سرطان الأطفال وأنواعه وأعراضه وطرائق الوقاية منه هو موضوع هذا المقال.
أولاً: حقائق هامة عن سرطان الأطفال، وأسباب الإصابة به؟
يُعَدُّ مرض السرطان أحد الأسباب الأساسية لموت الأطفال والمراهقين في كل أنحاء العالم، تقريباً أربعمئة ألف طفل ومراهق يصابون بالسرطان كل سنة، ورغم ذلك لا يمكن عَدُّ سرطان الأطفال من الأمراض الشائعة، ولا يمكن الوقاية من هذا المرض، لكن يمكن علاج معظم أنواع سرطان الأطفال.
للأسف تختلف نسب شفاء الأطفال حسب البلدان التي ينتمون إليها؛ إذ يُشفى 80% من الأطفال المصابين بالسرطان في البلدان مرتفعة الدخل، في حين أنَّ نسبة الشفاء تنخفض إلى 30% في البلدان منخفضة الدخل، وسبب الارتفاع في نسبة الوفيات هذا هو ضعف التشخيص، وأحياناً التشخيص الخاطئ وغير الدقيق، والمشكلات في تقديم الرعاية الصحية الملائمة، وأيضاً التخلي عن العلاج، أو الوفاة بسبب الآثار الجانبية للمرض "السمية" أو انتكاس الطفل؛ لذا إنَّ إدخالُ تحسينات على طريقة رعاية الأطفال وعلى التقنيات المُستخدَمة بالعلاج من أدوية وغيرها من شأنه أن يرفع معدلات البقاء، ويجنِّب الكثيرين من الأطفال المصابين بالسرطان خطر الوفاة.
أسباب إصابة الأطفال بالسرطان:
تختلف السرطانات التي تُصيب الأطفال عن السرطانات التي تُصيب البالغين في أنَّ معظم أنواع سرطانات الأطفال لا تُعرَف أسبابها وتبقى مجهولة، ويصيب السرطان الأطفال من جميع الأعمار مُحدثاً تغييراً جينياً في خلايا فردية تنمو لتصبح ورماً، كما يُهاجم السرطان أجزاء أخرى من جسم الإنسان مسبباً الوفاة في حال تُرِك من غير علاج. وعدد قليل من أنواع سرطانات الأطفال ناتج عن نمط الحياة أو عن العوامل البيئية، وقد أُجريَت عدة دراسات بهدف تحديد أسباب السرطان عند الأطفال وجميعها لم تفلح.
توجد بعض العوامل التي تُعَدُّ عوامل خطر للإصابة بسرطان الأطفال، مثل بعض الالتهابات المزمنة أو فيروس العوز المناعي البشري أو الملاريا، وهذه العوامل أكثر انتشاراً في البلدان ذات الدخل المتوسط والمنخفض، كما أنَّ حالات العدوى قد تزيد من خطر الإصابة بالسرطان؛ لذلك يُعَدُّ أخذ اللقاحات أمراً هاماً وضرورياً، وفي نفس السياق أشارت الكثير من الدراسات إلى أنَّ حوالي 10% من الأطفال المصابين بالسرطان كان لديهم استعداد جيني للمرض.
هل يصاب الرضيع بسرطان الأطفال؟
من الممكن أن يُصاب حديثو الولادة بالسرطان، وتتشابه الأعراض التي تظهر على الرضيع مع أعراض الأمراض الأخرى التي تصيب الأطفال في هذه المرحلة العمرية، ومن الأعراض التي تظهر عليهم القيء المستمر وارتفاع في درجات الحرارة وعدم التركيز والحركات اللاإرادية والغيبوبة؛ لذلك من الهام جداً مراجعة الطبيب المختص عند ملاحظة مثل هذه الأعراض بشكل مستمر دون تحديد سبب دقيق لها، وتبقى سرطانات الدم والمخ الأكثر انتشاراً عند هذه الفئة العمرية، والخبر الجيِّد هنا أنَّ نسبة شفاء الأطفال حديثي الولادة مرتفعة.
ثانياً: أنواع سرطان الأطفال
تُصيب الأطفال أنواع مختلفة من السرطانات، وفيما يأتي سنعدِّد بعض هذه الأنواع:
- ورم العظام: هو أحد أنواع السرطان الذي يبدأ من نفس العظم، وهذا النوع لا يُعَدُّ شائعاً جداً عند الأطفال رغم إصابتهم به أكثر من الكبار، ومن أكثر أنواع سرطان العظام شيوعاً ساركوما يوينغ، ساركوما عظمية.
- الأورام الغرنية بالأنسجة اللينة: تُصنَّف من الأمراض اللحمية الغرنية، وتُصيب المناطق اللينة في الجسم؛ أي الأنسجة التي تدعم وتحيط بأعضاء الجسم أو تربط بينها.
- أورام المخ والأعصاب: يُعَدُّ هذا النوع من الأنواع الأكثر شيوعاً عند الأطفال تحت سن الثامنة عشر، وتصل نسبة إصابة الأطفال به إلى 20%.
- اللوكيميا الميلودية الحادة: هو سرطان خلايا الدم البيضاء، وهذه الخلايا هي التي تكافح العدوى التي يتعرَّض لها الجسم، وللخلايا البيضاء الموجودة في الدم نوعان هما الخلايا الليمفاوية وخلايا الدم الميلودية، وتُعيد هذه الخلايا إنتاج نفسها بشكل منظَّم، لكن عند الإصابة بسرطان الدم تخرج الأمور عن السيطرة وتستمر الخلايا بالانقسام بشكل ينتج معه خلايا لا تكون فعَّالة، باختصار هذا النوع من السرطان يعني الإفراط في خلايا الدم النخاعي غير الفعالة.
- اللوكيميا أو سرطان الدم: تصل نسبة الإصابة بمرض سرطان الدم إلى 30% بين الأطفال المصابين بالسرطان، وهي نسبة مرتفعة جداً؛ إذ يُعَدُّ سرطان الدم هذا أكثر أنواع السرطانات التي تصيب الأطفال، ويستهدف هذا النوع نخاع العظام والخلايا المكوِّنة للدم.
- سرطان الخلايا الجرثومية: ينقسم عادةً هذا النوع من السرطان على حسب مكان الإصابة إلى نوع يحدث داخل الغدد التناسلية "المبيض والخصية"، ونوع يحدث خارجها، وهذا الورم مشتق من الخلايا الجرثومية، ويحدث هذا النوع من السرطان بسبب الأخطاء في أثناء تطور الجنين، وهذا النوع ليس شائعاً بين الأطفال وتصل نسبة الإصابة به إلى 3% من الإصابات.
- سرطان الدم النقوي المزمن: ينشأ هذا النوع من السرطان في نخاع العظم، ويحدث بسبب طفرة جينية في خلايا النخاع غير الناضجة، وهذا النوع من السرطان يُعَدُّ بطيئاً في النمو، وهذا يسهِّل عملية العلاج، لكن من الممكن أن يتحوَّل إلى نوع سريع التطور، ومن ثم تصبح عملية علاجه أصعب، ويصيب سرطان الدم النقوي المزمن الكبار أكثر من الأطفال.
- سرطان الهودجكين: هو ثالث نوع من حيث الشيوع بين الأطفال، وهذا النوع هو سرطان الغدد الليمفاوية، وهو عبارة عن ورم ينتج عنه خلايا سرطانية خبيثة تصيب الجهاز الليمفاوي.
- ورم ويلمز: وهو نوع من سرطان الكلى، ويُعَدُّ الأكثر انتشاراً من بين سرطانات الكلى عند الأطفال، وغالباً ما يُصيب كلية واحدة، وفي أغلب الأحيان يمكن علاجه.
- سرطان الفم: يعتقد الكثيرون من الناس أنَّ الأطفال أقل عرضة من الكبار للإصابة بسرطان الفم، والحقيقة أنَّ الإصابة بسرطان الفم لا تعرف عمراً.
أعراض سرطان الفم عند الأطفال:
لا تختلف أعراض الإصابة بسرطان الفم بين الكبار والأطفال، وبشكل عام عند الإصابة بهذا المرض يُلاحَظ كتل أو مناطق خشنة أو تقرحات داخل الفم مع صعوبة في مضغ الطعام وتحريك اللسان أو الفك، ويكون هذا النوع أكثر انتشاراً عند المصابين بأمراض اللثة، وفي بداية المرض لا توجد علامات أو أعراض، وفي حال تطوَّر المرض أكثر، تظهر علامات وأعراض أخرى كالبقع الحمراء والبيضاء على بطانة اللسان، وتنميل في الفم مع ألم ونزيف، وكتلة وسماكة في اللثة، وظهور تورمات في الفك، ويصبح الصوت أجشاً، المعاناة من صعوبة في تحريك اللسان والفك، ومن ثم الصعوبة في البلع والمضغ.
بناءً على ما سبق يمكننا القول إنَّه عند الأطفال تحت 15 عاماً فإنَّ اللوكيميا وأورام الدماغ والجهاز العصبي المركزي هي الأنواع الأكثر شيوعاً، أما بين 15 و19 عاماً يُعَدُّ سرطان الغدد الليمفاوية وسرطان الغدد الدرقية أكثر شيوعاً.
كم يعيش أطفال السرطان؟
ارتفعَ معدل بقاء الأطفال المصابين بالسرطان على قيد الحياة خلال الأربعين سنة الماضية من 10% إلى ما يقارب 85%، وطبعاً تختلف هذه النسب حسب نوع السرطان المُصاب به الطفل؛ ففي حالة أنواع السرطانات النادرة تكون نسبة الشفاء والبقاء على قيد الحياة أقل بكثير، وتختلف أيضاً معدلات البقاء أو الفترة الزمنية التي يبقى بها الطفل على قيد الحياة بعد الإصابة تبعاً لنوع السرطان المصاب به.
كان معدل البقاء لمدة 5 سنوات في منتصف السبعينيات للأطفال دون 15 عاماً يقارب 58%، والنسبة بالنسبة إلى المراهقين تصل إلى 84%، والجدير بالذكر أنَّ هذه النسب والإحصاءات مجرد تقديرات.
شاهد أيضاً: 10 أسباب تقف وراء الإصابة سرطان الثدي
ثالثاً: أعراض مرض سرطان الأطفال
رغم اختلاف أنواع السرطانات التي تُصيب الأطفال، إلَّا أنَّها تتشابه بالأعراض إلى درجة كبيرة، ومن الممكن أن تتشابه مع أعراض أمراض أخرى؛ لذلك إذا لاحظتَ مثل هذه الأعراض على طفلك، يجب مراجعة الطبيب؛ وذلك لأنَّه وحده القادر على التشخيص الدقيق لحالة الطفل:
- ملاحظة دم في بول الطفل أو وجود صعوبة في التبول.
- وجود انتفاخ أو كتلة غير معروفة السبب في مكان ما من جسم الطفل.
- استيقاظ الطفل في الليل بسبب آلام مجهولة السبب، أو آلام مستمرة في العظام والظهر.
- ملاحظة بقع أرجوانية صغيرة أو حمراء أو ظهور ما يشبه الكدمات على جسد الطفل دون سبب، أو ظهور طفح جلدي بشكل غير مبرر ولا يمكن تفسيره.
- شعور الطفل بالتعب بشكل مستمر مع شحوب ظاهر عليه.
- دائم الإصابة بالعدوى، وغالباً ما تظهر عليه أعراض كأنَّه مصاب بالإنفلونزا.
- تعرُّق غير مبرر أو حمَّى.
- انعكاسات غريبة للعين في الصور أو اختلافات وتغييرات في شكل العين.
- ضيق نفس أو قيئ غير مبرر.
- تورُّم وألم دائمان في البطن، أو صداع دائم لا يزول.
رابعاً: العلاج والوقاية من سرطان الأطفال
يمكن علاج سرطان الأطفال علاجاً جراحياً بهدف استئصال الورم، أو الذهاب إلى خيار العلاج الكيميائي؛ وهو عبارة عن أدوية كيميائية مهمتها قتل الخلايا السرطانية، وأيضاً يوجد العلاج الإشعاعي باستخدام أشعة إكس، والخيار الأخير للعلاج هو زراعة الخلايا الجذعية عن طريق نقل نخاع العظم، سواء من متبرع أم من جسم المريض نفسه.
الوقاية: بشكل عام يمكن اتِّخاذ بعض من الإجراءات للوقاية من مرض السرطان، ومنها عدم تعرُّض الطفل بشكل كبير للأشعة، والعناية بغذائه لزيادة مناعته، وفي النهاية إذا كان الطفل يعاني من مشكلة وراثية أو خلل جيني، يجب متابعته مع طبيب وراثي.
في الختام:
تعرَّفنا في هذا المقال إلى أنواع سرطانات الأطفال وأكثرها شيوعاً بينهم، وإلى الأعراض والأسباب المحتملة وطرائق العلاج والوقاية، وفي النهاية لا يسعنا القول إلَّا إنَّ الكثير من الظروف الصعبة والقاسية ستمر بها العائلة عند إصابة طفلهم بالسرطان، والمطمئن فقط أنَّ نسب الشفاء مرتفعة ومعدلات الوفاة تقل يوماً بعد يوم بسبب التطورات الطبية الكبيرة التي يشهدها العالم.
أضف تعليقاً