أكَّد علماء النفس أنَّ 60% من حالات التواصل بين البشر لا تحدث عن طريق الكلام؛ وإنَّما تحدث بصورة غير شفهية، من خلال الحركات والإيماءات والإيحاءات التي تصدر عن جسم الإنسان في أثناء تحدثه أو استماعه إلى شخص ما.
من الأخطاء الكبيرة التي نقع فيها هي عدم الاهتمام بلغة الجسد التي تُعدُّ وسيلة لفهم ما يدور في ذهن الشخص المقابل بدقة حتى عندما يكون شخصاً كتوماً وقليل التحدث عن أفكاره وآرائه، أو عندما يكون كاذباً ومتقمِّصاً لشخصية مختلفة عن شخصيته الحقيقية، ولأنَّ قراءة أفكار الناس تعدُّ أمراً ضرورياً لحماية نفسك من الوقوع في المشكلات والتعرُّض للنصب والاحتيال؛ سنتحدَّث في مقالنا عن معاني بعض الحركات التي تفيد في قراءة أفكار الآخرين.
قراءة أفكار الآخرين:
هي ظاهرة أشبه بالاحتمال والاستبصار مع ضرورة وجود تركيز كبير على الشخص المقابل؛ إذ توجد هذه الظاهرة فطرياً في الإنسان، لكن بدرجات متفاوتة، وقد شغلت هذه الظاهرة الناس كثيراً، فدفعت العلماء لإجراء عديد من الأبحاث النفسية والعلمية التي اختلفوا بها، فبعضهم ذهب بالأمر إلى "الباراسايكولوجي" (ما وراء علم النفس أو علم الخوارق)، الذي يدرس الظواهر الروحانية، وبعضهم الآخر أكَّد أنَّ قراءة الأفكار تتعلَّق بوجود منطقة في الجزء الخلفي من دماغ الإنسان مسؤولة عن قوة هذه المهارة، وهذا ما يفسِّر تفاوت وجودها عند البشر.
أمَّا المدرِّب والباحث في إدارة التغيير وتأثير المعتقدات "أحمد المالكي"، فيفسِّر ظاهرة قراءة الأفكار على أنَّ الإنسان قادر على قراءة أفكار الآخرين من خلال تركيزه على نوعية الكلمات التي تحدَّث بها وتحليل معانيها ثمَّ ربطها بمعتقداته، ومن ثمَّ هذه المهارة يمكن للجميع تنميتها كي يستطيع التعامل مع المحيطين به بأسلوب مناسب.
شاهد بالفديو: 14 أمراً لتحسين مهارات لغة الجسد لديك
كيف تقرأ أفكار أي شخص؟
يمكن لأي إنسان الوصول إلى ما يدور في ذهن الشخص المقابل له من خلال معرفة ما تعنيه الإشارات التي يطلقها جسده؛ وذلك بعد ملاحظة كل حركة من حركاته، فقراءة الأفكار ليست سحراً كما يظنُّ بعض الأشخاص؛ وإنَّما ملاحظة وتركيز وتدقيق وإدراك أيضاً، ولتصل لتلك المرحلة يجب أن تكون على دراية بمعنى كل حركة من الحركات.
إليك معاني أبرز حركات الإنسان:
1. لمس اليد للوجه:
نلاحظ لمس الشخص لأماكن مختلفة من وجهه، وخاصة الأنف عند التحدث، وهذا يرتبط بالكذب، وعلى نحو أدق وضع اليد أسفل الأنف وفوق الشفة العليا، كما يرتبط بالكذب وضعه لكف يده على فمه.
وإن كان مستمعاً، ولمس أذنه مراراً، فهذا يعني أنَّه يشكِّك بكلام المتحدث، على عكس ما يعنيه وضع اليد المغلقة على خدِّه مع رفع السبابة نحو الأعلى؛ فهذا يدل على الاهتمام الشديد بحديث المتحدث، لكن يجب أن نفرِّق بين تلك الحركة وبين حركة استخدام اليد لإسناد الرأس؛ إذ تشير هذه الوضعية إلى الملل ومحاولة البقاء مستيقظاً، فالحديث أصابه بالنعاس ويحاول جاهداً منع نفسه من الاستسلام للنوم.
2. حركات اليدين:
عندما تصافح شخصاً ما ويشدُّ على أعلى يدك كي يحيِّيك فإنَّ تصرفه يدل على تقديره الكبير لك، وعلى العكس إن كانت قبضة اليد مفتوحة فهذا يشير لتجنبه التواصل معك قدر الإمكان، أمَّا خلال التحدث فإن كانت اليدان مضمومتين على مستوى الأنف مع وضع الكوعين على الطاولة، فتلك الحركة تشير إلى الكذب والخيانة أيضاً، وخاصة إن تم رفع السبابة والوسطى وضمهما أمام الشفاه، أمَّا فتح راحتي يديه، فتلك الإشارة تعبِّر عن إخلاص الشخص وابتعاده عن الخيانة والكذب، كما يرتبط ذلك بالخضوع، ومن ثمَّ يمكن الوثوق به.
إنَّ وضع الذراعين فوق بعضهما له دلالة عميقة، فإن وضع محدِّثك الذراع اليسرى فوق اليمنى، فهذا يشير إلى أنَّه محترس منك، والعكس صحيح، فإن كانت الذراع اليمنى فوق اليسرى دلَّ ذلك على انفتاحه وثقته، أمَّا عند جلوس الإنسان على كرسي ووضع يديه على ساقيه وكثيراً ما تفعل ذلك المرأة أكثر من الرجل، فيدلُّ ذلك على الحاجة إلى الرعاية، أمَّا الرجل فنلاحظ قيامه برفع يده على ظهر الكرسي المجاورة عند جلوسه إلى جانب كرسي فارغة كرغبة منه بوجود شريكة إلى جانبه ليعطيها عطفه وحنانه.
عندما يقوم الإنسان بوضع يده على صدره والتربيت الخفيف، فيدل ذلك على خوفه ومحاولة حماية نفسه من الآخرين، ولا تقلُّ أهمية حركات الأصابع عن غيرها، فإن غطَّى الإبهام الأيمن الإبهام الأيسر في أثناء الحديث دلَّ ذلك على استناد المتحدث إلى المنطق، وإن غطَّى الإبهام الأيسر للأيمن دلَّ ذلك على خضوع الإنسان لحدسه، وإن باعد المتحدث السبابة عن باقي أصابعه فدلَّ ذلك على رغبته بالاعتراف بأمرٍ ما، أمَّا الإنسان الذي يربِّت بأصابعه على الطاولة في أثناء التحدث، فإنَّه شخص راغب بالسيطرة عليك ويحب أن يفرض سلطته.
3. وضعية الأرجل:
يحاول بعض الأشخاص التحكُّم بحركاته كي لا يُفهم في أثناء التحدث إلى الآخرين، لكنَّ التركيز يكون على الجزء العلوي غالباً؛ لذلك يمكن النظر إلى حركات الجزء السفلي لفهم ما يفكِّر به، فإن وضع الرجل الساق اليمنى فوق اليسرى دلَّ ذلك على ارتياحه، وإن وضع اليسرى فوق اليمنى دلَّ على فقدان سيطرته على الموقف، أمَّا بالنسبة إلى المرأة فالعكس هو الصحيح.
إن قام الإنسان بمدِّ ساقيه ووضع الكاحل الأيمن فوق الأيسر فهذا يعني أنَّه بوضع الدفاع عن النفس، أمَّا إن وضع الكاحل الأيسر فوق الأيمن فدلَّ ذلك على رغبته بالاسترخاء.
4. العيون:
يسأل الناس كثيراً عن إمكانية فهمهم للآخرين من خلال عيونهم كونها أكثر ما ننظر إليه في الشخص المقابل؛ إذ تشكِّل العينان نافذة الروح؛ لذلك هي وسيلة جيدة جداً لقراءة ما يدور في ذهن الشخص المقابل، فإن اتَّسع بؤبؤ العين في أثناء الاستماع إلى الحديث دلَّ ذلك على اهتمامه الكبير وسعادته بما سمعه، وإن ضاق البؤبؤ دلَّ على عكس ذلك، كما دلَّ على تشكيكه نوعاً ما بما سمعه.
إن اتَّجه بنظره إلى الأعلى يميناً فهو يشكِّل صورة خيالية مستقبلية في ذهنه، أمَّا إن اتجه نحو الأعلى يساراً فإنَّه يتذكَّر الماضي غالباً وتحديداً ما له علاقة بما يسمعه من كلام، أمَّا عند اتجاه النظر نحو الأسفل فغالباً يتحدث مع ذاته ويشاورها في أمرٍ ما.
إنَّ للحاجبين دور كبير في فهم ما يفكِّر به المرء، فإن رفع الحاجب دلَّ على سماعه إلى شيء لا يصدقه، وإن رفع الحاجبان معاً دلَّ على المفاجأة والدهشة، وإن قطب الإنسان حاجبيه مع ابتسامة خفيفة، دلَّ ذلك على تعجبه من كلامك، لكنَّه غير راغب في تكذيبك.
6. مراقبة التنفس:
إذا لاحظنا أنَّ الشخص المقابل يتنفَّس من صدره تنفساً طبيعياً، فإنَّه مسترخٍ ومرتاح، أمَّا إن تنفَّس عميقاً دلَّ ذلك على توتره، وإن كان التنفس متشنجاً، فإنَّه في حالة قلق وخوف من معرفتك لشيء لا يريد إخبارك به.
7. نبرة الصوت:
تفضح نبرة الصوت كثيراً ممَّا يخفيه الشخص، فمثلاً التحدث ببطء يدلُّ على الراحة والهدوء، أمَّا التحدث السريع فيدلُّ على العصبية والتوتر، لكن يجب أن تضع في الحسبان طريقة تحدُّث الإنسان المعتادة، فلا يمكن الحكم على شخص من نبرة صوته إن لم تكن على معرفة مسبقة به.
شاهد بالفديو: 4 أخطاء في لغة الجسد ابتعد عنها
تقنيات تساعد على قراءة أفكار الآخرين:
لا يكفي تعلُّمك لمعنى كل حركة من حركات الإنسان كي تستطيع فهمه جيداً والتعامل معه بالطريقة المناسبة؛ وإنَّما عليك اتباع ما يأتي لتستطيع الفهم الجيد قبل الحكم على الآخرين:
1. الاستماع والإنصات إلى من حولك:
يجب أن تستمع جيداً إلى الناس كي تتعرَّف إلى أكبر قدر ممكن من أفكارهم، والحرص على أن يكون الاستماع مقرون بالنظر الجيد إلى تحرُّكات الشخص وإلى عينيه.
2. ممارسة تمارين التأمل:
تساعد تمارين التأمل الإنسان على التخلُّص من الإرهاق والقلق والطاقة السلبية التي تعوق تركيزه مع الآخرين، ومن ثمَّ يصبح الذهن أصفى، والقدرة على الانتباه أعلى.
في الختام:
لا يكف الناس عن التساؤل عن كيفية قراءة أفكار الآخرين، والتي تُعدُّ من المهارات التي يمكن للجميع تنميتها واستخدامها لتحسين التواصل مع الآخرين فيبتعدون عن سوء الفهم، ومن ثمَّ يقلِّل ذلك من الوقوع في الخلافات.
يمكن قراءة أفكار الشخص المقابل من خلال الانتباه إلى الإيماءات والحركات التي تصدر عن جسده، فمثلاً لمس الإنسان للأنف في أثناء الحديث يشير إلى الكذب، وفرك الأذن في أثناء الاستماع يدل إلى التشكيك فيما يسمع، أمَّا وضع اليدين فوق بعضهما فقد يكون معناه أخذ الحذر أو الراحة؛ وذلك باختلاف اليد الموجودة فوق الأخرى.
كما يختلف معنى وضع ساق فوق الأخرى باختلاف الساق الموجودة في الأعلى، أمَّا العينان فيمكن وصفهما بأنَّهما نافذة روح الإنسان، ويمكن من خلالهما فهم ما يدور في الذهن، كما للتنفس ونبرة الصوت دور في التعبير عن الهدوء والعصبية.
لإدراك كيفية التعامل مع الآخرين يجب الاطلاع على معاني كل حركة، إضافة إلى الإنصات إلى المتحدث والتركيز الجيد، ويساعد على ذلك ممارسة التأمل الذي يطرد الطاقة السلبية.
أضف تعليقاً