لا يَخفى على أحد أنَّنا مع التقدم في السن، نكتسب الحكمة عموماً، وعلى مرِّ السنين، تَعلَّمتُ الكثير عن هويتي وما الأمور الهامة في الحياة وما الذي يعنيه النجاح حقاً، بينما أُفكِّر في مسيرتي المهنية، أَتذكَّر خمسة أمور أتمنى لو أخبرني بها أحدهم عندما بدأت، ومن خلال تبنِّي هذه الاستراتيجيات العملية، يمكنك تحقيق نجاح حقيقي طويل الأمد لحياتك المهنية، وهي:
1. الاهتمام بتنمية المهارات أكثر من الجانب المادي:
كانت بداية مسيرتي المهنية فاشلة، فقد استلمتُ وظيفة مصرفية استثمارية في شركة كبيرة؛ وذلك لأنَّني رغِبتُ في راتب جيد، وليس لأنَّني رأيت نفسي سأنمو كقائد في البنك؛ لذا لا تَرتَكِب هذا الخطأ، فالأفراد الذين يهتمون بالمال أكثر من تطوير المهارات، سيعملون في النهاية موظفين لدى الأشخاص الذين أعطوا الأولوية لتنمية مهاراتهم في وقت مبكر من حياتهم المهنية.
استمرَّ هذا الحال إلى أن انتقلتُ إلى العمل في شركة أسيت ليفينغ (Asset Living)، الشركة التي أقودها حالياً؛ حيث بدأتُ بالاستفادة من مجموعة أدواتي المهنية، فقد تمكَّنتُ من صقل مهاراتي في مجالات الأمور المالية والمبيعات والعمليات، وفي النهاية أصبحتُ من كبار القادة، ببساطة، استثمر في نفسك بدلاً من التفكير في الحسابات المصرفية، ثم فكر في التعويضات والمكافآت الخارجية.
2. إدراك أنَّ لا أحداً خبير بكل شيء:
بصفتك مُتدرِّباً أو مبتدِئاً، قد تشعر بالضغوط للحصول على الإجابات الصحيحة باستمرار، من الطبيعي أن نرغب جميعاً في تَركِ انطباع أوَّلي إيجابي، لكنَّ هذا لا يعني أنَّنا بحاجة إلى أن نعرف كل شيء، في الواقع، يمكنني الاعتراف بثقة أنَّني ما زلت لا أعرف كل شيء، ولا أحد يَعرِفُ كل شيء، حاول القدوم مبكراً إلى العمل، وابحث عن المعلومات التي تهمك وأَظهِر إبداعك ومهاراتك في حل المشكلات، بصرف النظر عن مجال عملك، من المرجَّح أن تكون السنوات القليلة الأولى من حياتك المهنية مليئة بتجارب التعلُّم.
إنَّ المعلومات التي تتلقاها في الجامعة مفيدة بالتأكيد، لكنَّها لا تؤهلك دائماً إلى مواجهة العقبات التي قد تواجهها في أثناء العمل؛ حيث لا يوجد قدر من التعليم بديل عن الخبرة العملية؛ لذا حاول الحصول على أكبر قدر ممكن من المعرفة والخبرة، وقابل مديريك وزملاءك وجهاً لوجه، وتقبَّل علاقات التواصل غير الرسمية واطرح الأسئلة دائماً، فإذا كنت تعمل في عمل وتظن أنَّك تعرف كل شيء بالفعل، فمن المحتمل أنَّك لن تنجح.
شاهد بالفديو: كيف تتعلم باستمرار لتطور نفسك وتنمي قدراتك؟
3. إدراك أنَّ كلاً من مقابلات التوظيف والتدريب الداخلي مفيدان للشركة والمتقدم إلى الوظيفة:
عندما تلتقي مع مديري توظيف محتملين أو زملاء مستقبليين، تذكر أنَّك تُجري مقابلات معهم بقدر ما يجرون مقابلات معك، قد تكون الأسئلة التي تطرحها على الأشخاص الذين تُجري مقابلة معهم، أكثر أهمية من الأسئلة المطروحة عليك.
تُعَدُّ المقابلة فرصةً لك لتحديد فيما إذا كانت الشركة وموظفيها يتماشون مع اهتماماتك وأهدافك المستقبلية، وبالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يكون التدريب الداخلي بمنزلة مقابلات موسَّعة من نوع آخر؛ حيث سيُقيِّم مشرفك أداءك، وفي الوقت نفسه، ستختبر طبيعة العمل في المكتب.
لذا استخدم وقتك بحكمة، واطرح الأسئلة، وعرِّف عن نفسك لأشخاصٍ في أقسام مختلفة وتعرَّف إلى ثقافة الشركة، في نهاية فترة التدريب، يجب أن تكون قادراً على الإجابة عن هذين السؤالين بثقة:
- هل يمكنني أن أنجح وأنمو هنا، وهل سأكون سعيداً بذلك؟
- هل يمكنني إضافة قيمة حقيقية هنا والمساهمة بصورة مفيدة في المنظمة ومهمتها؟
4. خوض المزيد من المخاطر وارتكاب الأخطاء:
لا يُعَدُّ الفشل شرطاً لتحقيق النجاح، ولكنَّه غالباً أشهر الطرائق التي تؤدي إليه، غالباً ما يقبل الخريجون الجدد أول تدريب داخلي أو وظيفة بدوام كامل تُعرَض عليهم، وفي معظم الأحوال، يسيطر عليك الخوف من الفشل، ولكنَّ رد الفعل هذا غير جيد؛ حيث يجب ألا يكون الخوف أمراً تحاول تجنبه دائماً؛ وإنَّما أمراً يجب أن تأخذه على محمل الجد، عندما أفكر فيما مضى، أَجدُ أنَّ القرارات التي أخافتني كثيراً أَثبَتت في النهاية أنَّها التي عادت عليَّ بفائدة أكبر.
سترتكب الأخطاء ولن تستطيع تجنُّبها دوماً، فقد واجه معظم القادة العظماء ما يكفي من الأخطاء الفادحة؛ لذلك، خُض المخاطر وأَدِرك أنَّ الفشل هو أساس النجاح أحياناً، يمكنك في البداية اختيار مسار أو مهنة واحدة لنفسك، ولكن ستكتشف لاحقاً أنَّها لا تناسبك، من الهام أن تدرك أنَّه مسموح لك بتغيير رأيك؛ لذلك كن صريحاً مع نفسك بشأن أسوأ شيء يمكن أن يحدث معك، وتقبَّله ثم انتقل لمسار آخر.
5. إدراك أنَّ الوقت هو أثمن مورد لديك:
قد يكون الدرس الأخير هو الأكثر وضوحاً، إن لم يكن الأكثر أهميةً، الوقت ملكك، لكنَّه محدود؛ لذلك، استخدمه بحكمة، واحرص على الاستيقاظ باكراً؛ حيث يُعَدُّ الضغط على زر الغفوة أول أمر فاشل تفعله في اليوم، قد يبدو الأمر بسيطاً، ولكنَّ الحصول على ساعة أو ساعتين فقط من الوقت الإضافي كل صباح يمكن أن يزيد من إنتاجيتك على مدار العام أو على طول الحياة.
ومع تقدمك في العمر، ستجد أنَّ الوقت يصبح نادراً مع كل لحظة تمر؛ فهذا هو بالضبط سبب أنَّ الوقت هو أثمن شيء تملكه، في النهاية، يعود الخيار لك في طريقة تخصيص هذا المورد المجاني؛ حيث يمكنك استخدامه لتعلُّم لغة جديدة أو التطوع أو صقل مهارات متعلقة بالعمل، وأكبر خطأ يمكن أن ترتكبه؛ هو ببساطة إهدار وقتك دون فائدة.
أضف تعليقاً