تعزز دراسة علمية حديثة هذه النقاط؛ إذ أظهر بحث نُشِرَ في مجلة "أي سينس" (iScience)، أنَّه لا يمكن التنبؤ بالصحة العامة وطول العمر من خلال رقم على مقياس، وأنَّ التمرين أكثر أهمية من فقدان الوزن، عندما يتعلق الأمر بصحة القلب والعيش لحياة طويلة.
يقول الباحث في الدراسة "غلين غايسر" (Glenn Gaesser) من "كلِّية الحلول الصحية" (College of Health Solutions) في "جامعة ولاية أريزونا" (Arizona State University): "نود أن يعرف الناس أنَّ البدانة قد تكون مناسبة، وأنَّ اللياقة البدنية يمكن أن تشمل جميع الأشكال والأحجام".
التركيز الشديد على فقدان الوزن يجعلك تُخطئ الهدف الأساسي:
هدفَ الفريق المسؤول عن الدراسة الجديدة في بحثه إلى تسليط الضوء على مسألة شائعة وواضحة؛ إذ إنَّ نسبة البدانة في "الولايات المتحدة" (United States) والعالم ككل، كانت قد ازدادت بشكل ملحوظ على مدى العقود العديدة الماضية، وكذلك عدد الوفيات بسبب أمراض مثل أمراض القلب، التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالنظام الغذائي وممارسة الرياضة.
وفي الوقت نفسه، ازداد أيضاً عدد الأشخاص الذين يحاولون إنقاص الوزن؛ فمنذ الثمانينيات من القرن الماضي، يتبع ما لا يقل عن 40% من النساء في الولايات المتحدة و25% من الرجال، نظاماً غذائياً لخسارة الوزن، ومع ذلك، فكل ما نقوم به الآن لا يجدي نفعاً، وليس بالضرورة أن يجعل الناس أكثر صحة.
تنصُّ الدراسة الجديدة على أنَّ "التركيز الشديد على فقدان الوزن لم يمنع زيادة الوزن المفرطة في العقود الأخيرة، علاوة على ذلك، قد تساهم جهود إنقاص الوزن المتكررة في زيادة الوزن، ثم إنَّها بلا شك مرتبطة بارتفاع معدل انتشار الأنظمة الغذائية لفقدان الوزن، والتي ترتبط بمخاطر صحية كبيرة".
حلَّل الباحثون مئات الدراسات التي تبحث في كيفية انسجام فقدان الوزن وممارسة الرياضة وطول العمر معاً، مع التركيز خاصةً على الأبحاث التي تابعت النتائج الصحية لدى الأشخاص الذين عُدُّوا أنَّهم يعانون من زيادة الوزن أو البدانة، (تَعُدُّ مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) أنَّ مؤشر كتلة الجسم (BMI) الذي يتراوح بين 25 إلى 30 يمثل زيادة في الوزن، وأيَّة زيادة تتعدى الرقم 30 تُشير إلى زيادة مفرطة في الوزن أو سمنة شديدة).
وخلص الباحثون إلى أنَّ الأدلة تشير إلى أهمية النشاط والحركة وتفوقها على فوائد فقدان الوزن، عندما يتعلق الأمر بتحسين صحة القلب وتقليل مخاطر الوفيات عموماً، وفي الواقع، قد يكون الأشخاص الذين يعانون من السمنة أقل عرضة للوفاة المبكرة من أولئك الذين يتمتعون بوزن طبيعي ولكن لا يتمتعون بلياقة جسدية جيدة، وفقاً للدراسة.
شاهد بالفديو: 9 فوائد تجعل من المشي أفضل نشاط يومي
قوة النشاط البدني:
يُشار غالباً في المصطلحات الطبية إلى مفهوم "اللياقة البدنية والبدانة" (fit and fat) بالبدانة الصحية الأيضية أو (MHO)؛ لذلك، يمكن أن يكون وزنك زائداً بناءً على مؤشر كتلة الجسم، ولكن ليس لديك أيُّ عوامل خطر لأمراض القلب والأوعية الدموية، مثل ارتفاع ضغط الدم أو الكوليسترول.
كما أشارت دراسات سابقة إلى أنَّ الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن، ليسوا أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بنوبة قلبية أو سكتة دماغية؛ وإنَّما الأشخاص الذين لديهم مستويات منخفضة من النشاط هم المعرضون لذلك الخطر، على الرغم من عدم توصُّل جميع الأبحاث حول هذا الموضوع إلى النتيجة نفسها.
لا تعني زيادة النشاط بالضرورة الجري لمسافات طويلة أو رفع الأثقال؛ حيث توصي مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) بحاجة البالغين إلى 150 دقيقة من النشاط الرياضي الهوائي (aerobic activity) متوسط الشدة في الأسبوع، بالإضافة إلى يومين على الأقل في الأسبوع من نشاطات تقوية العضلات.
يُعَدُّ المشي السريع أو دفع جزازة العشب من التمرينات الهوائية، على سبيل المثال، وكذلك تُعَدُّ البستنة أو ممارسة اليوغا من تمرينات تقوية العضلات، وفقاً لمركز السيطرة على الأمراض.
يقول الطبيب المعالج في عيادة الإسعافات الأولية "ون ميديكال" (One Medical) "هيمالي باتيل" (Hemalee Patel) لموقع "هاف بوست" (HuffPost): "من الهام أيضاً ملاحظة أنَّ أنواع الجسم المختلفة تستجيب بشكل مختلف لأنواع معيَّنة من التمرينات؛ لذلك قد يستجيب شخص بشكل أفضل لتمرينات الـ "هيت" (HIIT) بناءً على وظيفة الجهاز التنفسي للقلب والأوعية الدموية الخاصة به، في حين أنَّ جسم شخص آخر قد يستجيب بشكل أفضل لركوب الدراجات أو الجري؛ لذا، نعم، يمكن أن يكون الشخص الذي يُعَدُّ من ذوي الوزن الزائد لائقاً أو بحالة صحية جيدة".
إنَّ توجيه التركيز نحو تناول الأطعمة الصحية للقلب والحصول على نشاط بدني كافٍ بدلاً من مراقبة الوزن، يمكن أن يساعد كثيراً على تقليل الإحساس بالذنب الناتج عن زيادة الوزن، وهو أمر شائع ويمكن أن يكون له تأثير كبير في الصحة العقلية للأشخاص، والصحة العقلية بالطبع، لا تقل أهمية عن الصحة البدنية للسلامة العامة.
في النهاية، يؤدي كل هذا إلى فهم واسع النطاق بتأثير العديد من العوامل في عيش حياة طويلة وصحية، وهذا ليس مجرد كلام؛ إنَّها حقيقة قائمة على الأدلة؛ حيث يوجد الآن بحث علمي ينص بوضوح على أنَّ انتقاد الوزن الزائد باسم الصحة هو أمرٌ خاطئ.
يقول "غاسر": "نحن لسنا ضد فقدان الوزن بالضرورة؛ إنَّما نعتقد فحسب أنَّه ينبغي ألَّا يكون المعيار الأساسي للحكم على نجاح برنامج التحسين في نمط الحياة".
أضف تعليقاً