إضافة إلى ما سبق فإنَّ التنظيم من أسرار نجاح أي عمل، وطبعاً يشمل التنظيم عملية ترتيب الأعمال اليومية والأولويات وتنظيم المناصب وساعات العمل وغيرها من الأمور والتفاصيل التي يجب الاهتمام بها تجنُّباً للوقوع في أيَّة مشكلة لاحقاً، وإنَّ تلك التفاصيل والنقاط التي تَحدَّثنا عنها جعلَت وجودَ قسمٍ لإدارة الموارد البشرية أمراً ضرورياً لاستمرار عمل أيَّة شركة ولضمان تحقيق أهدافها مهما كان نوع العمل في الشركة؛ لذلك سوف نتحدث في مقالنا هذا عن مفهوم إدارة الموارد البشرية وأهميتها في نجاح الأعمال.
مفهوم إدارة الموارد البشرية:
هي عملية تنظيمية تتعلق بالأفراد العاملين في مؤسسة معيَّنة تبدأ بجذب القوى العاملة الفعَّالة واختيار العاملين ثم تعيينهم، ويلي ذلك تدريبهم ليصلوا إلى المستوى الذي يحتاج إليه العمل ضمن هذه المؤسسة، وبعد استلام المهام يتركز الاهتمام على تنفيذ النشاطات والمشاريع والأعمال المُوكَلة إلى العاملين لضمان الوصول إلى أهداف المؤسسة الرئيسة، فكما قالت ماري باركر فوليت - التي لُقِّبَت بـ "أم الإدارة الحديثة" - عن إدارة الموارد البشرية بأنَّها عملية إنجاز الأشياء بكفاءَة عالية مع الآخرين ومن خلالهم، وأيضاً مايكل جوسيوس الذي عرَّف إدارة الموار البشرية بأنَّها التخطيط والتنظيم والتحكُّم بوظائف القوى العاملة وتحفيزها وتطويرها وصيانتها أيضاً.
أهمية إدارة الموارد البشرية:
يوجد قسم إدارة الموارد البشرية في مختلف الشركات والمؤسسات، ويُشكِّل حلقة وصل بين الإدارة والموظفين في المؤسسة، وتعود ضرورة وجود هذا القسم في مختلَف الشركات إلى أهميته الكبيرة.
شاهد بالفيديو: مهام الموارد البشرية
إذ يقوم بما يأتي:
1. وضع سياسة اختيار العاملين:
إدارة الموارد البشرية مسؤولة بالدرجة الأولى عن تحديد المواصفات المطلوبة للعاملين في الشركة، ومسؤولة عن عملية استقبال الموظفين الجدد من خلال تنظيم عملية الفحص واختبارات القبول البدنية والشفوية والكتابية أو المقابلات الشخصية أيضاً؛ وذلك بحسب طبيعة الوظيفة التي يتم التقدُّم إليها وعملية تقييم المتقدمين إلى العمل ومن ثم الترحيب بالمقبولين للعمل في الشركة، ولكي تكون هذه العملية فعَّالة يجب أن تُحقِّقَ عدداً من الأهداف ومنها ما يأتي:
- القدرة على التقليل من عدد الأفراد غير المؤهَّلين ممَّن تقدموا للحصول على وظيفة في الشركة؛ إذ يُفيد ذلك في تقليل التكاليف التي تُهدَر نتيجة الاختيارات الخاطئة للموظفين وتقليل الوقت اللازم لاختبار وفحص كل منهم أيضاً.
- العمل والسعي إلى الوصول إلى استقرار الموارد البشرية في الشركة من خلال اختيار الموظفين ممَّن يستمرون في العمل لفترة طويلة، والتقليل قدر الإمكان من الموظفين ممَّن يسعون إلى الحصول على وظيفة مؤقَّتة ريثما يستطيعون العمل في المكان الذي يريدون.
- خفض التكاليف التي تُخصِّصُها الشركة لتدريب الموظفين؛ وذلك من خلال جذب الأفراد أصحاب الكفاءات المؤهلة الذين يمتلكون الخبرات الجيدة ممَّن لا يحتاجون إلى تدريب كثير.
- ضمان استقرار الشركة من الناحية القانونية والاجتماعية والأخلاقية أيضاً، من خلال التقيُّد بالإجراءات القانونية قدر الإمكان عند البحث عن موظفين للعمل في الشركة.
2. وضع سياسة تدريب الموظفين:
هذا القسم ونتيجة لمعرفته باحتياجات الشركة بدقة ومواصفات كل موظف؛ تم قبوله للعمل فيها، ومن ثم فهو لديه القدرة على وضع خطة التدريب في الشركة بما يتناسب مع الميزانية التي تستثمرها الشركة في تدريب الموظفين لديها.
3. تحليل العمل وتصميمه:
إذ يُحلِّل قسم الإدارة البشرية العمل في الشركة ويجمع كافة المعلومات اللازمة عن الشركة وأهدافها، وتلخيص ذلك بتحديد الوظائف اللازمة لعمل الشركة؛ إذ تهدف هذه العملية إلى تحقيق الأمور الآتية:
- تحديد معايير العمل لكل وظيفة من وظائف الشركة.
- تحديد الوصف الوظيفي؛ أي بناءً على أهداف كل وظيفة من وظائف الشركة تُحدَّد الصفات التي يجب أن يتمتَّع بها الموظَّف الذي يشغل الوظيفة سواء كانت الصفات الذهنية أم الصفات الجسدية.
4. وضع سياسة تقييم أداء الموظفين:
إذ تُحدَّد كيفية تقييم الموظف ومَن يقوم بعملية تقييمه؛ هل يقوم بذلك رئيس قسمه أم أشخاص محددون لهذه المَهمَّة، ومتى يُقيَّم كل موظف؛ هل يُقيَّم مرة في كل شهر أم مرة في كل سنة أم بعد إنجاز مشروع معيَّن وما شابه ذلك من النقاط المتعلِّقة بتقييم الموظفين، وتُعَدُّ هذه العملية دقيقة وهامة؛ فتقييم الموظفين يقيس الأداء الفردي والجماعي أيضاً للعاملين في الشركة ومدى تحقيق الشركة للأهداف المُخطَّط لها سابقاً، فيبين ذلك أيضاً مدى دقة البرامج والسياسيات التي تعتمدها الشركة في عملها ومدى حاجة الشركة إلى موظفين جدد أو موظفين بكفاءات أعلى وقدرات أفضل من القدرات الموجودة لديها.
5. وضع سياسة مكافأة الموظفين:
تُعَدُّ عملية مكافأة الموظفين من أكثر العمليات حساسية، والتي تقوم بها إدارة أيَّة شركة، فوجود أي خطأ في هذه العملية ينتج عنه ظلم للموظفين ومقارنات فيما بينهم ومن ثم نزاعات داخلية في الشركة؛ إذ يُسيء ذلك إلى سمعة الشركة؛ وذلك لأنَّه يؤثر سلباً في أداء الموظفين لمهامهم وفي الوصول إلى أهداف الشركة؛ لذلك يهتم قسم إدارة الموارد البشرية كثيراً بهذا الأمر ويُحدِّد الراتب المُخصَّص لكل منصب، إضافة إلى التعويضات سواء الثابتة أم المتغيرة منها والحوافز والمزايا الاجتماعية المتعلقة بالمنصب.
6. إدارة المواهب:
يُعَدُّ أمر اكتشاف الموهبة في المؤسسة أمراً هاماً للمؤسسة من جهة حتى تتم الاستفادة من الإمكانات المميزة التي يمتلكها الموظف، ويُعَدُّ أمراً هاماً للموظف نفسه من جهة أخرى؛ فعندما تُكتَشَف موهبته يفتح ذلك الطريق أمامه للترقي والحصول على ميزات جديدة؛ فيشعر بأنَّ المؤسسة تُقدِّر إنجازاته فتعطيه ما يستحقه فعلاً؛ لذلك إدارة الموارد البشرية تُحدِّد مكان وجود كل موظف داخل المؤسسة بناءً على عمله وقدراته.
7. تعزيز بيئة العمل:
يعمل قسم إدارة الموارد البشرية على إنشاء بيئة عمل جيِّدة بين العاملين في الشركة؛ وذلك من خلال اتِّخاذ مختلف الإجراءات التي تحسِّن التواصل بين الزملاء وتجعل جو العمل مريحاً من أجل إنشاء بيئة عمل متعاونة، فالتعاون ضروري ليكون الأداء متكاملاً.
8. تحديد الصعوبات:
الإدارة البشرية تساعد الموظفين العاملين لديها على اكتشاف المشكلات والصعوبات التي تعرقل عمل الشركة وتنعكس سلباً على إنجاز المهام، كما أنَّها تساعد إدارة الشركة على إيجاد الحلول المناسبة لتلك الصعوبات من أجل التخلُّص منها.
9. التنسيق:
يعمل قسم الإدارة البشرية على التنسيق بين مختلف الأقسام والوحدات المختلفة في الشركة؛ وذلك لكي يكون كل منها مكملاً للآخر.
10. الأعمال الإدارية:
أيضاً يقوم هذا القسم بالعديد من الأعمال الإدارية؛ مثل إعداد كشوف ملفات المشاريع وتحديث ملفات الموظفين وكشوف الرواتب باستمرار، وتقديمها إلى إدارة الشركة وغيرها من الأعمال التي تجعل الإدارة على دراية بكل ما يتعلَّق بالموظفين لديها.
شاهد بالفيديو: أهم مهارات مدير الموارد البشريّة
مزايا الإدارة الجيدة للموارد البشرية:
إن قام قسم الموارد البشرية بعمله بحرفيَّة وإتقان، فقد يترتب على ذلك نتائج إيجابية عظيمة للشركة منها ما يأتي:
- تحسين قدرات ومهارات الموظفين في الشركة؛ وهذا يعني قيامهم بالأعمال الموكلة إليهم بحِرَفية عالية.
- إعطاء الوظائف لأشخاص أكفاء يمكنهم أن يرفعوا مستوى الشركة ويعطوها سمعة جيدة.
- إنشاء علاقات جيدة بين الموظفين ومن ثم أداء المهام بتعاون.
- إنشاء شعور بالرضى لدى الموظفين من خلال تحقيق العدل فيما يتعلق بالرواتب والمكافآت والحوافز.
تحديات إدارة الموارد البشرية:
التحديات التي تواجه الإدارة البشرية هي كما يأتي:
1. تحديات بيئية:
هي التحديات الخارجة عن سيطرة الإدارة؛ مثل حركة العولمة والتغيير في التوقعات الاقتصادية والتغيير في البيئة السياسية أو الاجتماعية أو الثقافية أو في البيئة التكنولوجية.
2. تحديات تنظيمية:
هي التحديات الحاصلة داخل الشركة التي تكون نتيجة ثانوية للتحديات البيئية آنفة الذكر؛ لذلك في ظل التحديات البيئية يُركَّز في عدة جوانب؛ ومنها تنوع قوة العمل وإدارة العلاقات الإنسانية ونظام المعلومات المُحوسَب.
3. تحديات فردية:
تتعلق بالجانب الشخصي للأفراد العاملين؛ كالقواعد والقيم الفردية وطموحات الموظفين وتطلعاتهم وتنقُّل الموظفين بين الشركات.
في الختام:
تُعَدُّ إدارة الموارد البشرية من أهم العمليات الإدارية الموجودة في مُختلَف الشركات، وتُعنى بالأفراد العاملين في الشركة؛ فهي العملية المسؤولة عن التوظيف واختيار الكفاءات التي تحتاج إليها كل وظيفة من وظائف الشركة، والمسؤولة عن التدريب وتحقيق الاستقرار الوظيفي ومن ثم التقييم لتحديد الحوافز والمكافآت التي يستحقها كل فرد من أفراد الشركة، وتحديد ما يحتاج إليه كل موظف من خبرات وما تحتاج إليه الشركة من كفاءات جديدة.
كما أنَّها العملية التي تساعد على تحديد المشكلات والصعوبات سواء الداخلية أم الخارجية، كما تساعد الإدارة على إيجاد الحلول المناسبة لها لتضمن بذلك سير العمل وتحقيق أعلى إنتاجية، كما يضمن ذلك إنشاء جو من التعاون بين الأفراد العاملين ليشعر الموظف بالرضى الذي يجعله يبذل قصارى جهده لتحقيق أهداف المؤسسة التي يعمل فيها.
أضف تعليقاً