أصبحَت تحليلات البيانات السِّلاح الأبرز للشَّركات السَّاعية لتحقيق النَّجاح والابتكار في بيئة الأعمال المعاصرة التي تتَّسم بالسُّرعة والتغيُّر المُستمر، ولم تعُد القرارات التجاريَّة عشوائيَّة وتعتمدُ على الحدسِ والتَّخمين، بل أصبحت تعتمدُ على أسسٍ علميَّة متينة، وتحليلٍ شاملٍ للبيانات المتاحة، وتمنحُ تحليلات البيانات هذه الشَّركات البصيرةَ اللازمة لفهم الأسواق، وتحديد الفرص الجديدة، وتجنُّب المخاطر، وتكييف نفسها مع التغيُّرات السَّريعة في بيئة الأعمال.
سنتحدَّث في هذا المقال عن دور تحليلات البيانات في اتِّخاذ القرارات التجاريَّة، وكيف يمكن لهذه الأداة القويَّة أن تقودَ الشَّركات نحو مستقبلٍ أكثر إشراقاً واستدامة.
ما هي القرارات التجارية؟
القرار التِّجاري (commercial decision) هو كلُّ اختيارٍ أو قرار تتَّخذهُ الشَّركات أو الأفراد (مديرو الشَّركات)؛ لتحقيق أهدافهم الاقتصاديَّة، وتحسين أداء الأعمال، وتشملُ هذه القرارات مجموعةً متنوعةً من الموضوعات بدءاً من العمليَّات اليوميَّة إلى التَّخطيط الاستراتيجي طويل الأمد، مثل عمليَّات البيع والشِّراء، وتحديد ساعات العمل اليوميَّة للعمَّال، والاستثمار في مشاريع جديدة، والتوقُّف عن مشروع ما، واختيار موقع الشَّركة، وتسعير المُنتجات والخدمات، وتطويرها، وتحديد الاستراتيجيَّات المناسبة للتَّرويج للمُنتجات والخدمات، وتوظيف العاملين الجدد، وإدارة المخزون، والدخول إلى أسواقٍ جديدة وغيرها.
ما هو تحليل البيانات؟
تحليل البيانات هو عمليَّة تفحُّص البيانات الخام، واستخراج المعلومات المفيدة منها؛ لاتِّخاذ قراراتٍ مُستنيرة، ويتضمَّنُ ذلك استخدام تقنيات وأساليب متنوِّعة؛ لتنظيم البيانات، وتفسيرها، واستخلاص الأنماط والرُّؤى التي يمكن أن تساعدَ على حلِّ المشكلات أو تحسين العمليَّات.
تمرُّ عمليَّة تحليل البيانات بعدَّة مراحل هي:
1. تحديد الهدف:
يساعدُ الهدف على تحديد المصادر التي ستُجمَع منها البيانات، والأدوات التي ستُستخدَم، على سبيل المثال إذا كان الهدفُ هو فهم سلوك العملاء، قد تكون مصادر البيانات مثل الاستبيانات، ووسائل التَّواصل الاجتماعي، وسجلَّات المبيعات مُفيدة، كما يُفيدُ تحديد الهدف بتخصيص الموارد البشريَّة والماليَّة بفاعليَّة، وهذا يضمنُ عدمَ إهدارِ الوقت والجُّهد على جمع بياناتٍ غير ضروريَّة أو غير ذات صلة.
2. جمع البيانات:
يشملُ تجميع البيانات من مصادرَ مُختلفة مثل قواعد البيانات، والاستبيانات، وتقارير الأعمال، والمواقع الإلكترونيَّة، واستطلاعات الرأي وغيرها.
3. تنظيف البيانات:
هو تصفية البيانات للتخلُّص من الأخطاء، والقيم المفقودة، والتَّكرار؛ لضمان جودتها ودقَّتها، واختيار أفضل البيانات وأكثرها قابليَّة للتَّحليل.
4. تنظيم البيانات:
هو ترتيبُ البيانات في تنسيقٍ مناسب مثل الجَّداول، والقوائم، وقواعد البيانات؛ لتسهيل تحليلها.
5. تحليل البيانات:
عن طريق استخدام تقنيَّات وأساليب إحصائيَّة وتحليلية لفحص البيانات، مثل التَّحليل الوصفي (Descriptive Analysis)، والتَّحليل الاستكشافي (Exploratory Analysis)، والتَّحليل الاستنتاجي (Inferential Analysis).
6. تفسير النتائج:
هو تفسير النَّتائج المُستخرَجة؛ لفهم الأنماط والاتِّجاهات، واستنتاج النَّتائج الهامَّة.
7. عرض النتائج:
هو تقديمُ النَّتائج بطريقةٍ مفهومة باستخدام الجَّداول، والرُّسوم البيانيَّة، والتصوُّرات المرئيَّة؛ لتسهيل فهمها من قبل الأطراف المعنيَّة.
ما هي العلاقة بين تحليل البيانات واتخاذ القرارات التجارية؟
يرتبطُ تحليل البيانات واتخاذ القرارات التجارية ببعضهما، ويؤدِّي تحليلُ البيانات دوراً محوريَّاً في دعم وتوجيه عمليَّة اتِّخاذ القرارات التجاريَّة.
إليكَ كيفيَّة تأثير تحليل البيانات في القرارات التجاريَّة والعلاقة بينهما:
1. توفير رؤى دقيقة:
يساعدُ تحليلُ البيانات على استخراج المعلومات والرُّؤى الدَّقيقة من البيانات الخام، وتوفِّرُ هذه الرُّؤى أساساً متيناً لاتِّخاذ قرارات مبنيَّة على حقائقَ وأدلَّةٍ، بدلاً من الاعتماد على التَّخمين أو الحدس.
2. التنبُّؤ بالمستقبل:
يمكنُ توقُّع الاتِّجاهات المستقبليَّة وسلوك السُّوق من خلال استخدام تقنيَّات التَّحليل التنبُّؤي، فتحليل البيانات يُسهمُ في التَّخطيط الاستراتيجي، واتِّخاذ قرارات استباقيَّة؛ لمواجهة التحدِّيات، أو استغلال الفُرَص المستقبليَّة.
3. فهم سلوك العملاء:
يُسهمُ تحليل بيانات العملاء في فهم احتياجاتهم وتفضيلاتهم وسلوكاتهم، ويساعدُ هذا الفهم الشَّركات على تصميم منتجاتٍ وخدماتٍ تُلبِّي توقُّعات العُملاء، وتزيدُ من رضاهم وولائهم.
4. تحسين العمليات:
يساعدُ تحليل البيانات على تحديد أوجه القُصور، والفُرَص المُتاحة؛ لتحسين العمليَّات الداخليَّة، واتِّخاذ القرارات بتنفيذ إجراءات تحسين الكفاءة، وتقليل التكاليف بناءً على التَّحليل، وهذا يؤدِّي إلى تحسين الأداء العام للشَّركة.
5. قياس الأداء:
يساعدُ تحليل البيانات على قياس الأداء الفعلي مقابل الأهداف المُحدَّدة، ويمكنُ بناءً على النَّتائج اتِّخاذ القرار بتعديل الاستراتيجيَّات والخطط؛ لضمان تحقيق الأهداف.
6. إدارة المخاطر:
يمكنُ من خلال التَّحليل التعرُّف إلى المخاطر المُحتمَلة، وتقييم تأثيرها، واتِّخاذ القرارات المناسبة؛ لتجنُّب المخاطر، أو تقليل تأثيرها من خلال استراتيجيَّات إدارة المخاطر المُستنِدة إلى البيانات.
7. تحديد الفُرَص الجَّديدة:
يؤدِّي تحليل البيانات دوراً هامَّاً في كشف الفرص الجَّديدة في السُّوق، مثل الفجوات في السَّوق أو القطاعات غير المخدَّمة، ويمكنُ اتِّخاذ القرارات التجاريَّة بتوجيه الموارد؛ للاستثمار في هذه الفرص، وتحقيق نموٍّ مُستدام.
8. دعم القرارات الاستراتيجيَّة:
توفِّرُ تحليلات البيانات للشَّركات البيانات القطاعيَّة اللازمة؛ لاتِّخاذ قراراتٍ استراتيجيَّة مُستنِدة إلى المعلومات الدَّقيقة، وهذا يُقلِّلُ من احتماليَّة الوقوع في الأخطاء.
9. تحسين الكفاءة والعمليَّات:
يمكنُ لتحليل البيانات أن يُحسِّنَ سلاسلَ التَّوريد، ويُخصِّصَ استراتيجيَّات التَّسويق، ويُطوِّرَ خدمة العملاء، ويبتكرَ تطوير المنتجات، وتُسهمُ هذه الرُّؤية متعدِّدة الأبعاد في تحسين الكفاءة التشغيليَّة والماليَّة للشَّركة.
10. بناء العلامة التجاريَّة والتنافسيَّة:
تُسهمُ القرارات التجاريَّة المبنيَّة على البيانات في بناء علامةٍ تجاريَّة قويَّة، والتغلُّب على المنافسين، وهذا يؤدِّي إلى تحقيق النَّجاح التِّجاري المُستدام.
مثالٌ عمليٌّ:
تعتمدُ إحدى شركات التَّجزئة على تحليل البيانات؛ لفهم سلوك الشِّراء لدى العملاء خلال فتراتٍ زمنيَّة مختلفة، وتكتشفُ من خلال تحليل البيانات أنَّ هناك زيادة كبيرة في شراء الألعاب خلال شهري "نوفمبر" و"ديسمبر"، فتُقرِّرُ الشَّركة بناءً على هذا التَّحليل زيادة مخزون الألعاب في هذه الفترة، وتُطلِقُ حملةً تسويقيَّة مُركَّزة على الألعاب قبل العطلات، وهذا يؤدِّي إلى زيادة المبيعات وتحقيق أرباحٍ أعلى.
شاهد بالفيديو: كيف تتعلَّم فن اتخاذ القرارات الصحيحة
أنواع البيانات المستخدمة في التحليل لاتخاذ القرارات التجارية:
تُستخدَمُ عدَّة أنواعٍ من البيانات في التَّحليلات التجاريَّة؛ لفهم السُّوق، واتِّخاذ القرارات الاستراتيجيَّة بطريقةٍ أفضل.
إليك أنواع البيانات الأساسيَّة التي تُستخدَمُ في هذا السِّياق:
1. البيانات الكميَّة (Quantitative Data):
البيانات الكميَّة: هي البيانات التي يمكنُ قياسها وتفسيرها بأسلوبٍ كميٍّ أو رقميٍّ، وتتضمَّنُ هذه البيانات الأرقام، والأرقام المُتغيَّرة، والقياسات الكميَّة المناسبة للتَّحليل الإحصائي، ويمكنُ قياس ومقارنة البيانات الكميَّة بدقَّةٍ، وهذا يسمحُ بتحليلٍ دقيقٍ للعلاقات بين المُتغيِّرات، والتنبُّؤ بالاتِّجاهات المستقبليَّة، وتحليل الانحدار، ومن أمثلتها: الإيرادات، والتَّكاليف، والأرباح، والكميَّات مثل (عدد العُملاء، والوحدات المُباعة، والزَّمن المُستغرَق في عمليَّة مُعيَّنة)، والنَّتائج الرقميَّة من استطلاعات أو استبيانات، مثل تقييمات رضى العملاء رقميَّاً.
2. البيانات النوعيَّة (Qualitative Data):
البيانات النوعيَّة هي البيانات التي تصفُ الصِّفات أو البيانات غير الرقميَّة للأشخاص أو الأشياء أو الظَّواهر، وتتضمَّنُ هذه البيانات الأوصاف الكلاميَّة أو النصيَّة، ومن أمثلتها: التعليقات العمليَّة من الموظَّفين أو العملاء عن منتجاتٍ أو خدماتٍ مُعيَّنة، والآراء عن تجارب العملاء أو التَّفاعلات مع العلامة التجاريَّة، والوصف الشَّخصي لسلوكات العملاء أو العُمَّال في بيئة العمل، ويجبُ تبويب هذه البيانات؛ لتحويلها إلى معطياتٍ عدديَّة قابلة للتَّحليل.
أنواع تحليل البيانات:
يمكنُ تصنيف تحليل البيانات في اتِّخاذ القرارات التجاريَّة إلى عدَّة أنواع، وكلُّ نوعٍ له استخداماته وأهميَّته الخاصَّة.
إليك الأنواع الرَّئيسة لتحليل البيانات:
1. التحليل الوصفي (Descriptive Analytics):
التحَّليل الوَصفي للبيانات هو عمليَّة تحليل البيانات التاريخيَّة؛ بغرض فهم ما حدث في الماضي، ويهدف هذا النَّوع من التَّحليل إلى تقديم مُلخَّصات وإحصاءات وصفيَّة للبيانات، وهذا يُمكِّنُ الشَّركات من فهم الوضع الحالي، والأحداث التي وقعت بالفعل باستخدام أدواتٍ مُختلفة مثل: التقارير، والجَّداول، والرُّسوم البيانيَّة.
2. التحليل التشخيصي (Diagnostic Analytics):
يُستخدَمُ لفهم أسباب الأحداث الماضية، والوقوف على مكامن الخلل في عمل المُنظَّمة، ويفسِّرُ لماذا حدث شيء ما عن طريق تحليل البيانات بطريقةٍ أعمق، ومن أدواته: التَّنقيب في البيانات، وتحليل الارتباط، وتحليل الاتِّجاهات.
3. التحليل التنبؤي (Predictive Analytics):
يُستخدَمُ للتنُّبؤ بما سيحدث في المستقبل، ويستخدمُ نماذج إحصائيَّة، وتقنيَّات تعلُّم الآلة؛ لتقدير النَّتائج المستقبليَّة بناءً على البيانات التاريخيَّة.
4. التحليل الاستكشافي (Exploratory Data Analysis - EDA):
يهدف لاكتشاف الأنماط والعلاقات في البيانات، ويُساعدُ على صياغة فرضيَّات جديدة، واكتشاف رؤى غير متوقَّعة، ومن أدواته: الرسوم البيانيَّة التفاعليَّة، والتَّنقيب في البيانات، والتَّحليل المُتعدِّد للمُتغيِّرات.
5. تحليل البيانات الكبير (Big Data Analytics):
يُستخدَمُ لتحليل مجموعاتٍ ضخمة ومُعقَّدة من البيانات، والتي لا يمكن مُعالجتها بواسطة أدوات التَّحليل التقليديَّة، ومن الأدوات المستخدمة فيه: تقنيَّات الحوسبة السحابيَّة، Spark Hadoop.
6. تحليل البيانات الزمنية (Time Series Analysis):
يُستخدَمُ لتحليل البيانات على مدى فتراتٍ زمنيَّة مختلفة، ويُساعدُ على فهم الاتِّجاهات الموسميَّة والدوريَّة، والتنبُّؤ بالتغيُّرات المستقبليَّة، ومن أدواته: تحليل الاتِّجاهات الزمنيَّة، ونماذج "ARIMA، SAS ، spss".
أمثلة عن القرارات التجاريَّة التي تتخذ بالاعتماد على تحليل البيانات:
يُساعدُ تحليل البيانات مديري الشَّركات على اتخاذ قرارات تجاريَّة تعزِّزُ مكانة شركاتهم، وتُطوِّرُ أداءاها، ومن هذه القرارات:
1. تحسين إدارة المخزون:
تحديد الكميَّات المُثلى للمنتجات في المخزون؛ لتجنُّب النَّقص أو الفائض.
2. تخطيط الحملات التسويقية:
تطوير استراتيجيَّات تسويقيَّة مُستهدِفة بناءً على تحليل بيانات العملاء، وتفضيلاتهم، وسلوكات الشِّراء.
3. تخصيص الموارد:
تخصيص الموارد الماليَّة والبشريَّة بكفاءةٍ أكبر استناداً إلى تحليل الأداء المالي والتَّشغيلي للمشاريع المختلفة.
4. تحسين تجربة العملاء:
تحسين خدمة العملاء، وتقديم دعم مُخصَّص بناءً على تحليل تعليقات العملاء، وتفاعلاتهم مع الشَّركة.
5. تحديد الأسعار:
وضع استراتيجيَّات تسعير ديناميكيَّة بناءً على تحليل بيانات السُّوق والمنافسين، وسلوكات الشِّراء للعملاء.
6. تطوير المنتجات:
اتِّخاذ قرارات بشأن تطوير أو تعديل المنتجات بناءً على تحليل ردود فعل العملاء وبيانات الاستخدام.
7. تحليل المنافسين:
مراقبة وتحليل أداء المنافسين في السُّوق؛ لاتِّخاذ قراراتٍ استراتيجيَّة، مثل دخول أسواق جديدة، أو تعديل استراتيجيَّات التَّسويق.
شاهد بالفيديو: 7 استراتيجيات بيع للتغلب على المنافسين
8. اختيار مواقع الفروع:
تحديد المواقع الجَّديدة للفروع، أو متاجر البيع بالتجزئة بناءً على تحليل بيانات السوق، والديموغرافيا المحليَّة.
9. إدارة سلاسل التَّوريد:
تحسين عمليَّات سلاسل التوريد لتقليل التَّكاليف، وزيادة الكفاءة بناءً على تحليل البيانات اللوجستيَّة، وسلاسل التَّوريد.
10. توقع الطلب:
التنبُّؤ بالطَّلب المستقبلي على المنتجات والخدمات باستخدام نماذج التنبُّؤ، وهذا يساعدُ على التَّخطيط الأفضل للإنتاج والمبيعات.
التحديات والمعوقات في تنفيذ تحليلات البيانات اللازمة لاتخاذ القرارات التجارية:
لا تخلو عمليَّة تحليل البيانات من بعض التحدِّيات التي قد تعوق تنفيذها، مثل:
جودة البيانات: يمكن أن تؤثِّرَ البيانات التي تحتوي على أخطاءٍ أو قيمٍ مفقودة أو تكرارات سلباً في نتائج التَّحليل، كما قد تُجمَعُ البيانات من مصادرَ غير موثوقة، وقد تكون غير مُتَّسقة أو غير مُكتمِلة.
1. تكامل البيانات:
يمكنُ أن يكونَ دمجُ البياناتِ من مصادرَ متعدِّدة مُعقَّداً وصعباً.
2. نقص المهارات والمعرفة:
قد يُعاني الفريق من نقصٍ في المهارات التقنيَّة اللازمة لتحليل البيانات.
3. حماية البيانات والأمان:
يبرزُ أيضاً تحدِّي تأمين البيانات الحسَّاسة، وحمايتها من الوصول غير المُصرَّح به.
4. البيانات هي إحدى طرائق الشركة في اتخاذ القرار وليست الوحيدة:
يجب أن تُعامَل البيانات على أنَّها جزءٌ من أدوات الشَّركة في اتِّخاذ القرار، وليست بديلاً كاملاً عن الخبرة البشريَّة.
5. عدم الشمولية:
يصعبُ أن تكون البيانات شاملةً بدقَّة مهما كانت كبيرةً وضخمةً، مثلاً: من الصَّعب الإحاطة بآراء العملاء وسلوكهم الشِّرائي.
6. الحاجة إلى المرونة:
تحتاجُ الشَّركات التي تعتمدُ على تحليل البيانات إلى المرونة في تحديث بياناتها باستمرار؛ لتصفَ الواقع الحالي والمتغيِّر على الدَّوام.
شركات ناجحة بفضل طريقة تحليل البيانات في اتخاذ قراراتها التجارية:
إليك بعض الأمثلة عن شركاتٍ تجاريَّة نجحت بفضل استخدام تحليل البيانات:
1. شركة "Netflix":
تُعدُّ شركة "Netflix" إحدى الشَّركات الرَّائدة في استخدام تحليلات البيانات لتحقيق نجاحات كبيرة في صناعة البث التلفزيوني عبر الإنترنت، وذلك باستخدام تحليل البيانات الشَّامل، فتُحلِّلُ عادات مشاهدة المستخدمين، وتُقدِّمُ توصياتٍ مخصَّصة للبرامج والأفلام، وتُحسِّنُ تجربة المشاهدة عموماً، كما تستخدم "Netflix" التَّحليلات؛ لاتِّخاذ قراراتٍ عن ماهيَّة المحتوى الجَّديد الذي يجب إنتاجه، والاستثمارات المستقبليَّة في تطوير التكنولوجيا والبنية التحتيَّة.
2. شركة "Amazon":
هي من الشَّركات التي استفادت من تحليل البيانات، وتستخدم "Amazon" تحليلات البيانات؛ لتحسين تجربة التسوُّق عبر منصَّتها الإلكترونيَّة، وتوفير التَّوصيات المُناسبة للعملاء، وتحديد السِّلع المطلوبة بكثرة، كما تستخدم "Amazon" تحليل البيانات؛ لتحسين عمليَّات الإمداد والتَّوزيع، وتحسين كفاءة عمليَّاتها اللوجستيَّة.
3. شركة "Walmart":
تُعدُّ إحدى أكبر سلاسل البيع بالتَّجزئة في العالم، وتستخدمُ تحليل البيانات؛ لفهم سلوك المُستهلكين، وتحسين سلاسل التَّوريد، وتحسين إدارة المخزون، وتعتمد "Walmart" على البيانات؛ لاتِّخاذ قراراتٍ استراتيجيَّة لمعرفة أين يجب فتح فروع جديدة، وكيفيَّة تحسين تجربة التسوُّق للعملاء، وكذلك لتحديد أفضل السِّلع التي يجب تخزينها وبأيِّ كميَّات.
في الختام:
يُعدُّ دور تحليلات البيانات في اتِّخاذ القرارات التجاريَّة أساسياً ومحوريَّاً في العصر الرقمي الذي نعيشه، وتستطيع الشَّركات من خلال جمع البيانات وتحليلها بطرائق مُتقدِّمة الوصولَ إلى رؤى عميقة تسهمُ في تحسين عمليَّاتها، وزيادة كفاءتها، وتعزيز تجربة عملائها، والتكيُّف مع التغيُّرات السَّريعة في الأسواق.
إنَّ التَّكامل بين تقنيَّات الذَّكاء الاصطناعي، والتعلُّم الآلي، وتحليل البيانات الضَّخمة فتحَ آفاقاً جديدة للشَّركات؛ لتبنِّي استراتيجيَّات مُبتكَرة ومبنيَّة على أسسٍ علميَّةٍ دقيقة، ولا توفِّرُ تلك الأدوات صورةً واضحةً عن الأداء الحالي فقط، بل تُمكِّنُ الشَّركات أيضاً من التنبُّؤ بالمستقبل، واتِّخاذ قراراتٍ استباقيَّة تضمنُ البقاء في صدارة المنافسة، ويحملُ المستقبل كثيراً من الفرص لأولئك الذين يستطيعون استثمار قوَّة البيانات بفاعليَّة، لذا فإنَّ الشَّركات التي تتبنَّى هذه الرُّؤية ستكون هي الرَّائدة في صناعة المستقبل.
أضف تعليقاً