أولًا: تعريف الشخصيّة ومفهومها العام
الشخصيّة أو الذات هي عبارة عن مجموعة من السمات والصفات التي تكّون شخصيّة الإنسان، وتختلف هذهِ الصفات من شخصٍ إلى آخر، وهي التي تقف وراء مختلف المهارات الإجتماعيّة والتفاعليّة مع البيئة الخارجية لدى الإنسان.
ولقد تحدث علماء النفس كثيرًا عن موضوع الشخصيّة وأشاروا إليها بالعديد من التعريفات مثل:
عرّف مورتن بريس الشخصيّة على أنّها المجموع الشامل لخصائص الإنسان والإستعدادت البيولوجيّة المورّثة، والخبرات والأنماط المُكتسبة من البيئة الخارجيّة، وهذا التعريف يُركّز على الجوانب الداخليّة التي تكوّن ذات وشخصيّة الإنسان.
أمّا روباك فعرّف الشخصيّة على أنّها مجموعة من الإستجابات والإستعدادات والإتجاهات الإجتماعيّة والمعرفيّة والإنفعاليّة لدى الإنسان.
ثانيًا: مفهوم شخصيّة الطفل وتنميتها
يُعد تطوير شخصيّة الطفل وتنميتها من الأمور الحيويّة والأساسيّة في حياتنا، لأنّ هذا الأمر هو الذي يُساعد على أن يكون الطفل ناجحًا في حياتهِ، وكذلك فإنّ عمليّة تطوير شخصيّة الطفل وتنميتها هي عمليّة بطيئة بعض الشيئ، لهذا فإنّ على كل من الأب والأم أن يتحلّوا بالصبر لينجحوا في تربية الطفل وصقل شخصيتهِ ليُصبح واثقًا من نفسه ومن قدراتهِ.
ويجدر بالذكر بأنّ ثقة الطفل بنفسهِ تأتي من تقبّل الآخرين له، ولشخصيتهِ، لهذا على الآباء أن يُدركوا جيدًا بأنّهم عندما يمنحوا طفلهم الحب الكبير بغير شروط فإنّهم يُساهموا في بناء شخصيتهِ وتنميتها وتعزيز ثقته بقدراتهِ وذاته.
فضلًا على أنّ هناك العديد من العوامل التي تؤثر على تطوّر شخصيّة الطفل وتنمية ذاته أهمها:
- العوامل الوراثيّة التي تنتقل من الأجداد إلى الآباء إلى الأبناء.
- العادات والتقاليد التي تؤثر على شخصيّة الطفل وسلوكه العام.
- مكانة الطفل في العائلة ما إذا كان الطفل الأكبر سنًا، أم المتوسط، أم الأصغر سنًا، وهل الطفل وحيد في العائلة أو لديه إخوة.
وبالرغم من كل هذهِ العوامل فإنّ تربية الأم والأب لطفلهم هي التي تلعب الدور الأساسي في تكوين شخصيتهِ وصقلها.
ثالثًا: مراحل نمو الطفل
- الطفولة المبكرة وتبدأ منذ سنة 3 إلى 5 سنوات، أي مرحلة ما قبل المدرسة والروضة.
- الطفولة الوسطى بين 6 إلى 8 سنوات، مرحلة التعليم الأساسي، والصفوف الثلاثة الأولى.
- مرحلة الطفولة المتأخرة بين 9 إلى 11 سنة، التعليم الأساسي والصفوف الثلاثة الوسطى.
- مرحلة المراهقة من 12 إلى 22 سنة.
ولقد أشار وتحدث بعض الفلاسفة عن مرحلة الطفولة بخصائها وتأثيراتها على شخصيّة الطفل، ومنهم:
إريك أريكسون حيث قال:
أنّ الإنسان عندما يُحقق ذاتهِ يتمكّن من حل أزمة النمو بطريقةٍ مقبولة، فمن سن 3 إلى 6 سنوات يكون شعور الطفل بالحريّة والاستقلال وهذا يدفعه إلى الشعور بالمبادرة والمسؤوليّة والثقة في نفسهِ وفي قدراتهِ، ومن 6 إلى 11 سنة يبدأ الطفل بالإستقلاليّة وترجمة خيالاتهِ وتجسيد أفكاره، وكلّما لقي تشجيعًا ممن حوله كلّما تقدّم أكثر.
وبشكلٍ عام فإنّ علماء النفس أجمعوا بأهمية الخمس سنوات الأولى من عمر الطفل، وأنّ هذهِ الفترة هي أكثر فترة حرجة من عمرهِ، وهي التي تتميّز بتطوير ملامح شخصيّة الطفل المستقبليّة التي تعمتد بشكلٍ كبير على نوعية الخبرات النفسيّة والمعرفيّة التي يمر بها الطفل، حيثُ يستقي من خبرات الحياة، واكتساب الكلام، والتمييز بين الجنسين، ومعرفة الصواب والخطأ.
رابعًا: علامات تشير إلى ضعف شخصيّة الطفل وعدم ثقتهِ بذاته
- عدم قدرة الطفل على رفض الأوامر الموجهة إليهِ، حتّى وإن كانت تسبّب له الحزن والتعب النفسي، وذلك لفشلهِ في إظهار تعابير الرفض، أو مشاعر الحزن والفرح، وكل هذا يدل بشكلٍ واضح على سلبيّة علاقات الطفل الإجتماعيّة.
- خوف الطفل وعدم رغبتهِ بالإحتكاك بالضيوف، أو الأشخاص الغُرباء، ورفض التواصل البصري معهم، أو حتّى رفض الإجابة على كل الأسئلة التي يُوجهها الآخرين له، وقد يصل الأمر إلى حد البكاء والصراخ.
- مبالغة الطفل في مراعاة مشاعر الآخرين، حتّى على حساب نفسهِ وراحتهِ الشخصيّة، كتقبله للإهانة، والتعرّض للإذلال وذلك لعدم قدرته في الدفاع عن نفسه.
- المبالغة في مواساة الآخرين، والتعاطف مع الحالات التي يمرون بها.
- التراجع الدراسي خلال المدرسة، وعدم مشاركتهِ في الأنشطة الإجتماعيّة التي تقام فيها.
- عدم رغبة الطفل بالذهاب إلى الحدائق العامة، أو المشاركة في الألعاب الجماعيّة مع الأطفال الآخرين.
خامسًا: أسباب ضعف شخصيّة الطفل، وفقدان ثقتهِ بذاتهِ
1- الحماية الزائدة للطفل:
إنّ حماية الآباء الزائدة لطفلهم، والخوف المبالغ عليه يؤثر سلبًا على شخصية الطفل بحيث يصبح طفلًا ضعيفًا، ولا يمتلك القدرة الكافية للدفاع عن نفسهِ، والاعتماد على ذاتهِ عندما يكونُ وحيدًا وبعيدًا عن أفراد أسرتهِ.
2- المقارنة:
وهي من أخطر الأساليب التي يتبعها العديد من الآباء مع أطفالهم، وتقوم هذهِ العادة على مقارنة الأب أو الأم للطفل مع أخوتهِ الآخرين أو مع أصدقائهِ، كأن يقولوا له بأنّ أخاك أفضل منك، أو أجمل منك، أو أن يقوموا بتوبيخهِ أمام أخوتهِ والأطفال الآخرين.
3- العقاب والتعنيف:
لا شيئ من الممكن أن يُلحق الضرر النفسي بالطفل أكثر من تعرضهِ المستمر للتوبيخ والتعنيف من قبل الأسرة وبشكلٍ خاص الأب والأم، وذلك لأنّ كثرة التوبيخ تؤثُر سلبًا على نفسيّة الطفل وشخصيتهِ وتسبب لهُ الضعف وانعدام الثقة بالذات.
4- العبارات السلبيّة:
إنّ توجيه الآباء في بعض الأحيان للعبارات السلبيّة لطفلهم، يؤثر كثيرًا على تكوين شخصيتهِ، ويُعزّز الجوانب الضعيفة فيها ويُنميها، ومن هذهِ العبارات السلبيّة أنت لا يُمكنك فعل هذا، أنت لا تستطيع القيام بأعمالك بمفردك، أنت غير جدير بالثقة، أنت شخص كسول، أنت طفل غير مجتهد، ويجدر بالذكر بأنّ هذهِ العبارات لا تؤثر فقط على شخصية الطفل، وإنّما على مقاومته وقوتهِ النفسيّة بحيث يُصبح مع الأيّام طفلًا ضعيفًا وعاجزًا ولا يستطيع الاعتماد إطلاقًا على نفسه.
5- المبالغة في تقييم ذكاء الطفل:
إنّ مبالغة الأهل في تقييم ذكاء طفلهم، يجعلهم يتوقّعون منه أداء كل الأمور والواجبات على أكمل وجهِ، وبشكلٍ خاص الواجبات المدرسية، وعندما لا يحدث ذلك، يبدآن بالمبالغة في العقاب والتوبيخ، مما ينعكس سلبًا على شخصيتهِ ليشعر بأنّه شخص غير جدير بالثقة وعديم الفائدة، ويفقد شيئًا فشيئًا ثقته بنفسه وبقدراته.
سادسًا: نصائح لتنمية شخصيّة الطفل وتعزيز ثقته بذاته
1- وضع بعض القواعد في المنزل:
من الضروري أن تحرص العائلة على وضع بعض القواعد في المنزل، وذلك لكي يلتزم جميع أفراد العائلة بها، حيث أنّ علماء النفس أكدوا بأنّ التنظيم يُساهمُ كثيرًا في تعزيز ثقة الطفل بنفسهِ وتقوية ذاتهِ، كما وأنّ القواعد تعمل على تشكيل شخصية الطفل السليمة.
2- القدوة الحسنة:
في مرحلة نمو الطفل العقليّة والجسديّة على الأهل أن يكونوا قدورةً حسنة لهم، وأن يلتزموا بممارسة السلوكيات الجيدة أمامهم، ويبتعدوا قدر المستطاع عن ممارسة أي سلوك سيئ، وذلك لأنّ الطفل عادةً ما يهتم بمراقبة تصرفات والديهِ بهدف تقليدهم.
3- الاستماع للطفل:
من المهم جدًا أن يحرص الأب والأم على الإستماع لطفلهم، والإنصات لكل الأخبار التي يقوملها لهم بكل اهتمامٍ وانتباه، وذلك لأنّ هذا الإنصات يجعل الطفل يشعر بأهمية ما يقول، وبأهمية كل أفكاره، مما ينعكسُ بشكلٍ إيجابي على ثقتهِ بنفسهِ وقدرتهِ على إثبات ذاتهِ.
4- مدح الطفل:
بشكلٍ مستمر يجب على الأهل أن يوجهوا كلمات المديح لطفلهم والثناء عليهِ حتّى عندما يقوم بأي عملٍ بسيط، وذلك لأنّ المديح يُساهم في تعزيز ثقتهِ بنفسهِ أمام أهله وأصدقائهِ، ويُساهم كذلك في تنمية ذاتهِ وشخصيتهِ وتقويتها.
5- تربيته على الأخلاق الحميدة:
من الضروري أن يُربي الآباء طفلهم على الأخلاق الحميدة، ويغرسوها في عقلهِ، كما ومن الضروري أن يُوضحوا لهُ أهمية هذهِ الأخلاق وضرورة الإلتزام بها في الحياة، وعندما يتعلّم الطفل ممارسة الأخلاق الحميدة والإلتزام بها، فإنّ هذا سيجعله شخصًا قويًا ومتصالحًا مع ذاتهِ ونفسهِ في الحاضر والمستقبل، ومن أهم هذهِ الأخلاق الصدق، الأمانة، الإخلاص، احترام كبار السن، العطف على الأطفال، الإلتزام بالمواعيد والوقت.
6- تجنّب الضّرب:
يجب على الأهل أن يتجنّبوا استخدام أسلوب الضرب مهما كان خطأ الطفل كبيرًا، وذلك لأنّ الضرب يُساهم في فقدان ثقة الطفل بنفسهِ وقدرتهِ على بناء شخصيتهِ بشكلٍ طبيعي وسليم، ويُمكن استبدال الضرب بإسلوب أبسط بكثير كحرمان الطفل من مشاهدة التلفاز لعدة أيّام، أو حرمانهِ ليوم واحد من اللعب مع أصدقائهِ.
7- احترام خصوصيّة الطفل:
يجب على الأهل أن يحترموا خصوصيّة طفلهم الصغير وألّا يبالغوا في التدخل بالأشياء التي تخصه، كأن يستأذنوا مثلًا قبل أن يدخلوا إلى غرفتهِ الخاصة، وألّا يعبثوا في ألعابهِ الخاصة، بالإضافة لعدم التدخل المبالغ فيهِ بحديثهِ مع أصدقائهِ، والاكتفاء بمراقبتهِ من بعيد دون أن يشعر.
8- توجيه العبارات الإيجابيّة له:
يجب على الأهل أن يواظبوا بشكلٍ دائم على توجيه العبارات الإيجابيّة لطفلهم، وذلك لأنّ هذهِ العبارت تترك أثرًا جيدًا على نفسية الطفل وقدرتهِ على تعزيز ثقتهِ بنفسهِ وذاتهِ، ومن هذهِ العبارات أنت طفلٌ مهذب، أنت طفل رائع ومجتهد، أنت تستطيع تحقيق النجاح والتفوق.
سابعًا: أنشطة تساهم في تعزيز ثقة الطفل بنفسه
1- تشجيعه على الرياضة:
إنّ الرياضة لا تساهمُ فقط في تقوية جسم الطفل وصحتهِ العامة، وإنّما تساهمُ أيضًا في تعزيز صحتهِ النفسيّة وقدرتهِ على تطوير ذاتهِ، لهذا يجب على الأم والأب أن يُشجعوا طفلهم على ممارسة الرياضة كل يوم، وتعلّم بعض الرياضات المهمة مثل كرة القدم، كرة السلة، السباحة، وركوب الخيل.
2- ممارسة الهوايات:
تلعب الهوايات دورًا فعّالًا في تعزيز العديد من الجوانب الإيجابيّة في نفسيّة الطفل، والقضاء على الجوانب السلبية فيها، لهذا من الضروري أن تشجع طفلك على تعلم ممارسة الهوايات اليوميّة وإتقانها.
3- القراءة:
إنّ القراءة تساهم في تعزيز الجوانب الإبداعيّة في شخصيّة الطفل، وتساهمُ بالتالي في تعزيز ثقتهِ بنفسهِ وتنمية ذاتهِ، لهذا من الضروري أن تشجع الطفل على ممارسة عادة القراءة والمطالعة كل يوم، مع الحرص على انتقاء الكتب والقصص التي تُناسب المرحلة العمريّة التي يمرُ بها.
شاهد: كيف نختار الكتاب المناسب للطفل؟
وأخيرًا نتمنى عزيزي أن تستفيد من كل المعلومات المهمة التي وردت في هذهِ المقالة، وذلك لكي تساهم في مساعدة طفلك على تنمية ذاته، وتطوير شخصيتهِ.
المصادر:
أضف تعليقاً