وعندما يدخل طفل إلى عالم تعاطي المخدرات، قد يفعل ذلك لأسباب عدَّة؛ حيث قد يكون السبب هو الحياة المنزلية الفوضوية أو مشكلات المدرسة أو صعوبة تكوين صداقات أو الحفاظ عليها أو الأمراض النفسية وغيرها من العوامل؛ حيث يمكن أن تسهم جميعها في تعاطي المخدرات لدى الأطفال.
ووفقاً "للمعهد الوطني لتعاطي المخدرات" (National Institute on Drug Abuse) في الولايات المتحدة؛ فإنَّ كثرة الصراع في المدرسة أو ضعف المهارات الاجتماعية يمكن أن تُشكِّل عوامل خطر رئيسة تؤدي إلى تعاطي المخدرات أو الإدمان عليها.
وإذا استمر الطفل باستعمال مثل هذه المواد المخدرة، فإنَّ دماغه المتغير باستمرار مُعرَّض بشكلٍ كبير إلى الإدمان؛ وذلك لأنَّه لا يزال غضاً مرناً؛ حيث تشير الأبحاث إلى أنَّ الدماغ البشري يستمر بالتغيُّر والنضوج بطرائق عدَّة خلال مرحلة الطفولة.
تتعرَّض الأدمغة الشابة بشكلٍ خاص إلى آثار المخدرات، وقد تزيد احتمالية إصابة الطفل باضطراب تعاطي المخدرات في وقتٍ لاحقٍ من حياته إذا تعاطى المخدرات خلال فترة المراهقة، وكلَّما أبكر الشخص في تعاطي المخدرات، زادت احتمالات إدمانه.
لذا؛ إذا انتابك القلق من تعاطي طفلك للمخدرات أو الكحول، فضع العلامات والأعراض المدرجة في هذا المقال في الحسبان:
1. التغييرات السلوكية لدى الطفل:
انتبه إلى التغيرات في سلوك الطفل؛ حيث تظهر بعض التغيرات السلوكية التي قد تصاحب تعاطي المخدرات على شكل عزلة ذاتية أو حدة في الطباع أو عدائية واتخاذ مواقف دفاعية أو التزام الهدوء وعدم الاستجابة على غير العادة.
قد يقضي الأطفال المتعاطون أغلب الوقت في غرفتهم، أو يتعثرون في نطق كلماتهم ومن الممكن أن يعانوا من إعاقاتٍ أخرى تؤثر في سلوكهم.
راقب تصرفاتهم عند عودتهم إلى المنزل من المدرسة، أو بعد التمرينات الرياضية، أو بعد التسكع مع مجموعة من الأصدقاء وغيرها من العلاقات الاجتماعية، وإذا كانوا يتصرفون بسلوكات خارجة عن المألوف، فقد يكون ذلك إثر التعرُّض للمواد المخدرة.
2. التغييرات في المظهر:
غالباً ما يؤدي تعاطي المخدرات إلى العديد من التغييرات في المظهر، ومن ضمن الأمور التي قد تلاحظها هي: توسُّع الحدقة أو تضيُّقها، أو احتباس الدم في العين، أو قلة النظافة الشخصية، أو اكتساب أو فقدان الوزن، ومن الممكن أن يميل المتعاطون إلى ارتداء الملابس الرثة المُهمَلة، ومن العلامات أيضاً تورُّد الخدين بشدة دون سبب، أو ظهور القروح حول الفم.
قد تلاحظ أيضاً علامات الوخز؛ وذلك إذا تم تعاطي المخدرات عبر الحقن؛ إذ تنتج هذه الندوب عن حَقنِ المخدرات عن طريق الوريد ويمكن عادة أن تظهر على الذراعين والقدمين والساقين.
3. التغييرات في المزاج أو المشاعر:
ابحث عن أيَّة تغييرات كبيرة في الحالة المزاجية والعاطفية لطفلك؛ وذلك لأنَّ وجود الأمراض والاضطرابات النفسية هي إحدى المخاطر المحتملة لتعاطي المخدرات.
هل ظهرت عليه علامات الاكتئاب أو القلق أو اضطراب ثنائي القطب، أو اضطراب ما بعد الصدمة، أو بعض الاضطرابات النفسية الأخرى؟ وغالباً ما يرتبط المرض النفسي وتعاطي المخدر بشكلٍ كبير؛ فقد يتطور الإدمان نتيجة لوجود أمراض نفسية، وقد يؤدي المرض النفسي أيضاً إلى تعاطي المخدرات.
من الممكن أن يعاني الطفل المتعاطي للمخدرات من تقلباتٍ مزاجية متكررة، أو يواجه صعوبة في تنظيم والتحكُّم بعواطفه، كما يعاني من نوبات غضبٍ أو شعورٍ مسيطرٍ بالاكتئاب، كما يُفضِّل المدمنون الانسحاب من اجتماعات الأصدقاء والعائلة، ومن الممكن أن يتصرف بنشاطٍ غير عادي.
تختلف بعض التغييرات المزاجية استناداً إلى المادة التي يتم تعاطيها، فتوجد مواد ذات تأثير عالٍ، مثل "أديرال" (Adderall) أو "الكوكايين" (cocaine)، ومواد ذات تأثير منخفض، مثل "الكحول" (alcohol) أو "البنزوديازيبينات" (benzodiazepines).
4. التغييرات في الأكل والنوم وغيرها من الممارسات الروتينية:
قد تكون التغييرات في النشاطات الروتينية علامةً أخرى على تعاطي المخدرات لدى الأطفال، ويظهر ذلك بصعوبة في النوم أو الأرق المزمن، أو على العكس، الإفراط في النوم والتأخُّر عن الذهاب إلى المدرسة، كما سيظهر في الشراهة أو الامتناع عن الطعام، وتفويت اجتماعات ونشاطات النادي، أو عدم وجود الدافع.
إذا كان طفلك يحب حضور دروس البيانو عادةً، أو أي نشاطٍ آخر، وفجأةً يفقد اهتمامه بمتابعة النشاطات التي يستمتع بها، فيمكن أن تكون هذه النزعة بسبب المعاناة إثر تعاطي المخدرات؛ لذلك، ستكشف مراقبة التغيرات الكبيرة في نشاطاتهم الروتينية ونمط الحياة الطبيعي عن الكثير.
5. العثور على أدوات تعاطي المخدرات:
يمكن العثور على أدوات المخدرات تحت السرير في صندوق صغير، أو مُخبَّأة في خزانة، أو تحت ألواح الأرضية، أو بين الكتب المدرسية، وإذا كان الطفل كتوماً للغاية أو يحتفظ بمقتنياته الشخصية المغلقة بإحكام بعيداً مثل حقائب الظهر، فإنَّها قد تكون محاولة لإخفاء شيءٍ ما.
ومن الأمثلة على أدوات المخدرات: الإبر أو المحاقن والزجاجات والأنابيب والملاعق الصغيرة والقارورات وأوراق اللف وزجاجات الأدوية الموصوفة طبياً، والتي تحمل نسبة من المواد المخدرة وغيرها من المواد، وقد يكون الطفل قد حصل على إحدى هذه الأدوات من أقرانه، أو عبر طلبها من الإنترنت، أو إحضارها من منزله.
ماذا أفعل إذا كان طفلي يتعاطى المخدرات؟
في البداية، قد يكون من الأفضل عدم القيام بأي شيء، وإذا اكتشفتَ أنَّ طفلك كان يتعاطى المخدرات، فسوف تشعر غالباً بالخوف والغضب والعديد من المشاعر السيئة الأخرى؛ حيث سيستغرق استيعاب المشكلة بعض الوقت؛ لذا خذ نفساً عميقاً وعالِج الأمر بحكمة، ومن ثم فكِّر في الخطوة التالية، ويمكن أن نفقد أعصابنا عندما يتورط أطفالنا بجزء كبير من قضايا خطيرة مثل إدمان المخدرات.
فكِّر في سبب تحول طفلك إلى مدمن مخدرات؛ هل يتعرَّض إلى التنمر في المدرسة؟ وهل كان يعاني بصمتٍ اكتئاباً حاداً أو بعض الأمراض النفسية الأخرى؟ وهل وجد صعوبةً في التأقلم مع تغير كبير في حياته؟ توجد العديد من الأسباب التي تجعل المراهقين يلجؤون إلى المخدرات للحصول على إجابات للأسئلة المحيرة، والوصول إلى الراحة.
حاول فتح باب الحوار والنقاش معهم بشفافية حول الأسباب التي أدَّت إلى إدمان المخدرات، قبل الإقدام على أي فعل؛ فابحث في غرفهم وممتلكاتهم إذا كنتَ تشعر بضرورة هذه الخطوة، واشرح السبب المنطقي ليتمكَّن طفلك من فهم العاطفة المحركة لأفعالك؛ وذلك لأنَّ صحة الطفل وسلامته هي أولوية وغاية في الأهمية، خاصة عندما يتعلق الأمر باستعمال المواد المخدرة.
أضف تعليقاً