قد تحاول إنقاص وزنك عن طريق تجويع نفسك، أو ممارسة التمرينات المجهدة، أو استخدام المليِّنات، أو التقيؤ، أو طرائق أخرى للتخلص من الطعام بعد الأكل، وقد يستغرق التفكير بالحمية والطعام وجسمك معظم يومك، وهذا يترك القليل من الوقت للأصدقاء والعائلة والنشاطات الأخرى التي كنت تستمتع بها من قبل، وتصبح الحياة سعياً لا هوادة فيه نحو النحافة وفقدان الوزن.
لكن مهما كنت نحيفاً، لن ترضى بذلك أبداً، ويؤدي الخوف من زيادة الوزن أو الاشمئزاز من مظهر جسمك إلى خلل في مواعيد طعامك وشعورك بالإرهاق، ومع ذلك، ينصب كل تركيزك فيما يمكنك وما لا يمكنك تناوله، ولكن مهما بدا هذا النمط المدمر للذات راسخاً، فهناك أمل، وتستطيع بالعلاج والمساعدة الذاتية والدعم حماية نفسك من التدمير الذاتي الذي يسببه فقدان الشهية، وتكوين صورة أكثر واقعية عن جسمك، واستعادة صحتك وثقتك بنفسك.
أنواع فقدان الشهية
توجد ثلاثة أنواع من فقدان الشهية:
1. فقدان الشهية المُقيِّد
يتحقق فقدان الوزن عن طريق تقييد السعرات الحرارية (اتباع نظام غذائي صارم، والصيام، وممارسة الرياضة المجهدة).
2. فقدان الشهية باستخدام التطهير
يتحقق فقدان الوزن عن طريق القيء أو استخدام المليِّنات ومدرَّات البول.
3. فقدان الشهية غير النمطي
هو النوع الذي تعاني فيه من جميع الأعراض والهواجس الخطيرة لفقدان الشهية، باستثناء أنك لا تعاني من نقص الوزن (غالباً بسبب تركيبتك الجينية)، فعلى الرغم من أنك ما تزال ضمن نطاق الوزن الصحي، إلا أن عاداتك الغذائية أو ممارسة التمرينات الرياضية تسبب ضغطاً شديداً على جسمك.
هل أنا مصاب بفقدان الشهية؟
اسأل نفسك الأسئلة الآتية:
- هل تشعر بأنك سمين على الرغم من أن الناس يقولون خلاف ذلك؟
- هل أنت خائف من زيادة الوزن؟
- هل تكذب بشأن مقدار ما تأكله أو تخفي عاداتك الغذائية عن الآخرين؟
- هل يشعر أصدقاؤك أو عائلتك بالقلق بشأن فقدان وزنك أو عاداتك الغذائية أو مظهرك؟
- هل تتبع نظاماً غذائياً صارماً أو تمارس التمرينات الرياضية المجهدة أو تمارس التطهير (التقيؤ وتناول المليِّنات) عندما تشعر بالإرهاق أو الاستياء تجاه نفسك؟
- هل تشعر بالقوة أو السيطرة عندما لا تأكل أو عندما تفرط في ممارسة الرياضة أو عندما تمارس التطهير؟
- هل تستمد قيمتك الذاتية من وزنك أو مظهرك؟
علامات وأعراض فقدان الشهية
في حين أنه لدى الأشخاص الذين يعانون فقدان الشهية عادات مختلفة، إلا أن الشيء الثابت هو العيش مع فقدان الشهية، وهذا يعني أنك تخفي هذه العادات باستمرار، وهذا قد يجعل من الصعب في البداية على الأصدقاء والعائلة اكتشاف العلامات التحذيرية، وعند مواجهتك، قد تحاول إنكار اضطراب الأكل لديك وإخفاء مخاوفك، ولكن مع تقدم فقدان الشهية، لن يتمكن الأشخاص المقربون منك من إنكار حدسهم بأن شيئاً ما ليس على ما يرام، ولا ينبغي لك ذلك أيضاً، فإذا كان الطعام والوزن يسيطران على حياتك، فلا يتعين عليك الانتظار حتى تتقدم الأعراض أو تتدهور صحتك بشدة قبل طلب المساعدة.
أعراض السلوك الغذائي
1. اتباع حمية رغم النحافة
اتباع نظام غذائي صارم، أي تناول بعض الأطعمة قليلة السعرات الحرارية فقط، والامتناع عن تناول الأطعمة "الضارة" مثل الكربوهيدرات والدهون.
2. الهَوَس بالسعرات الحرارية والتغذية
قراءة الملصقات الغذائية، وقياس وزن أجزاء من الجسم، والاحتفاظ بمفكرة للطعام، وقراءة كتب عن الأنظمة الغذائية.
3. التظاهر بالأكل أو الكذب بشأن تناول الطعام
إخفاء الطعام أو التخلص منه لتجنب تناوله، واختلاق الأعذار للتهرب من تناول الطعام كأن تقول: ("لقد تناولت وجبة غداء كبيرة" أو "معدتي تؤلمني").
4. الانشغال بالطعام
التفكير المستمر في الطعام، والطهو للآخرين، أو جمع الوصفات، أو قراءة مجلات الطعام، أو وضع خطط للوجبات مع تناول القليل جداً من الطعام.
5. طقوس طعام غريبة أو سرية
رفض تناول الطعام بالقرب من الآخرين أو في الأماكن العامة، وتناوُل الطعام بطريقة خاصة (على سبيل المثال، تقطيع الطعام، ومضغ الطعام ولفظه، واستخدام طبق معين).
أعراض المظهر وشكل الجسم
1. فقدان الوزن فقداناً كبيراً
فقدان الوزن السريع والمفاجئ دون سبب طبي.
2. الشعور بالسمنة على الرغم من نقص الوزن
قد تشعر بزيادة الوزن عموماً، أو زيادة الدهون في أماكن معيَّنة، مثل البطن أو الوركين أو الفخذين.
3. الهَوَس بشكل الجسم
الهَوَس بالوزن أو شكل الجسم أو قياس الملابس، وقياس الوزن المتكرر والقلق بشأن التقلبات الطفيفة في الوزن.
4. انتقاد شديد للمظهر
قضاء كثير من الوقت أمام المرآة لتفقد العيوب، وهناك دائماً شيء تنتقده، وأنت لا ترى نفسك نحيفاً أبداً.
5. إنكار أنك نحيف جداً
قد تنكر أن انخفاض وزن جسمك يمثل مشكلة، بينما تحاول إخفاء ذلك عن طريق شرب كثير من الماء قبل قياس الوزن، وارتداء الملابس الفضفاضة أو الكبيرة.
شاهد بالفيديو: أنواع اضطرابات ومشاكل التغذية عند المُراهقين
أعراض التطهير
1. استخدام حبوب الحمية أو الملينات أو المدرات البولية
إساءة استخدام مدرات البول، أو مثبطات الشهية العشبية، أو المنشِّطات التي تستلزم وصفة طبية، أو أدوية أخرى لفقدان الوزن.
2. التقيؤ بعد الأكل
الاختفاء اختفاءً متكرراً بعد الوجبات أو الذهاب إلى الحمام، فقد تفتح صنبور الماء لإخفاء أصوات التقيؤ، أو تستخدم غسول الفم أو النعناع.
3. ممارسة الرياضة المجهدة
اتباع نظام تمرينات مرهق لحرق السعرات الحرارية، وممارسة الرياضة رغم المرض أو الطقس السيئ، وممارسة التمرينات الشاقَّة بعد الإفراط في تناول الطعام أو تناول طعام "ضار".
أسباب فقدان الشهية وعوامل الخطر
لا توجد إجابات بسيطة لأسباب فقدان الشهية، ففقدان الشهية هو حالة معقدة تنشأ من مزيج من العوامل الاجتماعية والعاطفية والبيولوجية، وعلى الرغم من أن ثقافتنا التي تمجد النحافة تؤدي دوراً قوياً، لكن توجد عدة عوامل أخرى، ومن ذلك البيئة العائلية، والصعوبات العاطفية، وتدني احترام الذات، والتجارب المؤلمة التي ربما مررت بها في الماضي.
العوامل التي تسبِّب فقدان الشهية
1. أسباب نفسية
غالباً ما يكون الأشخاص الذين يعانون من فقدان الشهية مهووسين بالكمال ويُنجزون أكثر من المطلوب منهم، وإنَّهم أبناء وبنات صالحون ينفِّذون ما يُطلب منهم، ويتفوَّقون في كلِّ ما يفعلونه، ويركِّزون على إرضاء الآخرين، ولكن على الرغم من أنَّهم قد يبدون متماسكين، إلَّا أنَّهم يشعرون في داخلهم بالعجز وعدم الكفاءة وعدم القيمة، ويرى هؤلاء أنهم إذا لم يكونوا مثاليين، فهم فاشلون تماماً.
2. الضغوطات الأسرية والاجتماعية
إضافة إلى الضغوطات الثقافية التي تمجد النحافة، ثمة ضغوطات عائلية واجتماعية أخرى يمكن أن تسهم في فقدان الشهية، وتشمل هذه الضغوطات المشاركة في نشاط يتطلَّب النحافة، مثل الباليه أو الجمباز أو عرض الأزياء، ويمكن أن يشمل ذلك أيضاً الآباء الذين يبالغون في التحكُّم بأبنائهم، أو يركِّزون كثيراً على المظهر، أو يتَّبعون نظاماً غذائياً صارماً، أو ينتقدون أجساد أطفالهم ومظهرهم، فقد تؤدي أحداث الحياة المجهدة، مثل بداية البلوغ، أو الانفصال، أو الذهاب إلى المدرسة إلى فقدان الشهية.
3. أسباب بيولوجية
تشير الأبحاث إلى أنَّ الاستعداد الوراثي لفقدان الشهية قد يكون موروثاً في العائلات، فإذا كانت لدى الفتاة أخت مصابة بفقدان الشهية، فإنَّها أكثر عرضة للإصابة بفقدان الشهية بمقدار 10 إلى 20 مرة مقارنة بالآخرين، وتؤدي كيمياء الدماغ أيضاً دوراً هاماً، وترتفع لدى الأشخاص المصابين بفقدان الشهية مستويات الكورتيزول، وهو هرمون الدماغ الأكثر ارتباطاً بالتوتر، وتنخفض مستويات السيروتونين والنورابينفرين، التي ترتبط بمشاعر السلامة والعافية.
عوامل الخطر لفقدان الشهية
- عدم الرضى عن الجسم.
- اتباع نظام غذائي صارم.
- تدنِّي احترام الذات.
- الصعوبات العاطفية.
- الهوس بالكمال.
- العلاقات الأسرية المضطربة.
- سجلٌّ من الاعتداء الجسدي أو الجنسي.
- تجارب مؤلمة أخرى.
- سجلٌّ عائلي لاضطرابات الأكل.
تأثير فقدان الشهية
في حين أن أسباب فقدان الشهية غير مؤكدة، إلا أن الآثار الجسدية واضحة، عندما لا يحصل جسمك على الغذاء الذي يحتاج إليه ليعمل عملاً طبيعياً، فإنَّه يدخل في وضع الجوع الشديد ويتباطأ للحفاظ على الطاقة، فيبدأ جسمك في استهلاك نفسه، وإذا استمر التجويع الذاتي وفقدان مزيد من الدهون في الجسم، تتراكم المضاعفات الطبية، وهذا يلحق الأذى بجسمك وعقلك.
طلب المساعدة
إنَّ اتِّخاذ قرار بطلب المساعدة لعلاج فقدان الشهية ليس خياراً سهلاً، ليس من غير المألوف أن تشعر بأنَّ فقدان الشهية جزء من هويتك، فقد تعتقد أن فقدان الشهية يؤثر تأثيراً قوياً فيك ولن تتمكَّن أبداً من التغلُّب عليه، ولكنَّ التغيير ممكن على صعوبته، وإليك بعض النصائح لطلب المساعدة:
1. اعترِف بأن لديك مشكلة
حتى الآن، أنت مهتم بفكرة أن الحياة سوف تتحسن، وأنَّك ستشعر أخيراً بالرضى، إذا فقدت مزيداً من الوزن، فالخطوة الأولى في التعافي من فقدان الشهية هي الاعتراف بأن سعيك الدؤوب لتحقيق النحافة هو خارج عن سيطرتك والاعتراف بالضرر الجسدي والعاطفي الذي عانيت منه بسبب ذلك.
2. تحدث إلى شخص ما
قد يكون من الصعب التحدث عما تمر به، خاصة إذا كنت قد أبقيت مرض فقدان الشهية سراً مدة طويلة، فقد تشعر بالخجل أو التناقض أو الخوف، ولكن من الهام أن تفهم أنَّك لست وحدك، وابحث عن مستمع جيِّد، شخص يدعمك في أثناء محاولتك التعافي.
3. ابتعد عن الأشخاص والأماكن والنشاطات التي تثير هوسك بالنحافة
قد تحتاج إلى تجنب النظر إلى مجلات الموضة أو اللياقة البدنية، وقضاء وقت أقل مع الأصدقاء الذين يتبعون نظاماً غذائياً باستمرار ويتحدثون عن فقدان الوزن، والابتعاد عن مواقع فقدان الوزن والمواقع التي تؤيد فقدان الشهية وتروِّجها.
4. ابحث عن علاج لدى المتخصصين المدربين على علاج اضطرابات الأكل
علاج فقدان الشهية
يتضمن علاج فقدان الشهية ثلاث خطوات:
- استعادة الوزن الصحي.
- البدء في تناول مزيد من الطعام.
- تغيير طريقة تفكيرك في نفسك وطعامك.
1. العلاج الطبي
الأولوية الأولى في علاج فقدان الشهية هي معالجة أية مشكلات صحية خطيرة، فقد يكون العلاج في المستشفى ضرورياً إذا كان سوء التغذية يهدد حياتك أو إذا كنت تعاني من حزن شديد يجعلك غير راغب في العيش، فقد تحتاج أيضاً إلى دخول المستشفى حتى تصل إلى وزن أقل خطورة، ويعدُّ العلاج في العيادات الخارجية خياراً عندما لا تواجه خطراً صحياً مباشراً.
2. العلاج الغذائي
العنصر الثاني في علاج فقدان الشهية هو طلب الاستشارة الغذائية، ويعلِّمك اختصاصي التغذية أصول التغذية السليمة، ويساعدك على وضع برنامج للوجبات التي تتضمَّن ما يكفي من السعرات الحرارية للوصول إلى الوزن الطبيعي والصحي أو الحفاظ عليه.
3. العلاج النفسي
العلاج النفسي ضروري لعلاج فقدان الشهية، فالهدف منه تحديد الأفكار والمشاعر السلبية التي تحفز اضطراب الأكل لديك، واستبدالها بمعتقدات صحيحة ومفيدة، ويساعدك العلاج النفسي أيضاً على التعامل مع المشاعر الصعبة ومشكلات العلاقات والتوتر بطريقة مثمرة لا بطريقة مدمِّرة للذات.
في الختام
لقد تحدثنا في هذا الجزء من المقال عن أنواع مرض فقدان الشهية وأعراضه وأسبابه وطرائق علاجه، وسنقدِّم في الجزء الثاني والأخير منه 4 نصائح للتعافي منه.
أضف تعليقاً