إنَّه سؤال رائع، وربَّما ترغب في طرحه على نفسك في مراحل عديدة من حياتك؛ فقد يكون العثور على الوظيفة المناسبة أمراً صعباً عندما تكون متردداً، لكنَّه يستحق أن تستثمر وقتك في اكتشافه؛ فكما يقول المثل: "افعل ما تحب، ولن تعمل يوماً واحداً في حياتك".
لكي تعيش حياةً ذات معنى ومليئة بالعاطفة وتقدِّم مساهمات جديرة بمهاراتك ومواهبك وقدراتك، عليك قضاء بعض الوقت في تقييم ما تريده من حياتك ومهنتك؛ ولفعل ذلك، عليك ملاءمة مجموعة مهاراتك وقيمك مع منصبك أو دورك الوظيفي.
سيستغرق هذا بعض التفكير والجهد؛ لذا إذا كنت تريد معرفة كيفية العثور على الوظيفة المناسبة لك، فتابع القراءة.
كم مرة يغير الناس وظائفهم؟
إنَّنا نعيش في زمن استثنائي من التاريخ؛ فبغض النظر عن مستواك التعليمي أو مجال دراستك، فإنَّ أمامك الكثير من الخيارات، وقد تشغل عدة وظائف -وربَّما عدة مهن- خلال مسيرة حياتك.
يرغب الكثير من الناس أيضاً في توسيع قاعدة معرفتهم الثقافية خلال مسيرتهم المهنية، ولن يوفر هذا لهم مزيداً من الخيارات فحسب، بل سيتيح لهم الفرص لتغيير وظائفهم أو مهنتهم إذا أرادوا ذلك.
وفقاً لمكتب إحصاءات العمل في أمريكا فإنَّ الفرد يغير وظيفته 12 مرة في حياته، وتتفاوت هذه الإحصائيات تبعاً للفئة العمرية والجنس والبلد الذي تعيش فيه؛ ولكن بغض النظر عن تصنيفك في هذه الإحصائية، فمن الضروري أن تصقل مهاراتك باستمرار وتضيف القيمة إلى سيرتك الذاتية كي تزيد من فرص توظيفك.
لحسن الحظ، ستجد مع القليل من التركيز والجهد أنَّه من السهل نسبياً تحسين مهاراتك ورفع مستواك التعليمي من خلال خيارات لا حصر لها للتطوير الشخصي والتدرب على الأعمال والتعليم العام عبر الإنترنت.
لماذا يغير الناس وظائفهم كثيراً؟
هناك العديد من الأسباب التي تجعل الناس يغيرون وظائفهم كثيراً، ومنها:
- كسب مزيد من المال والأمن.
- الفوائد والامتيازات.
- الرضا الوظيفي.
- النقل.
- تسريح العمال وتوحيد الشركة.
- تحقيق شعور عام أفضل بالمساهمة.
- الشعور بالتقدير.
وهذه مجرد أمثلة قليلة.
بغض النظر عمَّا إذا كنت سعيداً في وضعك الوظيفي الحالي أو كنت تشعر أنَّ الوقت قد حان للتغيير، فهناك طرائق يمكنك من خلالها إيجاد مهنة أكثر إرضاء تُشعِرك بأهمية إنجازاتك الشخصية.
في الواقع، هناك العديد من الفرص الآن في مجتمعنا الحديث القائم على العولمة للعمل في المهنة التي لا تجعلك سعيداً فحسب، بل تمنحك شعوراً بالمساهمة؛ فإذا كنت تبحث عن الوظيفة المناسبة، فهناك بعض النصائح التي يجب عليك مراعاتها قبل اختيار منصبك التالي.
شاهد بالفيديو: 17 مهارة ضرورية للحصول على وظيفة ناجحة
6 خطوات للعثور على المهنة المناسبة عندما تكون متردداً:
1. أجرِ جرداً لقائمة مهاراتك وخبراتك الشخصية:
يبحث معظم الناس عن الوظيفة ويكتبون سيرهم الذاتية اعتماداً على تحصيلهم العلمي وخبرتهم في العمل فحسب؛ لكن في حين أنَّ الشهادة الجامعية وخبرتك الوظيفية السابقة أمران هامان، إلَّا أنَّك تمتلك أيضاً مجموعة كاملة وفريدة من خبرات الحياة التي تضيف إلى معرفتك وتفاعلك مع العالم؛ لذا لا تقلل من قيمة خبرتك في الحياة.
أحضر ورقة أو دفتر يوميات أو أنشئ مستنداً فارغاً على جهاز الكمبيوتر، وابدأ الكتابة؛ إذ يجب أن تبدأ جرد مهاراتك وخبراتك الشخصية بكتابة قائمة بالعناصر الواضحة، بما في ذلك: العمل المأجور وغير المأجور، والتدريب، وكل وظيفة شغلتها مذ كان عمرك 12 عاماً أو مذ كنت تبيع البسكويت في فرقة الكشافة وحتى هذه اللحظة.
ابدأ بمؤهلاتك العلمية لسهولة تذكرها، ولأنَّها تساعد على تدفق المعلومات؛ ثمَّ استمر في الكتابة، ودوِّن كل شيء عن ورشات العمل والندوات والدراسة المستقلة وبرامج العمل في الخارج والفنون والموسيقى والكتابة والكتب التي قرأتها والكتب الصوتية التي سمعتها، ودوِّن أيضاً رحلاتك وما تعلمته من الثقافات الأخرى.
كما يمكنك أيضاً تضمين أجزاء غير ملموسة في قائمة الجرد الشخصي مثل: علاقاتك الشخصية والمهنية، وما تعلمته منها مثل: تجارب الحياة المؤلمة وفقدان الأصدقاء المقربين أو مهارات الأبوة.
عند الانتهاء، راجع كل شيء، ولخص كل شيء في بضع فقرات، وستصبح بذلك جاهزاً لاتخاذ الخطوات التالية في رحلة اكتشاف حياتك المهنية.
إنَّ الهدف من هذا التمرين هو اكتساب رؤية عميقة وإدراك مدى أهمية القيم التي تمتلكها قبل أن تبدأ في البحث عن وظيفة تناسب تطلعاتك.
سيرغمك هذا التمرين على رؤية قيمتك من منظور أوسع من تعليمك الرسمي، ويتعداه ليشمل تجارب حياتك المستمرة واهتماماتك الشخصية، وقد تُفاجَأ ممَّا ستكتشفه عند ممارسة جرد مهاراتك وخبراتك الشخصية.
2. ركِّز على قيمك:
سيساعدك فهم قيمك الأساسية في التركيز على الوظيفة التي تريدها حقاً، حيث تحدد قيَمك ما هو الأكثر أهمية لك في حياتك، وتمثل دوافعك الأساسية عندما يتعلق الأمر بصنع القرار الوظيفي.
على سبيل المثال: قد تجد بعد استكشاف قيمك الأساسية أنَّ الحرية والاستقلالية أمران هامان بالنسبة إليك، وقد تقرر السعي وراء أعمال ريادية بدلاً من الوظائف التقليدية.
لذا، اقضِ بعض الوقت في إيضاح قيمك الشخصية ومبادئك في العمل من خلال طرح أسئلة استكشافية مثل هذه على نفسك:
- ما الأهم بالنسبة إليك؟
- ما الذي يدفعك ويحفزك؟
- ما أهمية المال بالنسبة إليك؟
- من هم الأشخاص الذين تفضل العمل معهم؟
- ما الذي يعجبك في الآخرين الذين يعملون في مجال عملك؟
- هل تفضل التعاون أم العمل المستقل؟
- ما مفهوم إفساد الصفقة بالنسبة إليك؟ وما المواقف أو الأشخاص الذين لن تتحملهم مطلقاً؟
إنَّ فهم قيمك عنصرٌ أساسيٌّ في هذه العملية، إذ غالباً ما يطرح أرباب العمل المحتملون أسئلةً قائمةً على القيم في مقابلات العمل؛ لذا يساعدك فهم قيمك على الحصول على الوظيفة أو المهنة المثالية عند اكتشافك ما تريد القيام به فعلاً.
3. اعرف أهدافك المهنية الطويلة والقصيرة الأمد:
إنَّه لمن المدهش أن ترى أشخاصاً لا يعرفون أين يريدون أن يكونوا خلال عام أو عامين أو خمسة أعوام أو عشرين عاماً؛ ففي نهاية المطاف، كيف ستصل إلى مكانٍ ما إذا كنت لا تعرف وجهتك؟
يساعدك تحديد أهدافك على الاستمرار في التركيز على النتيجة المرجوة، وتعدُّ كتابة هذه الأهداف أمراً حيوياً للعملية أيضاً؛ إذ يصبح من السهل تدوين أهدافك من خلال وضع قائمة الجرد الشخصي واكتشاف قيمك بطريقة مناسبة؛ فكما قال "نابليون هيل" (Napoleon Hill): "الهدف هو مجرد حلم ذي موعدٍ نهائيٍّ محدد".
إحدى أدوات تحديد الأهداف شائعة الاستخدام هي تحديد الأهداف الذكية (SMART)؛ ووفقاً لذلك، يجب أن تكون الأهداف:
- محددة (Specific).
- قابلة للقياس (Measurable).
- قابلة للتحقيق (Attainable).
- واقعية (Relevant).
- مقيدة زمنياً (Time-Sensitive).
يُعدُّ استخدام هذه الطريقة لتحديد أهداف ذكية أمراً رائعاً؛ ولكن عليك أيضاً تحديد أهداف محددة خارج نطاق حياتك المهنية، مثل الأهداف الشخصية والروحية والتعليمية وأي مجال آخر هام بالنسبة إليك.
في حين أنَّ الأهداف طويلة الأمد هامة جداً، إلَّا أنَّه لا يمكنك اتخاذ الإجراءات إلَّا على الأمد القصير؛ ففي الواقع، لا يمكنك العمل إلَّا يومياً؛ لذا يعدُّ وجود نظام لتتبع أهدافك يومياً أمراً مجدياً.
قد تبدأ تحقيق هدف مرحلي خلال تسعين يوماً أو ربع سنة، ثمَّ تنتقل إلى أهداف تحتاج عاماً واحداً أو خمسة أعوام أو عشرين عاماً؛ حيث سيمنحك هذا نظرة قصيرة وطويلة الأمد عمَّا ستؤول إليه حياتك، ويوفر لك معرفة عميقة حول كيفية اختيار مسار حياتك المهنية.
4. اعرف نوع المهنة التي تريدها حقاً:
مع مراعاة كل ما ذُكِر حتى الآن، فكر الآن في خياراتك المثالية، وأنشئ قائمة بالإمكانيات التي تتناسب مع قائمة جرد مهاراتك وخبراتك الشخصية وقيمك وأهدافك؛ ثمَّ اسأل نفسك السؤال الذي بدأنا به: "ماذا أريد حقاً أن أكون عندما أكبر؟".
دع ذلك الطفل الصغير بداخلك يحلم لبضع دقائق بالسيناريو "المثالي"، وتخيل نفسك في بيئة عمل مثالية تفعل فيها ما تحب فعله، واسأل نفسك: كيف يبدو ذلك؟ ما شعورك؟ وما الذي تفعله يومياً؟
فكر في العمل الذي قمت به بالفعل، وركز على الشيء الذي جعلك تشعر وكأنَّك تنجز شيئاً هاماً.
ما الوظائف التي قمت بها -أو ربَّما لاحظت الآخرين يقومون بها- واستحوذت على انتباهك؟ وإذا كان هناك جزء معين من وظيفتك تتطلع إليه دائماً، فما هو؟
5. أنشئ قائمة بخيارات العمل أو المهن المحتملة:
الآن، وبعد أن أصبح لديك صورة واضحة عمَّا ترغب في القيام به، يمكنك البدء بإعداد قائمة بالفرص المتاحة التي تتناسب مع هذه المعايير.
ضع قائمة بالمهن التي تعرفها بالفعل وتتناسب مع متطلباتك، ثمَّ ابحث قليلاً بعد ذلك لتحديد مهن لم تكتشفها بعد، واطلب من معارفك أو أصدقائك على وسائل التواصل الاجتماعي معلومات عن هذه الأنواع من الوظائف، أو ممَّن يعرفون أشخاصاً يقومون الآن بما تريد القيام به.
عندما تتعقب عدداً قليلاً من الأشخاص الذين يعملون في مجال عملك نفسه، أو يعملون في شركة تفكر في العمل فيها، أو يعرفون شخصاً يعمل فيها؛ تحدث مع هؤلاء الأشخاص واطرح أسئلة لاكتساب المعرفة والتزود بمعلومات عن هذه الوظيفة أو المهنة بالتحديد؛ وبمجرد البحث، فأنت على استعداد لاتخاذ خطوتك النهائية.
6. اختر ما تعتقد أنَّه سيعمل بشكل أفضل بالنسبة إليك وابدأ به:
أنشئ قائمة بالخيارات التي اخترتها ورتبها حسب الأولويات الأهم، ثمَّ حدد أهدافك وابدأ الاتصال بالشركات التي لديها فرص عمل ضمن نطاق اختصاصك؛ كما يمكنك الاتصال بأشخاص من شبكة معارفك وطرح هذا السؤال السحري: "من تعرف في هذه الشركة؟"؛ فربَّما تعرَّفت على أصدقاء جدد قد يساعدونك على السير في الاتجاه الصحيح أو إحالتك إلى الشخص المناسب للاتصال به لإجراء مقابلة التوظيف.
حظاً موفقاً في بحثك عن الوظيفة المناسبة:
ستمكِّنك كل هذه الأمور من إيجاد المسار الوظيفي المثالي لك، فقد صُمِّمت الخطوات الست السابقة لتزويدك بمزيدٍ من الوضوح حول ما تريد القيام به؛ وبناءً على ما تسعى إليه، قد لا يكون من السهل دائماً إصابة الهدف من المرة الأولى، لكن تذكر أنَّ الوضوح والتركيز يسمحان لك بنيل ما تستحق.
حافظ على مثابرتك، واسعَ جاهداً وراء ما تريده حتى تتمكن من عيش حياة تجلب لك الرضا والسعادة من خلال المسار الوظيفي الذي اخترته.
أضف تعليقاً