دائماً ما تكون توقعات العملاء هي الحصول على الأرخص والأفضل والأسرع، وبأعلى معايير الجودة؛ وعادةً ما تبنى هذه التوقعات لديهم على تجارب سابقة في التعامل مع منتجات أو خدمات مؤسسة ما، والتي يمكن أن يفصحوا عنها أحياناً؛ ولكن في حال كتمانهم لها، سيقع اكتشافها ومعرفتها على عاتق موظفي التسويق والمبيعات.
لذا فإنَّ الشركات الناجحة هي تلك التي تتقن التعامل مع توقعات عملائها بشكلٍ صحيح، وتزيد من القيمة المضافة إلى منتجاتها وخدماتها من خلال تقديم ميزة إضافية تفوق توقعات العملاء.
المصادر التي تساهم في تكوين توقعات العميل:
كثيرة هي المصادر التي تساهم في تكوين توقعات العميل، وسنعمل فيما يأتي على استعراض أهم هذه المصادر، والتي هي:
1. اسم المؤسسة:
يلعب اسم المؤسسة دوراً كبيراً في تكوين توقعات العملاء؛ فكلَّما كان اسم الشركة كبيراً، كانت توقعات العملاء أكبر في الحصول على أفضل المنتجات والخدمات.
2. آراء الآخرين:
غالباً ما يُجْرِي العميل قبل اتخاذه قراراً بالتعامل مع المؤسسة ما يشبه "استطلاعاً" لآراء أشخاصٍ سبقوه في التعامل معها، ويسهم كلُّ ما يصدر منهم في تكوين صورةٍ مسبقةٍ في ذهن العميل عن هذه المؤسسة وخدماتها ومنتجاتها؛ لذا فإنَّ الاستمرار في تقديم خدمات أو منتجات ذات جودة عالية لجميع العملاء دون استثناء، له دورٌ هامٌّ في كسب عملاء دائمين للمؤسسة.
3. التجارب السابقة:
تساهم تجربة العميل في التعامل مع المؤسسة في تكوين تصوره عن الخدمة والقيمة المضافة التي سيحصل عليها من المنتج المقدم؛ وتأتي من هنا أهمية التعامل الأول للعميل مع المؤسسة في تكوين اعتقاده الأولي الذي لو كان سلبياً، فإنَّه سيكون في الغالب التعامل الأول والأخير للعميل مع المؤسسة.
4. وسائل تواصل المؤسسة:
أصبح الإنترنت مع التطور التكنولوجي الكبير أحد أهم مصادر بناء توقعات العملاء، حيث يبحث العميل قبل اتخاذه قرار التعامل مع المؤسسة عن منتجاتها وخدماتها على شبكة الإنترنت، وذلك من خلال صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي؛ لذا تسعى الشركات الناجحة دائماً إلى العناية بالمحتوى الذي تعرضه على الشبكة العنكبوتية، وتحرص على أن يكون مطابقاً تماماً لما هو موجودٌ على أرض الواقع.
5. الضمانات المقدمة للعميل:
يتوقع كلُّ عميل الحصول على ضمانات من المؤسسة لقاء المنتج والخدمة التي تقدمها، حيث تُبنَى توقعات هذا العميل بناءً على هذه الضمانات؛ فمثلاً: لو كنت تقدم ضمان صيانة لمدة 6 أشهر بعد حصول العميل على الخدمة أو المنتج، وهناك من يقدم ضمان صيانة لمدة عام كامل لقاء حصول العميل على الخدمة أو المنتج ذاته الذي تقدمه أنت؛ فمن الطبيعي جداً أن يميل العميل إلى المؤسسة التي تقدم ضماناً أكبر.
6. موظفو الشركة:
قد يكون الموظفون أحد أهم أسباب بناء توقعات العملاء حول منتجات المؤسسة وخدماتها، سواءً كانت إيجابية أم سلبية؛ وهذا بسبب كلامهم أمام الناس والأصدقاء عن عملهم ومنتجاتهم وخدماتهم؛ لذا يأتي من هنا دور إدارة المؤسسة في تعزيز الانتماء والولاء الوظيفي لكلِّ من يعمل فيها.
أهم ما يطلبه العميل عند التعامل مع المؤسسة:
بعد استعراض المصادر التي يمكن للعملاء من خلالها بناء توقعاتهم، بات بإمكاننا الانتقال إلى ما يريد العملاء أن يحققوه من التعامل مع هذه المؤسسة أو تلك.
على المؤسسة ككل -وعلى موظفي خدمة العملاء خصوصاً- أن يعلموا أنَّه عندما يتخذ العميل قرار التعامل مع المؤسسة، يكون قراره هذا غير عبثي، وإنَّما بناءً على توقعات بناها؛ لذا يجب على المؤسسة العمل على تلبية طلبات العميل وتحقيق توقعاته.
نستعرض فيما يأتي أهم ما يطلبه العميل عند التعامل مع المؤسسة:
1. الاستقبال المميز للعميل:
تتعدد صور وأشكال الاستقبال الأول للعميل، فمنها ما يكون وجهاً لوجه، أو عبر الهاتف، أو عبر البريد الإلكتروني، أو وسائل التواصل الأخرى من واتساب وماسنجر وبرامج الدعم المتنوعة؛ وأيَّاً كان نوع الاستقبال الأول للعميل، تساهم طريقة الاستقبال وحِرَفية موظفي قسم خدمة العملاء مساهمةً فاعلة في تكوين التوقع الأول لدى العميل، سواءً أكان هذا التوقع إيجابياً أم سلبياً.
2. الخدمة أو المنتج:
يريد العميل الحصول على المنتج أو الخدمة الأفضل جودة والأرخص سعراً؛ لذا فإنَّ المنتج أو الخدمة السيئة ستدفعه إلى تجنُّب إعادة تجربة الحصول على ما تقدمه المؤسسة مرة أخرى.
3. الاهتمام والاحترام:
إضافة إلى حصول العميل على المنتج أو الخدمة، فهو دائماً ما يريد الحصول على الاهتمام والتقدير الشخصي؛ ذلك لأنَّه اختار هذه المؤسسة دون غيرها للحصول على منتجاتها أو خدماتها.
4. الاطمئنان:
يريد كلُّ عميل أن يكون مطمئناً في التعامل مع هذه المؤسسة وموظفيها، ويأتي هذا الاطمئنان من ترسيخ شعور عدم الخسارة لدى العميل في التعامل مع هذه المؤسسة، وينبع هذا الشعور من خلال تقديم المنتجات والخدمات بأعلى جودة، وتقديم ضمانات الصيانة وخدمات ما بعد البيع؛ حيث تخلق كلُّ هذه الأمور لدى العميل شعوراً بالرضا والاطمئنان، وبأنَّ استثماره مع هذه المؤسسة بالحصول على خدماتها ومنتجاتها استثمار رابح.
5. الإنصات إلى العميل وحل مشكلاته:
يجب على موظفي قسم خدمة العملاء اكتساب مهارات الإنصات الفعال إلى العملاء، وامتلاك القدرة على اتخاذ القرارات بسرعة وحلّ مشكلات العميل؛ كما وتوجد مجموعةٌ من القواعد التي يجب على موظف خدمة العملاء اتباعها عند تلقي شكوى، أو عند وجود مشكلة لدى العميل، وهي:
- التعامل مع المشكلة بإيجابية.
- الاهتمام الجدي والفعال بالمشكلة.
- فهم مشكلة العميل بشكلٍ صحيحٍ ودقيق، بحيث لا يُترَك مجالٌ للتوقعات الناجمة عن سوء الفهم.
- العمل على تحديد وقتٍ لحلّ مشكلة العميل وإخباره بها.
- العمل بفعاليةٍ على حلّ المشكلة ضمن الوقت المحدد.
- العمل على توليد شعور لدى العميل بأنَّ قسم خدمة العملاء جاهزٌ دائماً من أجل حلّ أيّ مشكلةٍ لدى العميل.
6. التواصل الفعال مع العميل:
عندما يطلب العميل التعامل مع أحد موظفي خدمة العملاء، فإنَّه يطلب في حقيقة الأمر تواصلاً فعالاً من الموظف؛ وعليه: فإنَّ من واجب موظف قسم خدمة العملاء أن يكون متقناً لمهارات التواصل الفعال مع الآخرين.
إنَّه لمن المعلوم أنَّ الكثير من الشركات الكبيرة قد أغلقت وأشهرت إفلاسها، ليس لقلة الموارد المالية أو لأسباب تقنية، بل لعدم الاهتمام بالعملاء وسوء إدارة هذه العملية.
أخيراً، على كلِّ مؤسسة أن يكون لديها قسمٌ متخصصٌ في خدمة العملاء، وأن تعمل دائماً على تطويره وتطوير مهارات موظفيه؛ وذلك من أجل الحفاظ على العملاء الحاليين وجذب عملاء جدد في ظلِّ هذا التنافس العالمي المَهُول في سوق العمل، حيث أصبحت مَهمَّة الحفاظ على العميل الحالي من أصعب المهمات.
أضف تعليقاً