من الضروري معالجة الضغوطات النفسية لضمان جودة عالية في الحياة والعمل، وفي هذا المقال سنتعرف أكثر إلى هذا المفهوم وإلى كيفية التعامل مع الضغوطات النفسية في العمل وتحسين جودة الحياة المهنية.
يعدُّ التعامل مع الضغط النفسي في العمل أمراً ضرورياً لأسباب عدة؛ أولاً، قد تكون له آثار سلبية في الصحة البدنية والعقلية، مثل القلق والاكتئاب، والأمراض الجسدية، مثل أمراض القلب وارتفاع ضغط الدم، إضافة إلى ذلك، ربما يقلل التوتر من الرضى الوظيفي والحافز، وهذا يؤدي إلى انخفاض الإنتاجية والأداء الوظيفي.
قد يضر التوتر غير المدبَّر أيضاً بالعلاقات مع زملاء العمل والعائلة والأصدقاء، وإذا ظل الإجهاد غير مُدار، فقد يؤدي إلى الإرهاق، وهذا بدوره قد يؤدي إلى فقدان الاهتمام والتحفيز على العمل.
مصادر الإجهاد النفسي في العمل:
1. متطلبات العمل:
متطلبات العمل هي مصدر شائع للإجهاد النفسي في العمل، فقد تكون متطلبات جسدية أو عاطفية أو معرفية، ويمكن أن تشمل ساعات العمل الطويلة والمواعيد المجدولة الضيقة وأعباء العمل الكبيرة والمهام المعقدة، وربما تؤدي هذه المطالب إلى الإجهاد والإرهاق وانخفاض الرضى الوظيفي.
لإدارة متطلبات العمل، من الضروري تحديد أولويات المهام وتحديد أهداف واقعية، فقد تساعد الإدارة الفعالة للوقت الأفراد على البقاء على المسار الصحيح وتجنب الشعور بالإرهاق، كما يساعد التواصل مع المشرفين وزملاء العمل أيضاً على ضمان أن تكون متطلبات العمل قابلة للإدارة وواقعية.
2. غموض الأدوار الوظيفية:
يحدث غموض الدور عندما تكون المسؤوليات الوظيفية للفرد غير واضحة أو غامضة، وهذا يؤدي إلى الارتباك وعدم اليقين، فقد يسبب هذا الغموض ضغوطات، وخاصةً عندما يكون الفرد غير متأكد مما هو متوقَّع منه.
لإدارة غموض الدور، من الضروري توضيح التوقعات والمسؤوليات؛ إذ يمكن للأفراد البحث عن الوضوح من خلال التواصل مع المشرفين أو زملاء العمل وطلب الملاحظات، وقد يساعد تطوير أهداف وغايات واضحة على توضيح دور الفرد وتقليل التوتر.
3. العلاقات الشخصية:
قد تكون العلاقات الشخصية مصدراً للضغط في العمل، وخاصةً إذا كانت هناك صراعات أو ضعف في التواصل، فربما يؤدي العمل مع زملاء العمل أو المشرفين المتشددين إلى التوتر والإحباط.
4. الثقافة التنظيمية:
قد تكون الثقافة التنظيمية مصدراً للضغط النفسي في العمل؛ إذ يمكن أن تؤثر ثقافة المؤسسة في متطلبات العمل ومقدار الاستقلالية ومستوى الدعم المتاح للموظفين، فإذا كانت المنظمة لديها ثقافة العمل الزائد أو نقص الدعم أو ضعف التواصل، فقد يعاني الموظفون من الإجهاد والإرهاق.
5. عدم التوازن بين العمل والحياة الشخصية:
يعد عدم التوازن بين العمل والحياة الشخصية مصدراً هاماً للتوتر لكثير من الأفراد، فقد يكون تحقيق التوازن بين مسؤوليات العمل والحياة الشخصية أمراً صعباً، لا سيَّما إذا كان لدى الفرد وظيفة صعبة.
شاهد بالفيديو: 7 علامات شائعة للاحتراق المهني وكيفية التعامل معها
تأثيرات الإجهاد النفسي في العمل:
1. التأثيرات الجسدية:
قد يكون للضغوطات النفسية في العمل آثار جسدية كبيرة في صحة الفرد؛ إذ يمكن أن يؤدي الإجهاد المطوَّل إلى زيادة إنتاج هرمونات التوتر، مثل الكورتيزول التي تسبب تغيرات فيزيولوجية في الجسم، وقد تؤدي هذه التغيرات إلى ضعف الجهاز المناعي وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب، إضافة إلى ذلك، قد يعاني الأفراد من الصداع وتوتُّر العضلات ومشكلات في الجهاز الهضمي.
2. التأثيرات العاطفية:
قد يكون للتوتر النفسي في العمل آثار عاطفية كبيرة في الأفراد؛ إذ يمكن أن يؤدي التوتر إلى الشعور بالقلق والاكتئاب والهياج، وقد يعاني الأفراد أيضاً من نقص في الحافز أو الشعور بالانفصال عن عملهم، وفي بعض الحالات، يمكن أن يؤدي الإجهاد إلى الاحتراق الوظيفي وحالة من الإرهاق العاطفي والجسدي والعقلي.
3. التأثيرات السلوكية:
قد يؤثر الضغط النفسي في العمل في سلوك الفرد، فربما يعاني الأفراد من تغيرات في عادات الأكل أو النوم أو الانخراط في آليات التأقلم غير الصحية، مثل معاقرة الكحول أو المخدرات، إضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي التوتر إلى نقص الحافز وانخفاض الأداء الوظيفي والتغيُّب عن العمل.
كيفية التعامل مع الضغوطات النفسية في العمل:
1. تقنيات إدارة الإجهاد:
تتمثل إحدى الاستراتيجيات الفعالة للتعامل مع الضغط النفسي في العمل في تطوير تقنيات إدارة الإجهاد؛ إذ يمكن لتقنيات مثل التنفس العميق والتأمل والاسترخاء التدريجي للعضلات أن تساعد الأفراد على إدارة التوتر وتقليل الآثار الجسدية والعاطفية للتوتر، إضافة إلى ذلك، يمكن للأفراد ممارسة تقنيات إدارة الوقت، مثل تحديد أولويات المهام وتحديد أهداف واقعية، وقد يساعد الانخراط في النشاط البدني، مثل اليوغا أو التمرينات الرياضية على إدارة التوتر وتعزيز الرفاهية العامة.
2. الدعم الاجتماعي:
الدعم الاجتماعي هو استراتيجية أخرى فعالة لإدارة الإجهاد النفسي في العمل، فالبحث عن الدعم من زملاء العمل أو الأصدقاء يمكن أن يساعد على تقليل مشاعر العزلة أو الإرهاق، إضافة إلى ذلك، يمكن للأفراد طلب الدعم من المتخصصين في الصحة العقلية، مثل المعالجين أو المستشارين الذين يمكنهم تقديم التوجيه والدعم لإدارة الإجهاد.
3. الموازنة بين العمل والحياة الشخصية:
يعد إنشاء توازن صحي بين العمل والحياة الشخصية استراتيجية فعالة أخرى لإدارة الإجهاد النفسي في العمل؛ إذ يمكن للأفراد تحديد أولويات نشاطات الرعاية الذاتية، مثل ممارسة الرياضة وقضاء الوقت مع العائلة والأصدقاء وممارسة الهوايات.
قد يساعد وضع حدود واضحة بين العمل والحياة الشخصية، مثل تحديد ساعات عمل محددة وتجنب النشاطات المتعلقة بالعمل خارج ساعات العمل، الأفراد أيضاً على إدارة التوتر وتعزيز التوازن بين العمل والحياة الشخصية.
4. التواصل والتغذية الراجعة:
يمكن أن يساعد التواصل الفعال والتغذية الراجعة الأفراد على إدارة الإجهاد النفسي في العمل، وقد يساعد التواصل مع المشرفين أو زملاء العمل الأفراد على توضيح توقعات العمل وإدارة متطلباته، إضافة إلى ذلك، ربما يوفر البحث عن تعليقات بنَّاءة على الأداء الوظيفي للأفراد شعوراً بالإنجاز ويعزز الرضى الوظيفي، كما قد يساعد تطوير مهارات الاتصال الفعال، مثل الاستماع النشط والحزم الأفراد أيضاً على إدارة النزاعات وتقليل التوتر بين الأشخاص.
5. التفكير الإيجابي:
قد يساعد تطوير عقلية إيجابية الأفراد على إدارة الإجهاد النفسي في العمل، وقد تساعد ممارسة الامتنان واليقظة والتحدث الذاتي الإيجابي الأفراد على إدارة التوتر وتعزيز الرفاهية العامة، إضافة إلى ذلك، يمكن للأفراد التركيز على نقاط قوَّتهم وإنجازاتهم، بدلاً من التركيز على التجارب أو الأخطاء السلبية، ومن خلال تطوير عقلية إيجابية، يمكن للأفراد إدارة الإجهاد بشكل فعال وتعزيز التوازن الصحي بين العمل والحياة الشخصية.
تحسين جودة الحياة المهنية:
1. الانخراط في عمل هادف:
يعد الانخراط في عمل هادف جانباً أساسياً لتحسين جودة الحياة المهنية؛ إذ يوفر العمل الهادف للأفراد إحساساً بالهدف والإنجاز والالتزام، كما يمكن للأفراد البحث عن عمل يتوافق مع قيمهم واهتماماتهم ويوفر فرصاً للنمو والتنمية، إضافة إلى ذلك، يمكن للأفراد البحث عن طرائق للمساهمة في منظمتهم أو مجتمعهم، مثل التطوع أو التوجيه، التي قد تُوفِّر إحساساً بالهدف والمعنى.
2. بناء علاقات إيجابية:
بناء علاقات إيجابية هو جانب هام آخر لتحسين نوعية الحياة المهنية، فقد تُوفِّر العلاقات الإيجابية مع زملاء العمل والمشرفين والعملاء للأفراد شعوراً بالدعم والانتماء، كما يمكن للأفراد البحث عن فرص لبناء العلاقات، مثل حضور المناسبات الاجتماعية أو التعاون في المشاريع.
3. البحث عن فرص للنمو والتنمية:
البحث عن فرص للنمو والتطوير هو استراتيجية فعالة أخرى لتحسين نوعية الحياة المهنية؛ إذ يمكن للأفراد البحث عن فرص للتدريب والتطوير، مثل حضور المؤتمرات أو متابعة التحصيل العلمي، إضافة إلى ذلك، يمكن للأفراد البحث عن فرص للمهام الصعبة أو المشاريع التي تُوفِّر فرصاً للنمو والتنمية وتعزيز مهاراتهم ومعارفهم، وزيادة رضاهم الوظيفي، والارتقاء بحياتهم المهنية.
4. ممارسة التفكير الذاتي.
تعد ممارسة التفكير الذاتي جانباً أساسياً لتحسين جودة الحياة المهنية؛ إذ يمكن للأفراد قضاء بعض الوقت في التفكير في قِيمهم واهتماماتهم وأهدافهم وكيفية توافقها مع عملهم، إضافة إلى ذلك، يمكن للأفراد التفكير في نقاط قوَّتهم ومجالات التحسين وتطوير استراتيجيات لتعزيز مهاراتهم ومعرفتهم، كما يمكنهم أيضاً تطوير شعور بالوعي الذاتي واتخاذ قرارات مضبوطة وحكيمة بشأن حياتهم المهنية.
في الختام:
قد تكون للضغوطات النفسية في العمل آثار سلبية في صحة الفرد ورفاهيته وأدائه الوظيفي، ومع ذلك، توجد استراتيجيات يمكن للأفراد استخدامها للتعامل مع الضغط النفسي، مثل اليقظة والتمرينات الرياضية وطلب الدعم.
إنَّ تحسين جودة الحياة المهنية من خلال الانخراط في عمل هادف، وبناء علاقات إيجابية، وإعطاء الأولوية للتوازن بين العمل والحياة الشخصية، والبحث عن فرص للنمو والتنمية، وممارسة التأمل الذاتي، قد يعزز الرفاه العام والرضى الوظيفي، وباستخدام هذه الاستراتيجيات، يمكن للأفراد تعزيز قدرتهم على التعامل مع الضغوطات النفسية وتحسين حياتهم المهنية والشخصية.
أضف تعليقاً