قد يواجه بعض الآباء صعوبة في إعالة أطفالهم بسبب ظروف مثل الفقر أو الإدمان أو المرض العقلي، ويعرف الإهمال في تربية الأطفال على أنه الفشل المستمر في تلبية احتياجات الطفل الأساسية، وهو أكثر الأشكال انتشاراً لسوء معاملة الأطفال.
ويمكن أن يتسبب الإهمال في ترك الطفل جائعاً أو متسخاً، أو بدون ملابس مناسبة أو مأوى أو إشراف أو رعاية صحية، وهذا ما يمكن أن يعرض الأطفال والشبان للخطر، ويمكن أن يكون له تأثيرات طويلة الأمد على صحتهم الجسدية والنفسية. تابعوا معنا في هذا المقال لنتعرف أكثر عنه.
ما هو الإهمال في تربية الأطفال؟
الإهمال في تربية الأطفال هو واحد من أكثر أشكال الإساءة للأطفال انتشاراً، حيث يمكن أن يؤثر ذلك على الصحة الجسدية والنفسية للطفل ويمكن أن يؤدي إلى عواقب ضارة طويلة الأمد.
ويُشار إلى أن إهمال الأطفال ينبع من العديد من القضايا المعقدة، بما في ذلك الصحة العقلية للوالدين والفقر وتعاطي المخدرات والكحول.
ووفقاً لمكتب الأطفال التابع لوزارة الصحة والخدمات الإنسانية، حوالي 678,000 طفل في البلاد يعتبرون ضحايا للإساءة أو الإهمال في عام 2018، وكان نحو 60.8٪ منهم يعانون من الإهمال. وعلاوة على ذلك، قدر المكتب أن 1,770 طفلاً توفوا في عام 2018 نتيجة للإساءة أو الإهمال.
هذا ويُعرّف قانون الوقاية من سوء معاملة الأطفال وعلاجهم الفيدرالي (CAPTA) الإهمال قانونياً كـ "أي فعل حديث أو فشل في التربية من قبل الوالدين أو الراعي الذي يشكل خطراً وشيكاً للطفل".
أنواع الإهمال في تربية الأطفال
عند التفكير في الطفل الذي يتعرض للإهمال، قد يتبادر إلى الذهن صورة لطفل يجوع أو يترك في المنزل لفترات طويلة. ولكن الإهمال يظهر بأشكال متعددة، فوفقاً لمكتب الأطفال في وزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية، هناك عدة فئات أساسية للإهمال، بما في ذلك:
1. الإهمال التعليمي
عدم تسجيل الطفل في المدرسة، والسماح للطفل بتفادي المدرسة بانتظام، أو تجاهل احتياجات التعليم الخاصة للطفل.
2. الإهمال العاطفي
تعريض الطفل للعنف المنزلي أو استخدام المواد الكيميائية، أو عدم توفير الحنان أو الدعم العاطفي.
3. الإشراف غير الكافي
ترك طفل غير القادر على العناية بنفسه في المنزل وحده، وعدم حماية الطفل من المخاطر، أو ترك الطفل مع رعاة غير كفؤين.
4. الإهمال الطبي
رفض أو تأخير العلاج الطبي الضروري أو الموصى به.
5. الإهمال الجسدي
عدم العناية بالاحتياجات الأساسية للطفل مثل النظافة والملابس والتغذية أو المأوى، أو التخلي عن الطفل.
تأثيرات الإهمال في تربية الأطفال
يغير الإهمال مرحلة الطفولة، فالأطفال الذين تعرضوا للإهمال قد يعانون من تأثيرات قصيرة وطويلة الأمد، ويمكن أن تشمل هذه الآثار:
- مشاكل في تطور الدماغ.
- المخاطرة، مثل الهروب من المنزل، استخدام المخدرات والكحول، أو ارتكاب مخالفات قانونية.
- الدخول في علاقات خطرة.
- صعوبة في العلاقات لاحقاً في الحياة، بما في ذلك مع أطفالهم لاحقاً.
- ارتفاع فرصة الإصابة بمشاكل صحية عقلية، بما في ذلك الاكتئاب.
من هم في خطر التعرض لإهمال في التربية؟
يمكن أن يتعرض أي طفل للإهمال، ولكن بعض الأطفال والشبان في خطر أكبر من غيرهم. يشمل ذلك الأطفال الذين:
- من وُلدوا قبل الأوان.
- من لديهم إعاقة.
- من لديهم احتياجات صحية معقدة.
- من في دور رعاية الأطفال.
- الأطفال اللاجئون.
كما أن المشاكل الأخرى وظروف الحياة يمكن أن تجعل من الصعب على الآباء والرعاة تلبية احتياجات أطفالهم، مما يعرض الطفل لخطر الإهمال.
شاهد بالفيديو: أهم النصائح لحماية الطفل من المشاكل النفسية
عواقب الإهمال في تربية الأطفال
الإهمال يؤثر على التنمية والصحة العامة للطفل، ويترتب عنه عواقب جسدية ونفسية وسلوكية، وحتى إذا تم نقل الطفل خارج الوضع السيء، يمكن أن تستمر عواقب الإهمال لفترة طويلة وقد تؤدي إلى ظهور سلوكيات ذات مخاطر عالية مثل تعاطي المواد المخدرة.
1. مشاكل الصحة والتطور
قد يؤدي سوء التغذية إلى التأثير على تطور الدماغ، كما قد يؤدي نقص اللقاحات والتحصينات والمشاكل الطبية إلى مجموعة من الحالات الصحية.
حيث اكتشفت هيئة المسح الوطني لرفاهية الطفل والمراهق أن 50.3٪ من الأطفال عانوا من احتياجات الرعاية الصحية الخاصة خلال ثلاث سنوات بعد نقلهم بعيداً عن الإهمال.
2. تشوهات إدراكية
قد يؤدي نقص التحفيز المناسب إلى مشاكل فكرية مستمرة، فقد يواجه الأطفال الذين يعانون من تاريخ من الإهمال مشكلات أكاديمية أو تأخر في التطور اللغوي أو وجود عيوب فيه.
3. مشاكل عاطفية
يمكن أن يؤدي الإهمال إلى مشاكل في التماسك العاطفي، ومشاكل في تقدير الذات، وصعوبة في الثقة بالآخرين.
4. مشاكل اجتماعية وسلوكية
الأطفال الذين يتعرضون للإهمال قد يواجهون صعوبة في تطوير علاقات صحية، وقد يعانون من اضطرابات السلوك أو اضطراب الارتباط الاجتماعي.
حيث أظهرت بيانات NSCAW أن أكثر من نصف الأشخاص الذين تعرضوا للإساءة في الطفولة كانوا عرضة لخطر لتعاطي المخدرات، أو السرقة، أو التغيب عن المدرسة، أو الحمل خارج إطار الزواج.
ووفقاً لوزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية، ما يقارب 75٪ من جميع الوفيات المرتبطة بسوء معاملة الأطفال كان بسب الإهمال، وكانت الحوادث القاتلة الناتجة عن الإهمال على الأرجح عند الأطفال دون سن السابعة، وغالباً ما تنبع وفيات الإهمال من نقص في الإشراف، أو الإهمال الجسدي المستمر، أو الإهمال الطبي.
علامات الإهمال
يمكن أن يكون من الصعب رؤية الإهمال، ووجود إحدى العلامات لا يعني بالضرورة أن الطفل يتعرض للإهمال، ولكن إذا لاحظت عدة علامات تدوم لفترة طويلة، فقد يشير ذلك إلى وجود مشكلة خطيرة.
وفيما يلي أبرز العلامات التي تدل على أن الأطفال والشبان يتعرضون للإهمال:
1. مظهر غير مرتب أو نظيف
- رائحة كريهة أو اتساخ.
- الجوع أو عدم توفر المال للطعام.
- الملابس غير المغسولة.
- وجود طفح حفاضات متكرر وغير معالج لدى الرضع.
2. مشاكل الصحة والتطور
- فقر الدم.
- قضايا الجسم، مثل ضعف اللياقة العضلية أو المفاصل البارزة.
- مشاكل طبية أو في الأسنان.
- تفويت مواعيد العيادات الطبية، مثل التطعيمات.
- عدم توفر الأدوية الصحيحة.
- لغة أو مهارات اجتماعية ضعيفة.
- الإصابة بالمرض بانتظام أو الإصابة بالعدوى.
- الإصابة المتكررة بالحوادث العرضية، غالباً ما تكون ناجمة عن نقص في الإشراف.
- مشاكل الجلد، مثل القروح والطفح الجلدي ولدغات البراغيث والجرب أو القوباء.
- بطن نحيفة أو منتفخة.
- التعب.
- الإصابات غير المعالجة.
- مشاكل الوزن أو النمو.
شاهد بالفيديو: 8 ممارسات لتزرع الثقة في نفس طفلك
3. مشاكل السكن والعائلة
- العيش في بيئة غير مناسبة، مثل عدم وجود تدفئة.
- تركهم وحدهم لفترة طويلة.
- لعب دور الراعي لأفراد العائلة الصغار الآخرين.
4. تغيير في السلوك
- الالتصاق.
- العدوانية.
- الانسحاب، الاكتئاب أو القلق.
- تغييرات في عادات الأكل.
- سلوك هوسي.
- صعوبة التركيز أو المشاركة في الأنشطة.
- التغيب عن المدرسة.
- علامات الإيذاء الذاتي.
- استخدام المخدرات أو الكحول.
5. إذا كشف الطفل عن التعرض للإساءة
قد لا يدرك الطفل الذي يتعرض للإهمال ما إذا كان ما يحدث له خاطئ أما لا، وقد يلوم نفسه حتى. إذا تحدث الطفل إليك عن الإهمال، فمن المهم:
- الاستماع بعناية إلى ما يقوله.
- إخباره بأنه فعل الشيء الصحيح بإخبارك.
- إخباره بأنه ليس ذنبه.
- قل له إنك ستأخذ الأمور بجدية.
- عدم مواجهة الشخص المتهم.
- شرح ما ستقوم به بعد ذلك.
- الإبلاغ عن ما قاله الطفل لك في أقرب وقت ممكن.
علاج الإهمال في تربية الأطفال
يجب تقديم تقرير لأية قضية إهمال، عند تقديمه، سيتصل بك العامل الاجتماعي أو وكيل خدمات حماية الطفل لترتيب مقابلة أو زيارة مع العائلة، حيث إن مسؤوليتهم الرئيسية هي ضمان سلامة الطفل، وفي بعض الأحيان، يمكنهم زيادة مستوى السلامة وتقليل الإهمال ببساطة من خلال توفير الموارد وتثقيف العائلة.
وفي حالات أخرى، قد يحتاج الأطفال للانتقال إلى بيئة أخرى لمنع حدوث المزيد من الأذى. على سبيل المثال، يمكن وضع الطفل في دار رعاية أو مع أحد الأقارب الذين يمكنهم توفير الرعاية الكافية.
كما يمكن لهؤلاء المحترفين بعد ذلك المساعدة في تقديم التدخلات المناسبة، مثل الخدمات الطبية أو الرعاية الطبية أو الخدمات التعليمية. وبعدها تحال القضية إلى المحكمة العائلية أو الجنائية من قبل العامل الاجتماعي أو الوكيل.
وبعد معالجة القلق الفوري، يتم تقييم احتياجات كل طفل لتحديد أي نوع من التدخل قد يكون مفيداً. على سبيل المثال، قد يكون علاج الصحة العقلية مفيداً للطفل الذي يتعرض للإهمال.
هذا وقد يستفيد الأطفال الذين تعرضوا للإساءة من خدمات علاجية لمساعدتهم في التعامل مع عواطفهم، وسلوكياتهم، أو مخاوفهم. وبالمثل، يمكن أيضاً تقديم علاج للرعاة، مثل علاج إدمان المخدرات أو جلسات علاج الصحة النفسية، لمساعدتهم على تجهيز أنفسهم بشكل أفضل للعناية بأطفالهم.
في الختام
يبرز الإهمال في تربية الأطفال كظاهرة خطيرة تترك آثاراً عميقة على الطفل، سواءً في الجانب الجسدي أو النفسي أو الاجتماعي، ويتطلب التصدي لهذه المشكلة التعاون الشامل بين المجتمع والجهات الرسمية، حيث يجب توفير الدعم والتدخل الفعّال للعائلات المعنية.
وبالتركيز على التوعية وتوفير الموارد، يمكننا جميعاً المساهمة في خلق بيئة آمنة وداعمة لنمو الأجيال الصاعدة، وضمان حق كل طفل في النمو والتطور السليم.
أضف تعليقاً