نصائح في إدارة الوقت لزيادة إنتاجيتك - الجزء الثاني

تحدَّثنا في الجزء الأول من هذا المقال عن مفهوم المهمة الأصعب والأهم، وعن تقنيات لإدارة الوقت بفاعلية، وعن مهارات عامة لإدارة الوقت، وعن قوائم المهام، وعن إدارة الوقت في المكتب والبريد الإلكتروني، وكيفية إدارة الوقت بطريقة أفضل؛ وسنكمل في هذا الجزء، ونتحدَّث عن 4 أمور يجب تجنُّبها في إدارة الوقت، وتقنية ترتيب الأولويات لإدارة الوقت، و4 نصائح لإدارة الوقت بحيث تحقِّق التوازن بين حياتك المهنية والشخصية، فتابعوا معنا السطور القادمة.



نصائح في إدارة الوقت لأمور يجب تجنُّبها:

من الهام ألَّا تثق أبداً في الحظ عندما تخطِّط لمشروع ما؛ إذ لا يمكنك الاعتماد على الأمل بصفته استراتيجيةً، وتذكَّر كلمات "نابليون" عندما سُئِل عمَّا إذا كان يؤمِن بالحظ، حينها قال: "نعم، أؤمن بالحظ، أؤمن بسوء الحظ، وأعتقد أنَّني سأواجهه دائماً، لذلك أخطِّط وَفقاً لذلك".

توجد أربع مشكلات رئيسة في إدارة الوقت، ويمكن تجنُّب كل منها بإمعان النظر فيها قبل الشروع في مشروع جديد، وهي:

1. عدم تخصيص الوقت الكافي:

عدم تخصيص الوقت الكافي لاستكمال عمل يشتمل على مهام متعددة، وهذا هو السبب الرئيس لفشل المشاريع وخروج حياة بعض الأشخاص المهنية عن المسار، لأنَّهم يأملون أن يحصل الأفضل، ويثقون بالحظ، ولا يخصِّصون فترةً زمنيةً كافيةً لإكمال كل خطوة من خطوات المشروع، ونتيجة لذلك، يفشل المشروع.

2. توقع الأفضل:

المشكلة الثانية هي افتراض أنَّ كل شيء سيسير وفق الخطة؛ إذ ينبع كل فشل من وضع افتراضات خاطئة؛ لذا لا تفترض أبداً أنَّ كل شيء سيسير على ما يرام، بل افترض أنَّك ستواجه مشكلات، وامنح نفسك الوقت والموارد الكافية لحل هذه المشكلات، وضمان استمرار العمل على المشروع، وإنهائه في الموعد المحدد.

3. التسرع في الإنهاء:

المشكلة الثالثة في إدارة الوقت هي عندما تستعجل في إكمال المشروع بسبب نفاد الوقت أو المال، وبذلك ترتكب أخطاء، وتنجِز عملاً رديئاً، فتضطر إلى البدء من جديد لاستدراك الأخطاء وتقويمها، وقد يستغرق المشروع وقتاً أقل إذا أنجزته بتأنٍّ وثبات، بدلاً من الاضطرار إلى العجلة لاستكماله في اللحظات الأخيرة.

4. محاولة القيام بعدة أشياء في وقت واحد:

المشكلة الرابعة في إدارة المشروع هي محاولة القيام بعدة أشياء في وقت واحد، فينتهي بك الأمر بعدم فعل أي منها جيداً، فإمَّا أن تُحمِّل نفسك الكثير من المسؤوليات في وقت واحد، أو أن تُحمِّل الكثير من المسؤوليات لأشخاص آخرين، وفي كلتا الحالتين، تغفل عن أجزاء مختلفة من المشروع وأحياناً يضيع كل جهدك؛ لذا اعمل على المهام واحدة تلو الأخرى، وأنجز كل منها جيداً قبل الانتقال إلى المهمة التالية.

تقنية ترتيب الأولويات لإدارة الوقت:

كلما زاد الوقت الذي تستثمره في تحديد الأولويات قبل أن تبدأ المهمة، زادت سرعة إنجاز الأشياء الهامة، وكلما كانت المهمة أكثر أهمية وقيمتها أعلى بالنسبة إليك، زادت حماستك للتغلُّب على التسويف وبدء العمل.

"أول قانون للنجاح هو التركيز، وتوجيه كل الطاقات باتجاه هدف واحد، والاتجاه مباشرة نحوه، دون النظر إلى اليمين أو اليسار" - الشاعر "وليام ماثيوز" (William Matthews)

شاهد: 18 نصيحة لاستثمار الوقت بفاعلية

أداة إدارة الوقت: طريقة "أي بي سي دي إي" (ABCDE):

طريقة "أي بي سي دي إي" (ABCDE)، هي تقنية قوية لتحديد الأولويات يمكنك استخدامها كل يوم، وهي تقنية سهلة وفعَّالة لدرجة أنَّها تجعلك أحد أكثر الأشخاص كفاءة وفاعلية في مجال عملك، وتكمن قوتها في سهولتها، ولأنَّها تركِّز على ما يمكن فعله.

إليك كيفية تطبيقها: ابدأ بكتابة قائمة بكل ما عليك القيام به في اليوم التالي على ورقة، وبمجرد كتابة قائمة بجميع المهام التي يجب عليك إكمالها، ابدأ بتطبيق طريقة "أي بي سي دي إي" (ABCDE) عبر تصنيفها إلى:

1. المهام "أي" (A) هي الأهم:

تُعرَّف المهام "أي" (A) على أنَّها هامة جداً يجب عليك القيام بها، أو مهمة يمكن أن تكون لها عواقب وخيمة إذا فشلت في القيام بها، عواقب مثل: خسارة زبون هام، أو عدم إنهاء تقرير لرئيسك في العمل تحتاجه لاجتماع مجلس إدارة قادم.

فإذا كان لديك أكثر من مهمة تصنيفها "أي" (A)، يمكنك تحديد الأولوية لهذه المهام بتسميتها "أي-1" (A-1)، و"أي-2" (A-2)، و"أي-3" (A-3) وهكذا، بحيث تكون المهمة "أي-1" (A-1) هي أكبر وأهم مهمة.

2. المهام "بي" (B) لها عواقب ثانوية:

العنصر "بي" (B) هو مهمة يجب عليك القيام بها ولها عواقب، لكنَّها المهام الأقل أهمية في حياتك العملية، هذا يعني أنَّ شخصاً ما قد يكون غير سعيد أو سينزعج إذا لم تنجزها، لكنَّها ليست بأهمية المهمة "أي" (A) نفسها، على سبيل المثال، الرد على رسالة هاتفية غير هامة، أو مراجعة بريدك الإلكتروني هي مهام من الفئة "بي" (B).

إذ لا يجب عليك أبداً القيام بمهمة من الفئة "بي" (B) عندما يكون لديك مهمة من الفئة "أي" (A) غير منجزة، فلا ينبغي أبداً أن يشتِّت انتباهك مهمة متواضعة الأهمية عندما يكون لديك مهمة عالية الأهمية لم تنجزها بعد.

3. المهام "سي" (C) ليس لها عواقب:

المهمة "سي" (C) هي شيء سيكون من اللطيف القيام به، لكن لا توجد عواقب له على الإطلاق، سواء قمت به أم لا، على سبيل المثال، الاتصال بصديق، أو تناول القهوة، أو الغداء مع زميل في العمل، أو إكمال بعض الأعمال الشخصية خلال ساعات العمل، هذا النوع من النشاطات ليس له أي تأثير على الإطلاق في حياتك العملية.

لا يمكنك أبداً الشروع بالعمل على مهمة من الفئة "سي" (C) إذا كان لديك مهام من الفئة "أي" (A) أو "بي" (B) تنتظر إنجازها.

4. المهام "دي" (D) للتفويض:

النشاط "دي" (D) هو شيء يمكنك تفويضه إلى شخص آخر، ويجب عليك تفويض كل ما يمكنك به لأشخاص آخرين، وهذا يوفِّر لك مزيداً من الوقت لممارسة نشاطات من الفئة "أي" (A) التي تحدد إلى حدٍّ كبير المسار الكامل لحياتك المهنية.

5. المهام "إي" (E) التي تحتاج إلى إزالتها:

النشاط "إي" (E) هو شيء يجب عليك التخلُّص منه تماماً؛ إذ لا يمكنك التحكم بوقتك إلا إذا توقَّفت عن القيام بأشياء لم تعد ضرورية لك.

فالمفتاح لتطبيق طريقة "إي بي سي دي إي" (ABCDE) بنجاح هو أن تضبط نفسك الآن لتبدأ فوراً في المهمة "أي-1" (A-1)، والاستمرار في العمل عليها حتى تنجزها، والاستعانة بقوة إرادتك للمضي قدماً في العمل على أهم مهمة بالنسبة إليك.

قضاء وقتك في ممارسة نشاطات عالية القيمة:

قدرتك على التفكير في قائمة عملك وتحليلها لتحديد المهمة "أي-1" (A-1) هي نقطة الانطلاق إلى مستويات أعلى من الإنجاز، كما أنَّها تؤدي إلى زيادة احترام وتقدير الذات والفخر، وعندما تطور عادة التركيز على أهم المهام، ستنجز أكثر ممَّا ينجزه الآخرون من حولك.

ضع قاعدة لنفسك بألا تفعل شيئاً غير موجود في قائمتك، وإذا ظهرت مهمة أو مشروع جديد، فاكتبها في قائمتك، وحدِّد أولويتها قبل البدء بالعمل عليها، لأنَّك إذا كنت تتفاعل وتستجيب للمطالب المستمرة على وقتك، فسوف تفقد السيطرة على يومك بسرعة، وسينتهي بك الأمر بقضاء معظم وقتك في نشاطات منخفضة أو معدومة القيمة.

إذاً، راجع قائمة عملك الآن، وضع رمز "أي" (A) أو "بي" (B) أو "سي" (C) أو "دي" (D) أو "إي" (E) بجوار كل مهمة، ثمَّ حدِّد وظيفتك أو مشروعك الأهم وصنفه "أي-1" (A-1)، وابدأ العمل عليه على الفور، واضبط نفسك لكي لا تقوم بأي شيء آخر حتى تكتمل هذه المهمة، فهذه واحدة من أفضل أدوات إدارة الوقت التي يمكنك استخدامها.

تعدُّ سلوكات إدارة الوقت مسألة اختيار إلى حدٍّ كبير، لأنَّك تختار أن تكون فعَّالاً، أو تختار أن تكون غير منظَّم، تختار التركيز على المهام التي لها أعلى قيمة، أو تختار قضاء وقتك في النشاطات التي لن تعود بقيمة كبيرة على حياتك، تختار أن تكون إيجابياً، أو تختار أن تكون سلبياً، وأنت دائماً حرٌّ في اختيار نوعية حياتك.

إذ إنَّ نقطة البداية للتغلُّب على العادات السابقة، والقضاء على العوائق الذهنية لإدارة الوقت، هي أن تتخذ قراراً واضحاً لا لبس فيه لإدارة وقتك بكفاءة، ويجب أن يكون هدفك هو إدارة وقتك بكفاءة، بحيث تثير إعجاب الناس، وتصبح نموذجاً يُحتذى به في عادات العمل.

شاهد: كيف تتقن فن إدارة الوقت؟

إدارة الوقت لتحقيق التوازن بين الحياة المهنية والشخصية:

إيجاد التوازن بين الحياة المهنية والشخصية أمر بالغ الأهمية، وإدارة الوقت هي طريقة رائعة لتحقيق ذلك.

فيما يأتي 4 نصائح لإدارة الوقت، بحيث تحقق التوازن بين حياتك المهنية والشخصية.

1. استخدم عبارات التشجيع الإيجابية:

النصيحة الأولى هي استثمار قوة عبارات التشجيع الإيجابية؛ إذ يمكن أن تغيِّر الإيجابية نوعية حياتك، وأول الأساليب لبرمجة عقلك الباطن هو "الحديث الذاتي الإيجابي"، أو استخدام عبارات التشجيع الإيجابية، التي تعمل بصفتها أوامر تنقلها من عقلك الواعي إلى عقلك الباطن، فإمَّا أن تقول عبارات التشجيع الإيجابية بصوت عالٍ، أو تقولها لنفسك بشغف وحماسة حتى تصل الكلمات إلى عقلك الباطن بصفتها أوامر.

ردِّد عبارات التشجيع الإيجابية هذه مراراً وتكراراً: "أنا ممتاز في إدارة الوقت"، "أنا أستفيد من وقتي جيداً"، أي أمر أو عبارة تشجيع إيجابية تكررها مراراً وتكراراً بإيمان سيقبلها عقلك الباطن في النهاية، وستجد بعد ذلك أنَّ سلوكاتك ستبدأ في عكس معتقداتك لتحسين التوازن بين الحياة المهنية والشخصية ونوعية الحياة.

2. استخدم التخيل للتأثير في عقلك الباطن:

الطريقة الثانية التي يمكنك استخدامها لبرمجة عقلك الباطن هي من خلال التخيُّل؛ إذ تؤثر الصور الذهنية مباشرة في عقلك الباطن، وفي علم نفس الصورة الذاتية، الشخص الذي تتخيَّله هو الشخص الذي ستكون عليه من خلال عبارات التشجيع الإيجابية؛ لذا ابدأ في رؤية نفسك منظَّماً وفعَّالاً في إدارة الوقت.

استرجع ذكرياتك عندما كنت تقدِّم أفضل أداء، وفكِّر في وقت كنت تعمل فيه بكفاءة وفاعلية وتنجز قدراً هائلاً من العمل، ثمَّ أعد تخيُّل هذه الصورة في ذهنك مراراً وتكراراً.

3. مارس الاسترخاء والتأمل:

الطريقة الثالثة لإدارة الوقت يسيرة، أولاً، اجلس أو استلقِ في مكان هادئ؛ إذ يمكنك أن تكون وحيداً تماماً في صمت، ثمَّ تخيَّل نفسك تمرُّ بتجربة مقبلة هامة، مثل اجتماع، أو عرض تقديمي، أو مفاوضات، أو حتى موعد من شأنه تحسين التوازن بين حياتك المهنية والشخصية ونوعية حياتك.

عندما تجلس أو تستلقي مسترخياً تماماً، تخيَّل الحدث القادم، وكيف سيجري من جميع النواحي، تخيَّل نفسك هادئاً وإيجابياً وسعيداً ومسيطراً تماماً على الوضع، انظر إلى الأشخاص الآخرين وهم يفعلون ويقولون بالضبط ما تريد منهم أن يفعلوه إذا كان الموقف مثالياً.

إليك تقنية تأمُّل أخرى يسيرة لتهدئة ذهنك:

  1. ابحث عن مكان هادئ، وأغلق عينيك، وركِّز على إبطاء تنفسك.
  2. ردِّد كلمة أو عبارة إيجابية.
  3. انتقل إلى حالة من الهدوء.
  4. تخيَّل نفسك محاطاً بدائرة من الضوء.
إقرأ أيضاً: 10 سبل لتحسين مهاراتك في إدارة الوقت

4. تخيَّل أنَّك بارع في إدارة الوقت:

الأسلوب الرابع هو تخيُّل أنَّك بارع بالفعل في إدارة الوقت، تخيَّل أنَّه وقع عليك الاختيار للعب دور في فيلم أو مسرحية، وفي هذا الدور، يجب أن تكون شخصاً منظَّماً جداً من جميع النواحي، وخلال النهار تخيَّل أنَّك ممثِّل يؤدي دور هذا الشخص البارع جداً بالفعل في إدارة الوقت، وتصرَّف كما لو كنت توظف وقتك بالفعل بكفاءة.

افترض أنَّك خبير في الكفاءة وإدارة الوقت، وعندما تتظاهر بأنَّك ماهر في إدارة الوقت، فإنَّ الأفعال التي تقع تحت سيطرتك مباشرة، ستؤدي إلى ترسيخ هذه الأفكار في عقلك الباطن.

إذ يصمِّم الناس مراراً وتكراراً على الاهتمام أكثر بإدارة الوقت من خلال التركيز وتحديد الأولويات والتغلُّب على التسويف؛ أي إنَّهم يعزمون على أن يكونوا جادين بشأن إدارة الوقت في وقت ما، ولكنَّهم نادراً ما يثابرون على ذلك.

الدافع لإدارة الوقت:

لكي تتمكَّن من تطوير عادة إدارة الوقت ومهارات التنظيم، يجب أن يكون لديك دافع قوي تستمده من المزايا التي ستستمتع بها عندما تطبِّق مفهوم إدارة الوقت في حياتك؛ أي يجب أن ترغب في النتائج بما يكفي للتغلُّب على عاداتك القديمة.

لذا يتفق الجميع على أنَّ الإدارة الممتازة للوقت هي مهارة مرغوبة، لكن يمكن وصف عدد قليل جداً من الأشخاص بأنَّهم منظَّمون وفعَّالون، وذلك لأنَّ طريقة تفكير العديد من الناس في إدارة الوقت غير صحيحة.

إقرأ أيضاً: 6 طرق فعالة لتحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية

في الختام:

السر يكمن في التخطيط وتنظيم كل ما أمكن؛ لذا فكِّر مسبقاً، وخطط للطوارئ، واستعد جيداً، وركِّز على نتائج محددة، وعندها فقط يمكنك أن تكون هادئاً وعفوياً في تصرفاتك عندما يتغير الموقف، فكلما كنت منظَّماً أكثر في التعامل مع الأمور التي تقع تحت سيطرتك، زادت حريتك ومرونتك وسرعتك في إحداث التغييرات اللازمة عندما يستدعي الأمر.

المصدر




مقالات مرتبطة