وقبل دخول الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة في مُعْتَرَك الحياة الاجتماعيّة والثقافيّة والسياسيّة والاقتصاديّة وغيرها من الجوانب، لابدّ من تأهيلهم منذ الطفولة وتقديم الرعاية اللازمة لهم وتربيتهم بأساليب معيّنة تجعل منهم أشخاص ذوي قُدرات غير محدودة، وهذا يقع بالدرجة الأولى على ذويهم.
وفيما يلي سوف نتحدّث عن أساليب تربية الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة وطرق التعامل معهم.
1- من هم ذوي الاحتياجات الخاصة؟
عرَّفت منظمة الصحة العالمية الإعاقـة علـى أنّهـا: "حالـة مـن القُصـور أو الخلـل فـي القدرات الجسديّة أو الذهنيّة ترجع إلى عوامل وراثيّة أو بيئيّة تُعيق الفرد عن تعلُّـم بعض الأنشطة التي يقوم بها الفرد السليم المشابه له في السِّن".
وفي تعريف آخر: "هي إصابة الشخص بحالة ما تؤدي إلى الحد من قدرته على القيام بوظيفة واحدة أو أكثر من الوظائف التي تعد من أسس الحياة اليومية، كالعناية بالذَّات أو ممارسة العلاقات الاجتماعية أو النشاطات الاقتصادية، وذلك في نطاق الحدود الطبيعية.
2- ماهي أنواع الإعاقات؟
- إعاقة جسديّة: والتي تكون بفقدان الشخص جزء من أجزاء الجسـم أو أكثـر من جزء والذي يؤدي إلى التأثير على حركـته، أو حُدوث خلل بها كالشلل مثلاً.
- إعاقة حسِّية: بأن يَفقِد الشخص حاسة من حواسه أو أن يَحدُث نقص بها، مثل: الصَمم والعمى.
- إعاقة ذهنيّة: وتكون بفقدان العقل، أو حدوث نقص فيه (كالتخلُّف العقلي).
- إعاقة نفسيّة: وتكون من خلال آثار ظاهرة واضطرابات مثل: الانفصام، القلق.
ولابدّ من الإشارة أنّ الفرد قد يعاني من أكثر من نوع من الإعاقات في وقت واحد.
3- أساليب تربية الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة
تلعب الأسرة دوراً رئيسيّاً في تربية الطفل، حيث يقع على عاتقها تربيته تربية متوازنة لتنمية شخصيّته وتأهيله ليتمكّن من الاندماج بالمجتمع ومواجهة تحديات الحياة. وغالباً ما يصاب الأهالي بالحزن أو الخوف من كيفية التعامل مع الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة، أو حتى تقبُّل فكرة أنّ طفلهم من ذوي الاحتياجات الخاصة. ولذلك لا بد لهم أوّلاً من تقبل الأمر، ضرورة التعامل معه بجدية، وتقديم الرعاية اللازمة له.
- إنَّ أوّل وأهم خطوة في تربية الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة هي تحقيق تكيُّف الطفل داخل الأسرة والمجتمع في ظِل هذه الإعاقة، وتقبُّله لها مع ضرورة تقبل الأهل لها، وتوفير جو أُسَري متوازن يُسهم في تنمية قدرات وسلوك الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة. ويكون ذلك عن طريق الاستعانة بالمتخصّصين سواء بالعلاج النفسي أو الطبي لمساعدة الطفل.
- من أساليب التربية التي يجب على الأهل اتّباعها مع الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة تحقيق عمليّة إدماجه تعليمياً واجتماعياً وذلك من خلال تعليمه وإدخاله في مدارس خاصة، وتمكينه من الاندماج بالمجتمع والتفاعل معه عن طريق غرس سلوكيات معيّنة بداخله تحقّق هذا التفاعل.
- من أساليب التربية التي يجب على الأهل اتّباعها عدم عزل الطفل عن الناس والمجتمع وبشكل خاص عن أصدقائه، سواء كان ذلك خوفاً من ردود فعل الناس أو خجلاً من إعاقة الطفل أو حتّى من باب الخوف الزائد على الطفل، والمبادرة إلى دمجه مع المجتمع.
- يجب على الأسرة تقديم الدعم العاطفي للطفل من خلال محبّته والاهتمام به وإشعاره بالأمان وحمايته.
- من أساليب تربية الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة عدم المبالغة في تقديم العون له، وتعليمه كيفية الاعتماد على نفسه واستثمار قدراته المتاحة.
- من أساليب التربية التي يجب على الأهل اتباعها مع الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة الامتناع عن جعل الطفل محور العائلة فقط، وتدليله على حساب إخوته.
- يجب على الأهل عدم الاعتماد الكامل على إخوة الطفل في تحمل مسؤوليته وبشكل دائم فهم أيضاً لهم الحق ببعض الحرية، ولكن من جهة أخرى يجب أن تكون علاقتهم مع أخيهم مبنية على الحب والصدق دون استغلال من الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة أو منك كأم أو أب ودون أنانية من إخوته.
- من أساليب تربية الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة تدريبه على أُسُس ومُستلزمات الحياة اليوميّة.
- يجب أن يتعرّف الأهل على طبيعة إعاقة طفلهم بكل وجوهها ومضاعفاتها المُحتملة، وذلك عن طريق استشارة المتخصّصين.
- من أساليب التربية التي يجب على الأهل اتّباعها مع الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة تعزيز وجوده وإحساسه بشخصه، وتنمية ثقته بنفسه.
- يجب على الأهالي عند تربية الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة أن يتحلّوا بالصبر الكبير، وعدم اللجوء لتعنيف الطفل والقسوة عليه بالصّراخ، أو معاقبته إذا أخطاً بشكل فوري.
- تقديم الدعم والتشجيع والثناء على الطفل عند تحقيقه لنجاح أو إنجاز ما مهما كان صغيراً، وسواء كان هذا النجاح بعمل داخل المنزل أو في الخارج. حيث أنّ أساليب التحفيز هذه من شأنها تنمية قُدرات مهما كان نوع الإعاقة المُصاب بها.
- يجب معاملة الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة معاملة مُتَّزِنَة.
- يجب على الأهالي عدم إحاطة الطفل بالحماية الزائدة بحجّة أنّه من ذوي الاحتياجات الخاصة وأنّه يحتاج الحماية أكثر من إخوته العاديين لعجزه وضعفه، لأنّ ذلك من شأنه أن يُشعِرَه أنّه أدنى من الآخرين ويُعيق نمو شخصيته.
- يجب على الأهل اتّباع طرق أخرى لتعليم الطفل في حال عدم نجاح طريقة معيّنة معه.
- يجب على الأهالي تشجيع طفلهم على النجاح والطموح مع عدم رفع الطموحات لمستوى يفوق قدراته، كما يجب عليهم عدم تكليفه بمهام تفوق قدراته حتّى لا يُصاب بالإحباط.
- يجب على الأهل عدم إجراء المقارنات بين الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة وبين إخوته العاديين سواء كانت المقارنة بالسلبيّات أو الإيجابيّات.
- يجب عدم التحدث مع الآخرين عن إعاقة الطفل أو معاناته أمامه لكيلا يشعر بالعجز أو أنّه أقل من الآخرين.
- يجب على الأهل الاستعانة ببرامج تأهيليّة خاصة، والتي تُوفِّر أنشطة معيّنة للأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، مع ضرورة تنوّع هذه الأنشطة وعدم الاقتصار على نشاط واحد. فكل ذلك من شأنه أن يُسهِم باكتساب الطفل مهارات متنوّعة تحفّز قدراته، وتنمّي مواهبه، وتساعده على السيطرة على نوع الإعاقة المصاب بها.
- يجب مراقبة الأهل لسلوك الطفل (مظهره وانفعالاته) عند قدومه من روضة الأطفال مثلاً، واستفسار المعلمة عن طبيعة سلوكه، والتواصل معها للحصول على مساعدتها عن طريق تقديم الواجبات المنزليّة التي تكون مرتبطة بتربية الطفل ما قبل مرحلة المدرسة من خلال اللعب.
- تعليم الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة بالاستعانة ببعض الأدوات الخاصّة أو الأجهزة التي تساعده سمعيّاً وبصريّاً، أو استخدام الأدوات التعويضيّة في حال كان نوع الإعاقة حركيّاً.
- تخصيص مكان مُعيّن ليعلب فيه الطفل يحتوي على ألعابه المفضّلة، مع السماح له باختيارها، وتشجيعه على اللعب مع الآخرين.
- ومن أساليب تربية الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة تشجيعه على إبداء رأيه وتعزيز شخصيته المستقلّة، وفي حال كان الطفل يرغب بشيء غير مناسب يجب أن ترفض فقط دون أن تغضب أو تعاقبه، مع ضرورة تقديم التفسير والمبررات لإقناعه.
- في حال قام الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة بفعل ما غير مناسب أمام أشخاص آخرين يجب عدم تأنيبه أمامهم، بل التوضيح له أن ما قام به خاطئ ولكن بشكل خاص بينكما، وترشده للقيام بالتصرُّف الصحيح.
- تحدّث إلى طفلك عن يومه في الروضة مثلاً، أو عمّا يراه أثناء سيره في الطريق، أو عن أمور خاصة به، وأجب عن استفساراته قدر الإمكان.
- السماح له بالخروج مع أصدقائه، بعد أن يكون قد تمّ تأهيله طبيّاً وحركيّاً حيث يكون قد وصل لمرحلة من التوازن النفسي تؤهّله لذلك، ثمّ يجب أن نشجعه ونساعده ونسمح له بالخروج مع أصدقاءه أو أقاربه، مع وجود شخص راشد يتعهد بعنايته لحمايته من أيّ خطر في حال تطلّبت حالته ذلك.
- يجب على الأهل خلال تعاملهم مع الطفل، أن يتعاملوا معه على أنّه إنسان عادي وسوي، إذ يجب عدم إشعاره أنّه ذو حاجة لآخرين، أو أنّه معاق، فمن السلبي جدّاً نعته بذلك وآثاره سلبيّة جدّاً على الطفل.
- يمكن للأهل التحدّث مع أطفالهم وإخبارهم قصص أشخاص من ذوي الاحتياجات الخاص كانوا مُلهمين وقدوة حقيقيّة للعديد من الأشخاص حول العالم، وأثّروا بشكل مباشر في الحياة الإنسانيّة على المستوى السياسي والثقافي والاقتصادي والعلمي، كالأديب مصطفى صادق الرافعي، والرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت، والكاتبة هيلين كيلر، والموسيقي بيتهوفن، والرسام فنسنت فان جوغ الذي كان من أعظم الفنانين في العالم.
4- مراحل قد تمر بها أسرة الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة
إنّ ما سبق يدل على نقطة واحدة، وهي أنّ للأسرة دور كبير وفعال وأساسي في تأهيل الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة، وتنمية قدراته وشخصيّته من أجل تهيئته للاندماج بالمجتمع، وتقبُّل حالته. وقد تمر عائلة الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة بعدّة مراحل خلال حياتها معه:
- مرحلة الصدمة في البداية وذلك عند اكتشاف الإعاقة، أو عند حدوثها.
- مرحلة الإنكار وهي بمثابة رد فعل دفاعي يقوم به الأهل، من خلال تقليل درجة الإعاقة أو نكرانها، وذلك كوسيلة لتخفيف الألم والوقاية الذاتيّة والراحة النفسيّة.
- مرحلة الحزن والأسى على الطفل.
- مرحلة الغضب وإلقاء اللوم على الآخرين من قبل الوالدين كإلقاء اللوم على الطبيب المختص بمعالجة الطفل، أو المعلم الذي يقوم بتدريسه.
وغيرها من ردود الأفعال الطبيعيّة كالخجل والخوف والاكتئاب والقلق والتي تحدث بالتدريج للأهالي وبشكل متوقع، ثمّ نصل إلى المرحلة الأخيرة وهي مرحلة التكيُّف والتعايش مع الوضع الجديد، وتقبُّل الطفل بإعاقته والاعتراف بوجود الإعاقة. وقد لا يصل الوالدين لهذه المرحلة إلّا بعد معاناة قاسية وفترات صعبة.
وأخيراً فإنّ وعي الوالدين بالموضوع وأساليبهم في التعاطي معه، هو العامل الأساسي لتربية الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة تربية متوازنة وسليمة تخدم احتياجاته وتُنمّي قدراته، ولا بدّ أيضاً من ضرورة الإشارة لدور الدولة بمؤسساتها كافة في نشر الوعي، وإقرار كافة حقوق الاشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة، وتمكين دورهم في المجتمع ودمجهم فيه.
شاهد: أساليب التعامل الناجح مع الطفل المتوحد
أضف تعليقاً