مناسب، ومن أهم طرائق تعزيز السلوك الإيجابي هي:
1. تعليم الطفل المهارات الاجتماعية:
إنَّ المهارات الاجتماعية والعاطفية ضرورية جداً للسلوك الإيجابي، ويمكن للوالدين ومقدمي الرعاية تعليم الأطفال هذه المهارات من خلال الانخراط في النشاطات التي تدعم وجود التعاطف والتواصل وحل المشكلات والتنظيم والانضباط، إضافةً إلى جعل الأطفال أكثر لطفاً مع الآخرين، ونتيجة لذلك يكونون أكثر تأثيراً في المستقبل وفاعلية.
2. استخدام طريقة تواصل إيجابية:
أكد الباحثون أنَّ الإساءة اللفظية تؤثر في تكوين شخصيات الأطفال، فيبدأ الطفل بإيمانه بالألفاظ التي يسمعها، ويبدأ استخدام هذه الألفاظ بوصفها تبريراً لأي حدث يحصل معهم؛ لذلك تؤثر الكلمات المشجعة والداعمة، بدلاً من الكلمات النقدية أو السلبية أو نعتهم بصفات سيئة طوال الوقت، في ثقتهم واحترامهم لأنفسهم، وهذا يولد لديهم صعوبة في بناء العلاقات الاجتماعية الجيدة أو القدرة على التواصل الجيد.
3. إنشاء بيئة إيجابية:
البيئة الإيجابية ضرورية لتعزيز التصرفات الإيجابية لدى الأطفال، ويشمل ذلك بيئة منزلية آمنة وداعمة، إضافةً إلى وسائل التنشئة الاجتماعية واللعب، فهذا يجعل الطفل ينشأ في بيئة اجتماعية صحيحة وسليمة تجعله يثق بقدراته وقراراته، وهذا بدوره يساعد على بناء شخصيته من خلال التواصل الفعال والسليم.
4. طلب مساعدة من شخص خبير:
إذا كان الطفل يعاني من سلوك سلبي، فقد يكون من الضروري طلب المساعدة المهنية، ويمكن لأخصائي الصحة العقلية مساعدته على تحديد المشكلات الأساسية وتقديم استراتيجيات لتعزيز سلوك إيجابي للطفل، وذلك من خلال بعض الممارسات والنشاطات أو النظم المعينة التي يقدمها للطفل، والتي من خلالها يمكنه التحسين من السلوك السلبي عند الطفل.
دور الأهل في تعزيز السلوك الإيجابي:
للأهل الدور الكبير في تعزيز السلوك الإيجابي عند الطفل، وذلك من خلال الاستماع لمشكلاته والإنصات إليه، وأيضاً من خلال الابتعاد عن وصفه ونعته بأي صفة سيئة، فذلك سيقلل من ثقته بنفسه ويجعله متوتراً وقلقاً.
يزيد مدح سلوك الطفل بالصفات الجيدة بشكلٍ دائم من ثقته بنفسه، ويجعله ذا نفسية مستقرة، وهذا الدور الأساسي الذي يسهم في تعزيز السلوك الإيجابي لديه ويجعله أكثر فاعلية في مجتمعه، من خلال تمتعه بالصحة النفسية الصحيحة.
من الهام أيضاً إعطاء الأهل صورة جيدة لأنفسهم أمام الطفل؛ لأنَّه يتخذ أبواه قدوةً حسنة والمثل الأعلى في تشكيل سلوكه، فتتشكل لديه صورة مسبقة عن طريقة التصرف في موقف ما من خلال الصورة الذهنية التي تم بناؤها مسبقاً من خلال أهله.
يكون دور الأهل أيضاً في تعزيز المهارات الاجتماعية لدى أطفالهم، وهي مهارات التواصل والتعاون، فذلك يعلم الأبناء كيف يعبرون عن أنفسهم بوضوح وثقة، ومن المفروض لتعزيز السلوك الإيجابي وضمان تحقيقه الابتعاد عن النصح والإرشاد المبالغ فيه للطفل، فعندما تتم قيادته بشكلٍ كامل سيجد صعوبة في اتخاذ قراراته بنفسه وخاصةً في حياته مستقبلاً.
يعد أسلوب الحفاظ على الكلمة من الضروريات في التعامل مع طفلك، فعندما تَعِد طفلك بمكافأة على عمل يقوم به أو بمعاقبته إن قام بخطأ معين، فمن الضروري تنفيذ المكافأة أو العقوبة حتى يتعلم الطفل الانضباط والالتزام، إضافةً إلى تعزيز الثقة بوالده لديه.
شاهد بالفيديو: 8 طرق لتنمية الذكاء الاجتماعي عند الطفل
أسباب ضعف السلوك الإيجابي عند الطفل:
على الرغم من أهمية تعزيز السلوك الإيجابي لدى الطفل ودوره الكبير في تنشئته تنشئة واعية وصحيحة، لكن في كثير من الأحيان نجد أطفالاً يفتقرون إلى هذا الجانب، ومن أهم أسباب ضعف السلوك الإيجابي عند الطفل:
1. عدم وجود قدوة حسنة:
تعد القدوة الحسنة مثالاً واقعياً للسلوك الخلقي الأمثل؛ لكونها العنصر الأساسي المؤثر في سلوك الطفل، وفي غالب الأحيان تكون متمثلة بوالديه، وكما ذكرنا آنفاً تكون أفعال الطفل تقليداً لأفعال الأهل، والتي هي صورة حيَّة له، والتي ينطلق سلوك الطفل من خلالها وتتفتح أمامه آفاقاً واسعة من المعرفة الحياتية.
عند غياب القدوة لا يُعزَّز السلوك الإيجابي بالطريقة الصحيحة والسليمة، وينشأ الطفل على السلوك العدواني والسيئ مخالفاً للقيم والمبادئ التي من المفترض أن يقوم سلوكه عليها.
2. انعدام التواصل الاجتماعي:
يتعلم الأطفال من خلال التفاعل مع الآخرين، وإذا لم تتوفر لهم الفرص للاختلاط مع أقرانهم، فإنَّهم يعانون من ضعف في السلوك الإيجابي عندما يتفاعلون مع المحيط والبيئة من حولهم؛ لذلك يعد التواصل مع الآخرين وتعزيزه من أهم الخطوات للوصول إلى سلوك إيجابي سليم لدى الطفل، لأنَّ التواصل الجيد ينمي من شخصية الطفل الاجتماعية والسلوكية والنفسية أيضاً.
3. حالات الأمراض العقلية:
من الممكن أن تؤثر حالات الصحة العقلية مثل الاكتئاب والقلق واضطراب فرط الحركة إضافةً للنقص في الانتباه في قدرة الطفل في إظهار سلوك إيجابي، وخاصةً إذا لم يتم تشخيص مثل هذه الحالات وعلاجها، وقد تؤدي مثل هذه الأمراض إلى صعوبات في التنشئة الاجتماعية والسلوك، فتظهر لدى الطفل أفعال سلوكية غير جيدة تقود إلى أفعال عدوانية في حال لم يتم الانتباه لحالته مبكراً.
4. التجارب السيئة في الطفولة:
تؤثر الأحداث الصادمة مثل الإساءة والإهمال والتعرض للعنف تأثيراً كبيراً جداً في سلوك الطفل وتنشئته؛ لذلك يعاني الأطفال الذين تعرضوا للصدمة من صعوبة في التنظيم العاطفي؛ ولذلك يُظهِرون سلوكات سلبية نتيجةً لذلك، إضافةً إلى صعوبة في القدرة على التعامل مع البيئة المحيطة، أو إظهارهم لأفعال عدوانية وسلبية؛ بسبب العنف الأسري الذي تعرضوا له منذ طفولتهم.
5. سلوك الأهل غير الجيد:
يؤدي تعرُّض الأطفال للتعامل السلبي من قبل الأهل؛ وذلك لأنَّ الآباء عنيفين جداً أو صارمين جداً، إلى ضعف العلاقة بين الوالدين والطفل، وهذا يجعلهم يفقدون الثقة بأنفسهم ولا يحترمونها، وهنا الأطفال لا يتعلمون المهارات الاجتماعية والعاطفية المناسبة اللازمة لإظهار سلوك إيجابي، فيفقد الطفل قدرته على التعامُل والتواصل الجيد مع أقرانه.
في الختام:
يعدُّ تعزيز السلوك الإيجابي الطريقة الفعالة في تشجيع وتقدير السلوك الجيد عند أطفالك بدلاً من معاقبتهم على سلوكهم السيئ، وهذا سيجعلهم واثقين ومنضبطين متحسنة بذلك علاقتك الأبوية معه.
أضف تعليقاً