إنَّ تربية طفلٍ ذي احتياجاتٍ خاصَّة رحلةٌ مليئةٌ بالتحدِّيات والتَّجارب الفريدة المُضافة إلى الرِّحلة التربوية التقليدية، الأمر الذي يجعلها تتطلَّب صبراً ودعماً إضافيين، فما هي التحدِّيات الإضافيَّة التي يواجهها الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة؟ لنعرف معاً في هذا المقال.
التحدِّيات العاطفيَّة لتربية طفل ذي احتياجات خاصة:
تربيةُ طفلٍ ذي احتياجاتٍ خاصة رحلةٌ مليئةٌ بالتحدِّيات والتَّجارب، فإلى جانب الصُّعوبات العمليَّة والحياتيَّة المُعتادة، يواجهُ الآباء والأمَّهات أيضاً العديد من التحدِّيات العاطفيَّة والنَّفسية.
إليك فيما يلي بعض التحدِّيات العاطفيَّة الشَّائعة التي قد يواجهها الآباء والأمهات عند تربية طفلٍ ذي احتياجات خاصة:
1. مشاعر الذَّنب:
قد يشعرُ بعضُ الآباء والأمَّهات بالذَّنب لعدم قدرتهم على توفير احتياجات طفلهم المتعدِّدة كلِّها، أو لاعتقادهم أنَّهم لم يبذلوا ما يكفي من الجُّهد، وقد ينشأ هذا الشُّعور من مقارنةِ أنفسهم بآباءٍ آخرين، أو من الشُّعور بأنَّهم مسؤولون عن إعاقة طفلهم.
2. مشاعر الحزن:
قد يشعرُ بعضُ الآباءِ والأمَّهات بالحزنِ على ما فاتهم من فرصٍ، أو على ما قد لا يستطيعُ طفلهم تحقيقه بسبب إعاقته، وقد ينشأ هذا الشُّعور من الحزنِ على صورة الحياة التي تخيَّلوها لطفلهم قبل ولادته.
3. مشاعر الغضب:
قد يشعرُ بعض الآباء والأمَّهات بالغضب من إعاقة طفلهم أو من الظُّلم الذي قد يتعرَّض له، وقد ينشأ هذا الشُّعور من الإحساس بالعجز، أو من الشُّعور بأنَّ احتياجات طفلهم تُثقلُ كاهلهم.
4. مشاعر الخَوف:
يشعرُ بعضُ الآباء والأمَّهات بالخوف من المستقبل ومن كيفيَّة رعاية طفلهم عندما يكبر، وقد ينشأ هذا الشُّعور من الخوف من المجهول، أو من الشُّعور بعدم اليقين بخصوص ما يخبِّئه المستقبل لطفلهم.
5. مشاعر العُزلة:
يشعرُ بعضُ الآباء والأمَّهات بالعُزلة عن العائلة والأصدقاء؛ لأنَّهم قد لا يفهمون ما يمرُّون به، وقد ينشأ هذا الشُّعور من إحساسهم بالاختلاف عن الآخرين، أو من الشُّعور بعدمِ وجودِ مَن يفهمهم.
6. مشاعر الإرهاق:
قد يشعرُ بعضُ الآباء والأمَّهات بالتَّعب والإرهاق من مسؤوليَّة رعاية طفل ذي احتياجاتٍ خاصة، ومنشأ هذا الشعور: قلَّة النوم، وكثرة المهام، والشُّعور بعدم وجود وقت كافٍ لأنفسهم.
إنَّ تربية طفل ذي احتياجات خاصة هي تجربة فريدة جداً رغم هذه التحدِّيات التي ذكرناها، ويمكنُ للأطفالِ ذوي الاحتياجات الخاصة مع الصَّبر والحبِّ والدَّعم أن يعيشوا حياةً سعيدةً ومُثمرةً.
التحدِّيات الاجتماعيَّة لتربية طفل ذي احتياجات خاصة:
إليك فيما يلي بعض التحدِّيات الاجتماعيَّة الشَّائعة التي قد يواجهها الآباء والأمَّهات عند تربية طفل ذي احتياجات خاصة:
1. التمييز:
قد يتعرَّضُ الأطفال ذوو الاحتياجات الخاصة للتحيُّز والتمييز في مختلف جوانب حياتهم، من التَّعليم إلى الرِّعاية الصحيَة إلى فرص العمل، وقد يواجهُ الآباءُ والأمَّهات صعوبةً في الحصول على الخدمات والموارد التي يحتاجها أطفالهم بسبب التمييز.
2. قلَّة الوعي:
قد لا يُدرك المجتمع والأفراد احتياجات وتحدِّيات الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، وقد يؤدِّي ذلك إلى سوءِ الفهم والتحيُّز وعدم التَّعاطف، وقد يُهين أفرادُ المجتمع غير الواعين الأطفالَ من غير قصد، أو ربما قد يتعاملُ أطفالُهم مع أقرانهم من ذوي الاحتياجات الخاصة بطريقةٍ خاطئة؛ بسبب عدم تربيتهم تربيةً مُثلى من قِبَل ذويهم، وعدم تعليمهم طريقة التَّعامل مع أصدقاء من ذوي الاحتياجات الخاصة.
3. صُعوبة التواصل:
قد يواجهُ بعضُ الأطفالِ من ذوي الاحتياجات الخاصة صعوبةً في التَّواصُل مع الآخرين، وهذا قد يؤدِّي إلى الشُّعور بالعزلة والوحدة، وقد يواجه الآباء والأمَّهات صعوبةً في فهم أطفالهم والتَّواصُل معهم بسبب صُعوبات التَّواصُل.
4. صعوبات في بناء العلاقات:
قد يواجهُ الأطفالُ ذوو الاحتياجات الخاصة صعوبةً في بناء العلاقات مع أقرانهم ومع الآخرين، وقد ينشأ ذلك من صعوبات التَّواصل، أو من التحيُّز، أو من قلَّة الوعي وينعكس ذلك على ذويهم، فيفضُّلون بدورهم التقوقع على أنفسهم والانغلاق والانكماش عن المحيط، وتجنُّب بناء علاقات مع الآخرين؛ لتجنيب أطفالهم هذا الحرج أو القلق الاجتماعي من قبول الآخرين لهم.
5. الشعور بالضَّغط الاجتماعي:
قد يشعرُ الآباء والأمهات بالضَّغط الاجتماعي لتحقيق العلاقة الطبيعية مع أطفالهم، وقد يؤدِّي ذلك إلى الشُّعور بالذَّنب والإحباط وعدم الكفاءة.
شاهد بالفيديو: أساليب التعامل الناجح مع الطفل المتوحد
التحدِّيات الماليَّة لتربية طفل ذي احتياجات خاصة:
إلى جانب الصُّعوبات العمليَّة والعاطفيَّة والاجتماعيَّة التي يواجهها الأطفال ذوو الإعاقة، يواجه الآباء والأمَّهات أيضاً العديد من التحدِّيات الماليَّة.
إليك فيما يلي بعض التحدِّيات الماليَّة الشَّائعة التي قد يواجهها الآباء والأمهات عند تربية طفل ذي احتياجات خاصة:
1. تكاليف العلاج:
قد تكون تكاليفُ علاج وتأهيل الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة باهظةَ الثَّمن، وتشملُ هذه التَّكاليف: العلاجَ الطَّبيعي، والعلاجَ المِهَني، والعلاج النُّطقي، وخدمات التعليم الخاص.
2. تكاليف الأدوية:
قد يحتاجُ بعضُ الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة إلى أدويةٍ باهظةِ الثَّمن؛ للتحكُّمِ في أعراضِ حالتهِم، وقد لا تُغطِّي التَّأمينات الصحيَّة تكاليف هذه الأدوية.
3. تكاليف المُعدَّات:
قد يحتاجُ بعضُ الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة إلى مُعدَّاتٍ مُتخصِّصة مثل الكراسي المُتحرِّكة أو أجهزة المُساعدة السمعيَّة أو أجهزة الكمبيوتر، وقد تكون تكلفةُ هذه المعدَّات باهظة الثَّمن، وقد لا تُغطِّيها التَّأمينات الصحَّية.
4. تكاليف الرِّعاية:
قد يحتاج بعضُ الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة إلى رعايةٍ على مدار السَّاعة أو رعاية خاصَّة، وقد تكون تكلفة هذه الرِّعاية باهظة الثمن.
5. تكاليف التَّعليم:
قد يحتاجُ بعضُ الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة إلى تعليمٍ خاصٍّ في مدارس مُتخصِّصة، وقد تكون تكلفة هذه المدارس باهظة الثمن، ولا تغطِّيها التَّأمينات الحكوميَّة.
6. فقدان الدَّخل:
قد يضطرُّ أحد الوالدين إلى التخلِّي عن عمله، أو تقليل ساعات العمل لرعاية طفله ذي الاحتياجات الخاصة، وهذا بالتأكيد سوف يؤدِّي إلى فقدان الدَّخل وصعوبات ماليَّة.
نصائح لتربية طفل ذي احتياجات خاصة:
إليك فيما يلي بعض النصائح التي قد تساعدُ الآباءَ والأمَّهات على تربية أطفالهم ذوي الاحتياجات الخاصة:
1. تَعلَّم كلَّ ما يمكنك معرفته عن احتياجات طفلك:
كلَّما زاد فهمك لإعاقة طفلك تمكَّنتَ من توفير الدَّعم المناسب له، فابحَث عن المعلومات من مصادرَ موثوقة، وتحدَّث إلى المُختصِّين، والآباء الآخرين الذين لديهم حالات مُشابهة لحالة طفلك.
2. حَدِّد أهدافاً واقعيَّة لتطوُّر طفلك:
يجبُ أن تحدِّدَ أهدافاً قابلةً للتحقيق؛ لتطوِّرَ طفلك، سيساعدك هذا على تتبع تقدُّمه، والاحتفاء بإنجازاته.
3. اطلُب الدَّعم:
لا تتردَّد في طلبِ المُساعدة من العائلة والأصدقاء والمُختصِّين، فهناك العديد من الموارد المُتاحة لدعم الآباء والأمَّهات الذين يُربُّون أطفالاً ذوي احتياجات خاصة.
4. اعتنِ بنفسك:
يجبُ أن تعتنيَ بنفسك جسديَّاً وعاطفيَّاً؛ لتتمكَّنَ من رعاية طفلك على أكمل وجه، فتأكَّد من الحصول على قسطٍ كافٍ من النوم، وتناوَل الطَّعام الصحيَّ، ومارِس الرياضة، واقضِ بعض الوقت في ممارسة الاسترخاء.
5. تواصَل مع طفلك:
تحدَّث إليه، واقرَأ له، والعَب معه، واستمِع إليه، فسيساعدك هذا التَّواصل على بناء علاقةٍ قويَّةٍ مع طفلك.
6. كُن صبوراً:
قد يستغرقُ طفلك وقتاً أطول ليتعلَّمَ المهارات ويحقِّق الأهداف مقارنةً بالأطفال الآخرين؛ لذا كُن صبوراً وداعماً، وشجِّع طفلك على بذلِ قصارى جهده.
7. احتفِ بإنجازات طفلك:
احتفِ بكلِّ إنجازٍ يحقِّقه طفلك مهما كان صغيراً، فهذا سيساعد على تعزيزِ ثقته بنفسه، و تحفيزه على الاستمرار في التعلُّم و النُّمو.
8. تذكَّر أنَّ كلَّ طفلٍ مختلف عن الآخر:
لا تقارِن طفلك بالأطفال الآخرين، ولا تنسَ أنّ كلَّ طفل لديه نقاط قوَّة ونقاط ضعفٍ، ويتعلَّم وينمو بسرعته الخاصة.
9. استمتِع برحلة الوالديَّة:
مع كل هذه التحدِّيات، فإنَّ تربية طفل ذي احتياجات خاصة هي تجربةٌ فريدةٌ وخاصة، فركِّز على اللحظات الإيجابيَّة، واستمتع بوقتك مع طفلك، وتذكَّر أنَّ الله يدرك أنَّك أهلٌ لهذا الاختبار؛ لذلك وضعك فيه.
في الختام:
إنَّ تربيةَ طفلٍ ذي احتياجات خاصة ليست تجربةً سهلةً على الإطلاق، ولقد نجح معظم الأهالي في تنشئة أطفالهم من ذوي الاحتياجات بأفضل صورةٍ ممكنة، وبعضهم الآخر قد تجاوز حقاً إعاقته، وحقَّق نجاحاً لم يحققه أقرانه الأصحَّاء.
تذكَّر أنَّ الله سبحانه وتعالى هو العدل، ومع أنَّه حرم أطفال ذوي الاحتياجات الخاصة من بعض النعم، إلا أنَّه قد عوَّضهم بنعمٍ أخرى، وهنا يكمن دور الأهل والمربين في اكتشاف نقاط القوَّة لدى أطفالهم من ذوي الاحتياجات الخاصة وتطويرها؛ ليحقِّقوا النَّجاح ويمارسوا دورهم في الحياة والمجتمع بكلِّ فاعليَّة.
أضف تعليقاً