11 نصيحة لتصبح رواقياً:
النصيحة الأولى: اقبل ما لا يمكنك تغييره
بعض الأشياء مثل الأحداث العالمية والكوارث الطبيعية خارجة عن إرادتك ولا فائدة من انتقاد ضعفك بشأن أمر لا يمكنك تغييره؛ لذلك ركز بدلاً من ذلك على الأشياء التي يمكنك تغييرها مثل اختياراتك وتصرفاتك.
لتقريب المعنى لك نستطيع أن نشبه الأمر بلعبة تنس، ففي لعبة التنس لا يمكنك التحكم في أشياء مثل مهارة خصمك أو قرارات الحكم أو كيف تؤثر الرياح العشوائية في الكرة، لكن من ناحية أخرى يمكنك أن تضاعف وقت التدريب قبل المباراة وأن تنام جيداً؛ وهذا لا يعني أنَّك لا يجب أن تهتم بالأشياء الخارجية على الإطلاق؛ بل يجب أن تأخذها بالحسبان، لكن اعلم أنَّك لا تملك السيطرة لتغييرها.
النصيحة الثانية: فكِّر قبل أن تتحدَّث وتتفاعل عاطفياً
اعمل على زيادة ضبط النفس والوعي بالذات، واعلم أنَّ كونك متحفظاً لا علاقة له بمجرد عدم التحدث؛ بل من الهام أن تفكر قبل أن تتحدث إن كنت مهتماً بالرواقية الفلسفية.
النصيحة الثالثة: لا تقلق بشأن الآخرين
لا حرج في التحدث إلى الناس، لكن حاول ألا تتعامل معهم بعاطفية وانفعال؛ وذلك لأنَّك لا يمكنك التحكم في الآخرين، لذلك لا داعي للقلق بشأنهم، ويجب ألا تشعر أيضاً أنَّه يتعين عليك الامتثال لمعايير الآخرين، خاصة إذا كان ذلك يعني المساومة على أخلاقك ومبادئك وأفكارك التي تتبناها.
النصيحة الرابعة: لا تهدر وقتك في الأمور الفارغة
وقتك ثمين؛ لذا حاول ألا تضيع الوقت كثيراً في الأمور الفارغة، فقد يكون الأمر صعباً قليلاً في البداية، وركز أيضاً على ما تفعله عند أداء أمر ما حتى لو كنت جالساً وحدك أو تتحدث مع صديق فركز على اللحظة بدلاً من فحص هاتفك كل عشر ثوانٍ مثلاً.
إضافة إلى ذلك حاول ألا تفكر في بعض الأمور مثل أخبار العالم والأحداث الجارية والكوارث، فأن تكون على علم بالأحداث العالمية أمر يبدو جيداً، لكن من غير الجيد أن تشعر بالقلق أو الذعر بشأن الأشياء التي لا يمكنك التحكم فيها.
شاهد بالفديو: رحلة الحياة بـ (10) خطوات بسيطة
النصيحة الخامسة: لا تقلق من الأشياء الصغيرة
انظر إلى تحديات الحياة الكبيرة على أنَّها فرص لتصبح شخصاً أقوى وأكثر حكمة، أما عندما يتعلق الأمر بالمضايقات الصغيرة فلا تقلق بشأنها أبداً، فقط حاول أن تحافظ على هدوئك وتستمر، واعلم أنَّ راحة بالك تستحق أكثر من أن تقلق بشأن أشياء قليلة القيمة.
النصيحة السادسة: أحِط نفسك بأشخاص ذوي كفاءة عالية
كونك متحفظاً فهذا لا يعني أنَّك يجب أن تعزل نفسك عن الآخرين؛ بل مع ذلك يجب أن تحاول قضاء وقتك الثمين مع الأشخاص الذين يريدون أن يكونوا أكثر حكمة وأصحاب خبرة في اتخاذ قرارات أفضل ويجعلون منك شخصاً أفضل؛ لذلك حاول أن تفكر في أصدقائك ومعارفك وقيِّمهم، هل يقدمون لك النصيحة؟ وهل يشجعونك على التعلم؟ وهل يحفزونك على تحسين نفسك؟ وهل هناك من هو تافه أو انتهازي؟
النصيحة السابعة: فضِّل الأخلاق على الأمور المادية والمديح
إنَّ قوة أخلاقك أهم بكثير من الثروة أو الجوائز أو المديح، فاتخذ قراراتك بناءً على مبادئك الأخلاقية بدلاً من فعل شيء غير أخلاقي يحسن من حالتك المادية، على سبيل المثال لا تساعد شخصاً ما لأنَّك تريد مكافأة أو مديحاً؛ بل ساعده لأنَّ مساعدته هي الشيء الصحيح الذي يجب فعله، ولا تتفاخر به أو تحاول أن تلتمس الاهتمام، فافترض أنَّ الكذب بشأن زميل في العمل سيساعدك على الحصول على ترقية، لكن اعلم أنَّ الرواقي الحقيقي لن يفعل شيئاً غير أخلاقي لمجرد الحصول على ترقية.
النصيحة الثامنة: اقرأ اقتباساً يومياً وفكر في معناه
ابحث كل يوم عن اقتباس قصير لفيلسوف رواقي ما وردده مرات عدة لنفسك، وفكر في معناه جيداً، وحتى لو كُتب منذ أكثر من 2000 عام فكر في كيفية تطبيق معناه على حياتك الراهنة بما يتناسب مع ظروف الوقت الحالي.
النصيحة التاسعة: أدخل عادة كتابة اليوميات في نهاية اليوم إلى حياتك
في نهاية اليوم اكتب عن التحديات التي واجهتها والقرارات التي اتخذتها، وفكر في عادة سيئة بذلت جهداً لتحسينها، وفكر في الطريقة التي كان من الممكن أن تتخذ بها خياراً أفضل أو تتعامل مع الموقف بشكل مختلف.
على سبيل المثال اكتب: "كان يوماً جيداً التقيت بصديقي الذي يدرس ماجستير في العلوم السياسية، وتحدَّثنا معاً عن أمور مفيدة، لكن انتبهت أنَّ نبرة صوتي كانت عالية قليلاً وكأنِّي غاضب أو أقوم بنوع من التحدي، لذلك يجب عليَّ أن أنتبه إلى الأمر أكثر في المرة القادمة".
النصيحة العاشرة: تخيَّل خسارة كبيرة
تخيُّل خسارة كبيرة هو تأمل رواقي تتخيل فيه خسارة شيء هام جداً بالنسبة إليك مثل وظيفتك أو أحد أفراد أسرتك، فتخيَّل سيناريو سلبي في رأسك لبضع ثوانٍ فقط أو نحو ذلك؛ إذ يبدو الأمر مزعجاً، ولكنَّ الهدف هو قبول عدم الاستقرار في الحياة على نحو معين والاستعداد للعقبات التي بالتأكيد ستواجهك باختلاف درجتها والتفكير في الأشياء السيئة في حياتك والتغلب على مخاوفك.
يمكن أن يساعد التصور السلبي في بناء مرونة نفسية على مواجهة العقبات التي لا يمكن السيطرة عليها؛ وهذا يعني أنَّه عندما يحدث شيء سيئ، قد يكون من الأسهل عليك التأقلم إذا كنت قد تخيلته بالفعل أو تخيلت ما هو أصعب منه.
النصيحة الحادية عشرة: كن منفتحاً على اكتساب المعرفة دائماً
الإنسان الرواقي ليس إنساناً تقليدياً أبداً؛ بل بخلاف ذلك تماماً يجب أن يكون متحمساً لمعرفة كل ما هو جديد ومعاصر، ويجب أن يطلع على أفكار الآخرين وثقافاتهم ويستفيد منها، فلا ينحصر توجهه المعرفي نحو اتجاه معين بناء على أسس دينية أو حزبية أو مناطقية.
نشأة الفلسفة الرواقية على يد الفيلسوف زينو:
من بين جميع الرواقيين يمتلك "زينو" واحدة من أروع القصص في اكتشاف الفلسفة، ففي رحلة بين (فينيقيا) و(بيرايوس) غرقت سفينته مع حمولتها، وانتهى به المطاف في (أثينا)، وفي أثناء زيارته لمحل لبيع الكتب تعرَّف إلى فلسفة "سقراط" ولاحقاً الفيلسوف الأثيني "كرياتس".
لقد أدت هذه التأثيرات إلى تغيير مسار حياته بشكل جذري، وهذا دفعه إلى تطوير التفكير والمبادئ ليصل إلى الأفكار التي نعرفها الآن باسم الرواقية، ووفقاً لكاتب السيرة الذاتية القديم "ديوجين لارتيوس" قال "زينو" مازحاً: "الآن بعد أن عانيت من حطام سفينة، أنا في رحلة جيدة".
بالطبع لقد تطورت الرواقية بعد أن أطلقها الفيلسوف "زينو" لأول مرة، ولكنَّ الرسالة هي نفسها في جوهرها، فعلى حد تعبيره: "السعادة هي تدفق جيد للحياة، فكيف يتم تحقيقها؟ يتم تحقيقها في راحة البال التي تأتي من عيش حياة الفضيلة وفقاً للعقل والطبيعة".
أهم الفلاسفة الرواقيين الذين طوروا الفلسفة الرواقية بعد زينو:
كان للرواقيين تأثير في تطوير الفكر الغربي، وتم إحياء أفكارهم وإعادة تفسيرها في العصر الحديث، وفيما يأتي بعض الرواقيين المشهورين في التاريخ ممن كان لهم تأثير جيد:
1. الفيلسوف ماركوس أوريليوس:
كان "ماركوس أوريليوس" إمبراطوراً رومانياً وفيلسوفاً رواقياً، فاشتهر بتأملاته - وهي سلسلة من التأملات الشخصية في المبادئ الرواقية - وكان "أوريليوس" قائداً عسكرياً ناجحاً ومسؤولاً مقتدراً، ولكنَّه يُذكر أيضاً لحكمته ومعاملته الإنسانية لرعاياه.
2. الفيلسوف إبيكتيتوس:
كان "إبيكتيتوس" فيلسوفاً رواقياً، وقد وُلد عبداً وتم إطلاق سراحه لاحقاً، وواصل تدريس الفلسفة الرواقية في (روما)، ويعتقد الفيلسوف "إبيكتيتوس" أنَّ مفتاح الحياة الجيدة هو التركيز على ما هو تحت سيطرتنا وقبول ما لم يكن كذلك، كما علَّمنا أنَّنا يجب أن نجتهد في التصرف بأسلوب فاضل وأن نعامل الآخرين برأفة.
3. الفيلسوف سينيكا:
كان "سينيكا" رجل دولة رومانياً وفيلسوفاً رواقياً، وكان معلماً ومستشاراً للإمبراطور الروماني "نيرون"، ويُعرف "سينيكا" بكتاباته الرواقية التي تؤكد على الحاجة إلى ضبط النفس والثبات والحكمة، كما كتب على نطاق واسع في السياسة والأخلاق.
4. الفيلسوف جورج واشنطن:
كان "جورج واشنطن" أول رئيس للولايات المتحدة وممارساً للرواقية، وعُرف "واشنطن" بالهدوء وضبط النفس حتى في مواجهة الأزمات، ولقد كان أيضاً قائداً عظيماً وكان له الفضل في غرس القيم الرواقية في الأمة الفتية.
في الختام:
إنَّ الرواقية ما تزال وثيقة الصلة بالمجتمع الحديث، ولقد ترك الرواقيون المشهورون مثل "سينيكا" و"ماركوس أوريليوس" و"إبيكتيتوس" إرثاً دائماً ألهم العديد من الناس للعيش بشكل أكثر فاعلية؛ إذ تؤكد فلسفتهم على أهمية ضبط النفس والمرونة والعيش في وئام مع الآخرين، وفي عالم سريع الخطى ومتغير باستمرار يمكن أن توفر الفلسفة الرواقية شعوراً أنت بأمس الحاجة إليه لتحقيق الاستقرار وراحة البال.
أضف تعليقاً