ولادة ريد هاستينغز وتحصيله العلمي:
وُلِد "ريد هاستينغز" (Reed Hastings) في بوسطن بولاية ماساتشوستس في الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك في الثامن من شهر أكتوبر من العام 1960 ميلادي. درس في مدرسة باكينجهام براون ونيكولز في كامبريدج بعد حصوله على الشهادة الثانوية في العام 1978 ميلادي.
درس الرياضيات في جامعة بودين، وتمكَّن من الحصول على جائزة سميث في العام 1981 ميلادي، وجائزة هاموند في العام 1983 ميلادي، ولم يكتفِ بذلك؛ بل التحق بجامعة ستانفورد وتخرج منها في عام 1988 ميلادي حاصلاً على شهادة الماجستير في علوم الكمبيوتر، وذلك بعد أن التحق بفيلق السلام لبعض الوقت.
بداية مسيرة ريد هاستينغز المهنية:
بعد تخرُّج ريد هاستينغز بدأ حياته المهنية في العمل في شركة "Adaptive Technology"، وخلال فترة عمله فيها تمكن من إغناء مسيرته المهنية من خلال تعلمه قيمة التركيز من الرئيس التنفيذي للشركة آنذاك "أودري ماكلين".
وفي العام 1991 ميلادي قرر ريد إنهاء عمله في هذه الشركة، وإنشاء شركته الخاصة التي كانت مختصة بإنتاج منتجاتٍ لاستكشاف الأخطاء البرمجية تحت مسمى "Pure Software"، وأخذت الشركة بالنمو بشكلٍ غير متوقع.
ومن الأمور التي ساعدته على أن يصبح رجل أعمالٍ أفضل -كما صرَّح- هي رفض مجلس إدارة الشركة انسحابه من رئاسته، بعد أن قدَّم طلباً بالانسحاب نتيجة الصعوبات الكبيرة التي واجهته في الإدارة.
وبعد النمو الذي حققته الشركة، اندمجت مع شركة "Atria Software"، وذلك في العام 1996 ميلادي، كما أنَّها تمكنت من الحصول على شركة "Rational Software"، وقد وقع الاختيار على ريد ليصبح هو كبير المسؤولين الفنيين في الشركتين، ولكنَّ ذلك لم يستمر طويلاً بسبب الإجراءات البيروقراطية المتزايدة؛ فقرر المغادرة.
فكرة تأسيس شركة "نتفليكس" (Netflix):
في العام 1997 ميلادي استأجر ريد فيلم "أبولو 13" من متجر محلي تابع لشركة "بلوكبستر"، وهي شركة تؤجِّر أشرطة فيديو من نوعية "في إتش إس" لمشاهدة الأفلام في المنزل، ولكن من حسن الحظ أنَّه أضاع الشريط، فقام المتجر بفرض غرامةٍ ماليةٍ عليه قيمتها 40 دولاراً أمريكياً.
وهذه الغرامة هي التي غيرت حياة ريد، وجعلته يبحث عن خدمة يمكن من خلالها تأجير الأفلام عن طريق البريد العادي، إلى أن أخبره صديقه "مارك راندولف" عن أقراص الـ "دي في دي"، فقررا أن يؤسسا موقع إلكتروني يسمح للناس استئجار أفلام "دي في دي" وشرائها من منازلهم بكل سهولةٍ ويُسر.
والذي شجعهم على هذه الفكرة أنَّ أقراص الـ "دي في دي" هذه ذات حجم ووزن صغيرين، كما أنَّ إيصالها بالبريد لا يُكلِّف الكثير من المال، ولكي يعطي "ريد" هذا المشروع انطلاقةً قوية قرر استثمار مبلغ قدره 2.5 مليون دولار، وبدأت الشركة عملها في الأول من شهر أبريل من العام 1998 ميلادي، ولم يكن لديها سوى ثلاثين موظفاً فقط، ولم تكن تملك سوى 900 فيلماً للإيجار، وكانت تكلفة استئجار أي فيلم 4 دولارات فقط مضافاً إليها دولارين أجرة الشحن، وكانت مدة الاستئجار أسبوعاً كاملاً.
ولكنَّ أهم عقبة واجهت ريد هي أنَّ الأجهزة التي تُشغِّل الـ "دي في دي" كانت غالية جداً في ذلك الوقت، لدرجة أنَّ 1% فقط من الأمريكيين يمتلكونها، فعمل ريد على التعاون مع شركات تصنيع هذه الأجهزة والحواسيب، مثل: أبل، وتوشيبا، وإتش بي، وبالفعل تمكن من بيع 10 آلاف نسخة "دي في دي" كان يتضمن تسجيل شهادة الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون في قضية علاقته مع مونيكا لونيسكي، وذلك في شهر سبتمبر من العام 1998 ميلادي.
وبعد ذلك جاءت العقبة الكبيرة الثانية عندما قامت شركة "أمازون" ببيع أفلام الـ "دي في دي" عبر الإنترنت، كما ركزت على تأجير الأفلام، وبفضل استراتيجيتها التسويقية المتميزة وصلت قاعدة المشتركين إلى 250 ألف، وبمعدل 100 ألف طلب أسبوعياً، ولكن ريد لم يستسلم وتعاقد مع شركات إنتاج سينمائي مثل: "وارنر بروس"، و"كولومبيا"، لعرض أفلامهم حصرياً ولأول مرة على موقع الشركة الإلكتروني، وبهدف تسريع عملية توصيل الطلبات، قام ريد بافتتاح مراكز توزيع في كلٍ من: أتلانتا، ونيويورك، ولوس أنجلوس، وهيوستن، وبوسطن.
وفي العام 2000 ميلادي، عرض ريد على شركة "بلوك باستر" شراء ما يعادل 49% من شركة نتفليكس لكنَّ الشركة رفضت العرض، وفي العام 2002 ميلادي، تمكنت الشركة من إقامة علاقات تعاون مع 45 شركة توزيع أفلام، فأصبح لديها قاعدة مشتركين متضمنة 670 ألف مشترك، وفي العام 2005 أصبحت مكتبتها تحتوي على 35 ألف فيلم، وتشحن حوالي مليون قرص مدمج بالبريد يومياً، كما أصبح لشركة نتفليكس 4.5 ملايين مشترك.
وفي العام 2010 ميلادي ومع توسُّع شبكة الإنترنت وزيادة سرعتها، قامت الشركة بإطلاق خدمة فريدة من نوعها، وهي خدمة "بث أفلام الفيديو عند الطلب"، وساعدتها هذه الخدمة على ارتفاع عدد مشتركيها ليصل إلى 16 مليون مشترك في فترةٍ وجيزة.
وبعد ذلك فكر ريد في التوسع خارج حدود الولايات المتحدة الأمريكية، وبالفعل في شهر سبتمبر من العام ذاته قُدِّمت خدماتها في كندا، ولم يكتفِ ريد بذلك؛ بل بدأ بإنتاج المسلسلات، وكان أول مسلسل أنتجته الشركة هو مسلسل "بيت البطاقات"، وقد حقق المسلسل نجاحاً باهراً، حيثُ رُشِّح 8 مرات لجوائز إيمي، وفاز بـ 3 منها، وتضاعفت قيمة أسهم الشركة ثلاث مرات مع نهاية العام 2013 ميلادي.
وفي شهر أغسطس من العام 2015 ميلادي، ارتفعت أسهم الشركة إلى أعلى مستوياتها، وفي العام 2017 ميلادي زادت عائدات شركة نتفليكس على 11 مليار دولار؛ حيثُ بلغت أرباحها حوالي 559 مليون دولار.
وبحلول شهر يناير من العام 2018 ميلادي أصبح عدد المشتركين 117.8 مليون مشترك حول العالم، من بينهم 54.75 مليون مشترك في الولايات المتحدة الأمريكية وحدها. كما وصلت القيمة السوقية للشركة في الشهر نفسه حوالي مئة مليار دولار، ومن الإنجارات الكبيرة لشركة نتفليكس أنَّ خدمتها أصبحت موجودة بشكل أساسي في كافة أجهزة التلفاز الذكية الموجودة في الأسواق الحالية.
وبذلك أعزاءنا القراء نكون قد قدمنا لكم أهم محطات نجاح شركة نتفليكس.
أضف تعليقاً