من السهل معرفة سبب انتشار الأهداف الذكية، فهي واضحة وموجزة وبسيطة، حيث أظهرَت الأبحاث بالفعل أنَّ الأهداف الذكية يمكِن أن تُوفِّر الوقت، وتُبسِّط عملية تحديد أهداف قابلة للقياس.
صرَّح المؤلفان "دان وتشيب هيث" (Dan and Chip Heath)، في كتابهم "تغيير الأشياء عندما يكون التغيير صعباً" (How to Change Things When Change Is Hard): "الدقة التي تمنحنا إياها الأهداف الذكية هي حل رائع لأكثر جوانب تحديد الأهداف سلبيةً كالغموض وعدم الملاءمة".
وأشاروا إلى أنَّ "استخدام الأهداف الذكية في حالات الاستقرار أفضل من استخدامها في حالات التغيير، لأنَّ الافتراضات الكامنة وراءها هي أنَّ الأهداف جديرة بالاهتمام".
يمكِن أن تكون الأهداف الذكية فعَّالة لأولئك الذين يركِّزون فقط على زيادة الدخل، وذلك في سياق الأعمال التجارية، ولكن بالنسبة إلى الأهداف العظيمة لأي شخص يطمح إلى القيام بما يحبه مثلاً، فإنَّ منهجية الأهداف الذكية فيها عيوب كبيرة، حيث لا تكون دائماً ذكيةً إلى هذا الحد - خاصةً لأولئك الذين يضعون هدفاً كبيراً وجريئاً وطويل الأمد (BHAG)، وهو مصطلح قدَّمه المؤلفان "جيم كولينز" (Jim Collins) و"جيري بوراس" (Jerry Porras)، في كتابهم: "العادات الناجحة للشركات ذات الرؤية المستقبلية" (Successful Habits of Visionary Companies)، فيما يلي نظرة على بعض الأساليب الأخرى التي يتبعها خبراء تحديد الأهداف:
تفشل الأهداف الذكية في تحقيق التطلعات السامية، لأنَّها لا تسمح لأي شخص بإقامة تواصل عاطفي مع الأهداف؛ فبدون ذلك، من غير المرجح أن يكون الشخص متحمساً لتحقيقها.
أجرت شركة "ليدرشيب آي كو" (Leadership IQ) - وهي شركة تدريب وأبحاث - دراسةً على 4182 موظفاً من 397 شركة، ووجدَت أنَّ 15% فقط ممن شملهم الاستطلاع وافقوا بشدة على أنَّ أهدافهم ستساعدهم على تحقيق أشياء عظيمة، بينما وافق 13% فقط من العمال على أنَّ أهدافهم ستساعدهم على تعزيز إمكاناتهم الكاملة، لكنَّ جزء المشكلة هو أنَّ الأهداف الذكية تركز تركيزاً كبيراً على النتائج.
لنفترض أنَّ شخصاً يريد أن يفقد 10 كيلو خلال شهر، فانضمَّ إلى صالة ألعاب رياضية، وبدأ في ممارسة التمرينات، واعتمدَ نظاماً غذائياً، حيث سيفقد 3 كيلو خلال شهر ويشعر بالارتياح، ثمَّ يأخذ إجازةً للاسترخاء على الشاطئ، ولكنَّه سيبقى يُفكِّر في الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية وتناوُل الطعام الصحي، ولكن عند عودته إلى المنزل يدرك أنَّه استعاد كيلو غراماً من وزنه، ويشعر بالذنب والهزيمة، وفي النهاية، يستسلم للعادات القديمة.
يمكِن أن تؤدي هذه النكسات الطفيفة إلى إعاقة كبيرة للأهداف التي تركز على النتائج (مثل محاولة خسارة الوزن بحلول نهاية العام)، بالإضافة إلى ذلك، غالباً ما تفشل الأهداف الذكية في تأجيج حماس المرء؛ حيث تُظهر الأبحاث أنَّ العوامل الداخلية من المرجح أن تؤدي إلى تغيير السلوك على الأمد الطويل.
إذا لم تنجح طريقة الأهداف الذكية في تحقيق أهداف جريئة، فماذا تفعل؟
يقترح "دان وتشيب هيث" (Dan and Chip Heath) وضع ملصقات صغيرة في غرفتك مكتوب عليها الهدف الذي تريد تحقيقه؛ فالعادات الصحيحة هي مفتاح تحقيق الأهداف الكبيرة.
يُطوِّر "مارك مورفي" (Mark Murphy)، الرئيس التنفيذي لشركة "ليدرشيب آي كيو" (Leadership IQ) هذه الخطوة، مشيراً إلى أنَّ الشخص يحتاج إلى تَواصُل عاطفي صريح لتحديد هدف، مع القدرة على دفعه إلى الأمام.
حدَّدَ في بحثه ثماني خصائص للأهداف التي تؤدي إلى إنجازات عظيمة:
- من الممكن أن تتخيل بوضوح مدى روعة الشعور عندما تتحقق الأهداف.
- يجب أن يتعلم واضع الهدف مهارات جديدة لتحقيق أهدافه العامة.
- الأهداف ضرورية لمساعدة الشركة.
- مشاركة الفرد بنشاط في تحديد أهداف العام.
- أن يكون الشخص قادراً على المشاركة في التدريب الرسمي اللازم لتحقيق الأهداف.
- يجب أن يخرج الشخص من منطقة الراحة الخاصة به من أجل تحقيق الأهداف.
- سيؤدي تحقيق الأهداف إلى تحسين حياة الآخرين (مثل العملاء أو المجتمع).
- أن تتوافق الأهداف مع الأولويات الرئيسة للشركة لهذا العام.
وضع "مورفي" (Murphy) منهجيةً جديدة بحيث يجب أن تكون الأهداف صادقةً وجريئةً ومطلوبةً وصعبةً، والتي أشار إليها بالاختصار (HARD).
دعت المديرة المساعدة لمركز "علوم التحفيز" بجامعة "كولومبيا' (Columbia University’s Motivation Science Center)، "هايدي جرانت هالفورسون" (Heidi Grant Halvorson) تماشياً مع طريقة "مورفي"، إلى تبنِّي نهج "التحسين" للتقدم الشخصي والتطور، وتُؤكِّد أنَّه عندما يتبنَّى الأفراد نهج "التحسين"، فإنَّهم يميلون إلى المخاطرة، ويكونون أقل خوفاً من الفشل، وهي مكونات أساسية لتحقيق الأهداف.
يمكِننا أن نُحدِّد هدفاً باستخدام طريقة "هالفورسون" (Halvorson)، مثل: "أريد أن أتعلم كيف أصبح جيداً في التسويق"، بدلاً من "أريد أن أكون جيداً في التسويق"، أو قد يكون الهدف هو تعلُّم كيفية تطوير عادات صحية بدلاً من التمتع بالرشاقة، وهي توصي بكتابة الأهداف، ثمَّ إعادة كتابتها باستخدام كلمات مثل: التحسين، والتحقيق، والتطور، والتقدم.
شاهد بالفديو: 15 مهارة تساعدك على النجاح والتقدم في حياتك المهنية
يلتزم العديد من الأشخاص باتباع نهج تحديد الأهداف القائم على وضع معايير بناءً على إنجازات الآخرين، ومع ذلك، أظهر البحث الذي أجراه عالم النفس "جون بارغ" (John Bargh) وزملاؤه أنَّه عندما يقلد الناس الآخرين، فإنَّهم يميلون إلى التركيز أكثر على المهام البسيطة ولا ترتبط بمهاراتك (للشعور بالإنتاجية)، بدلاً من التركيز على الأهداف الصعبة الأساسية للتقدم والإنجاز.
ويقول المؤلف "جيف كولفين" (Geoff Colvin)، في كتابه "المواهب مبالغٌ فيها" (Talent Is Overrated): "ما الذي يفصل حقاً بين فناني الأداء من الطراز العالمي وكل شخص آخر؛ حيث يضع أصحاب الأداء الأفضل أهدافاً لا تتعلق بالنتيجة؛ بل بعملية الوصول إلى النتيجة".
أضف تعليقاً